الخميس 2 مايو 2024
سياسة

ماذا يخفي تبادل «الغزل» بين العدل والإحسان وأحزاب اليسار؟

ماذا يخفي تبادل «الغزل» بين العدل والإحسان وأحزاب اليسار؟

مع عودة المتظاهرين، وخاصة تنسيقيات الأساتذة المتدربين، إلى الشارع العام، عادت جماعة العدل والإحسان، بعد مرحلة كمون، إلى لعبتها، وإلى تغيير تاكتيكها وتكييفه مع الوضع الجديد، حتى تثبت لمن يحتاج إلى إثبات أنها فاعل أساسي في كل حراك اجتماعي، وبأنها رقم يتعين استحضاره في كل تغيير ممكن. وهكذا لاحظ المتتبعون أنها أخرجت فيالقها إلى الشارع، لتذكر الجميع أن انسحابها من حركة 20 فبراير قبل سنوات «ليس انسحاب ضعف، بل انسحاب قوة»، وأنه هو تعامل ذكي مع الحراك.

غير أن التطورات الأخيرة والمتلاحقة التي تعبر عنها ورقة «اليد الممدودة» إلى اليساريين، تثبت كما يرى المراقبون، أن جماعة العدل والإحسان قد أدركت - أو هذا ما تحاول تسويقه - أن التغيير الذي تنشده يتطلب أكثر من خطة تكتيكية، وأن تلك اللحظات تتطلب وعيا متزايدا ضروريا لفهم البنية السياسية التي تشكلت مع السنين في المغرب، ولفهم أيضا مختلف العلاقات والتوازنات وبناء الآلية التنظيمية الضرورية والقوة اللازمة وتحضير البدائل بدل المعارضات الفارغة «التي تجعل من اليساريين خصمنا، رغم أن الغاية واحدة، وهي الدفع بالتغيير إلى مداه أقصى». فهل يتعلق الأمر بحالة صحو سياسي، أم بتاكتيك مرحلي (وهذا هو التحفظ التاريخي الذي يرفعه اليساريون الجذريون في وجه الإسلاميين)، أم بمحاولة «اختراق للديمقراطية» يجعل العدل والإحسان في قلب كل تفاوض يخرجها من «الدعوة» إلى السياسة؟. ويدافع أتباع الشيخ ياسين، أمام المساحات التي يملؤها الآن إسلاميو «العدالة والتنمية» والسلفيون، عن حوار استراتيجي مع اليساريين، بصرف النظر عن الخلاف الإيديولوجي، ويقدمون أنفسهم باعتبارهم رقما يصعب تجاوزه حاليا في كل ترتيب لتحريك الشارع ومناهضة التراجع عن المكتسبات. فهم، كما يقولون عن أنفسهم، حاضرون بقوة ولهم امتداد جماهيري كبير، وأنهم ماداموا «ينبذون العنف ولهم مشروع مجتمعي واضح ويؤمنون بالديمقراطية والتعددية والحل السياسي». ولهذا يتعين على رفاقهم اليساريين أن يفسحوا لهم طريق الحوار، من أجل توحيد الأهداف، والتواصل المكثف وتعميق المشترك بينهم بعيدا عن التخوين والشيطنة.

ويرى المراقبون أن سعي الجماعة إلى التقارب مع اليساريين هي مؤشر قديم على رغبة متجددة في إدخال «العدل والإحسان» إلى مرحلتها الثانية، أي مرحلة الحزب السياسي، خاصة أن حكومة «الإصلاح والتوحيد» تم إثخانها بالضربات بسبب اختياراتها اللاشعبية، وبسبب وقوعها في مطب إرضاء المؤسسات المالية الدولية. ويضيفون أن الحوار مع اليساريين هو مجرد جسر للاستئناس والتطبيع مع الطبقة السياسية، ومع رموز اليسار الذين يحظون باحترام فئات واسعة من المواطنين.

ولا يستبعد هؤلاء المراقبون أن العدل والإحسان تطمح، كخطوة أولى لاقتحام الحقل السياسي، إلى قلب الطاولة على بنكيران، ومحاولة «تأذيبه» ومعاقبته على الكلام السيء الذي قاله أتباعه ومريدوه في حقها، خاصة أنه لا تفصلنا عن الاستحقاقات البرلمانية سوى حوالي 8 أشهر، وأن هذا العقاب الانتخابي هو الذي سيسمح لها، كخطوة أولى، بالتمركز القوي إذا ما اكتملت رغبتها في العمل من خلال حزب سياسي يتبارى في الانتخابات، وله أصدقاء يساريون تجمعهم معه وحدة الأهداف.

تفاصيل أوفى تطلعون عليها في عدد أسبوعية "الوطن الآن" المتواجد حاليا في الأكشاك