الجمعة 3 مايو 2024
ملفات الوطن الآن

مثقفون وسينمائيون وجامعيون وإعلاميون يعلقون.. المغرب ليس جنّة للإرهابيين والقوّادين والرقيق الأبيض!

مثقفون وسينمائيون وجامعيون وإعلاميون يعلقون.. المغرب ليس جنّة للإرهابيين والقوّادين والرقيق الأبيض!

كلما وقع حادث إرهابي في أي بقعة من بقع العالم إلا وكان السؤال الذي يسبق أي تحقيق هو: هل ثمة بين الإرهابيين مغربي أو مغربية!؟ وهو سؤال لا يمكن الاطمئنان إليه إلا في سياق الاهتزاز الذي اعترى صورة المغربي في الخارج؛ فهو إما أجنبي من أصول مغربية (بالضرورة)، أو يشتبه في كونه مغربيا، ليس هذا فحسب فالصورة المرسومة عن المغرب أنه بلد منتج للعاهرات ومروجو المخدرات وكأن أرحام المغربيات لا تلد سوى الإرهابيين والمومسات وتجارالمخدرات.

هذه الصورة، من المسؤول عنها؟ هل هو الإعلام؟ هل حقيقة أن الدول المصدرة للإرهابيين عرفت كيف تتعامل مع ما يخدش صورة مواطنيها فيما فشل المغرب في ذلك!؟ لماذا لا تفعل السلطات المغربية أي شيء من أجل تصحيح هذه الصورة!؟.. ولماذا تلصق جميع التهم القذرة بالمغاربة، والحال أن أسماء لامعة في مجال الذرة والفضاء والطب والتكنولوجيا والرياضة والأدب والفيزياء هي مغربية المولد والنشأة؟

تلك أسئلة نوجهها مساهمة في تقريب وجهات النظر حول الظاهرة.

عمر المرابط، نائب عمدة مدينة ATHIS-MOUS بفرنسا مكلف بالعمل الاجتماعي

نحن الآن نجني الثمار القبيحة لمجلس الجالية ولوزارة بيرو

أولا، ليس صحيحا أن صورة المغربي مشوهة بالمطلق، لكن هناك عوامل تخلق هذه الصورة النمطية التي تعبر فعلا إلى واقع معين حسب الظروف. وهنا يمكنني إعطاء نموذج المرأة المغربية في الأوساط الخليجية والسبب هو عدم اتخاذ الدولة المغربية لتدابير أجريت وجذرية تمنع التسيب وتحسن الصورة في الواقع. فمثلا كنت اقترحت منذ سنوات أن تتم العقود عبر وكالة رسمية وليس عبر تجار الرقيق العصري وخلق تأشيرة خروج لبعض البلدان المستوردة للعاهرات مثلا؛ أما عن الإرهاب فأنا أظن أن المغرب حقق إنجازات في محاربته، لكنه من الناحية الإعلامية فشل في تسويق هذه الإنجازات.

المغرب أعان فرنسا العديد من المرات من الناحية المخابراتية، بل وأيضا في مجال التأطير الديني، ولكن عليه أن يكون صارما في ردود أفعاله أيضا، وهنا أعطي مثلاً قانون التجريد من الجنسية التي تعتزم فرنسا اتخاذه.

فكنت انتظر أن يقول المغرب إنه لا علاقة له بهؤلاء الإرهابيين القتلة ولو أنهم ورثوا جنسيتهم المغربية من آبائهم، لكنهم يبقوا أبناء فرنسا أو بلجيكا ولدوا هناك وتربوا هناك وتعلموا هناك، بل ولا يعرفون اللغة العربية اللغة الرسمية للمغرب، وبحكم هذا فالمغرب يرفض استقبال المجرمين كما يرفض استقبال النفايات والأزبال.

إذاً ما هو الحل؟ المغرب يفتقر إلى سياسة عامة ومندمجة في ما يخص مغاربة المهجر والسبب هو عدم وجود إرادة حقيقية والدليل هو ميزانية الوزارة، المكلفة بالموضوع؛ هو عدم إشراك مغاربة المهجر في التدبير فكان حريا أن يكون الوزير من أوساط الجالية، هو وجود مجلس الجالية دون رئيس فعلي منذ أكثر من 4 سنوات ولا يقوم بدوره المناط به، وغيرها من المشاكل التي نحن بصدد أولى ثمارها القبيحة والسيئة.

المسؤولية مشتركة وجماعية بين الدولة المغربية التي يجب أن تهتم ببنيها في مقاربة شاملة تتعدى المحور الأمني فقط، بين المؤسسات التي لا تقوم بدورها.

فهل يعقل مثلا أن يأتي الوزير المكلف بالملف حاليا في أول زيارة له في فرنسا ليقول داخل السفارة المغربية لأبناء الجالية وهو يخاطبهم «يكفيكم أن جلالة الملك راض عنكم»؛ هذا خطاب شعبوي لا يزيد ولا ينقص. أكيد أننا فرحون باهتمام ملكنا وفقه الله، لكن ماذا بعد؟؟؟

فشل مؤسسة الحسن الثاني في تربية الجيل الثاني والثالث، والمعلمون بعضهم جاء للاستفادة من ريع الخارج ليس إلا!!

لماذا لا يخلق المغرب بعثات مغربية كما عندنا بعثات فرنسية؟ لماذا لم يقدم مجلس الجالية أي رأي استشاري وأنا عضو فيه منذ تأسيسه أواخر 2007؟ ولماذا لا يحاسب على هذا؟ فشل أيضا في التربية.

