الخميس 2 مايو 2024
ملفات الوطن الآن

هل تحرم «ولاءات» بنكيران «الإخوانية» المغرب من 600 ألف منصب شغل بالخليج؟!

هل تحرم «ولاءات» بنكيران «الإخوانية» المغرب من 600 ألف منصب شغل بالخليج؟!

كل مغربي مهاجر بالخليج يحول سنويا إلى المغرب ما مجموعه 112 ألف درهم من العملة الصعبة، في حين لا يحول المغاربة المهاجرون بباقي دول العالم سوى 10 ألاف درهم كل سنة لكل مهاجر. بمعنى أنه في كل يوم يضخ المغربي المهاجر بالخليج في الخزينة العامة 306 دراهم من العملة الصعبة في الوقت الذي يضخ المهاجر المغربي من باقي دول العالم 27 درهما كل يوم (فارق 12 مرة بينهما). فرغم أن عددهم لا يمثل سوى 1,7 في المائة من مجموع المغاربة المهاجرين بالعالم، إلا أن تحويلات مغاربة الخليج تشكل لوحدها 15 في المائة من مجموع تحويلات العملة الصعبة. فدول الخليج مجتمعة (ست دول) لا يوجد بها سوى 89703 مهاجر مغربي، فيما ينتشر 4 ملايين و910 ألف مهاجر مغربي في باقي دول المعمور. «انظر الجدول في صفحة: 8». هذه الأرقام تظهر إلى أي حد تخلف الدولة المغربية في تبني خطة هجومية واضحة لانتهاز الفرص المتاحة مع دول الخليج لتحقيق ثلاث غايات:

- أولا: تخفيف العبء الاجتماعي الداخلي بالمغرب عبر تصريف فائض العمالة بالمغرب بدول الخليج خاصة وأن هناك فرصا حقيقة للتشغيل.

- ثانيا: جلب الاستثمارات الخليجية المهمة نحو المغرب لصب الزيت في محرك الاقتصاد المحلي المتهالك.

- ثالثا: التفاوض مع دول الخليج لإلغاء ديونها المستحقة على بلادنا أو على الأقل تحويلها إلى استثمارات لتخفيف الضغط على مالية المغرب. هل هذا حلم يصعب تحقيقه؟ أبدا. هل هو ترف فكري لا تسنده معطيات ملموسة على الأرض؟ إطلاقا. إليكم الدليل.

- قطر مقبلة على تنظيم كأس العالم 2022 مع ما سيتبع ذلك من مشاريع ضخمة وتطوير كامل للبنى التحتية التي تتطلب برمجة 25 مليار دولار.

- دبي تستعد لتنظيم «إكسبو 2020» الذي يرتبط هو الآخر بطرح الملايير في السوق المحلي كاستثمارات لتجديد البنيات التحتية وتوفير المرافق الضرورية المناسبة للحدث المذكور «43 مليار دولار».

- أبو ظبي اعتمدت الخطة الإنمائية «رؤية 2030» التي تمثل وثبة كبرى في هذه الإمارة الغنية بالنفط والمال وهي الخطة التي برمجت لها 160 مليار دولار.

- السعودية، الجاهل هو من ينكر وزنها الروحي بالعالم الإسلامي ويستخفف بوفرتها النفطية والمالية، لدرجة أن المشاريع الكبرى المخطط لها بالسعودية خلال السنوات الخمس القادمة تصل اغلفتها المالية إلى 1.080 مليار دولار.

