الجمعة 3 مايو 2024
ملفات الوطن الآن

الحاجة إلى بناء جدار عازل بين المغرب و«دولة القرقوبي »!

الحاجة إلى بناء جدار عازل بين المغرب و«دولة القرقوبي »!

منذ استفرد العسكر بنظام الحكم في الجزائر وهو يبني أفقه الاستراتيجي على العداء للمغرب دولة ومجتمعا. حدث ذلك سنة 1963 حين رفض مطالب بلادنا بإعادة النظر في مشكلة الحدود المترسبة عن الزمن الاستعماري، ونهج مقابل ذلك سياسة الهروب إلى الأمام عبر التهجم على نقط الحدود المغربية، الأمر الذي قاد النظام الجزائري هناك إلى هزيمة حرب الرمال. وتواصل ذلك بمناهضة الحق المغربي في استكمال وحدته الترابية، عبر إنشاء جبهة البوليزاريو ودعمها دوليا.

وحين فشل في كل تلك المساعي قرر، مع بداية الألفية الحالية، تجريب وصفة عدائية أخرى من خلال إعلان حرب جديدة على المغرب بسلاح دمار شامل لا يهدد فقط حدودنا وأمننا السياسي، ولكن أيضا أمننا الاجتماعي وسلامة المغاربة.

حين نستعيد بالأرقام حجم محجوزات أقراص «القرقوبي» التي أمسكت بها السلطات الأمنية المغربية على الشريط الحدودي مع الجزائر، والتي تتراوح بين 220 ألف و300 ألف حبة قرقوبي كل سنة (انظر الجدول في الصفحة 10) لا نقف فقط على جسامة الحرب الجديدة المعلنة ضدنا، ولكن أيضا على خطورة المواد الفتاكة المهربة بالنظر إلى أثرها الصحي والنفسي، والتداعيات الاجتماعية لذلك. ذلك أن نوع تلك الأقراص المسربة إلينا من فصيلة «الريفوتريل» (RIVOTRIL) الجزائرية المنشأ (وهو نوع لا يباع بالمغرب)، وهو أخطر الأنواع بدليل أن كل قرص منه يمثل جريمة منقوصة لما يمثله من آثار تقود المدمن إلى إجرام خطير.

ولا تتردد الجزائر في تصعيد الحرب علينا ممعنة في الادعاء بأن المغرب كدولة هو من يعلن الحرب عليها من خلال إغراق أسواقها بمادة الحشيش، استنادا إلى ذرائع تغالط الرأي العام الإقليمي والدولي، على اعتبار أن الحشيش المغربي المباع على التراب الجزائري لا يعود إلى نهج رسمي إلى المغرب معتمد من السلطات المغربية، ولكن إلى عمل المافيات والعصابات الدولية التي تقتحم أسواق الجزائر، مثلما تقتحم مثيلاتها في بلدان أوربية أخرى.

وما يؤكد الوضع المفارق الذي تعيشه الجزائر عدم تقدمها بأي طلب رسمي بتسليمها أحد مجرمي المخدرات، مثلما لم تتقدم، ولو مرة واحدة، بطلب مساعدة تقنية من المغرب بهدف تحديد مسالك تهريب الحشيش، ووضع خرائط انتشاره، ومراقبة أفراد شبكاته على نحو ما يحدث من سبل التعاون بين المغرب مع بلدان أوربية عديدة من قبيل: فرنسا وهولندا وإسبانيا وإيطاليا التي تشهد سلطات بلدانها بتقدم متنام لآليات التنسيق المشترك مع المغرب التي تتم بإشراف الأمم المتحدة لتطويق مافيات المخدرات وغيرها من الآفات المجاورة كتهريب البشر والهجرة السرية وغيرها. في السياق نفسه، تعتبر بلادنا عضوا نشيطا في «الأنتربول»، وعلى علاقة مودة مع البوليس الفيدرالي الأمريكي المختص في المخدرات (DEA) حيث تشهد المعطيات بحرص المغرب دائما عل تزويد هيأة الأنتربول والأمم المتحدة بالمعطيات والخرائط ذات الصلة بالموضوع.

ثم إن الاستناد على أطروحة الوجود الرسمي للمخدرات بالمغرب، وعلى تشجيع الدولة لزراعة الحشيش، صار موضوعا متقادما من الناحية القانونية إذا أخدنا بعين الاعتبار وجود زراعة الحشيش بالمغرب محط مراقبة دولية بإشراف مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات الذي يقف على الجهد المغربي في التقليص التدريجي للمساحات الفلاحية، وبتنسيق دائم مع الهيئات الدولية المختصة. والدليل على ذلك أن المساحة المزروعة نقصت من 134 ألف هكتار إلى حوالي 47 ألف هكتار، أي بنسبة ناقص 65 في المائة، علما أن الهدف المسطر من طرف المغرب مع الأمم المتحدة هو الوصول إلى تقليص المساحة إلى أقل من 30000 هكتار في المدى القريب جدا.