الأب يهتم أكثر ببناء المنزل أو الفيلا بالمغرب ويعتبر هذا استثمارا ناجحا، لكنه لا يستثمر في بناء مستقبل أبنائه. وهنا أرجع إلى المجتمع المغربي الذي يعترف بالنجاح المادي اكثر من اعترافه بالنجاح المعرفي، مما يجعل المهاجر يذعن لصوت المجتمع.

أخيرا الإعلام عليه أن يغير من دوره السلبي، وهنا أتحدث عن الإعلام المكتوب الذي يكرس صورة الزماكَري zmaghri تلك الصورة النمطية التي يجب تغييرها... كلها عناوين الفشل الذي نحصد نتيجته اليوم!!

لورون مودوي، صحافي بجريدة Mediapart الفرنسية الإلكترونية

هناك صور نمطية تروج بفرنسا ضحاياها ليسوا فقط من المهاجرين المغاربة، بل بشكل أوسع، الأجانب من أصول مغاربية

صور نمطية هي في الآن ذاته تحمل الخوف من الأجانب وبشكل أخص الخوف من الإسلام (الإسلاموفوبيا).

على هذا المستوى، هناك تفسير أول يعود الى تواجد وتقدم اليمين المتطرف بفرنسا، والذي يشكل خطاب كراهية الأجانب والإسلاموفوبيا أصله التجاري. وقد ظهرت هذه الصور النمطية بشكل أقوى منذ بضع سنوات، هناك تفشي مذهل لأفكار اليمين المتطرف واليمين وأيضا جزء من اليسار بفرنسا.

خلال ولاية نيكولاي ساركوزي، العديد من الوزراء تم رسمهم -للأسف- وهم يدلون بتصريحات عنصرية بشكل واضح. وهذا ما ينطبق على التصريحات المشينة لوزير الداخلية السابق بروس هورتفو: «عربي واحد، بخير! عربيين، مرحبا بالأضرار». ونفس الحالة تنطبق أيضا على الذراع الأيمن لنيكولاي ساركوزي، كلود جيون، والذي كان أيضا يحمل خطاباً جد مخز عن تفوق حضارات على أخرى. وخلال ولاية فرانسوا هولاند، ساهم أيضا الوزير الأول مانويل فالس بنفسه في تغذية خطاب كراهية الأجانب من خلال تصريحاته، مثلا تصريحاته الخطيرة المعادية للرومانيين.

إذن، المغاربة ليسوا على وجه التحديد ضحايا لهذه الصور النمطية. إنهم بشكل عام المسلمون الذين يوصمون في معظم الأحيان بإنتهاك مبادئ المساواة التي نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي تفخر به فرنسا. هو، بإختصار، فرنسا بصدد التفويت التدريجي للقيم العالمية التي شيدت عليها الجمهورية مقابل أي ثمن.

إشكالية المهاجرين، خصوصا منهم القادمين من العراق وسوريا، تظهر حالة انجراف فرنسا على ذاتها: فرانسوا هولاند صرح أن فرنسا ستستقبل فقط 30.000 على مدى 4 أو 5 سنوات. 30.000 هو عدد المهاجرين الذي استقبلته ألمانيا خلال الأسابيع الأخيرة في يومين أو ثلاث!

السياسة الخارجية لفرنسا غداة هجمات باريس وسان دونيس تواجه نفس الانتقادات: إنها سياسة المحافظين الجدد، جد مقربة من تلك التي دافعت عنها الولايات المتحدة الأمريكية غداة هجمات 11 شتنبر. سياسة رهينة للأسف للوقائع إن لم تكن للاقوال، في حرب حضارات: الخير ضد الشر! بمعنى إذا كانت فرنسا تسير بشكل خاطئ: الأحداث المأساوية التي نمر منها تظهر الى أي مستوى أن ديمقراطيتنا مريضة.

د.الهادي الهروي، باحث في علم الاجتماع

جهات معادية تنتج صورا نمطية مشوهة تعكس العقلية العدائية ضد المغاربة

إن الصورة ليست دائما هي الحقيقة العاكسة للواقع لكونها تحمل تحدبات تجعل من الشيء المعكوس ناقصا، وبالتالي لا يجوز الحكم على الكل بناء على الجزء والتعميم. ورغم ذلك يمكن القول إن التشويه يعود، في نظرنا، إلى معاناة المغربي نفسه من عوامل كثيرة منها:

أ-الوضع الاقتصادي الهش والتبعية للاقتصاد الفرنسي الذي يترتب عليه الفقر والضعف والمذلة والعار والبخل والجبن والتقاعس والمنة والجهل.

ب-العامل السياسي حيث يخضع المغربي لسلطة الأمير المقيد بتوجهات الميتافيزيقا والثيولوجيا وليس لسلطة الشعب المحكومة بالتوجهات الدستورية والمواطنة والديمقراطية الحقة.

ج-العامل الثقافي المتمثل في غياب الوعي بالذات وقصور العقل في تسلحه بمبدأ الشك المفضي إلى البرهان، ما يجعله عقلا مأزوما نفعيا لا يعترف بالمغايرة والاختلاف.

د-العامل الاجتماعي: يكاد يكون المجتمع في نظري، أول من خلق صورة مشوهة لنفسه وأصبح المغربي يعاني بالتالي من الصورة التي تلتصق به. فتحول القيم وانهيار المعايير الأخلاقية بفعل العولمة والليبرالية المتوحشة فقدت المغربي الشهامة بالمعنى الأنثربولوجي و»الخلدوني» الذي يشمل: العرض والأرض والماشية والذكر الحميد (الصيت الاجتماعي الحسن) والشجاعة والكبرياء والإقدام والعزة والكرم والفضل والمناددة. فقدان هذه الخصال جعل البعض من المغاربة تائهين في بلاد الغربة فاقدين لهويتهم يبحثون عن ملاذ للعيش بكل الطرق بغاء وإرهابا وسطوا وتخديرا؛ مما عمق التمثل الأنثربولوجي الغربي المجسد في الحرم والعنف والجنس والقتل والسيف عن كل من يحمل الجنسية المغربية.