- أما الكويت، فرغم أن مساحتها لا تتجاوز 17818 كيلو متر إلا أن مساحتها المعمرة لا تتعدى 1781 كلم مربع (تحديدا تصل إلى 8 في المائة من المساحة الإجمالية للبلاد)، لكن ما هو مسطر من مدن جديدة ومشاريع مهيكلة كبرى وبنى تحتية ضخمة سيغير وجه الكويت جملة وتفصيلا في السنوات الخمس القادمة. بحكم أن رهان الكويت اليوم هو أن تضاعف من حجم المساحة المعمرة لتصل إلى 16 في المائة من المساحة الإجمالية للدولة. وهو رهان سهل التطبيق لاعتبارين اثنين: الأول يرتبط بتخلص الكويت من عقدة صدام حسين، إذ رغم أن الغزو العراقي لم يدم سوى سبعة اشهر (من غشت 1990 إلى فبراير 1991) إلا أن الكويت ظلت دوما مهووسة باحتمال احتلالها من طرف العراق مما جعلها تحجم عن استثمار ولو دينار واحد، فوقع التخلف والتراجع على حساب مدن أخرى(دبي،الدوحة، الرياض، المنامة) لكن اليوم بعد الردمة النهائية لصدام حسين وانشغال العراق في حروبه الداخلية، وقعت صحوة لدى الكويتيين، وهذا ما يقود إلى الاعتبار الثاني المتمثل في أن تلك الفترة (من 1990 إلى 2014) تجمعت في خزائن الكويت الملايير من الدولارات التي يصعب عدها وإحصاؤها. والكويت الآن تريد استعادة مجدها كأول منارة بالخليج كما كانت قبل الغزو العراقي، مع ما سيتبع ذلك من تحرير صناديق الدولة لضخ الملايير المجمعة في خزائن الكويت لبناء عدة مدن جديدة (المطلوع، الخيران، جنوب سعد العبد الله، نواف الأحمد، جنوب صباح الأحمد...) وكل هذه المدن الجديدة تتراوح مساحة كل واحدة بين 60 و140 كلم مربع، وكل واحدة خصصت لها في المعدل الأدنى خمسة ملايير دينار كويتي (حوالي 16 مليار دولار) للسكن وتجهيز المدن الجديدة فقط، أما المشاريع الأخرى فحدث ولا حرج.

«هناك طلب كبير جدا - يقول ناصر عادل خريبط، مدير إدارة التخطيط في المؤسسة العامة للرعاية السكنية بالكويت لدى استقباله «الوطن الآن» و«أنفاس بريس» بمكتبه - ولدينا طلب استعجالي لتوفير 100 ألف سكن حالا. وهذه المدن الجديدة تستدعي بناء مدارس ومستوصفات وغيرها، أي حاجتنا المتزايدة لليد العاملة لتحريك الاوراش من جهة وتوظيف الكوادر في المرافق العمومية من معلمين وممرضين وحراس أمن، وفندقة إلخ...»

لكن هذه الأوراش بدول الخليج تحتاج ليس إلى اليد العاملة وحسب، بل تحتاج إلى من يضمن السلم العقائدي والمذهبي لدول الخليج. فهذه الدول - وهذا معروف لدى الخاص والعام- تشهد اختلالا ديمغرافيا لفائدة الوافدين، لكن اليوم مع الحروب الطائفية والمذهبية، أضحت دول الخليج تحتاط في استيراد اليد العاملة من أحواض جغرافية مشبعة إما بالتشيع أو بأنصار الاخوان المسلمين أو تكون عمالتها مؤطرة من طرف مخابرات الدولة المصدرة لليد العاملة.

هنا الفرص الذهبية المتاحة للمغرب: فهو بلد ليست له طموحات سياسية بدول الخليج مثلما هو الحال بالنسبة لمصر أو العراق أو اليمن أو سوريا. فالمغرب بعيد جغرافيا ولم يحدث أن كان طرفا في الصراعات الداخلية السياسية بالخليج أو كانت له أطماع هناك. والمغرب ثانيا ذو مذهب مالكي معتدل ثم ثالثا ظل المغرب دوما يقف في صف الخليج في كل المطبات والمحطات عسكريا وسياسيا.

وهذا ما يطرح بقوة مطلب دراسة المغرب لعيوبه في استمالة السوق الخليجية (بجلب المستثمرين منها أو تصدير اليد العاملة نحوها). فمنذ الجولة الملكية الأخيرة لدول الخليج عام 2012 لم تفعل الحكومة الملتحية الاتفاقيات والالتزامات المسطرة.

نعم، رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران ينتمي لحركة الاخوان المسلمين، ودول الخليج (مثلها الأغلبية الكاسحة من الشعب المغربي) لا تحب تنظيم الاخوان المسلمين، ولكن هذا الخلاف لا ينبغي أن ينهض كمبرر لاعتماد «الصابوطاج» ضد مصلحة 33 مليون مغربي، فأما أن يعلن بنكيران ولاءه للالتزامات الرسمية المسطرة بين المغرب ودول الخليج أو يقدم استقالته إن فشل أو رفض تسريع وثيرة الأجرأة.