هذا دون الحديث عن العشرات من الشبكات الإجرامية المتاجرة في الحشيش والتي تم تفكيكها بالمغرب أو بالخارج بفضل التعاون الأمني مع المغرب (حسبنا الاستشهاد بالتنويه الكبير الذي وجهه الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند للبوليس المغربي بعد تفكيك أخطر مافيا المخدرات يوم 27 يوليوز 2015 مؤخرا بفرنسا وهو الحدث الذي حرص الرئيس الفرنسي على أن يترأس هو شخصيا مراسيم حفل النجاح في حل هذه القضية)، على العكس مما يحدث في الجزائر التي لم نسمع عنها، في يوم من الأيام، تنظيمها لحملات بقصد ملاحقة تجار «القرقوبي»، أو خلقها لآليات للمراقبة، مثلما لم نسمع عنها أنها نسجت مسالك التنسيق والتعاون سواء مع المغرب أو مع المنتديات الدولية ذات الاختصاص لتجفيف منابع شبكات ترويج القرقوبي، وهو ما يفيد أن الجزائر كدولة متورطة في الموضوع ومتورطة في الحرب لتدمير شباب المغرب ونسف اقتصاده (انظر الحوار مع الأستاذ أحداف في الصفحة7). إزاء هذا الوضع يوجد المغرب أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الاستسلام للشكل الجديد للحرب المدمرة التي تعلنها علينا الجزائر بصراحة وشراسة لتدمير الكيان المغربي على مستوى أمنه الصحي والاجتماعي والاقتصادي، وإما خيار المجابهة بكل الأساليب الشرعية الممكنة.

لقد واجهنا كل أشكال الحروب السابقة، وتأكد انتصارات المغرب في كل لحظات الاختبار التي تضعنا ضمنها الجزائر، سواء في الميدان بإبداع فكرة الجدار الأمني (من 1980 إلى 1987)، أو في المحافل الدولية بإبداع فكرة الحكم الذاتي الموسع. وها هي اليوم تدعونا إلى الاجتهاد في ابتكار استراتيجية جديدة لحماية أمن المغاربة. إننا نقصد الحاجة إلى بناء جدار أمني يمتد من الجنوب الشرقي للمملكة إلى شاطئ السعيدية، وذلك بهدف درء كل الأخطار والسموم الآتية إلينا من الشرق غير الآمن، وجعل بلادنا أقرب إلى شبه جزيرة محمية من كل الجهات، ومفتوحة على ثلاثة محيطات: المحيط الأطلسي والبحر المتوسط، وعلى محيط مجازي (المحيط الجزائري) يعترضه جدارنا الأمني الجديد (انظر الحوار مع أبوأيمن الفارح في ص 8).

ليس في الأمر أدنى استهتار بقيمة الروابط التاريخية المشتركة مع بلد تجمعنا معه ثوابت الشراكة الثقافية والاجتماعية، أو أدنى استهتار بالحلم المغاربي الذي اقتفينا أثره المثالي دون جدوى منذ مؤتمر طنجة سنة 1958. ولكنه القدر الجديد الذي تفرضه علينا دولة مقعدة وتسيرها جثة، تصر على أن تدخلنا حروبا لا نريدها، لا لأننا عاجزون عن المجابهة، فقد كان الانتصار دائما حليفنا، وهو ما يشكل العقدة التاريخية في اللاشعور السياسي للحاكمين هناك بالجزائر، ولكن لأننا لا نريد الحرب، بل نريد هذا الجدار الأمني الجديد لنتفرغ إلى مسلسلنا التنموي الديمقراطي بكل نقاط الضوء فيه، وبكل الانكسارات التي يسعى المغاربة إلى التغلب عليها خدمة لمحيط إقليمي سلمي، ولعالم متسامح ومؤنسن.

قصة جدار مغربي هزم جنيرالات الجزائر

1- الجدار الأمني

بدأ تنفيذ إنشاء الجدار الأمني الأول فعليا في شهر غشت 1980، وقد استهدف التخطيط لهذا الجدار البالغ طوله الإجمالي 600 كلم استغلال التموجات الأرضية إلى أقصى حد ممكن. حيث استند على حواجز طبيعية فكان الإنشاء والبناء انطلاقا من منطقة الزاك ليسير باتجاه الغرب. واستأنفت الأعمال على جبال «الوركزيز» ليكمل ذلك الحاجز الطبيعي حاجز اصطناعي يتكون من ساتر ترابي ابتداء من «المسيد» إلى «رأس الخنفرة» في اتجاه الجنوب حتى يلتقى الساتر بالحزام الأمني للسمارة، ثم يلتف حول المدينة من جنوبها ليتقدم باتجاه «بوكراع» حيث كانت الأعمال جادة لبناء جدار آخر.

وقد كان الغرض من إقامة الجدار الأمني واضحا بهدف تأمين الخطوط الخلفية للقوات المسلحة الملكية تحركاتها وتمرينها وحرمان العدو من إمكانية الوصول إليها، ثم ثانيا حماية المناطق الآهلة بالسكان والمعروفة بالمثلث الاقتصادي: السمارة، بوكراع، العيون، ثم منع تسلسل الخصم وفتح طرق المواصلات أمام الحركة الطبيعية.

وقد بلغ الخط الدفاعي إلى السمارة يوم 2 مارس 1981 تزامنا مع عيد العرش، وانتهى من بنائه بتاريخ 14 ماي 1981 بمناسبة ذكرى إنشاء القوات المسلحة الملكية عندما التقى الساتر الترابي المنطلق من بوكراع مع الساترالذي خرج من السمارة عند منطقة «اسكن» التي لم تشهد إلا بعض المناوشات مع البوليزاريو التي كانت خائرة القوى لما أصابها من تدمير وإحباط في معارك رأس الخنفرة، حيث تحطمت حشودهم وأصيبوا بخسائر فادحة سمحت بإتمام هذه المرحلة بسهولة.