كما أن إصرار بعض الجهات المعادية للمغرب على إنتاج صور نمطية مشوهة له وجعله بلدا عجائبيا منتجا للمتعة الجنسية ولذة المحذرات وإنتاجه لوسائل العنف المعاصر وتدبيره بخلق كائنات إرهابية، تعكس العقلية العدائية والحرب المعلنة التي يعلنها العقل الماكر لكثير من الدول المعادية له. صحيح أن البغاء والاتجار في المخدرات والعنف والإرهاب أوصاف انتحارية للجسد وللذات لبعض من يبحث عن الثروة هنا أو هناك في الآخرة، تعكس نوعية الشخصية اللامعيارية المرضية الميالة إلى الدمار والتخريب والإفلاس والوصولية والاتكالية، لكن صحيح أيضا أنها في كل بقاع العالم ومن غير الواقعي أن يختص بها المغرب دون غيره، وعلى كل المسؤولين والأحزاب والطوائف والعشائر والجمعيات والمجتمع المدني أن يتعبؤوا تمجيدا للوطن وللمواطنة، لتكسير هذه الصور النمطية المشوهة للمغربي والمغرب.

عبد الإله حبيبي، باحث في علم النفس

المغاربة ضحية خطاب سياسي حول معارك الشرق إلى قضايا وطنية

لا جدال في أن هناك شباب من بلدنا ومن أصولنا تستقطبه الآلة الإيديولوجية الجهادية، إلى جانب طبعا شباب آخر من بلدان مغاربية وأروبية وشرق أوسطية، هذا أمر حاصل، وله وقع سلبي على صورة بلدنا لدى الآخر، كما أنه يطرح علينا علامات استفهام لا يمكن، اليوم، التغاضي عنها أو تفادي النظر الموضوعي في أسباب وجودها.

في اعتقادي الشخصي، هناك عوامل متعددة تغذي هذا النزوع لدى بعض شبابنا لاختيار الانتماء إلى تنظيمات تقاتل في بلدان هي بدورها تحولت إلى ملاعب لحروب الكثير من القوى العالمية، حيث يختلط ما هو محلي بماهو كوني، وما هو ديني بما هو سياسي، وما هو مصلحي بما هو إيديولوجي. لهذا بات من الصعب تدقيق النظر في هذه الظاهرة التي تتحكم في صياغتها عناصر موضوعية ظاهرة، وأخرى لا يمكن التعرف عليها، بحكم أننا بدورنا نسبح في فضاء إعلامي رهيب لا يكف عن إنتاج خطابات متناقضة المنطلقات والأهداف، واصفا ومحللا، ومنتجا لتعاليق تهم حروب ليست بالضرورة عقدية، بل هي مواجهات بين كتل اقتصادية ذات أبعاد دولية تدار بالوكالة من لدن جماعات وأقطار على أراضي شعوب هي اليوم ضحية كل هذا الجنون المدمر مع ما يكتنف ذلك من صناعة إعلامية رهيبة «تشيطن» هذا الطرف في مقابل «تبرئة وتجميل» طرف آخر.

من بين العوامل التي تقترب من مجالنا الإدراكي نجد أنه، دوما، كانت الخطابات السياسية لدينا تحول معارك الشرق إلى قضايا وطنية، لقد ساهم هذا الخطاب بالفعل إلى جانب عوامل أخرى في جعل الشباب يؤمن بأن معارك الشرق هي معاركه، ومصير الشرق هو مصيره، ولهذا «فالنصرة واجبة»، و«التضحية شرف على صدر الوطن والمغاربة جميعا». وهكذا وعبر مسار طويل من التعبئة تحول هذا الشعار، الآن، إلى عقيدة لدى أغلب المغاربة إنها وقائع كانت تنقلها وسائل الإعلام الدولية وتخزنها حتى تستعملها في اللحظات المناسبة كترسيخ لصورة محددة ونمطية لمغربي مستعد ومقتنع بخوض غمار كل ما يتطلبه الالتزام «القومي» أو الانتماء الديني من واجب وتضحية. ثم قد نتفق مع بعض الآراء التي تحمل الدولة جزء من المسؤولية في الرفع من قيمة صورة المغربي في متخيل الآخر وذلك نظرا لأنها لا تقوم بالدور الأكمل في تأطير الشباب بخطاب عقدي - سياسي واضح المعالم، ومندمج في البنية الذهنية للتدين المغربي، ومتميز على مستوى تعبيراته الاجتماعية والفكرية والتربوية. ومن هنا لا مناص من التأكيد، من جديد، على ضرورة استعادة المفكر المتنور، والمثقف العقلاني إلى المنابر الإعلامية لترسيخ صورته كرمز لخطاب نقدي مؤسس، و كإحالة على عقل ناضج يمتلك مفاهيم نوعية في وصف الظواهر وتحليلها. وهي العملية التي ستساهم في تنظيف صورتنا لدى الغير الذي يجهل الكثير من مفكرينا ومنتجاتنا الإبداعية والفكرية.