الحجة على ذلك أن حكومة بنكيران لم تعمل سوى على «تصدير» 822 مغربي خلال سنة 2014 إلى دول الخليج، أي أن الحكومة بـ 39 وزيرا لم تحقق سوى ثلاث فرص عمل في اليوم بالخليج (ياللسخرية) في الوقت الذي تشير تقديرات المتخصصين الذين التقتهم «الوطن الآن» و»أنفاس بريس» سواء بدول الخليج أو بالمغرب، أن هناك إمكانية لتوظيف أزيد من 600 ألف مغربي بدول الخليج، في تخصصات وحرف متعددة.

وهنا نستحضر واقعة أليمة تتمثل في حرص ولي عهد أبو ظبي على استقدام السائقين من المغرب لمواكبة مشروع إمارة أبو ظبي لتعميم «الباصات» وأوامره القاضية بمضاعفة اجورهم مقارنة مع آخرين (7000 درهم إماراتي) إلا أن بيروقراطية الماكينة الحكومية وتكلس وزرائنا حرم المغرب من إمكانية إنقاذ أسر مغربية عديدة من البطالة.

هذا مجرد مثال، ترى كم هي الأمثلة العديدة التي قدمت في طبق من ذهب للمغرب لتوظيف أبنائه بالخليج؟

الوضع لم يعد يحتمل والظرف يقتضي سحب الملف كلية من الحكومة، لأن الأمر لا يهم منح الامل لـ 600 ألف أسرة مغربية (وهذا أضعف تقدير) فحسب، ولا يتعلق بإمكانية مضاعفة تحويلات المهاجرين المغاربة (من 60 مليار درهم سنويا حاليا إلى 170 مليار درهم في حالة تنفيذ هذه الخطة) فقط، بل يرتبط بالحاجة إلى بناء تعاقد جديد بين المغرب ودول الخليج، تعاقد لا يعتمد على ان تبقى الأسر الحاكمة في الخليج هي المدافعة عن المغرب بل وأن تجعل النخبة المغربية(سياسية وإعلامية ورياضية ومهنية وثقافية وشعبية) من دول الخليج المجال الحيوي للمصالح الجيوستراتيجية للبلاد لنسج علاقات مع المجتمع والنخبة الخليجيتين ليصبح المجتمع الشعبي الخليجي هو المدافع الرئيسي عن مصالح المغرب.

فالرادار لم يعد يلتقط باريز وواشنطن ولندن لوحدها، فهناك الرياض وأبو ظبي والدوحة والكويت والمنامة، وما على المغرب سوى حسن ضبط البوصلة نحو الوجهة الفضلى.

الكويت ودبي تناديك يا بنهيمة

إلى حدود عام 1985 كان طيران الامارات يشتغل بأسطول خجول جدا بل ويكتري طائرتين من الباكستان لتأمين التنقلات بين الامارات والخارج. في هذا الوقت كانت الخطوط الملكية تحلق في سماء الخليج مثل الصقر.

لكن دوام الحال من المحال، فاليوم أصبحت شركة طيران الإمارات أحد أضخم شركات النقل الجوي بالعالم بأسطول يضم 208 طائرة بشكل جعل دولة الإمارات العربية رائدة في هذا الباب، خاصة إذا ادمجنا اسطول شركة الاتحاد للطيران 66 طائرة ليصبح اسطول الإمارات المتحدة 274 طائرة.

وفي الوقت الذي كان المغرب مطالبا بتعزيز حضوره في الخليج أغلق الخط الوحيد الذي كان الخليجيون يستعملونه من الكويت للتنقل سواء نحو بيروت أو نحو افريقيا التابع للخطوط الملكية. صحيح، أن غزو العراق للكويت عام 1990 وحجز صدام حسين على طائرة المغرب لفترة طويلة (بحيث لم يفرج عنها سوى بعد مفاوضات شاقة مع المرحوم الحسن الثاني) ساهم في تكسير دينامية الخطوط الملكية المغربية في مطلع التسعينات. لكن ذلك لا يعتبر سببا ليبقى المغرب سجين حادث 1990 ويرفض إحياء الجسور الجوية مع الخليجيين، ليس لاعادة خط الكويت الدار البيضاء فحسب، بل ولفتح خط البيضاء دبي (أو أبو ظبي) وخط البيضاء الدوحة والمنامة.