2- الجدار الأمني

الجدار الأمني الجدار الأمني بلغ طول الجدار الأمني الثاني 225 كلم، وقد كان الهدف الأساسي من إقامته فك حصار مدينة بوجدور التي عمدت البوليساريو إلى عزلها عن مدينة العيون العاصمة باستغلال بعد المسافة الفاصلة بينهما لزرع الألغام على الطريق المؤدي إليها لمنع الحركة العادية، ثم الاستفادة من الظروف والأحوال لنصب الكمائن أو القيام بالغارات كلما سنحت الفرصة أثناء تنقل القوافل بين المدينتين أو ضد القوات التي تعمل على تطهير الطريق لحماية القوافل أو القيام بالدوريات.

وقد ابتدأ العمل في هذا الجزء من الجدار بعدما تجلت واضحة الفوائد التعبوية للجدران أو الأحزمة السابقة، بالخصوص الجدار الأول الذي فتح طرق المواصلات ومحاور التموين بين طانطان والعيون والسمارة.

وقد استغرقت عملية البناء 42 يوما من 4 ماي إلى يوم 16 يونيو 1982، تم خلالها إنشاء الساتر، ثم حماية الكل بواسطة نطاق من الأسلاك الشائكة، تدعم ذلك كله وسائط إلكترونية قوامها رادارات وأجهزة إبصار واستشعار لرصد ومراقبة التحركات أمام الجدار الأمني لحرمان البوليزاريو من الاقتراب أو التسلل لتحقيق المفاجأة التي تشكل أهم مبدأ من مبادئ حرب العصابات التي طالما عملت البوليزاريو على الاستفادة منها.

ملحوظة:

اعتمدنا في استخراج هذه المعطيات التاريخية على كتاب «الجيش المغربي عبر التاريخ» للأستاذ عبد الحق المريني. الصادر عن مطبعة المعاريف الجديدة ـ الرباط ـ 1997

3- الجدار الأمني

شرع في إقامة هذا القسم من الجدار الكلي يوم 19 دجنبر 1983، وتم الانتهاء من أشغاله يوم فاتح مارس 1984، أي أنه بدأ العمل فيه بعد سنة ونصف من إقامة سابقه، حيث كانت هذه المدة كافية لزيادة التأكد من فعالية خطط قيادة القوات المسلحة الملكية، وأن هذه الخطط تحقق ما تهدف إليه القيادة الوطنية العليا من جدوى عسكرية واقتصادية وسياسية واجتماعية. ففي ظرف ثلاثة أشهر تم إنشاء وبناء جدار طوله 300 كلم بمعدل 100 كلم في الشهر.

وقد امتد الساتر الترابي لجميع تجهيزاته من منطقة «امكالة» ومرتفعاتها التي اشتهرت بالمروقعة التي أدت إلى أسر حوالي 100 جندي جزائري كانوا قد تسللوا إلى الأراضي المسترجعة غداة انسحاب الجيش الإسباني بعد توقيع الاتفاقية الثلاثية بين المغرب وموريتانيا وإسبانيا. وقد اتجه الجدار بعد ذلك من «امكالة» غربا بموازاة الحدود الموريتانية شمال «بئر موكرين».

وبإقامة هذا الجدار حرمت البوليساريو من الممرات التي كانت تستعملها لتتسرب إلى منطقة وادي الذهب عبر مرتفعات ووديان «امكالة»، فصار لزاما عليها العبور من الأراضي الموريتانية للقيام بأي عمليات تريد القيام بها في تلك المنطقة. وقد انتهت الأعمال في هذا الجدار يوم فاتح مارس 1984، فتم أيضا إبعاد أي خطر عن مدينة «السمارة» التي توسع نشاطها الاقتصادي والعمراني بعد فتح الطريق إلى «العيون».

4- الجدار الأمني

خلال فترة زمنية قصيرة نسبيا تم بناء الجدار الخامس الممتد بين «الزاك» على مشارف «الحمادة» ومنطقة «لفريرينات» بالقرب من السمارة، وهكذا أدمج في المنطقة المؤمنة كل من مركز «الجديرية» ومركز «الحوزة» التي كان البوليساريو يدعي ويتبجح أنها عاصمة دولته الموهومة. وهكذا أفرغت الساقية الحمراء من عناصر البوليساريو بعد اشتباكات انتحارية فاشلة، وانتهت أعمال البناء مساء يوم 10 ماي 1984.

5- الجدار الأمني

كان الحزام الأمني الخامس أكثر طولا من سابقيه، فقد امتد على مسافة قدرت بـ 400 كلم انطلق من نقطة «البعج» على «الوركزيز» شرق الزاك ليتقدم بمحاذاة الحدود الجزائرية الموريتانية، ثم ينحرف غربا في اتجاه «البريكة»، حيث التقى مع الجدار الأمني الثالث جاعلا من «الحمادة» والساقية الحمراء بمنابعها ومرتفعاتها منطقة آمنة مطمئنة. وبهذا امتنع على البوليساريو الوصول إلى مناطق معينة مثل «التكاة» على مجرى الساقية الحمراء التي طالما اعتبرتها البوليساريو ملاجئ حصينة تستطيع الاختباء بها في فترات الانسحاب والاختفاء.

وقد مكن هذا الجدار من حرمان عناصر البوليساريو من وصول الساقية الحمراء، بل حرمهم من إمكانية التسرب عبر الحدود الجزائرية في اتجاه الأراضي المسترجعة إلا إذا تم خرق حرمة الأراضي الموريتانية انطلاقا من الجزائر. ويمكن الإشارة إلى أن بناء هذا الجزء من الحزام استغرق المدة الزمنية الفاصلة بين تاريخ 4 دجنبر 1984 و15 يناير 1985.