ابتسام عزاوي، وزيرة شابة مكلفة بمغاربة العالم وشؤون الهجرة بحكومة الشباب الموازية

ياللمفارقة: نجاحات المهاجر تنسب لبلد الهجرة وإخفاقاته تنسب لبلده الأم

من يعرف المغرب بحق ويعرف المغاربة وتاريخهم وأخلاقهم وإعتزازهم بأصالتهم ومعاصرتهم لا يمكنه إلا أن يقدر ويحترم الرجل المغربي والمرأة المغربية.

هنالك تقصير في عمل السفارات والقنصليات في بعض دول العالم كما أن وزارتي الثقافة والسياحة مسؤولتين عن التسويق والإيصال السليم لصورة صحيحة عن المغرب وذلك من عبر إقامة مهرجانات ومعارض وأسابيع ثقافية ومحاضرات في كل المناسبات الوطنية، وعرض أفلام وثائقية تعريفية بالمغرب ودوره السياسي والثقافي والتاريخي والاجتماعي والنهضوي.

أتمنى أن تبذل جهود أكبر لتدارك هذا الأمر وأعتقد أن السؤال أكبر وأخطر من هذا، هنالك محاولة لربط صورة المسلم بصفة عامة بالإرهاب. والإسلام دين براء من كل هذا. لا أنكر أنه في مجموعة من الأحداث الإرهابية الأخيرة كان هناك إرهابيون غالبيتهم مهاجرون من أصول مغاربية، كما كان هناك إرهابيون من أصول غربية استقطبتهم تنظيمات إجرامية كداعش وأخواتها من تنظيم «القاعدة» و»جبهة النصرة» و»بوكو حرام» وغيرها. المغرب وكباقي دول العالم في حرب حقيقية على الإهاب أذكر بأحداث أبريل 2011 بمقهى مراكش بأركانة والتي راح ضحيتها 17 مغربيا وأجنبيا، وأحداث 16 ماي 2003 والتي خلفت 41 قتيلا. المغرب ذاق من مرارة مخلفات الإرهاب ويبذل جهود حقيقية من أجل التصدي له، وقد تم التنويه مؤخرا بهذه الجهود في البيان الذي أصدره الإيليزيه حيث تم شكر «الملك محمد السادس على المساعدة الفعالة» التي قدمتها بلاده لباريس، مما مكن من العثور على عبد الحميد أباعود الذي يعد العقل المدبر للمجزرة التي ارتكبها «داعش» في العاصمة الفرنسية.

أدعو للحذر من بعض المنابر الإعلامية التي تخدم أجندات معروفة وتيارات سياسية متطرفة تعمد وتسخر إمكانيات وآليات مهمة لشيطنة وتشويه صورة المسلم أو العربي وربطها بالإرهاب أو الدعارة أو تجارة المخدرات.

نجاحات المغاربة والعرب المهاجرين تنسب إلى بلد الهجرة ولا يحدث أن يتم التذكير ولو بإشارة بسيطة إلى أصولهم الأم. لكن ما إن يتم رصد حالة لمهاجر عربي تخالف القانون يتم نسبها مباشرة إلى بلده الأم دون التوقف عند بعض الأسباب الحقيقية التي أدت إلى وقوع المشكل كفشل بعض سياسيات الإدماج في بعض المجتمعات الغربية، وكمغربية أفتخر بوجود أمثلة عديدة لنساء ورجال مغاربة في الخارج أبدعوا وتميزوا في مجالات مختلفة في العلوم والفنون والأدب. وأعاتب إعلامنا المغربي والوزارة المكلفة بمغاربة العالم وشؤون الهجرة على عدم الإعتراف والتعريف بهم.

سعدية اسلايلي، روائية

عندما تكف الدولة في التعامل مع المهاجرين كمصدر للعملة آنذاك يتضح الحل

المعاينة القريبة لبعض المجتمعات الأوروبية، خلافا عن الإعلام الموجه، تتسم بذكاء وبصيرة كبيرين، فمثلا كان يقر مفوض شرطة في مدينة أمستردام أن المغاربة لا يشتهرون بالسرقة ويلصق هذه التهمة بجالية مغاربية أخرى. أما بخصوص محاولة تفسير بعض الصور النمطية التي تلصق بالمغاربة، فيمكن أن نذكر الآتي:

 أولا: المغربيات والمغاربة في بلد ما ليسوا المغاربة كافة وقد يصادف أن تشجع ظروف الإقامة والبعد عن المجتمع الأصلي على تنامي ظواهر مشينة ناتجة عن الانفلات اللا معقلن من التقاليد والسلطة الرمزية للمجتمع. يمكن لبعض الظواهر أن تنمو بشكل لا يتماشى ونموها داخل المجتمع الأم. وبهذا يفاجأ المرء وهو يتعامل مع بعض المجموعات المندمجة في مجتمعات أوروبية أنه أمام فصيلة من المغاربة مختلفة تماما، يساهم في ذلك ما يلي:

- الظروف الغير مدروسة للهجرة والإستقرار بحيث تقتصر على بعض المناطق...

- العلاقة المرتبكة مع الوطن الأم وقطع كل تأطير ثقافي أو اجتماعي مع هؤلاء، مما قد يؤدي إلى نوع من البتر الثقافي والتشوه في الهوية.

- التطور الداخلي لهذه المجموعات في ظروف تتأرجح بين الاندماج والإقصاء (القبول والرفض).... كل هذه عوامل تؤدي إلى بروز ثقافة ثالثة قد تعتريها شوائب الشعور بالتهميش والرفض من البلدين.

وهذا ليس اعترافا بما قد يلصق بالمغاربة من صور نمطية ولكنه محاولة لفهم بعض الظواهر المرتبطة بالموضوع.