وزارة مغربية خاصة بالخليج

بعد أن كان المغرب هو التلميذ الكسول بالنسبة للأمم المتحدة في مجال منظومة حقوق الإنسان بسبب عجزه عن إعداد تقارير دورية وتأخره في هذا الباب، تحول المغرب اليوم إلى نموذج تسوقه الأمم المتحدة بنفسها داعية الدول الأخرى إلى اقتباس الهندسة المؤسساتية التي خلقها المغرب اليوم المتمثلة في المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان. هذه الأخيرة أضحت ضمير المغرب والمخاطب الرسمي لكل الهيآت الأممية في مجال الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.

تأسيسا على هذا النموذج المشرق، لماذا يرفض المغرب خلق وزارة أو مندوبية خاصة بالخليج، فهناك المئات من الاتفاقيات الموقعة لكن غير مفعلة وغير مكتملة المساطر والتي تحتاج إلى آليات متعددة لتنزيلها على آرض الواقع.

فمن عيوب المغرب أنه لم يستغل شراكته الاستراتيجية مع الخليج في الاتفاقيات المذكورة سواء في مجال القروض التي توفرها بسخاء الصناديق السيادية الخليجية أو في مجال الاستثمار الفرص المتاحة مع الصناديق الخيرية المتعددة في دول الخليج لتمويل مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية أو فيما يتعلق بوضع آليات لإدماج العمالة المغربية بالخليج وخلق مراكز تآهيل الموارد المغربية لتستجيب لحاجيات السوق هناك (مثلا دورات في اللغة الإنجليزية لمدة شهر آو شهرين لتسهيل التواصل) ولنا في مثال مركز الشيخة فاطمة لتدريب الأطر التمريضية المغربية بالرباط خير مثال. إذ بفضل هذه المبادرة الإماراتية يتلقى الممرضون والممرضات المغاربة دورة تدريبية تؤهلهم للعمل مباشرة بالإمارات.

فالمغرب انتدب مؤخرا إطارين من وزارة التشغيل وآلحقهما بوزارة الخارجية التي عينت واحدا في سفارة المغرب بالدوحة والآخر بآبوظبي لاستكشاف السوق الخليجي.

المبادرة، وإن كانت محمودة، فهي غير كافية، إذ لابد من وزارة أو مندوبية تنسق بين «أنابيك» ومكتب التكوين المهني والضمان الاجتماعي وباقي المؤسسات المختصة لتحديد التكوينات الواجب الاهتمام بها لتلبية حاجيات السوق الخليجي (أمن خاص، وقاية مدنية، فندقة، مهن المال والأعمال، حرفيين في الزخرفة والميكانيك والترصيص والتلحيم..) حتى لايبقى سوق التشغيل بيد السماسرة.

فها هي تجربة توظيف رجال الأمن والجيش بدول الخليج قد آعطت ثمارها جيدا لوجود بنية وجهاز منضبط ومؤطر، فلماذا نحرم المدنيين المغاربة من المساواة في الانتفاع من خدمات الدولة، وعلى رآسها ضمان الحق في العيش الكريم وفي الشغل البديل، فإن عجزت الدولة عن توفير ذلك داخل المغرب، هاهي الفرص متاحة بالخليج، فتوظيف 600 ألف مغربي بدول الخليج ليس بالرهان الصعب، فضلا عن ذلك فمعناه أن المغرب تخلى عن 600 ألف قنبلة اجتماعية وربح 600 ألف مرتكز لتثبيت السلم الاجتماعي علما أن 600 ألف أسرة تساوي 3 ملايين نسمة.

من له المصلحة في تغييب الشركات المغربية من الخليج؟

ما جدوى خلق وزارة للتجارة الخارجية؟ ما الغاية من إحداث وزارة للصناعة والتجارة؟ ما فائدة صرف الأموال على وزارة الخارجية؟ بل ما الهدف أصلا من برلمان وحكومة إن لم تعمل الدولة على تعبيد الطريق للمقاولات المغربية لتصريف منتوجاتها في دول الخليج.