6- الجدار الأمني

لإعادة ربط الاتصال بين الداخلة والعيون، تم مباشرة بعد الانتهاء من بناء الجدار الأمني الخامس الاستعداد لاستغلال الخبرات المكتسبة خلال أعمال البناء السابقة لإقامة جدار يدخل منطقة وادي الذهب ضمن النطاق الأمني وفتحها على الأجزاء الشمالية المؤمنة. وهكذا انطلقت الأشغال بتاريخ 14 ماي س1985 من نقطة عند «امكالة» ليسير بناء الجدار سريعا باتجاه المحيط الأطلسي عند «إمليلي» جنوب الداخلة ليؤمن كلا من «كلتة زمور» ومرتفعاتها التي عرفت صراعا مع «البوليساريو» عدة مرات، ثم منطقة «أم دريكة»، ومركز «بير أنزران» التي اشتهرت بمقاومتها لمحاولة «البوليساريو» اقتحام موقعها والسيطرة عليه.

وهكذا تم تأمين كل ما يقع شمال هذه النقط على طول 650 كلم. وقد امتد قسم من الجدار بموازاة الحدود الموريتانية لمسافة تتجاوز 100 كلم قبل أن ينحرف في اتجاه الغرب ليصل إلى الشاطىء الأطلسي عند نقطة «إمللي» جنوب الداخلة، حيث أصبح خليج الداخلة محميا بواسطة الجدار حماية تامة من الجانب البري. أما الجانب البحري فتحرسه البحرية الملكية بمساعدة القوات الجوية.

ذ.محمد أحداف، أستاذ العلوم الجنائية بكلية الحقوق بمكناس

إغراق الجزائر للمغرب بالقرقوبي هدفه إحداث اختلال ديمغرافي لصالح الجزائر

فكك محمد أحداف، أستاذ العلوم الجنائية بكلية الحقوق بمكناس، مرامي إغراق الجزائر للمغرب بالقرقوبي وحصرها في ثلاثة أهداف استراتيجية (ديمغرافي واقتصادي وأمني). وبالمقابل اقترح الباحث الجامعي على السلطات المغربية أربعة مداخل لتجفيف خطة الجزائر ونسفها.

* لماذا تغرق الجزائر المغرب بالقرقوبي؟

** يجب تقسيم مضمون مخطط الجزائر القاضي بإغراق المغرب بأقراص الهلوسة والقرقوبي إلى قسمين يسعيان في نهاية الأمر إلى تحقيق أهداف شمولية كبرى لمخطط عدواني يعد في عمقه بمثابة اعلان حرب. القسم الأول من المخطط إغراق المغرب بالقرقوبي يسعى إلى تدمير الصحة العقلية والنفسية للمغاربة بصفة عامة. ويتعين علينا على ضوء الإحصاءات الجنائية الإقرار بأن الفئة العمرية التي تتعاطى لهذه الأقراص تتراوح إجمالا بين 15 و35 سنة، وهذا يعني أن مخطط الجزائر وأجهزتها الاستخباراتية، وفق منظور استراتيجي يسعى إلى تخريب جيل بأكمله، حيث من المعلوم أن الشباب هم الثروة الحقيقية للشعوب، وبالتالي فإن إغراق هذه الفئة بالذات في هذا الوباء هدفه خلق اختلال ديموغرافي لفائدة الجزائر. وهذا المخطط الإستخبراتي الجزائر لا يقتصر على هذا العنصر فحسب، بل هناك عنصراً آخر ترتكز عليه الآلة العسكرية الجزائرية عبر القيام بعملية تمشيط واسعة بالحدود الجنوبية للجزائر والعمل على دفع تدفق المهاجرين الأفارقة السريين للمغرب، بل والعمل على نقلهم إلى الحدود الشرقية للمملكة من أجل إغراق المغرب بأعداد غفيرة من المهاجرين السريين لخنق المغرب وتأزيم علاقته مع دول إفريقيا بحكم أن المغرب له علاقة مع العديد من البلدان جنوب الصحراء.

القسم الثاني من المخطط الاستراتيجي للجزائر يسعى بكل وضوح إلى ضرب الاقتصاد الوطني في العمق، ويمكن تفسير ذلك وفق الشكل التالي: - إن انتشار الإحساس بانعدام الأمن بالنسبة للمواطن يعد حقيقة أخطر من أفتك الأمراض، لذا تسعى كل الدول إلى إبقاء الجريمة في المعدلات الوطنية المقبولة بالمعايير الدولية.

وإذا حللنا بنية الجريمة بالمغرب على ضوء الإحصاءات الجنائية، ستلاحظون أن 80 في المائة هي جرائم الأشخاص مقترنة بأمرين: القرقوبي والأسلحة البيضاء. إن حقيقة انتشار جرائم العنف بالدوائر الحضرية بالمغرب، وتغذية الشعور بانعدام الأمن إعلاميا هدفه الأساس وفق مخططات الجزائر هدم أحد أهم أركان الاقتصاد الوطني، وهو القطاع السياحي، لاسيما إذا استحضرنا مكانته الرئيسية في النسيج الاقتصادي.