كما أن الصنف الثاني من المغاربة الذين ينبغي أن يشكلوا قوة ضاغطة ووزنا مضادا لصالح صورة المغربية والمغربي فإن تأثيرها يظل محدودا للأسباب التالية:

- الفارق العددي المهول بين الصنفين

- الصمت الإعلامي للدول المضيفة على هذه الحالات الناجحة

- الإنكار الرسمي من طرف البلد الأصلي...أو على الأقل عدم كفاية الاهتمام

- علاقة الانتماء المضطربة بين الجالية والوطن الأم. وغياب أي تأطير ثقافي واجتماعي جدي.

أما من حيث مسؤولية الإعلام، فنحن نعرف بما لا يدع مجالا للشك أن الإعلام الحالي موجه ومسير بشكل خطير وغير مسبوق. وقد أثبتت الدراسات كيف تصنع الأكاذيب وتروج وتصير حقائق. ولكننا لن نسقط في نظرية المؤامرة المعروفة بقدر ما يمكننا أن ندعو للتمحيص والتعامل الذكي مع كل مادة إعلامية جديدة. إن مجرد صيغة طرح السؤال في بعض المواقف تصير تهمة. كأن تقول صحفية في فرانس 24:» هل يمكن للعرب والديموقراطية أن يصبحا حليفين؟».. لكننا نعرف أيضا أن إعلامنا عليه مسؤولية جسيمة في هذا المجال. وهناك برامج تحاول المراوغة في هذا الاتجاه. وتبحث عن نماذج للترويج تنافس هذه الصور النمطية ولكنها تظل محدودة في العدد والمدة الزمنية.

إن الاهتمام تنمويا وثقافيا واجتماعيا بالجالية المغربية في الخارج ينبغي أن ينطلق من مبدأ الكرامة ومن روح المواطنة بشكل يصحح المفاهيم لدى المواطن أولا ثم لدى الآخرين.

عندما تكف الدولة عن التعامل مع الجالية كمصدر للعملة الصعبة وتفكر من مبدأ المواطنة والمصلحة العليا للمغاربة، قد يتضح ما ينبغي فعله بجلاء.

عثمان مغني، ناشط حقوقي مغربي مقيم بإسبانيا

في حاجة ماسة إلى استراتيجية وطنية لتحسين صورة المغرب بالخارج

أعتقد أن تفشي الصور النمطية السلبية تجاه المغاربة بالخارج يعود إلى عاملين أساسيين الأول داخلي و الثاني خارجي, فأما الداخلي فهو مرتبط بغياب منظومة وطنية للدولة تسهر في هذا الإطار على تغيير النمطية المصطنعة و المشكلة عن المغربي في الخارج نظرا لبعض الأحداث التي اتصلت جوهريا بامتداد زمني متأخر لا ترتبط بتاريخ المغرب وحضارته المشرقة، أحداث تندرج ضمن سياق اقتصادي ارتبط بعوامل الحقبة السابقة للأمة حيث اضطر الكثيرون في منطقة الريف الى الاتجار في المخدرات مع غض الطرف من المرتشين الذين كان لهم موقع هام في المسؤولية، بطبيعة الحال رواج المخدارت وكذلك الميول الشديد لمجموعة كبيرة من الأثرياء بالخليج وزحفهم نحو المرأة المغربية التي كانت تعيش في وضعية داخلية استثنائية ومازالت ولو بشكل أقل حدة عن سابقه والسعي لها بأموال باهضة في غياب رقابة الدولة وفي غياب استرتيجيات وطنية تتدارك الموقف مما جعل الوضع يخرج عن السيطرة وهو ما فتح المجال لاستغلالها من قبل بعض الأطراف التي تكن العداء للمغرب، وأشير أن تجارة المخدرات لا تهم المغرب لوحده فهناك دول تفوق المغرب في هذه الأمور بل وفي أنواع من المخدرات أكثر خطورة كالكوكايين و الهيروين وغيرهما، كذلك الدعارة فالكل يعرف قطعا أنها موجودة في كل مكان وفي كل الأزمنة.

إذن، القضية تحتاج لتفكيك عميق جدا يقوم على اركان عديدة اقتصادية وثقافية، دون اغفال الأيادي التي تلعب دورا سلبيا في هذا الإتجاه عبر أخطبوط السلطة الرابعة، ولاشك أن العتاب على السلطات المغربية واضح ومسؤوليتها في هذا الأمر تابثة، خاصة في ما يخص الدبلوماسية المغربية الخارجية التي تعاني من أخطاء عديدة في التعامل مع القضايا الحساسة للمملكة، لابد للسلك الدبلوماسي المغربي أن يخرج من النمطية القديمة إلى الدفاع المستميت و المدروس كأداة مكملة ضمن استراتيجية وطنية متكاملة وهادفة لتحسين صورة المغرب والتصدي بكل حزم لأي تعاطي اعلامي مقصود أو ممزوج بالغباء المهني في المشرق، وقد لاحظت مؤخرا بعد الاستفاقة الطفيفة للمغرب في هذه القضية الحساسة ردة الفعل الحازمة للمغرب اتجاه التعاطي لبعض الأبواق الإعلامية التابعة للسطلة الانقلابية في مصر مؤخرا، حينما تناولت العرض المغربي والقضية الوطنية، فكانت ردة الفعل المغربية حاسمة وحسنة، وهو ما فرض على هذه الأبواق المأجورة التراجع بل وتقديم اعتذار للمغرب وعلى بثها المباشر.

مصطفى مضمون، مُخرج تلفزيوني

كيف لشعب يؤمن بالحق في الحياة أن ينعت بمصدر الإرهاب؟

نعتُ المغرب ببلد الدعارة والإرهاب هو تعميم خاطئ، ولا نقبله كمغاربة غيورين على وطننا، والمسؤولية يتحملها الإعلام العربي «المصري على الخصوص» والغربي، الذي يسوق هذه الصورة النمطية، كما يتحملها إعلامنا الوطني الذي لا يجتهد في تسويق الصورة الحقيقية للوطن.