فها هي مصر تتحرك بقوة عبر مختلف الأذرع (حكومة، غرف صناعة وتجارة، منظمات رجال الإعمال، سفارات..) لضمان حصة لمقاولات مصر في الصفقات الضخمة بالخليج، في حين لم نسمع عن تململ للحكومة أو لكنفدرالية مريم بنصالح لتسهيل ولوج شركات مغربية بالخليج على غرار ما تم مثلا في إفريقيا الغربية، علما أن المغرب لديه مجالات لانتزاع صفقات بالخليج لمقاولات البناء وللصناعة الغذائية والتقليدية.

وحسب ما أسر لنا متتبع للملف فما ينقص المقاولات المغربية هو غياب اتفاق إطار بين المغرب ودول الخليج في هذا المجال لتتيح وتحمي دخول المقاولة المغربية للسوق الخليجية.

فالمغرب أكثر من شريك بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي وأقل من عضو، ومع ذلك لايستغل هذه السوق لتلج بضائع المغرب بدون مساطر معقدة وجمارك وغيرها. بل حتى المعارض لايحضر لها المغرب بشكل جدي، والمؤسسات العمومية المعنية لاتتوفر على تمثيليات بالخليج من قبيل: المؤسسة المغربية للتصدير، الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات، دار الصانع، المكتب المغربي للسياحة (الذي أغلق فرعه في دبي لفشله في استمالة السياح علما أن مطار دبي لوحده يحقق رقم 57 مليون مسافر سنويا).

حاجة المغرب إلى تشجيع مراجع شيعية عربية

من الأخطاء المقترفة ببلادنا أن المغرب لم يحرص على تشجيع بروز مراجع شيعية عربية لكسر القناعة السائدة من كون التشيع هو فارسي. فالذين شايعوا آل البيت هم العرب، وأهم منبت للشيعة الآن يوجد في الشرق السعودي، وبالتالي إذا تم تقوية هذا التيار من طرف المغرب وحلفائه فإنه قد يشوش على زعامة إيران ويخلق الفتنة لدى الشيعة بالعالم بدل أن تبقى إيران هي الناطق باسم هذا المذهب.

هل المشرق العربي كتلة واحدة؟

الخليج والمشرق عموما، ليس كتلة واحدة متجانسة فالكويت تتقاسمها ثلاث قبائل كبرى والأردن 70 في المائة من سكانه تقريبا أصلهم فلسطيني أردني. والسعودية مثلها مثل البحرين موزعة بين الشيعة والسنة وقطر تعيش صراع العائلات الكبرى وتنافسها على المال والسلطة وهكذا ذواليك.

الإخوان المسلمون موجودون بقوة في الأردن ومصر والكويت وسوريا أيضا. وهم تيار تقوى بعد فشل المد القومي والشيوعي، كما أن الطلائع الأولى لشوكته برزت في الستينيات عقب تتالي هزائم القوميين (الناصريون تحديدا) في الحرب مع إسرائيل مما جعل التيارات الدينية في إرهاصاتها الأولى تصف الهزائم بأنها نتيجة للالحاد السائد في الأمة العربية فضلا عن كون الأنظمة الحاكمة في العالم العربي ساعدت على انتشارها في إطار الاستقواء بها ضد اليسار أو ضد البعثيين.

الأردن سبق أن حذرت مخابراته في 2005/2004 من بروز هلال شيعي خطير بالمنطقة (سوريا، حزب الله، إيران، العراق...). وهذا التخوف هو الذي جعل السلطة الحاكمة، في الأردن تتردد في التعامل مع الإخوانيين، لأنهم (شأنهم شأن الشيعة) ينازعون الحاكم في مشروعيته الدينية.

ولهذا السبب ربما يمكن تفسير تصاعد حدة التلاسن بين الإخوان المسلمين والنظام الأردني مدفوعين من طرف أمريكا والغرب. على اعتبار أن الأردن رفض خلق منطقة آمنة على الحدود مع سوريا لتوفير قاعدة خلفية للمعارضة السورية خاصة في درعة (مهد الثورة السورية) كما أن سهل درعة هو سهل سني بامتياز معارض للعلويين الشيعة بسوريا.

