الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد الحميد جماهري: بين بنعبد الله والفيزازي!

عبد الحميد جماهري: بين بنعبد الله والفيزازي!

أعترف بأنه لم يسبق لي أن واجهت سؤالا وجوديا من قبل مثل السؤال الذي أواجهه الآن: عمن سأكتب، عن الوزير نبيل بنعبد الله أو المفتي محمد الفيزازي؟

ليس لأن الوزير أصبح داعية سلفيا، ولا الداعية أصبح وزيرا في السكنى، بعد أن خبرناه ضليعا في توزيع الشقق في عدن الخضراء، بل لأن الشخصين يهتمان بما تريده البلاد حسب تصريحات كل منهما.. ولكل واحد منهما سبب يجعل المغربي منا يأخذ كلامه مأخذ الجد والتعليق...

الفيزازي أولا: قال الفقيه السلفي، في معرض حديثه عن الزواج المرتقب بين الوزيرة والوزير، ما معناه أن هذا ليس من انشغالات الناس الصحيحة، وأن على المعارضة أن تترك الوزيرين لقرانهما.. واستغرب ما يقع!!

وليسمح لنا القراء الأعزاء أن نعلن أن السلفي محق في استغرابه: فالسلفي الجيد، على عكس السلفي المستوزر، يتقدم رسميا بطلب عروض، على مرأى من ملايين المغاربة بحثا عن «توظيف» زوجة رابعة، كما حدث للفيزازي في البرنامج الذي استضافته خلاله قناة دوزيم، وعليه يبدو طبيعيا أنه لا يعتبر القضية مثار استغراب في العالم أو في المغرب.

ومن حقه أن يعتبر الأمر مبالغا فيه، فالشوباني ما زال في الطابق الثاني من الزواج.. وكان على الناس أن ينتظروا أن يبلغ الطابق الذي بلغه الشيخ الفيزازي حتى يقرروا الحديث من عدمه.

وقد اعتبر محمد الفيزازي "قضية خطبة الوزير الحبيب الشوباني لزميلته في الحكومة، سمية بنخلدون، ضربا تحت الحزام لا أقل ولا أكثر من المعارضة".

ولو كنت محل الشوباني سأسارع إلى مهاتفته لأطلب منه ألا يقدم لي «بديلا» في الدفاع ويتركني لحالي.. فـ "الضرب تحت الحزام" في وضعيتي يتخذ معنى آخر، والمعني به ليس هم زعماء المعارضة، حقا لا مجازا ، بل هما صاحبا الحزام!!

وانتقد الفيزازي الذين تابعوا القضية قائلا: "البلاد غارقة فالمشاكل وهادوا تابعين رجل وامرأة باغيين يتزوجوا".

طبعا، إذا كان وزير ووزيرة قد وجدا الوقت للزواج، فلماذا لا يجد المعارضون وقتا للحديث عنه!! هادي وحدة..

الثانية: من الأولى أن يهتم بالمشاكل التي يتحدث عنها الفقيه المثير للجدل، هل هم الذين يعارضون أو الذين يطلب منهم حلها بقوة القرار الذي يملكونه؟

لهذا كان على السلفي أن يبحث عن دفاع آخر.. وعن بديل آخر..

بنعبد الله ثانيا: استنكر وزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة (المرجو من الرفاق الانتباه إلى الصفة) أن المعارضة لا تقدم بديلا. وهو بهذا يعيد على مسامعنا ما قاله رئيسه المباشر، من أنه لا يوجد أي بديل للحكومة والأغلبية الحالية.

والوزير بنعبد الله، صاغ أطروحة الرئيس بلغة لا تكشف بسهولة أنه لا وجود لبديل، بل طالبها مطالبة الذي يخال أنه يوجه طلبا لعاجز بأن يقدم البديل وألا تنزل إلى مستوى أقل منه.

لنتذكر ما قاله بنكيران من أنه «سيبقى نائما» لأن المعارضة لا تملك بديلا، ولنتذكر الأطروحة الكاملة بأن "المعارضة لا يمكنها أن تشكل البديل للحكومة الحالية".

وهي أطروحة لم تكن، في تقدير المتتبعين، موجهة للشعب المغربي، لأن هذا الشعب له الفرصة السياسية لكي يضع التقدير الحقيقي لعملها،… بل كانت رسالة من تحت الماء وفوق الهواء!

والآن يعود الوزير إلى نفس النفي، ليثبت، في تداخل مع بنكيران وحزبه، الالتباس..

ولسنا ندرى إلى أي حد يمكن أن تشكل «الفوضى الإيديولوجيا»، بين التقدمية والمحافظة حصان طروادة في الحرب التي تهدف إلى الإقناع بأن البديل لا يوجد اليوم في المغرب. ضد طبيعة السياسة وضد ثقافتها معا.

إنه الموقف الذي عبرت عنه ذات ذكر غير طيب السيدة الحديدية مارغريت تاتشر "بالقول ليس هناك بديلthere is no alternative " كما صاغته شعارا في الثمانينيات، وهل يمكن أن نعتبر بأن ذلك كان غير الحجر الأساس لليبرالية المتوحشة؟

وليس لنا أن نسأل عن الفوضي الإيديولوجيا عندما يلتقي الوزير التقدمي مع أطروحة المحافظ النيوليبرالي في نزع الحجة عن البدائل التي تطرحها الحكومة.لقد تجاوز بنكيران الحدود، ووصل إلى أرض خلاء نفسيno mans land psychologique  لا وجود فيه لأحد سواه ولا يجب أن يكون فيها أحد سواه.

فهل يريد الوزير بنعبد الله أن يتجاوز جدار الصوت في المسار نفسه؟ إنهما في الواقع يشتركان في أن ينفيا صفة البديل عن المعارضة ويطالبانها في الوقت نفسه بتقديم البدائل..

فهل كان على الوزير أن يبحث عن دفاع آخر عن الحكومة؟

السلفي مرة أخيرة: الفيزازي لا يطلب بديلا، فالبديل موجود: والمعارضة لا يمكنها -للأسباب المعروفة- أن تقدمه للشوباني ولا للوزيرة زوجته (مبارك مسعود).. فلماذا يخاف إذن من المعارضة في الحديث عن البديل في الزواج؟

الوزير أخيرا: الوزير يطالب بالبديل، والمعارضة حسب رئيسه لا تملكه، بل لا بديل في البلاد أصلا.. فلماذا يخاف إذن من الحديث عن انتخابات لن تأتي بالمعارضة بديلا في السياسة؟

 والآن: عمن كتبت في النهاية؟