الأحد 5 مايو 2024
سياسة

خالد زيراري: توجهنا إلى الأمم المتحدة من أجل الضغط على حكومة بنكيران لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية

خالد زيراري: توجهنا إلى الأمم المتحدة من أجل الضغط على حكومة بنكيران لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية

يرى خالد زيراري، الكاتب العام للكونغرس العالمي الأمازيغي المكلف بالعلاقات الدولية، أن تقديم منظمته لتقرير أمام لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بجنيف يدخل في إطار ممارسة الضغط على الدولة من أجل الالتزام بتنفيذ العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي وقعته، علما أن التوقيع يفرض ملاءمة القوانين والتشريعات الوطنية مع القوانين الدولية كما جاء في ديباجة دستور 2011. مشيرا أن مثل هذه الخطوات التي يقدم عليها المجتمع المدني لا يمكن اعتبار أنها تسير في اتجاه مناوئ للدولة، بل من أجل سد الثغرات ووضع الأصبع على مكامن الخلل كي تعمل الدولة على تحسين أدائها الحكومي بهذا الخصوص. كما يتطرق إلى التمييز الذي تعانيه الأمازيغية مقارنة مع باقي اللغات المتداولة بالمغرب وتلكؤ الحكومة في إخراج القوانين التنظيمية المتعلقة بالأمازيغية، داعيا الحكومة إلى تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية انسجاما مع الدستور ومع مضامين الخطب الملكية التي اعتبرت حل مشكل الأمازيغية مسؤولية وطنية.

+ بداية، نود معرفة المسوغات التي دعتكم لتقديم تقرير حول الأمازيغية بالأمم المتحدة؟

- المغرب صادق على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والتي تلزمه بتقديم تقارير للأمم المتحدة بهذا الخصوص، حيث قدم تقرير عام 2006، وكان مطالبا بتقديم تقرير آخر عام 2009، لكنه لم يقدمه، وتأخر إلى غاية عام 2015.. وهو مطالب بتقديم تقرير أيضا عام 2016. وباعتبارنا كمجتمع مدني، فنحن أيضا نقدم تقارير للأمم المتحدة من أجل الضغط على الدولة للالتزام بالعهد الذي وقعته من جهة، وبالتالي فإن التوقيع على العهد يفرض على المغرب ملاءمة القوانين والتشريعات الوطنية. وحتى في ديباجة الدستور المغربي 2011، نجد التنصيص على سمو القوانين الدولية على التشريعات الوطنية. وما أقدمنا عليه هو أمر عادي جدا، فحتى بفرنسا الدولة تقدم تقريرا رسميا للأمم المتحدة يهم الحقوق المدنية والسياسية، والمجتمع المدني يقدم تقريرا موازيا.. ولا ينبغي اعتبار المجتمع المدني يسير في اتجاه مناوئ للدولة، بل بالعكس المجتمع المدني يضع أصبعه على مكامن الضعف في الدولة، والدولة تستفيد من تقارير المجتمع المدني، وبالتالي تعمل على تحسين أدائها الحكومي على هذا المستوى.

+ لكن البعض يرى أن تقديمكم للتقرير يشكل تجاهلا من قبلكم للإصلاحات والإرادة السياسية المعبر عنها في خطب رسمية، إلى جانب الاعتراف الدستوري بالثقافة الأمازيغية؟

- لا أظن ذلك، ويمكنكم العودة إلى تاريخ المطالب الأمازيغية. ففي وقت الحراك  الشعبي كان خطاب الملك في 9 مارس 2011 وتحدث عن الأمازيغية باعتبارها هي صلب الهوية المغربية، وبعدها تم إقرار دستور 2011 والذي اعترف بالأمازيغية كلغة رسمية في المادة 5، وبعد ثلاث سنوات اتضح أن لا شيء تحقق على مستوى تفعيل هذا الاعتراف. ثم ألقى الملك في عام 2012 خطابا آخر بمناسبة الافتتاح التشريعي، وحث الحكومة على أهمية إعداد القوانين التنظيمية المتعلقة بالأمازيغية. وقبل أسبوع تقريبا ركز الخطاب الملكي، بمناسبة الافتتاح التشريعي، على تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية.. بينما الحكومة لا تريد تفعيل هذا الطابع الرسمي للأمازيغية.