ويصعب فرض منطقة آمنة بتركيا لأن ذلك يفيد تورط الحلف الأطلسي مباشرة في نزاعه مع سوريا، وهو لا يريد أن يكرر نموذج ليبيا (تدخل الحلف عسكريا) كما أن مجلس الأمن لم يتخذ قرارا بفرض حظر جوي بسوريا. وبالتالي كان أمل الغرب هو أن تتحول الأردن إلى قاعدة خلفية رسمية معلنة (وليست صامتة) للمعارضة السورية.

وينبع تخوف الأردن من لعب هذا الدور ربما من خشية النظام الملكي الأردني أن تتقوى تيارات الإخوان المسلمين في الأردن (حزام سوريا ومصر) داخليا وتتقوى بامتداد الإخوان المسلمين في غزة (حماس)، وبالتالي القلق من أن ينقلب المسلمون عليه بدعوى أن 70% من سكان الأردن هم ذوو أصل فلسطيني كما آوضحنا، واحتمال أجرأة حلم «الوطن البديل للفلسطينيين» الذي تطرحه إسرائيل لحل قضية فلسطين. على اعتبار أن إسرائيل تحاجج الفلسطينيين قانونيا بكونها لم تقتطع أي شيء من الفلسطينيين. بل أخذت الضفة الغربية من الأردن وغزة من مصر. وبالتالي على فلسطين أن تتفاوض مع هؤلاء.

بدليل أن الضفة الغربية كانت تحت إدارة الأردن إلى أن تم «فك الارتباط» عام 1974 عقب أحداث (يوليوز 1971) الدموية ضد الفلسطينيين لدرجة أن ملك الأردن آنذاك توهم أن المغرب باع الملك الحسين حينما اعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للفلسطينيين، لكن فيما بعد سيعي الملك حسين أن المرحوم الحسن الثاني قدم له هدية لأنه تخلص من قنبلة اسمها الضفة الغربية التي قد تعصف بنظام حسين.

توزيع العمالة المغربية بدول الخليج

رغم أن عددهم لا يمثل سوى 1.7 في المائة من مجموع المغاربة المهاجرين بالعالم، فإن تحويلات مغاربة الخليج تمثل 15 في المائة من مجموع تحويلات المهاجرين المغاربة بالعالم. وهو معطى يصيب بالدوخة كلما استحضر المرء تقاعس المسؤولين المغاربة عن استغلال السوق الخليجي لامتصاص اليد العاملة المغربية من جهة والرفع من صبيب التحويلات من العملة الصعبة لفائدة الخزينة العامة من جهة ثانية.

محمد بن زايد ومحمد بن نايف أوتاد المغرب بالخليج

رغم تعدد الأمراء بالخليج، إلا أن مصلحة المغرب تقتضي أن يسلط كشافات ضوءه على أميرين اثنين بالأساس وهما الأمير محمد بن نايف، ولي ولي العهد بالسعودية ووزير الداخلية والأمير محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بالإمارات.

فعائلة نايف تعد إحدى العائلات الأكثر نفوذا حاليا بالسعودية على اعتبار أن أبناء عبد العزيز كلهم تقريبا انتقلوا إلى عفو الله أو أبعدوا من مراكز القرار، كما أن أبناء الملك فهد أيضا انزاحوا عن مراكز القرار الرئيسي، آخرهم محمد بن فهد الذي كان يحكم المنطقة الشرقية للسعودية (خزان النفط ومنبت الشيعة) والذي تم تعويضه بأحد أبناء بن نايف.

أما محمد بن زايد، ولي العهد بأبو ظبي ففضلا عن علاقته بالمغرب الوفية، فهو يمثل أحد المتحكمين في القرار الأمني بالإمارات وكذا المتحكم في كل ما يهم شؤون النفط مثله مثل بن نايف.

وإذا علمنا قيمة الأمن والنفط في كل سياسة داخل أي دولة آنذاك سنعي حجم كل من محمد بن نايف ومحمد بن زايد، مما يجب معه على النخب المغربية رصد تحركاتهما وقراءة إشاراتها ودراسة مراكز اهتمامهما خاصة وأن مصلحة المغرب في صراعه مع الجزائر تحتم هذا المطلب.