ومن جهة أخرى يكمن هدف الجزائر من خلال إغراق المدن المغربية بالقرقوبي إلى تدويل فكرة أن المغرب يعيش عنفا حضريا. وبالتالي تقويض الأفكار المقبولة على نطاق واسع دوليا أن المغرب هو الواحة الوحيدة للديمقراطية والأمان والأمن في شمال افريقيا. إن الأهداف الرئيسية الكبرى للجزائر، ليس كما يبدو ذلك سطحيا، إغراق المغرب في موجة غير مسبوقة على الصعيد الدولي بكميات هائلة من القرقوبي: إنه مخطط حربي عسكري استخباراتي هدفه تقويض الاقتصاد الوطني، وخلق اختلال ديمغرافي لفائدة الجزائر، وتسفيه الجهود التي نقوم بها على الصعيد الدولي فيما يتعلق بكون المغرب بلدا آمنا.

* ولماذا لا يفضح المغرب ذلك؟

** هذا سؤال يصعب الإجابة عنه، غير أنه يمكننا تقديم استنتاجات أن هجوم الجزائر على المغرب اكتسى طبيعة عدوانية غير مسبوقة، وعلى ضوء ذلك يمكن فهم التحول العميق للدبلوماسية المغربية والمتوج بالخطاب الملكي بالعيون. الآن يجب على المغرب وضع المجتمع الدولي في صورة ما يقع حقيقة، لكشف النوايا العدوانية للجزائر وكي يعرف المجتمع الدولي حقيقة جوهر نظام السوء بالجزائر الشبيه بنظام كوريا الشمالية.

* لماذا لا تتعاون الجزائر مع المجتمع الدولي في باب محاربة المخدرات مثلها هو معروف على المغرب؟

** الجزائر نظام عسكري متخلف منغلق، يشتغل بآليات عفا عنها الزمن. فحكام الجزائر ضحايا لفكرة أن الحرب الباردة مازالت مستمرة وتجهل أن الاتحاد السوفياتي لم يعد له وجود، كما أنهم غير قادرين على استيعاب التحولات العميقة اللاحقة بالعلاقات الدولية ومضمون آليات اشتغال القانون الدولي في مرحلة ما بعد انهيار جدار برلين.

الطبيعة العسكرية غير المدنية للنظام الجزائري هي الكفيلة بتقديم تفسير للسؤال، حيث أن العسكر لا يميلون أبدا إلى إعمال آليات القانون الدولي. لاحظ معي رفضهم استقبال مقرري الأمم المتحدة وإحصاء السكان المحتجزين بتندوف، وعلى المنوال نفسه يستحيل عليهم التعاون مع آليات دولية مثل الشرطة الدولية في هذا الباب.

* ما هو السبيل لمحاربة تدفق القرقوبي من الجزائر على بلادنا؟

** إن السعي إلى حل لمشكلة حرب الجزائر بالقرقوبي على المغرب، لاسيما وأن الإحصاءات الجنائية الوطنية تؤكد حقيقة استحواذ الجزائر على 90 في المائة من السوق الوطنية في تجارة القرقوبي، يجب أن يتخذ الاتجاهات الآتية:

1 - الاتجاه الأول: لحسن الحظ أن مشروع القانون الجنائي مازال لم يعرض على البرلمان، وبالتالي فإن الفرصة سانحة كي يعاد النظر في الطبيعة الجنحية لحيازة والاتجار في القرقوبي، ورفعها إلى مصاف الجنايات مع تشديد العقوبة كي تتراوح ما بين الإعدام والمؤبد (التشريع الجنائي الصيني والسعودي والإماراتي كنموذج)، لأن إشاعة ثقافة التسامح وعدم صرامة العقوبات الجنائية يعد في العمق الاستراتيجي في مصلحة الجزائر كي يستمر برنامجها الوطني في تخريب المغرب.

2 - الاتجاه الثاني: تعزيز وحدات المراقبة في المنطقة الشرقية وبكل المنافذ التي يعتقد أنها منفذ لدخول القرقوبي، مع تعزيز ثقافة الصرامة مع أفراد هذه الوحدات في حالة التواطؤ دون نسيان تجهيز هذه الوحدات بالوسائل التكنولوجية المتقدمة كتلك المستعملة من طرف الولايات المتحدة الأمريكية على حدودها مع المكسيك، ولم لا التماس تعاون الولايات المتحدة للانخراط في برنامج تأهيلي لوحدات المراقبة الوطنية شبيه بما يقدم لوحداتها على حدودها مع المكسيك.

3 - الاتجاه الثالث: تفعيل وإرساء أسس حرب دبلوماسية للمغرب على الصعيد الدولي لممارسة ضغوط قوية على جار السوء لإرغامه على مراجعة مخططاته وإيقاف حربه على المغرب وفي أسوء الحالات كشف حقيقة عدوانية الحكومة والأجهزة الجزائرية للعالم.

4 - المطلوب وباستعجال أن يعمل المغرب على تمديد بناء الجدار الرملي من الصحراء إلى شاطئ السعيدية لوقف إغراق بلادنا بكل المهاجرين السريين وهو جدار سيسمح كذلك بخنق ممرات القرقوبي من الجزائر نحو المغرب.

أبو أيمن الفارح، ضابط عسكري سابق مهتم بالشؤون الأمنية والعسكرية

بناء جدار أمني على الحدود الشرقية ضمانة لصد سموم الجزائر

يجمع الباحثون والمهتمون بالشؤون الأمنية والعسكرية وقضايا الإرهاب بأن حالة الاحتقان والضغط الكبير المتزايد الذي يعيشه الوضع الأمني والعسكري في الشرق الأوسط مع توسع رقعة التوتر وامتداده على طول خارطة العالم العربي وجزء من دول الساحل والشمال الإفريقي، بفعل تعدد المتدخلين وتنوع أهدافهم وتضارب وتقاطع مصالحهم، و بالنظر لتباين المواقف وضبابية وغموض بعضها، ولاسيما بعد التدخل العسكري الروسي القوي، معطيات من شأنها خلق أوضاع جديدة لا يمكن التكهن بنتائجها ، سواء على مستوى جبهات القتال التقليدية متمثلة في الساحات العراقية والسورية، إضافة إلى الساحة اللبنانية باعتبار علاقاتها التاريخية والسياسية والعقائدية مع مختلف أطراف الصراع.

