كل الانتخابات التي جرت في عهد الراحل الحسن الثاني كان مطعونا فيها سياسيا، سواء بالداخل أو بالخارج، مما كان يجعل أي حكومة منبثقة منها حكومة «غير مشروعة». ولما جاءت حكومة التناوب 1997 وتعيين الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي في مارس 1998، قيل إنها حكومة التوافق لضمان انتقال سلس للحكم. ولما جاءت انتخابات 2002 وتعيين ابن دار المخزن «إدريس جطو» نفر منها الناس لأنها أفرزت «حكومة ضرب المنهجية الديمقراطية». وعاش المغرب بدون حكومة مقبولة مجتمعيا. ولما نظمت انتخابات 2007 وصعد الاستقلالي عباس الفاسي، حصل النفور ذاته لأنها حكومة اللامشاركة السياسية (العزوف بلغ 76 في المائة لدى الناخبين) مما أفقد الحكومة العمق المجتمعي كذلك.
واليوم ها هي حكومة عبد الإلاه بنكيران التي لم يطعن فيها أي شخص، سواء أصحاب اللحية أو أصحاب الغليون أو أصحاب «السبسي» أو أصحاب "الشاربان"، وسواء بداخل المغرب أو خارجه تواجه نفس المصير، بالنظر إلى أن الحزب الغالب (حزب العدالة والتنمية) لم يحصل في الانتخابات التشريعية سوى على مليون صوت وما يزيد قليلا (تحديدا مليون و200 ألف صوت)، أي ما يمثل 3.3 في المائة من مجموع سكان المغرب. بمعنى أنه من أصل 100 مغربي لا نجد سوى 3 مواطنين وراء حزب بنكيران، أما الباقي يتفرقون مللا ونحلا وشيعا. وحتى إذا اعتمدنا منطق الكتلة الناخبة (13مليون ناخب)، فإن بنكيران كزعيم حزب لا يمثل سوى 7.6 في المائة من المسجلين في اللوائح الانتخابية.
فهل والحالة هاته يحق للمرء أن يطمئن إلى وجاهة، بل ومشروعية، القرار السياسي، علما بأن رئيس الحكومة لا يمثل سوى 3 في المائة من السكان؟
صحيح أن الانتخابات ليست هي الآلية المثالية، لكنها تبقى أنجح ما أفرزه العقل الكوني لتدبير شؤون الدولة من طرف النخب السياسية. وبما أن المغرب ضيع «عمره» في الصراع بين أطراف الحقل السياسي منذ الاستقلال إلى اليوم بشكل لم يكن كل طرف يرتاح للآخر، مع ما ينجم عن ذلك من غياب توافق حول نمط الاقتراع والتقطيع الانتخابي، فإن المغرب، وهو يقفل ترتيبات تنظيم انتخابات 7 أكتوبر 2016، ضيع في اللحظة الحالية الفرصة التي تسمح للمواطن بأن يجرؤ للمطالبة بالحق في أن تكون للمغرب نظم انتخابية تسمح بأن يكون رئيس الحكومة المقبل مسنودا بـ 30 أو 40 في المائة على الأقل من المجتمع. فمن غير المقبول أن تبقى القرارات المصيرية التي ترهن مصالح المغاربة تتخذ باسم 1 أو 2 في المائة. فإن كانت القرارات المتخذة من طرف الحكومة شرعية فإنها تبقى بدون مشروعية، لأنها لا تعكس روح المجتمع، أو على الأقل غالبيته العظمى.