الاثنين 6 مايو 2024
سياسة

كيف أوقف معطلو العيون محاولات البوليساريو استغلال إضرابهم عن الطعام؟

كيف أوقف معطلو العيون محاولات البوليساريو استغلال إضرابهم عن الطعام؟

يبدو أن قيادة البوليساريو حلت جميع مشاكل صحراويي تندوف، ووفرت جميع شروط العيش الكريم من مسكن وملبس وتغذية، وحولت هذه المخيمات لواحة ديمقراطية، ووضعت حدا لاختلاس المساعدات الغذائية والاتجار فيها.. السبب هو أن قيادتها ومنابرها الإعلامية، حولت كامل اتجاهها نحو الأقاليم الجنوبية للمغرب، يحسبون كل صيحة عليهم.. فحادثة سير في العيون، هي، حسبهم، تندرج في محاولة اغتيال لهذا أو ذاك.. وتفريق لتظاهرة غير مرخص لها في السمارة، تتطلب مراسلة الأمين العام للأمم المتحدة.. وهزيمة لفريق محلي في بطولة قسم الهواة، تستدعي مراسلة "فيفا"، لتوقيف هذه البطولة.. إلى غيرها من الترهات التي تحاول صرف نظر المتتبعين عن فشلها الذريع عسكريا وديبلوماسيا ومؤامراتيا..

آخر محاولات الاستغلال، قضية الإضراب المفتوح عن الطعام الذي خاضه معطلو العيون.. ففي الوقت الذي تعد فيه معضلة التشغيل، قضية وطنية تهم ساكنة الحاجب وطنجة والدار البيضاء ومراكش بما فيها الأقاليم الجنوبية للملكة، أعلنت قيادة البوليساريو عبر مختلف منابرها الإعلامية الرسمية والاجتماعية، حالة استنفار قصوى في تحويل قضية تشغيل شباب معطل في العيون إلى "قضية أممية"، تندرج ضمن "انتفاضة الصحراويين"، على غرار الانتفاضات السابقة، حيث اعتمدت نشرات خاصة عبر تلفزيون البوليساريو، وشريكه في التلفزيون الجزائري، وغيرها من وكالات الأنباء، كما تم تغليط عدد من وسائل الإعلام الأجنبية خصوصا الإسكندنافية، وتصوير أن الأمر يتعلق بمطالب سياسية في هذا الجزء من التراب المغربي، بل منهم من اعتبر أن قضية التشغيل لا تختلف عن خلفيات إنشاء مخيم أكديم إيزيك سنة 2010 بالعيون، ومحاولة التغطية على مطالب سياسية بمطالب اجتماعية..

ورغم التأكيد المطلق لهؤلاء الشبان على أن مطلبهم الظاهر والباطن هو التشغيل، ولا شيء غير التشغيل، فإن قيادة مخيمات تندوف، غضت الطرف عن هذا التأكيد، بل وحاول رواد الفيسبوك من بينهم انفصاليو الداخل، تحريض المعطلين بضرورة رفع سقف مطالبهم لما هو سياسي.. ومع ذلك كان التشغيل هو العنوان البارز لمعركة الأمعاء الخاوية، وكان المحرضون مع توالي أيام الإضراب المفتوح عن الطعام، يجيشون عناصرهم في الداخل والخارج من أجل إعطاء القضية "بعدا أمميا"، واستغلال كل تجاوز أمني وإداري في هذه القضية لما يصب في أهدافهم السياسية، فكان النقل اللحظي بالصوت والصورة، لهذا الإضراب المفتوح عن الطعام، مر الأسبوع الأول ودخل المضربون أسبوعهم الثاني، ومع إغماء هذه الحالة أو تلك، ينتعش المحرضون، ويعتبرون المعركة تسير في صالح أهدافهم السياسية، ومع كل تضييق أمني أو منع للعموم من زيارتهم بإحدى المقرات الحقوقية بشارع مكة بالعيون، كان المحرضون يعتبرون أنهم اقتربوا من نقطة الصفر، أو ما يعتبرونه لحظة الحسم، خصوصا مع إعلان المضربين عن الطعام امتناعهم عن شرب الماء وتناول السكر، فصوبوا كل كاميراتهم الخفية على أسطح ونوافذ العمارات المجاورة، ودخلوا في استفزاز مشبوه لعناصر الأمن.. بل من هؤلاء المحرضين من كان يتطلع لحدوث حالة موت، لا قدر الله، لأحد المضربين أو أكثر، ولو كان شقيقه، أو ابن عمه عائليا أو قبليا..

14 يوما من الإضراب المفتوح عن الطعام، اعتبرها بعض المحرضين تسير في الاتجاه الذي وضعه انفصاليو جبهة البوليساريو، وترويج أن هذه الأقاليم الصحراوية، تعيش على صفيح ساخن، لكن من حيث لا يدري هؤلاء المحرضون، كانت الضربة القاضية لكل محاولاتهم زرع الفتنة واستغلال معركتهم لأهداف دنيئة وخسيسة..

ظهر يوم أمس الاثنين 25 يناير الجاري، عادت عقارب الساعة لوضعها الطبيعي، مجموعة من المعطلين كباقي زملائهم عبر ربوع الوطن، مهما كان الاختلاف أو الاتفاق معهم بشأن خوض إضراب مفتوح عن الطعام، قرروا بعد أزيد من ساعة تعليق شكلهم النضالي ووضع حد لها، بعد تدخل سيدي حمدي ولد الرشيد رئيس جهة العيون الساقية الحمراء، وبلاهي أباد، نائبه في ذات المجلس، وكان خروج المضربين وعموم المعطلين من ذاك المقر، قطعة ثلج فوق رأس المحرضين..

كيف جرى ذلك؟ وعلى أي أساس تم التوافق؟ وما هي ضمانات وضع حد للإضراب عن الطعام؟ وكيف سيتم تدبير المشكل فيما بعد؟ أسئلة كثيرة ستجيب عنها  جريدة "الوطن الآن" وموقع "أنفاس بريس"، في وقت لاحق، مع كيفية السكوت المطبق للمحرضين ومنابرهم عن هذا الاتفاق الذي ضمن أولا صحة المضربين عن الطعام، وحفظ ماء وجههم، والأكيد سيعطي للمصالح المختصة جهويا ومركزيا، فرصة للوفاء بالتزاماتها اتجاه هذه الفئة الاجتماعية، بعيدا عن أي محاولة للركوب عليها من قبل عناصر مخيمات تندوف.