الخميس 2 مايو 2024
سياسة

إلى أين وصل ربيع قطر؟

إلى أين وصل ربيع قطر؟

كثفت دولة قطر من خلال المؤسسات التابعة لها دراسة نتائج "الربيع العربي"، الذي كانت راعية له ومولته وصرفت عليه الملايير ودعمته إعلاميا من خلال قناة الجزيرة، وبعد مرور خمس سنوات، وجدت هذه الدويلة الصغيرة نفسها في حرج لأنها لم تحقق أهدافها، بقدر ما تسببت في مآسي شعوب بأكملها مثل سوريا والعراق وليبيا واليمن، ونظمت ندوات حول الربيع العربي، وأصدرت تقريرا حول المغرب تحت عنوان "المغرب: من الإصلاح السياسي إلى إطفاء الحرائق".

الهدف من هذا التقرير وتقارير أخرى والندوات التي تُعقد هنا وهناك وبرامج الجزيرة على مدار الساعة ليس تقييم "الربيع العربي" ولكن تقييم موقع قطر من هذا الربيع، في أفق الاشتغال بطريقة أخرى في القادم من الأيام، وهذا ما كشفناه من التقرير الخاص بالمغرب الذي هو عبارة عن توجيه جديد للعدالة والتنمية قصد الانتقال من "الإصلاح في ظل الاستقرار" إلى المصادمة والمهاجمة.

يقول الشاعر العربي أبو الطيب المتنبي:

وإذا أتتك مذمتي من ناقص/ فهي الشهادة لي بأني كامل.

دولة قطر ليست في مستوى تقييم تجارب الآخرين، وليست في المكان المناسب للنقد، وهي تعرف النقض فقط أي الهدم، وهكذا ساهمت بقوة في تدمير حضارة سوريا والعراق لأنها تفتقد الحضارة والتاريخ.

ليست قطر دولة مؤهلة لتعطي دروسا للمغرب، الذي عرف الثقافة والحضارة وعرف تجربة الحكم قبل أن تكون هي في عداد الموجودين في جغرافية البشر. وقبل أن تتحول من مشيخة إلى إمارة كان المغرب يتلمس طريقه نحو الدولة الحديثة. مهما تكن من ملاحظات فإن هذا البلد لديه اليوم ستون سنة من بناء الدولة الحديثة وحوالي 12 قرنا من الدولة والحكم المركزي. فكم عمر قطر؟

يبدو أن من نتائج الربيع العربي الوحيدة هو إلغاء بعض مظاهر العبودية بدولة قطر. حيث اضطرت أمام الضغط العالمي إلى إلغاء نظام الكفيل، الذي يعود إلى تاريخ العبودية السحيق والذي ورثته عن تاريخ المشيخة، وهو نظام يستعبد اليد العاملة، التي تموت دون أن توليها الحكومة أي اهتمام، ولولا كثرة الوفيات في وسط العمال، الذين يعدون لمونديال 2022 لما عرف العالم حجم المأساة.

كيف تعطي قطر الدروس في الديمقراطية، وهي التي ليس لها أعراف في نظام الحكم سوى انقلاب الابن على الأب لأربعة أجيال أي كل تاريخ الإمارة، ولا تتوفر على دستور ولا نظام انتخابي ولا بلديات ولا أي صورة من صور الديمقراطية الحديثة.

يظهر أن قطر، التي يقل عمرها عن عمر بعض التجارب الديمقراطية في العالم العربي، تريد أن يصبح الجميع مثلها وتسعى إلى الفوضى والقلاقل، التي تعتبر مدخلها الوحيد للعب دور في الجغرافية السياسية وفي رسم الخرائط الجديدة وتقسيم البلدان العربية بمقياس لا يفوق مساحة قطر وعدد سكانها.

بالجملة لا يمكن لقطر أن تأخذ من المغرب ما به "تنقي أضراسها" لأن مؤسسات الدولة ونواتها صلبة وقوية ولا تهدها رياح دولة موجودة في فضاء الإعلام أكثر مما هي موجودة في الجغرافية.