المغاربة شعب طيب وكريم وليس بيننا إٍرهابيون، نحن نعيش في أمن وطمأنينة، والمغرب ليس مصدرا للإرهاب نحن أيضا تعرضنا للضربات الإرهابية وذقنا مرارة هذا العمل الإجرامي، والدعارة موجودة في كل بقاع العالم ويتم التركيز على المغرب عنوة من طرف أشخاص وقنوات وصحافة معروفة، تستهدف الإساءة للبلد لأسباب معروفة من بينها الغيرة والحسد.

وبخصوص الهجمات الإرهابية التي شهدتها فرنسا، أولا : أنا أرفض وأستنكر هذه الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها باريس، سواء في بلدي المغرب أو في أي بلد آخر، الحق في الحياة هو حق يجب أن يحترمه الجميع وأن ينعم به الكل دون استثناء على اختلاف الجنس واللون والدين.

 ثانيا: ليس من المعقول القول بأن وراء هذه العمليات المغرب، لأن التنظيمات الإرهابية غير موجودة في وطننا، هي في أماكن ومناطق تعلمها فرنسا وأمريكا وكل العالم، والخطر آت من هناك وليس من المغرب، بل بالعكس المغرب والمغاربة يحاربون الإرهاب، ولا يرضون أن يتم تقتيل الناس تحت أي دافع سياسي واقتصادي أو عرقي أو ديني…إلخ.

المغاربة مسلمون متسامحون ويعلمون أن قتل النفس بغير حق في الدين الإسلامي هو عمل مرفوض وحرام. كيف لشعب يؤمن بالحق في الحياة أن يُنعت بمصدر الإرهاب؟! هذا اتهام باطل غير مبني على أساس، الغرض منه فقط خلق البلبلة وإذكاء الصراع بين الفرنسيين والمغاربة ومن يقول هذا لا يعرف تاريخ المغرب وربما لا يعرف أيضا تاريخ بلده، ولا يعلم من بعيد أو قريب شيئا عن طبيعة نفسية المغاربة الحقيقية منذ القديم إلى اليوم. نحن أيضا لا نعمِّم بخصوص الحكم على الفرنسيين انطلاقا من ما وقع من قتل للمغاربة في فترة الاستعمار الفرنسي، ونتعامل مع الفرنسيين بشكل عادي دون حقد أو كره أو رغبة في الانتقام من الماضي، لأن الشعب المغربي ناضج ولا يعمِّمُ أحكامه بشكل سطحي مُتسرع، الفرنسيون يعيشون بيننا في سلام. والمغاربة يعيشون في فرنسا في سلام لكن من حين لآخر تظهر بعض المشاكل التي يستغلها البعض لزرع الصراع بين الشعبين، شخصيا زرت فرنسا مرارا ولي أصدقاء هناك لا ينعتون المغرب ببلد الإرهاب، لأنهم واعون بمصدر الإرهاب الحقيقي والدليل هو استمرار الهجمات الإرهابية في العالم، إذ في كل مرة يتم التركيز على أمور تافهة وأحكام جاهزة، دون التقصي والبحث عن السبل الكفيلة بتجفيف منابع الإرهاب والكف عن الأمور والتصرفات التي تنتح الإرهاب والظواهر الاجتماعية والسياسية التي تغذي التطرف.

الشريف الطريبق، مُخرج سينمائي

تناول الدين والإرهاب في السينما يرتكز على «الكليشهات»

أظن أن نعت المغرب ببلد الدعارة أو السحر أو الإرهاب، هو أمر مُصنف ضمن ثقافة التعميم، وهي ثقافة بسيطة، تُسهل مأمورية التفكير والبحث بشكل عميق للحكم على حالة بلد ما بشكل موضوعي، فتسمع : (هذا الشعب شعب إرهابي أو هذه دولة دعارة وذاك شعب ودولة مخدرات) نحن أيضا كمغاربة نمارسها على شعوب آخرين، وهي مسألة مُتبادلة، وحتى في الحكم على الدول بشكل إيجابي يتم تعميم نعت أو وصف قد يكون مُرتبطا بزمن أو جغرافية محدودة أو أقلية وهي أحكام مُتسرعة لا تُبنى على عمق في تناول المسألة.