و تجدر الإشارة إلى أنني أضع القضية الفلسطينية بمعزل ، بالنظر لخصوصيتها وتشعبها وتفردها في دورها الجوهري في الأحداث باعتبارها مرجعا أمميا، فكريا ودينيا للحركات الثورية بكل أشكالها، من منطلق مفهوم الثورة ضد الإستعمار والعنصرية والظلم والاستبداد، أو على مستوى الفاعلين على الساحة وفي مقدمتهم القوى العسكرية الدولية والإقليمية المتورطة في الصراع، الظاهر منها والخفي. على المستوى الميداني العملياتي، إلتحاق القواة العسكرية الروسية بالحرب الدائرة، إلى جانب فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية باعتبارهما القوتان الرئيسيتان اللتان تحملان راية المواجهة، شكل هذا الالتحاق ضربة موجعة وألحق ضررا كبيرا بقوات المعارضة السورية وبتنظيم داعش بدرجة أولى، باعتباره العدو المشترك رقم 1 بالنسبة لكل المتدخلين، الغربيين على وجه الخصوص بمن فيهم الروس. هذا الضغط العسكري الجديد المتمثل في الضربات الجوية المكثفة والمركزة ودخول السلاح الاستراتيجي الروسي لأول مرة إلى ساحة المعركة، من خلال صواريخ بعيدة المدى، أصابت أهدافها بدقة متناهية، ما دفع المعسكر الغربي إلى مراجعة حساباته وأخذ اللاعب الروسي على محمل الجد وإعطائه المكانة التي تليق به، ميدانيا وعلى مستوى المفاوضات السياسية.

لقد أدى هذا التحول الكمي والنوعي للعمليات العسكرية ضد داعش على وجه الخصوص إلى إجبار قادتها ووحداتها المقاتلة على الحد من تحركاتهم الميدانية، وكذلك الحد من كل أشكال الاتصال في ما بينهم وبين مختلف الوحدات، وقطع للإمدادات على الخطوط البعيدة، حيث تحول الأمر إلى حصار فعلي، الشيء الذي عصف بمخططات داعش الكلاسيكية وأربك حساباتها وأصبحت عاجزة على الحفاظ على عدد من المواقع والمساحات وتكبدت خسائر جسيمة في الأرواح والعتاد، بعد أن كانت قبل أيام من التدخل الروسي المباشر، في وضع هجومي هدد الجيران، كالأردن مثلا ووجد له مساحة في ليبيا ومصر وبعض دول الساحل الإفريقي وجنوب الجزائر. وعيا منها بالتفوق العسكري التكنولوجي الغربي والروسي وصمود الجيش النظامي السوري وأمام تحول في المحيط السكاني الذي بدأ يظهر عداءا للمشروع الداعشي، سواء بعدم التعاون أو الهروب والنزوح الجماعي للدول المجاورة ومن ثم إلى بلدان أخرى، غيرت داعش، ليس تكتيكها الحربي فحسب، بل غيرت استراتيجيتها ككل وحولت المواجهة إلى حرب مفتوحة، حرب عالمية داعشية وعبرت الحدود لتنقل المعارك إلى آفاق أرحب وأوسع حيث يمكنها التحرك بحرية أكبر خلف خطوط عدوها وفي عقر داره من خلال خلايا نائمة وأخرى عابرة للحدود. بهذا تأمل في تخفيف الضغط والحصار عن قواتها من جهة وتكسب من جهة ثانية إشعاعا إعلاميا قد يسهم في الرفع من معنويات مقاتليها المتدنية والذي انعكس بشكل كبير في المواجهات الأخيرة ضد القوات الكردية أو تلك ضد الجيش السوري النظامي التي تمكن خلالها من استعادة عدد من المواقع والأراض، ومن جهة أخرى، تدفع حكومات الدول المشاركة في التحالف إلى الإجابة على أسئلة شعوبها بخصوص أهداف ونتائج هذه الحرب.

في هذا الإطار يندرج التفجير الفظيع في الضاحية الجنوبية لبيروت ويتبعه وبشكل يكاد يكون غير منتظر، تفجير الطائرة المدنية الروسية فوق الأراضي المصرية، وأخيرا أحداث باريس، والتي لا داعي للخوض في تفاصيلها المريعة ، هذه العمليات التي بثت الرعب في فرنسا وأدخلتها في حالة ذهول وحداد.