ألم يكثف ولي عهد أبو ظبي ووزير داخلية السعودية زيارتيهما للجزائر لجس نبض التوترات الاجتماعية بالجنوب الجزائري؟

إذا كان الأمر كذلك لماذا لا ينتهز المغرب هذا الوضع لاستغلال جودة علاقات ولي عهد أبو ظبي ووزير الداخلية السعودية مع الإدارة الأمريكية للضغط على الجزائر لرفع يدها عن البوليزاريو خاصة وأن مصلحة أمريكا قوية في استغلال نفط الجزائر وبيع أسلحتها لها.

الخليجيون يبحثون عن تمليك الأراضي الفلاحية بالمغرب

من القوانين المعرقلة لدخول الخليجيين للمغرب للاستثمار في المجال الفلاحي، وجود قانون بدائي يمنع على الأجنبي تملك الأرض وهو ما حرم العديد من المستثمرين الخليجيين الذين يرغبون في إنجاز ضيعات فلاحية مهمة لضمان تموين أسواق بلدانهم بالمواد الغذائية علما أن فتح هذا الباب من شأنه أن يساهم في تحريك عجلة الاقتصاد المحلي.

وبحكم أن المستثمر الخليجي لن يقوم بـ «طي الأرض» وقطعها «بمنشار» لحملها معه إلى بلده يتعين على المغرب إعادة النظر في هذا القانون أو على الأقل التنصيص على الكراء طويل الأمد للأرض (مثلا 99 سنة) خاصة وأن هناك الملايين من الهكتارات المجمدة لا ينتفع بها أي أحد بالمغرب.

ومن شأن ذلك أن يضخ جرعات من الهواء في الدينامية الاقتصادية المغربية علما أن الخليج يشكو من إكراهين اثنين: غياب الأمن المائي وانعدام الأمن الغذائي. مما يجعل دول الخليج تتجه إلى اقتناء العقارات الفلاحية بأمريكا اللاتينية وإفريقيا لتأمين احتياجاتها من المواد الغذائية.

وبحكم أن مصر قاحلة والعراق دولة لا يثق فيها الخليجيون وسوريا تعيش حربا داخلية والأردن مزقه الإخوان المسلمون وتونس بلد صغير والجزائر دولة منغلقة، يبقى المغرب البلد الوحيد الذي يستقطب اهتمام دول الخليج للاستثمار.

نحن والخليج بالأرقام

صدر المغرب للسعودية 320 مليون درهم وصدرت لنا السعودية 5.24 مليار درهم.

صدر المغرب إلى قطر 43 مليون درهم في حين استوردنا منها 432 مليون درهم.

حجم المبادلات بين المغرب والإمارات بلغ 1.114 مليار درهم مناصفة بين البلدين تقريبا.

حجم المبادلات بين المغرب والكويت لم يتعد 443 مليون درهم.

حجم المبادلات بين المغرب والبحرين تبلغ 102 مليون دولار

كم من مغربي وظفته «أنابيك» بالخليج؟

طوال عام 2014 وظفت مؤسسة «أنابيك» 3128 مغربي بالخارج منهم 822 فردا بالخليج. وتحديدا بدولتين فقط هما: الإمارات العربية التي استقبلت 749 مستخدم مغربي عام 2014 ثم قطر (73 فرصة عمل). أما الباقي فشمل إسبانيا (2266 وظيفة) وفرنسا (40 فرصة عمل).

وهذا الرقم (3128 فرصة عمل) رغم ضعفه يبقى، فأل خير بحكم أنه انتفخ بنسبة 13 في المائة مقارنة مع عام 2013 نتيجة انفتاح الإمارات وقطر نسبيا على سوق العمالة المغربية عام 2014.

وقراءة الأرقام المذكورة تظهر أن حجم ما ابتلعته دول الخليج عام 2014 من يد عاملة مغربية لم يتجاوز 26.2 في المائة من المجموع العام، بشكل يبرز مفارقة صارخة جدا تتجلى في أن المغرب ودول الخليج تربطهما علاقة ممتازة جدا سياسيا بين الأسر الحاكمة هنا وهناك، لكن العلاقة الاقتصادية بين الطرفين (بما في ذلك التشغيل) جد ضعيفة.

في حين أن المغرب علاقته تشوبها التوترات والتحرشات والاستفزازات السياسية مع دول الاتحاد الأوربي في كل محطة، لكن اقتصاديا تبقى القارة العجوز هي المنفذ الذي يخفف العبء الاجتماعي نسبيا على المغرب.