يرافق هذه الأحكام تعميم غريب مثلا يتم نعت المغرب بمصدر إرهاب «إسلامي وعربي»، المغاربة ليسوا كلهم عرب هناك الأمازيغ مثلا ولا يُعقل القول أن كل مغربي أو مسلم هو إرهابي، فقط لأنه تم إيقاف عنصر من تنظيم إرهابي له أصول مغربية أو يقول أنه إسلامي. وبالرجوع إلى الهجمات التي ضربت فرنسا في الأسبوع الماضي، أولا ما يشد الانتباه هو أن أغلبية الإرهابيين الذين تمَّ التعرف عليهم حسب السلطات الأمنية للبلد، هم «أبناء فرنسا» رغم أنهم من أصول مغربية، فقد تربوا وترعرعوا ودرسوا في فرنسا، بالصدفة كنت أشاهد التلفزة وتنقلت بين القنوات الفرنسية في يوم الهجمات الإرهابية على فرنسا، وللأسف أدركت أن هذه الهجمات سوف تؤثر وتنعكس سلبا على المغاربة المقيمين بفرنسا أو الذين يسافرون إلى هذه الدولة، فهم ضحايا أيضا لهذه الهجمات الإرهابية، أتذكر أني كنت أسافر كثيرا إلى الخارج، كنت أذهب للمطار بحرية دون مشاكل قبل هجمات 11 سبتمبر بالولايات المتحدة الأمريكية، لكن بعد هذه الهجمات تغير الوضع كثيرا، وأصبحت الأمور حينها أكثر تعقيدا وزادت حدة التفتيش والتأخير. تعميم ظاهرة الإرهاب على المغرب هو أمر مُجانب للحقيقة، هناك أيضا فرنسيون وأروبيون يلتحقون بـ «داعش»، فتجد منضمين بسوريا إلى «داعش» أو «النصرة» أو «الجيش الحر» أو «الكرديين». لابد أن أشير إلى دور الإعلام في ترويج هذه الصورة وتعزيز هذا الحكم السطحي، وأظن أن قضية التعامل مع الدين والإرهاب مازالت تركز على «الكليشهات»، في السينما لازلنا نرى أغلب المُخرجين يستعينون بهذه الصورة النمطية عن «الإرهابي» بإظهاره بـ «اللحية والكَندورة» وتنتهي الحكاية، مازلنا نفتقد لمقاربة عميقة للظاهرة، بشكل علمي وموضوعي، الإنتاج السينمائي في هذا الإطار قليل عندنا وعند العرب عموما، مقارنة بالإنتاجات الغربية، وقد لاحظت أن العديد من الأعمال السينمائية الغربية تتناول الإرهاب والتنظيمات الإرهابية وعلاقاتها بالمخابرات الدولية وكيف أن الإرهاب هو واجهة للصراع فيما بين المخابرات الدولية، شخصيا فهمت العديد من الأمور التنظيمية انطلاقا من مثل هذه الأفلام، ومن بينها أفلام أوروبية «فرنسية» و«أمريكية».

بالنسبة لدور الفيلم أو الإنتاج المغربي الفني في معالجة هذه الظاهرة، أظن أن كل عمل قدمناه كفنانين أو مُخرجين فإننا نسوق صورة إيجابية ضد ما يُقال عنا وضد التعميم، مثلا إذا أنجزت أو أنجز مخرج آخر فيلما حول أي ظاهرة اجتماعية، يمكن مثلا فيلم عن «قصة حب»، بالنسبة لي إذا تم ترويجه سيعطي رؤية مُغايرة لتلك الصورة النمطية، وسيوضح أن هذا البلد به أناس يفكرون.. يعيشون.. به طبقة وسطى رغم مشاكلها... به ناس مثقفون.. ناس يعتنون بلباسهم ومظهرهم.. «يلبسون الدجين».. الفن يُمكن أن يكون بعيدا من موضوع الإرهاب وقريبا منه في نفس الوقت، لأنه يُعطي صورة حقيقية مُغايرة ما تروجه عنا وعن غيرنا بعض وسائل الإعلام الغربية والعربية.

عبد المالك إحزرير، أستاذ العلوم السياسية بجامعة مكناس

كراهية الأجنبي بفرنسا لها جذور في التاريخ تعود إلى فترة الإستعمار

كراهية الأجنبي بفرنسا لها جذور في التاريخ تعود الى فترة الاستعمار، فما عانته فرنسا من جراح في المغرب والجزائر وتونس أدى الى بروز نظرة سلبية بالمجتمع الفرنسي تجاه المغاربيين، إضافة إلى ذلك فبعض الدراسات الكولونيالية كانت لها نظرة قدحية تجاه كل ماهو مغربي وعربي، كما أن بعض الدراسات الأنثروبولوجية للإنسان المغاربي أو العربي أو الإفريقي تحمل نظرة دونية تجاه كل ماهو مغاربي وعربي، وللأسف الشديد فحتى بعض الدراسات الأكاديمية ظلت رهينة لهذه النظرة، إذ اعتبرت الذهنية الإفريقية متخلفة عن الذهنية الأوروبية، بعد ذلك ونظرا لحاجة فرنسا وكل البلدان الأوروبية إلى صناعات، دخل أول جيل لأو روبا من أجل العمل من المنطق الإقتصادي ولكن كان هناك رفض من المنطق القيمي في مساحات غير ضيقة من المجتمعات الأوروبية أو ما يسمى الآن باليمين المتطرف الذي يعادي المهاجرين من أصول إفريقية أو عربية، وكانت فرنسا للضرورة الإقتصادية تغض الطرف كما كان أيضا الدور الإيجابي الذي لعبته القيم الفرنسية والتي كانت تحمي الأجانب وتمنحهم نفس الحقوق التي يتمتع بها الفرنسيون في فترة معينة، لكن بعض المتغيرات التي حدتث وظروف الأزمة التي مست فرنسا وتلاشي الرفاه لأن وظيفة الدولة كانت هي الترفيه عن كل مواطن في التراب الفرنسي كانت بداية الأزمة فبدأ الكلام عن كون الأجانب سبب بلاء الفرنسيين وعليهم المغادرة، علما أن المغاربيين اشتغلوا مع بداية الأزمة في أعمال لا يسمح بها القانون أو الاقتصاد غير المهيكل، فتفشت الجريمة والطلاق والفساد..