هذه العمليات المتتالية وبالنظر لهول وحجم خسائرها المادية والبشرية، سيكون لها ما لها من نتائج على كل أطراف الصراع وعلى الوضع الأمني للعديد من البلدان الأخرى، بحسب قربها الجغرافي أو انتماءها المذهبي الديني أو درجة تورطها في الصراع ، بشكل أو بآخر. والمؤكد هو أن تحركات وعمليات داعش لم تعد لها حدود وهو ما يستلزم أخذ كل الإجراءات الأمنية والعسكرية الاستباقية أو تلك المتعلقة بالتدخل الفعال والناجع في المكان والوقت وضد الهدف المناسب، في ظل استراتيجية الحرب المفتوحةالتي أعلنتها داعش. وبالتالي التجنيد المفتوح للمتعاطفين مع التنظيم مذهبيا وعقائديا أو الغاضبين والساخطين على أنظمة بلدانهم أو أوضاعهم في بلدانهم الأصلية أو بلاد تحتظنهم بتحفظ شديد يمنع إدماجهم واندماجهم بشكل واقعي وحقيقي بعيد عن البهرجة والدعاية الإعلامية لخدمة أجندات سياسية وانتخابية.والذين سيجدونها فرصة مواتية للانتقام.

بالنظر لانفتاحه السياسي والديني والمجتمعي، وبالنظر كذلك لموقعه الجغرافي المتميز باعتباره صلة وصل جغرافي وفكري بين الغرب وإفريقيا والشرق وحضوره في عدد من بؤر التوتر عبر العالم، قد يشكل المغرب هدفا لضربات إرهابية كبيرة مخطط لها من مراكز قرار الإرهاب الدولي، كما يمكن أن تكون وليدة مبادرات محلية فردية منعزلة لبعض المغاربة الذين لا يخفون توجهاتهم الدينية المتطرفة.

لقد توفق المغرب في تفادي عمليات إرهابية، في السنوات الأخيرة بفعل إجراءات أمنية استباقية وخطط أمنية تشرك كل الأجهزة الأمنية والعسكرية وتمكن من اكتساب المعرفة والتجربة التي جعلت منه مرجعا في هذا الميدان، كما عمل المغرب وبالموازاة مع الإجراءات الأمنية إلى تكسير حاجز الصمت وتشجيع شيوخ السلفية المغاربة على البوح وبعدها على مراجعة فكرية لا يمكن إنكار دورها في إنقاذ العديد من الشباب من الارتماء في أحضان الجماعات التكفيرية والجهادية المتربصة بالبلاد. لقد تكاثفت كل الجهود من أجل تحصين البلاد داخليا ضد كل أشكال الإرهاب وانخرطت الأحزاب السياسية والجماعات السياسية والدينية وجمعيات المجتمع المدني في ما يشبه مشروعا مجتمعيا من أجل الأمن وإن تم في بعض الأحيان على حساب قضايا لا تقل أهمية على مستوى حقوق الإنسان وعلى المستوى السياسي في شكل توافقات وغيرها.

هل يكفي ضبط الفضاء الأمني الداخلي لتجنيب البلاد انعكاسات المستجدات الأمنية على الساحة الدولية في ظل المعطيات المشار إليها والمتمثلة بالأساس في التحول النوعي للعمليات الإرهابية لداعش والحرب المفتوحة؟ إن الحديث عن الأمن الداخلي يستوجب حتما الحديث عن حدود البلاد . هل حدودنا محمية ومحصنة ضد كل اختراق داعشي وغيره؟

إذا كان المغرب يحظى بموقع جغرافي يعود له الفضل الكبير في تخفيض فاتورة حماية الحدود على مستوى الجهة الغربية بالمحيط الأطلسي والجهة الشمالية بالبحر الأبيض المتوسط وإن بدرجة أقل، فإن باقي الحدود وبدرجة كبيرة الحدود الشرقية للمملكة مع دولة الجزائر، تشكل خطرا محدقا، بالنظر لطبيعة الأرض والتضاريس وطول الحدود. وكذلك وهذا ما تزداد أهميته يوما بعد يوم، الضعف البين للدولة الجزائرية في ظل رئيس لم يعد مرضه وعجزه خافيا على أحد.

إن دولة الجزائر توفر كل الظروف لتكون الهدف المقبل لتنظيم الدولة «داعش»:

- مؤسسات دولة ينخرها الفساد في صراع وتطاحن من أجل خلافة الرئيس

- رئيس بلغ به المرض والعجز درجة جعلت استقالته وإحالته على المعاش مطلبا شعبيا

- وضع أمني داخلي متردي، جماعات إسلامية مسلحة تجوب البلاد طولا وعرضا ولا مجال لتعداد الأحداث والعمليات المسلحة

- وضع اقتصادي ينذر بالإفلاس إذا استمر سعر البترول على وضعه أو زاد انخفاضا.

- مناطق حدودية مع تونس وليبيا خارج سيطرة الدولة ، بها قواعد عسكرية وللتدريب لجماعات مسلحة

- حدود جنوبية مع دولة مالي تحولت إلى سوق ومعبر لتجار السلاح والمهربين

- منطقة تندوف ومخيماتها تحولت منذ الثورة الليبية إلى قاعدة للتجنيد من أجل الارتزاق سواء إلى ليبيا أو إلى الشرق.

إن أعداد المهاجرين الكبيرة التي تدخل المغرب انطلاقا من الحدود مع الجزائر من جنسيات مختلفة مع ملاحظة تزايد المهاجرين من دول الشرق الأوسط بدأ يطرح الكثير من المخاوف لدى المواطن المغربي العادي، وهي نفس المخاوف مطروحة لدى الأجهزة الأمنية بدون شك، وخصوصا أمام موقف المتفرج للدولة الجزائرية التي لا تتورع من إفراغ حمولات المهاجرين على الحدود المغربية وتغمض العين بخصوص ممارسة تهريب البشر من دول الجنوب إلى المغرب على طول الشريط الحدودي.

