الأحد 19 مايو 2024
سياسة

لهذا لن يستقيل شباط ولشكر..

 
 
لهذا لن يستقيل شباط ولشكر..

ولو أن صفحة انتخابات الرابع من شتنبر الجاري لم تطو بعد، ولا زالت تعيش مرحلتها الثانية المتمثلة في تشكيل المجالس وما يقتضيه من خصوصيات لعبة التحالفات، فإن عيون المراقبين السياسيين بدأت من الآن تنظر إلى الاستحقاقات التشريعية المزمع إجراؤها السنة المقبلة. وفي هذا الإطار، يقول المحلل السياسي محمد زين الدين بأن الانتخابات الجماعية والجهوية التي شهدها المغرب، يوم الجمعة الماضي، ليس من شأنها إلا أن ترخي بظلالها على الاستحقاقات التشريعية القادمة، إذ من اللحظة يلزم الأحزاب السياسية التشمير على سواعدها والتهيأ، إنما، يستدرك زين الدين، ليس كل المأمول هو الاستعداد، لكن التفكير في طريقة الاستعداد، بناء على أن الموعد الانتخابي الأخير أظهر بشكل جلي كون المستعد جيدا، والمقدم لمرشحين أكفاء وبمستوى عال هو من يكسب رهان الفوز. وهذا في حد ذاته تحول جيد، يستطرد المحلل السياسي، لما يرسله من إشارات للنخب السياسة حتى تعمل أكثر على تحسين خطابها وآليات اشتغالها بشكل يتماشى ومستوى الوعي الشعبي الذي تمكن من ضبط صوته وترويضه إن للمكافأة أو العقاب.

 وفي سؤال حول النقاش المحتدم حاليا بشأن موضوع التحالفات وما يمكن أن تسفر عنه من خلاصات متوقعة وأخرى مفاجئة، شدد زين الدين على أن الأمر يدخل في المجريات الطبيعية للعمل السياسي، غير أن ذلك لا يمنع من التأكيد على ضرورة إعلاء المصلحة العامة فوق أي اعتبار ثان، وعندما يخص الموضوع شأن الوطني يجب أن تتراجع الحسابات بين أغلبية والمعارضة، ويتوحد الجميع لغرض الهدف الأسمى.

والفكرة ذاتها تبناها أكدها محمد مفيد، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بفاس، موضحا بأنه لابد من التذكير بأنه عندما يتعلق الأمر بقضية وطنية لا يجب التعامل معها بمنطق الأغلبية والمعارضة، لأنه إذا كانت جميع الديمقراطيات في العالم تعرف تسيير الأغلبية، فإن ذلك التسيير لا يعني إقصاء الأقلية، وإنما من الضروري إشراكها. ويردف محمد مفيد، بأن إنجاح المسار الديمقراطي في المغرب لابد أن ينبني على تقديم سياسات عمومية بديلة، وأن النقد لن يشكل أساسا مسلكا للتغيير لإيجابي، وبالتالي يلزم ا طرح برامج وسياسات قابلة لأجرأة ما تضمنه دستور 2011 كمكتسبات، وما نصت عليه القوانين التنظيمية بهدف تحقيق التنمية البشرية والمجالية، وأيضا ضمان إنجاح المسلسل الديمقراطي، معتبرا ما حققه المغرب يعد مكسبا ويجب الحفاظ عليه، لأن ذلك ما سيحافظ على تميز المملكة المغربية بين دول المنطقة بشكل كبير كدولة سائرة بخطى ثابتة في طريق البناء الديمقراطي.

وفي هذا السياق، يرى الكثير من المتتبعين بأن الانتخابات المقبلة لا شك وأنها تضع حزب العدالة والتنمية في مرمى استهداف الأحزاب المنهزمة بالأساس خلال الاستحقاق الأخير، وخاصة حزب الإستقلال الذي سيسعى جاهدا من أجل رد الدين وتعويض خسارته. في حين سيكون "البيجيدي" أمام محك آخر لإثبات تقدمه، أو كما قال أمينه العام عبد الإله بنكيران، لو أعيدت الانتخابات مائة مرة ستفرز دائما قائدا لها وهو حزب العدالة والتنمية، لا لشيء سوى لأن فوز "المصباح" لا يأتي صدفة، وإنما نتيجة عمل على مدار السنة دون الاقتصار على الاستيقاط أيام الحملات الانتخابية كما هو شأن بعض الهيآت.

وكما كان متوقعا، فإن الرأي العام وبمجرد الإعلان عن عدم تصدر حزب الاستقلال للنتائج، بدأ يتساءل عما إذا كان الرجل الأول في الحزب حميد شباط سيفي بوعده الذي أطلقه من قبل، والقاضي باستقالته حالة الإخفاق. وهو الأمر الذي لم يتذكره فقط خصوم شباط المترصدين، بل أيضا قيادات من داخل حزب "الميزان"، ومنهم إدريس منتصر، الكاتب الإقليمي لحزب الاستقلال بالفداء - مرس السلطان بالبيضاء، الذي خاطب شباط من خلال رسالة قصيرة جاء فيها:" المؤمن إذا وعد وفا، وقد التزمت بالاستقالة إذا لم يتصدر حزب الاستقلال نتائج الانتخابات الجماعية وكذلك كان. فافعل ما وعدت تدخل التاريخ وإلا خرجت منه من الباب الخلفي". لهذا، علق ساخرون فايسبوكيون "إيوا أسي شباط، الضربة جات من الداخل، وما خلات لبنكيران وصحابو ما يقولو". هذا مع العلم أن العمدة السابق لفاس اختصر الرد على هذه النقطة في عبارة: " إن الشيطنة أصبحت من ثوابت حزب العدالة والتنمية، والشأن الداخلي لحزبنا لا يعنيهم، وإنما يخص فقط الإستقلاليين والإستقلاليات". ملمحا لتشبثه بكرسي الأمانة العامة "واش كاين شي أمين عام كيستقل وتزورات ليه الانتخابات". هذا، وقد بدا واضحا أيضا بأن الكاتب الأول لحزب الإتحاد الاشتراكي إدريس لشكر لم يكن أحسن حالا من زميله في الصف المعارض، إذ ووجه هو الآخر بنداءات تدعوه للتنحي من قلب "الوردة"، حتى أنه عقدت اجتماعات طارئة لهذا الغرض وكان محركها، بحسب الغاضبين، النتائج غير المشرفة التي حصل عليها حزب الاتحاد الاشتراكي الجمعة الماضي، والتي لا تعكس ماضيه وتاريخه النضالي الطويل.

وفي تعليق على موضوع هذه الاستقالات  الملوح بها، يرى مراقبون بأنها من المستبعد جدا أن تحدث على أرض الواقع، وحتى إن أشهرها البعض من قبل، فإن ذلك لا يعدو أكثر من دعاية طائشة لخدمة حماس اللحظة، ومن ثمة فهي غير مؤسسة على وعي وحس بالمسؤولية الممكن أن يقرن القول بالفعل. فبالأحرى أن تنطبق على من لم ينطق بها وكانت فقط عبارة عن مطلب من الغير. وهذا أسلوب معروف، يضيف المراقبون، في وسطنا السياسي، ومعروفة كذلك النهايات التي يختم بها كـ"زوبعة في فنجان".