+ هناك من يرى أن الضغط والاحتجاج كان من المفترض أن يتركز على المستوى الداخلي، وليس عبر التوجه إلى المنظمات الدولية؟

- المغرب مطالب بتقديم تقرير حول حقوق الإنسان بشكل عام والأمازيغية بشكل خاص.. فرغم أن وزير العدل مصطفى الرميد كان رئيس الوفد المغربي بالأمم المتحدة عام 2012 في إطار العرض الدولي examen périodique universelle كان نفس الخطاب بأن الأمازيغية هي لغة رسمية وسيتم تفعيلها. وها قد مرت ثلاث سنوات دون أن يتم ذلك، بسبب غياب الإرادة السياسية لدى الحكومة الحالية.. فالحوارات غائبة، وتصريحات رئيس الحكومة لا تتماشى حتى مع الدستور، إلى جانب غياب الأمازيغية في برامج الأحزاب، علما أن الأمر يهم تسيير الشأن العام على المستوى المحلي وعلى مستوى الجهات، وأن الأمازيغية مؤطرة بخطابات ملكية: خطاب 9 مارس 2011/ خطاب الافتتاح التشريعي 2012/ خطاب الافتتاح التشريعي 2015... وقد أوصت التوصية الأممية الصادرة أخيرا، إلى جانب توصيات أخرى، المغرب بحل مشكل الأمازيغية وإدراج الأمازيغية في المنظومة التعليمية من الابتدائي والإعدادي والثانوي وصولا إلى التعليم الجامعي.

+ ألا ترى أن مشكل الإثنيات غير مطروح في المغرب، وبالتالي يصعب الجزم بوجود جذور متجانسة لطرف معين، خاصة مع تنوع الروافد الحضارية للشعب المغربي(الأمازيغ، الأندلسيون، الأفارقة، العرب، اليهود..)؟

- نحن لا نطرح الأمازيغية بمنظور إثني، بل بمنظور ديمقراطي ووفق المرجعية الحقوقية. فالديمقراطية تعني الحرية، التعددية، الاختلاف. والحركة الأمازيغية كانت سباقة لطرح تعدد الاختلاف الذي يتحدثون عنه الآن في المغرب منذ 30 سنة، وبالتالي فنحن مع التعدد والاختلاف، ونطالب بالحقوق الثقافية واللغوية للأمازيغية باعتبارها شأنا يهم جميع المغاربة. وأذكر بالعبارة التي استعملت من طرف الحركة الأمازيغية "اللغة والثقافة الأمازيغية هي مسؤولية وطنية". وفي 17 أكتوبر 2001 جاء في خطاب الملك محمد السادس، بمناسبة تدشين المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، أن الأمازيغية هي مسؤولية وطنية، أي أنها شأن للمغاربة ككل. إذن طرح الأمازيغية هو طرح ديمقراطي، ومرجعيتنا هي المرجعية الحقوقية، والتي تعطي لكل شعب الحق في التحدث بلغته وممارستها، كما جاء في التوصية الأممية الأخيرة.

+ لكن البعض يتهمونكم بالمغالاة في مطالبكم، والاستقواء بالأجانب، ما رأيك؟

- لا أعتقد.. أنا كمناضل في الحركة الأمازيغية، وكمسؤول في الكونغرس العالمي الأمازيغي، زرت الجزائر، وتعرضت للاعتقال عام 2013، وقلت كلاما أتحمل مسؤوليته في إطار المبادئ والقناعات التي أدافع عنها، وكان من الممكن أن أتعرض للمحاكمة والحبس لمدة 15 عاما أو 20 عاما بالجزائر. فما نقوله في المغرب هو ما نقوله في الجزائر وتونس وليبيا في إطار دفاعنا عن الأمازيغية. ولا أعتقد بوجود مغالاة في مطالبنا. وحتى التقارير التي تصدر عنا هي تقارير موضوعية.

وأود في الأخير طرح سؤال: أليس هناك تمييز بين الأمازيغية واللغات الأخرى الموجودة في المغرب، على الأقل على المستوى المؤسساتي؟ ولنبحث كم عدد الذين يدرسون الفرنسية، وكم عدد الذين يدرسون العربية مقارنة مع من يدرسون الأمازيغية؟ اذن ليست هناك مغالاة لما نرفع تقريرا إلى الأمم المتحدة، علما أن المغرب عضو في هذه المنظمة الدولية، وموقع على العديد من الاتفاقيات الدولية. وبالتالي فالأمم المتحدة هي مجال للاشتغال من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق الدول أيضا، والأمر لا علاقة له بالاستقواء بالأجانب. فنحن نشتغل داخل منتظم المغرب كعضو فيه.