إن مستجدات الوضع الأمني الدولي والوضع السياسي والأمني الراهن بالجزائر يحتم على الدولة المغربية اتخاذ الإجراءات المناسبة الكفيلة بمنع أي تهديد إرهابي أو غيره لأمن البلاد. وفي هذا الإطار يمكن اعتماد تقنية حزام أمني على طول الحدود الشرقية وربطه بالحزام الأمني الممتد على طول الحدود الجنوبية الشرقية، وهو الإجراء الذي سيضع حدا لكل أشكال التهريب من الجزائر نحو المغرب، سلعا كانت أو بشرا وسيسهم بشكل فعال في طمأنة المغرب بخصوص تسللات إرهابية قادمة من الجزائر أو من وجهات أخرى.

المسالك التي يعبرها القرقوبي من الجزائر إلى المغرب

أزيد من 90 في المائة من حجم «القرقوبي» المروج بالمغرب مصدره الجزائر. وتظهر الخريطة أن القرقوبي الجزائري يتم تهريبه من البوابة الشرقية للمغرب (وجدة) قاصدا ثلاث وجهات حضرية كبرى ألا وهي الرباط والدارالبيضاء ومراكش.

لماذا هذه المدن؟

إن الرباط تعد محط جذب لإغراق المغرب بالقرقوبي بحكم أنها الحاضنة لمحطة الحافلات القادمة من وجدة، وبالتالي يتم إيصال البضاعة برا إلى «القامرة» بالرباط لتأخذ طريقا آخر نحو مدن داخلية.

أما الدار البيضاء فيعود التركيز عليها بحكم ثقلها الديمغرافي، فيما تبقى مراكش واجهة لعصابات ترويج القرقوبي كبوابة لتسويقه نحو جنوب المملكة.

القرقوبي في أرقام

* القضايا المعالجة في ملف القرقوبي بلغت 1642 قضية عام 2014

*أحيل على القضاء 2023 شخص بموجب هذه القضايا معظمهم أعضاء في شبكات سرية لترويج القرقوبي.

*في الفترة الممتدة من يناير 2015 أكتوبر 2015، تم حجز 217180 حبة قرقوبي.

*القضايا التي عولجت في نفس الفترة بلغت 1216 قضية مكنت من إحالة 1487 شخصا على العدالة.

أربعة مداخل لفهم حرب للقرقوبي

هناك أربعة مؤشرات خطيرة أبرزتها الدراسات الإحصائية التي أنجزتها المصالح المركزية بالمديرية العامة للأمن الوطني للمظهر العام للجريمة بالمغرب:

* المؤشر الأول أكثر من 80 في المائة من الجرائم الموسومة بالعنف، أو الجرائم المقرونة بالاعتداء الجسدي الخطير، مرتبطة باستهلاك الأقراص المهلوسة. وأن هذا الصنف من المخدرات يبقى المسؤول المباشر عن اقتراف تلك الجرائم، على اعتبار أنه يدفع المدمن، أو المتعاطي بشكل لا إرادي، إلى اقتراف أفعال إجرامية خطيرة مثل القتل العمد، والاعتداء على الأصول، والسرقات بالعنف والاعتداءات الجنسية الخطيرة...

* المؤشر الثاني: تقاطع قوي بين ظاهرة العنف والشغب «الرياضي»، وبين استهلاك الأقراص المخدرة، بدليل أن أغلب المتورطين في أعمال العنف داخل الملاعب، أو بمناسبة إجراء التظاهرات الرياضية يكونون، في الغالب، تحت وطأة تأثير الأقراص المهلوسة التي تفقد المتعاطي الإدراك، وتدفعه بشكل لا طوعي لاقتراف أفعال إجرامية خطيرة تسيء إلى الرياضة الوطنية، وإلى روح ونبل أهداف هذه المنافسات بصفة عامة.

*المؤشر الثالث: استهداف شبكات الأقراص المهلوسة لفئة التلاميذ داخل المؤسسات التعليمية، وفي محيطها. وهو ما يساهم بشكل مباشر في إذكاء الجنوح والانحراف لدى الشباب والمراهقين، والتسبب في الانقطاع عن الدراسة، وبروز أمراض نفسية وعقلية خطيرة في صفوف هذه الفئة المجتمعية الحساسة، فضلا عن إفراز مشاكل عائلية عويصة داخل الوسط الأسري للمدمن والمتعاطي لهذا النوع من المواد المخدرة. ويمكن استخلاص خطورة وأبعاد هذا المؤشر الثالث انطلاقا من النتائج التي تسفر عنها التدخلات الأمنية المنجزة في محيط المدارس والفضاءات التعليمية والتي تقود دوماً إلى توقيف العديد من المتهمين في قضايا تتعلق بترويج المخدرات، وحجز كمية كبيرة من الشحنات المخدرة، وهو المعطى الذي يؤكد مراهنة شبكات الاتجار في الأقراص المهلوسة على المحيط التعليمي، باعتباره سوقا مربحة لهذه التجارة المشوبة بعدم الشرعية.

* المؤشر الرابع: أكثر من 90 في المائة من المحجوزات التي يتم ضبطها، في إطار قضايا الاتجار في الأقراص المهلوسة يتم تهريبها من خارج المملكة وتحديداً من الجزائر كما أن النوع الأكثر انتشارا في السوق الوطنية لا يتم تصنيعه بالمغرب لأغراض صيدلانية. وإنما يتم تهريبه من الجزائر، وهو ما يضفي على هذا النوع من الإجرام طابع التنظيم، ويصنفه ضمن خانة الجريمة العابرة للحدود الوطنية.