الخميس 2 مايو 2024
سياسة

هذا ما كان ينتظره المغاربة من بنكيران ليعلو إلى مرتبة "الأولياء الصالحين" ويلتحق بالرفيقة "كريستيان توبيرا"!! (مع فيديو)

هذا ما كان ينتظره المغاربة من بنكيران ليعلو إلى مرتبة "الأولياء الصالحين" ويلتحق بالرفيقة "كريستيان توبيرا"!! (مع فيديو)

وزيرة العدل الفرنسية كريستيان توبيرا التي صنعت استقالتها من منصبها الحدث في فرنسا وفي العالم، لم تقدم استقالتها للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند لأنها تورطت في فضيحة تبديد للمال العام تشبه كارثة فضيحة وزير "الكراطة"، أو أساءت للشعب بتصريحات قدحية أو عنصرية مثل فضيحة وزيرتي "جوج فرنك" و"22 ساعة" اللتين اختفيتا عن الأنظار ودفنتا رأسيهما في كثبان الحكومة كما يفعل النعام، أو سقطت في حبال حب رئيس الوزراء مانويل فالس مثل قصة "الحب الممنوع" بين سمية بنخلدون وأحمد الشوباني.

حارسة أختام العدالة الفرنسية غادرت الحكومة بعد أن تشبثت بموقفها المعارض لاقتراح الحكومة إسقاط الجنسية عمن يثبت تورطهم في الإرهاب بالنسبة لمزدوجي الجنسية. وتأتي استقالة توبيرا (63 عاما) بعد عرض رئيس الوزراء مانويل فالس أمس الأربعاء على النواب النص النهائي لمشروع إصلاح دستوري حول حالة الطوارئ وإسقاط الجنسية، وهو التعديل الدستوري الذي دعا إليه هولاند بعد اعتداءات باريس في نوفمبر الماضي.

إيمان وزيرة العدل الفرنسية بعدالة قضيتها التي دافعت عنها حتى آخر رمق أقوى من تمسكها بكرسي العدالة، إيمانها بأن كرسيها زائل وموقفها هو الذي سيبقى راسخا وخالدا، إيمانها وتشبثها بجذورها وبأنها من مزدوجي الجنسية هو ما دفعها لتخوض حربا بـ "بالوكالة" عنهم، ولو كان ذلك على حساب منصبها السامي.

توبيرا وفي موقف رمزي أثار احترام العالم غادرت قصر الحكومة على متن دراجة هوائية.. وبملابس متواضعة.. بلا بهرجة.. وبلا سيارة فارهة أو حرس، وهي تعطي المثال على أنها استعادت موقعها كواحدة من مواطنات الجمهورية الفرنسية.

يذكر موقف وزيرة العدل وهي تودع زملاءها بالحكومة على متن عجلة هوائية، بصورة في غاية من "الشعبوية" و"الارتزاق" السياسي، لقدوم وزراء البيجيدي أثناء تنصيبهم في 2011 بالقصر الملكي بالرباط في سيارة "كونغو"، بعد أن توقفوا لالتقاط الأنفاسبإحدى المقاهي الشعبية لشرب "البيصارة" والتغماس فزيت العود، في انتظار "التغماس" الحقيقي الذي أصبح على مرمى حجر.

حكومة بنكيران تلفظ أنفاسها الأخيرة، وقد مرت عن حادثة "البيصارة" سنوات، تغيرت فيها مورفولوجية رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، وشذب لحيته، وظهرت آثار النعمة على وزير العدل مصطفى الرميد، وازداد سمنة وترهلت بطنه، وغيّر مصطفى الخلفي سكنه والتحق بأحياء منطقة الهرهورة "المخملية"، وتخلصت بسيمة الحقاوي من "نفيرها" وأصبحت "سيدة مجتمع" أنيقة تعجن الكلام بلسانها قبل أن يخرج طازجا...