بعد الثمانينات من القرن الماضي وبعد عملية أفغانستان نشأ تنظيم القاعدة الذي يضمر الكراهية للغرب، فبدأت تحترق البلدان الأوروبية بنار القاعدة، فوجد الفرنسيون الذريعة لتفتيش كل ماهو عربي أو مسلم فإتسعت الهوة بشكل كبير وظهرت طبقة سياسية فرنسية تنادي بالتخلي عن القيم الجمهورية وطرد المهاجرين لأنهم يضمرون العداء لفرنسا ويهددون الأمن القومي الفرنسي. أما الفترة الثانية التي حدثت فكانت بعد الربيع العربي وما رافقها من أزمة والتدخل الإقليمي في عدد من البلدان، في سوريا وفي اليمن وفي ليبيا، فكانت ردود فعل كبيرة بوجود «داعش» فاتسع كما يقول المؤرخون الخرق على الراقع فلم يستطع أحد أن يجد قناطر للتقارب ما بيننا وما بين الغرب بسبب دخول خطاب إعلامي متطرف على الخط. وأعتقد أن الضجة التي وقعت أخيرا في فرنسا بعد الأحداث الإرهابية شكلت حججا لليمين المتطرف لينادي بـ «نهاية التسامح مع هؤلاء» متناسيا إيجابيات الوجود الأجنبي في فرنسا، متناسيا قوة العمل التي أعطت الرأسمال في فرنسا.

ثانيا، المغاربيون قدموا كفاءات معرفية مهمة لفائدة المجتمع الفرنسي: أطباء، مهندسين، الطب النووي، علماء من المستوى الرفيع في الفيزياء والكيمياء.. وكل هذا لم يشفع للمتطرفين في فرنسا، وقد اختلطت الأمور على الرأي العام.. والقرار السيادي الفرنسي في حيرة كبيرة جدا بين مصالحه ومصالح شركائه وبين واقع فرنسي جد متشابك.

أمينة بن الشيخ، مديرة جريدة «العالم الأمازيغي»

ارتماء أبناء مهاجرين في أحضان الإرهاب نتيجة للتكوين الذي تلقوه

في ما يخص موضوع الصور النمطية تجاه المغاربة في أوروبا أو في بلدان الخليج أو الشرق، هي في حقيقة الأمر ليست صور نمطية، فما وصلنا إليه ماهو إلا نتيجة لتركيزنا على إظهار الوجه الجميل بدل الوجه القبيح والذي يمثل الحقيقة، فالصورة الحقيقية للمغاربة هي هذه، فإذا كان مغربي قد وصل إلى مستوى معين من التكوين ويمتلك شهادات، فإنه يتم الإحتفاء به على أساس أنه مغربي.. ولكن في حالة ما اذا كان هذا المغربي إرهابي أو تاجر مخدرات أو مغربية مومسة يتم التنكر لذلك، علما أن هذا الواقع، ومشكلة الأغلبية منا أنها لا تقبل حقيقة الأمر كي نتمكن من خلال تلك الحقيقة معالجة ما يمكن علاجه. وأعتقد أن النقطة التي أفاضت الكأس هي الأحداث التي وقعت في باريس وسان دوني، علما أن أغلبية المعتقلين هم من جنسية مغربية وينبغي الإقرار بذلك فهؤلاء أبناؤنا، وينبغي البحث عن الأسباب التي جعلتهم يرتمون في أحضان الإرهاب.

فحسب رأيي فإن الجيل الثاني والجيل الثالث من أبناء المهاجرين المغاربة بأوروبا نشأوا في جو مختلف، وتربوا تربية مختلفة ما بين الحداثة والتقليد والمحافظة، وللأسف فإن المغرب تخلى عنهم أو منحهم نوعا من التكوين يرتكز على مرجعيات خاطئة تماما في سعيه إلى ربطهم بهويتهم سواء في الدين أو في اللغة، مع الإشارة إلى أن نسبة الهدر المدرسي في صفوف هؤلاء تبقى نسبة مرتفعة، وبدل أن تبادر الدولة المغربية إلى إنقاذ الموقف بادرت إلى إرسال معلمين باللغة العربية الفصحى التي لا يتقنها حتى الآباء فبالأحرى الأبناء، وبمناهج تربوية متجاوزة هنا في المغرب، فما بالك في أوروبا. فالتعليم يرتكز على إيديولوجية إسلاموية معينة وهي الإسلام الوهابي وعلى القومية العربية، كما أن المعلمين الذين تم بعثهم يجهلون اللغة الأمازيغية ويجهلون لغات الدول المضيفة. والطامة الكبرى أن هؤلاء تخرج على أيديهم طلبة فأصبحوا يقدمون دروسا في الدين علما أنهم تلقوا تكوينا خاطئا بشكل لا يتصور، فكيف تتوقعون أن يعرف هذا الجيل ذاته أولا وقبل كل شيء.

أما عن الحملات العنصرية لليمين المتطرف بفرنسا أو في بلجيكا، فهي تستهدف جميع المهاجرين ولا تخص المغاربة لوحدهم. ينبغي الإقرار بالجرائم التي اقترفها مغاربة والبحث عن حلول، فلقد تتبعت بشكل مستفيض الإعلام الفرنسي والإعلام البلجيكي إبان أحداث سان دوني وتبين لي أن التعليم الوهابي هو المسؤول عما وقع من أحداث مأساوية، والمسؤولية تقع على الدول التي قبلت هذا النوع من التعليم كما تقع أيضا على المغرب الذين لم يمكن هؤلاء المهاجرين من تربية مغربية حقيقية تنهل من تاريخ «إيمازيغن»، فماذا سينفعهم تكوين يعود إلى 1400 سنة؟ ما مضمون تكوين يعود إلى 1400 سنة. فقط المعارك والغزوات.. غزوة بدر.. غزوة أحد، علما أن بعض الغزوات فيها السبي، النحر، الذبح.. إذن إرتماء أبناء المهاجرين في أحضان الإرهاب ماهو إلا نتيجة للتكوين الذي تلقوه.