جرت مياه كثيرة تحت جسر الحكومة، وسُمع دويّ فضائح، وهدد وزراء في الشهر الأول من انتدابهم (بنكيران، الرباح، الرميد، الخلفي، الوردي، الداودي....) بتقديم استقالاتهم في استعراض شفوي لـ "تبويق" الشعب، ومع ذلك لم يجرؤ أي وزير على التفريط في حقيبته الوزارية، أو يجرؤ رئيس الحكومة على إقالة أصغر مسؤول بحكومته رغم تورطه في الفضائح..

رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، هو الوزير الأكثر من هدد بإقالة نفسه، وشرائط الفيديو تكذب كل الوعود التي نكثها رئيس الحكومة.

وزير العدل والحريات مصطفى الرميد الذي "قُمعت" في عهده الحريات و"سُلخ" الطلبة الأطباء والأساتذة المتدربين، وحارب القضاة، لم نسمع بأنه قدم استقالته، وهو الذي هدد في البرلمان بمغادرة الحكومة إذا قمعت الحريات في عهده.

وزير التجهيز والنقل عزيز الرباح لم يجرؤ على تقديم استقالته، رغم هزيمته في حرب الطرق، والمغاربة يتذكرون فاجعة حادثة تيشكا التي أودت بحياة 42 شخصا، وضحايا فيضان كَلميم، حتى أصبحت وزارته هي الوزارة الأكثر "دموية" وحصدا للأرواح. ومع ذلك كان إغراء المنصب فوق أي وعود، وفوق أي رصاص يفجره في البرلمان أو أقاويل تحمل في وجهها الآخر "الأباطيل".

ورقة التهديد بالاستقالة التي تحولت إلى نكتة وحديث المجالس في المقاهي، أصبحت "أصلا تجاريا" يساوم به وزراء بنكيران الشعب. ربما لا يملك أي وزير من هؤلاء الوزراء "قلب" كريستيان توبيرا وإرادتها الحديدية وزهدها في كرسي الوزارة. صفة "الزهد" التي هي عملة من عملات "التدين" الذي ركب عليه حزب بنكيران للوصول إلى سدة الحكم في حملاتهم الانتخابية، ومتوفرة (أي صفة الزهد) في توبيرا وغير متوفرة في وزراء بنكيران، تقدم الدليل على أن توبيرا أكثر "تدينا" من بنكيران ووزير العدل مصطفى الرميد. توبيرا التي لم تنكث وعدها ولم تخن القَسَم الذي قدمته أمام الشعب، وهذا يؤهلها لأن تكون متقدمة في "الإيمان" و"التقوى"، ومتقرّبة من "الله" و"الشعب"، ويجعلها "ناسكة" في "معبد" الحكومة.

موقف توبيرا أعطى درسا لبنكيران ووزرائه في أن الإيمان لا يتجزأ، وأن العدالة غير قابلة للقسمة، وأن الولاء للشعب وليس للكرسي، وأن "تبدال المنازل راحة"، وأن العجلة المنفوخة بالهواء التي امتطتها لتخرج مرفوعة الرأس من قصر العدالة، هو ما سيبقى راسخا في أذهان الشعب وفي سجل التاريخ.. ماشي نشرب "البيصارة" ونغمس "زيت العود" هو ما يجعلني ملتحما مع الشعب.

 المواقف التي تخفف المعاناة عن المواطن، ولا تمتص دماءه ولا تهدد أمنه الاجتماعي والاقتصادي.. القوانين التي لا تفقّر الشعب ولا تجوّعه.. التخفيف من سياط الضرائب ولهيب الأسعار وإحكام قفل الأمان لصناديق التقاعد هي ما ينتظره المغاربة من عبد الإله بنكيران ليعلو إلى مرتبة "الأولياء الصالحين" ويلتحق بالرفيقة "كريستيان توبيرا"!!

 

رابط الفيديوهنا