Thursday 8 May 2025
كتاب الرأي

ادريس المغلشي : السياسة بين لبس التأويل ولغم التنزيل

ادريس المغلشي : السياسة بين لبس التأويل ولغم التنزيل ادريس المغلشي
في ظل النقاش الدائر بين كل الفاعلين حول التدبير الحكومي الكارثي وغياب الحس بالمسؤولية من أجل ايقاف كثير من المهازل وايجاد جواب لسؤال يتردد كلما طفت على السطح فضيحة موجبة لإسقاط حكومة . لماذا لانتوصل بقرارات كجواب على فتح تحقيق في اشكال معين ؟ يبدو اننا نطارد الساحرات لتتحول نقاشاتنارغم جديتها في البداية إلى سراب تختفي من ساحة النقاش ونعود لوضعنا الطبيعي كأن تلك الكوارث لاتستفزفينا الحس بالمسؤولية.نعم لقد اصبح الفساد وتعارض المصالح وتضاربها من الملفات التي اصبح صاحب القرار فيها لايخجل من التصريح بها داخل قبة البرلمان ودون ان نلمس اجراء يوقف تغول لوبيات الفساد وهي تتحكم في قوت المواطنين ونمط عيشهم للاغتناء ومراكمة الثروات وغياب أجهزة الرقابة التي كلما أصدرت تقريرا يتم تصفية رؤساها جهرا والتشكيك في نزاهتهم.وسط تحركات محتشمة لن تغير من الواقع شيئا. 

 نعلم جيدا  أن الاحزاب المعروفة بانتهازيتها خصوصا تلك التي تبدأ مبكرا بإجراءتسخيناتها لخوض غمار المرحلة المقبلة وضمان نتائج موصلة لكراسي المسؤولية. رغم أن المتحكم في النتائج لايخرج عن العوامل التالية على وجه التحديد وتبدو في نظري ضرورية أولا العامل الديمقراطي وحيادية السلطة العامل الثاني وعي المواطن القادرعلى حسم الاختيارالمناسب المتعلق بالبرنامج وليس الشخص الذي يعتمد على شراء الذمم حتى تبقى رهينة ورصيدا احتياطيا له في كل محطة. وقد عبر بعض الإخوة عنها بمقولة  المتاجرة في البشر كأنها عملية رق جديدة مغلفة بصورة الولاء والوفاء للحزب وقيمه المثلى دون السؤال عن الوعي بالحقوق. العامل الثالث مؤسسات حزبية ديمقراطية قادرة على تأطيرالمواطن ببرامج والتزامات واضحة ونهج سياسة القرب والالتصاق بهموم المواطن . 
 
في ظل هذه الشروط ترى ماموقع واقعنا السياسي من كل هذا؟ لكي نفهم مدى توافق التشريح مع ماسبق نسوق أمثلة توضح بجلاء أهم المعيقات التي تقف امام التدبير الأمثل للسياسة في حدودها الدنيا على الأقل .
 
 يحكى والعهدة على الراوي أن حزب الجرارفي بداية مشواره السياسي وهو يقوم بالحملة الانتخابية برموزه الكبار من أجل هزم ولد العروسية بمراكش .في إطار التواصل اختل الخطاب  بين قيادة لم تقرأ جيدا بيئة مختلفة تماما عما روجوا له فكل المفردات الواردة من قبيل الاعتقال السياسي وهيئة الانصاف والمصالحة لم تجد آذانا صاغية بل لخصوا كل هذا النقاش في عبارة(واش فراس ولدالعروسية هادشي لي كتقولو) كلام معبر وله دلالة واحدة أن الهامش ولاؤه لمسؤول اجتماعي قد لايتقن المفردات وليس لديه وعي سياسي ولاشواهد لكنه بالتجربة يتقن التواصل ومتفهم لانتظارات المواطنين الخلاصة ان كثير من الخصوم السياسيين  لم يستطعوا هزم  ولد العروسية في معقله .المثال الثاني: بن كيران في مساره السياسي يعتمد على قاموس خاص اسس له في تواصله مع الناس مع قدرته على اختيار نماذج من الخطاب بما يتوافق مع الفئة الجالسة امامه لكنه لايقدم برنامجا ولاحلولا ولاوعودا بل اولوياته قد تكون غير مضمنة في برنامج الحزب. اغلب الإصلاحات التي يقوم بها أو يروج لها  غير مكتملة باجراءات اخرى ضرورية ولاترتبط بعامل رئيسي.  يبدو انه لايتقن فيها المواجهة من قبيل  لوبي الفساد وليس لازمته التي ابانت عن ضعفه إن لم نقل جبنه السياسي "عدم مطاردة الساحرات ". المثال الثالث "مول الشكارة"الذي يعتبر السياسة شراء للذمم  والولاءات بالترغيب من خلال الامتيازات للموالين والترهيب من خلال إعفاء كثير من المسؤولين دون ذكر الأسباب .
 
القرارات التي تستند على هاجس الربح الذاتي على حساب مكاسب وطنية عامة هي تجارة تتعارض كلية مع السياسة وهدفها النبيل الذي تكلم عنها مؤخرا الأستاذ مولاي اسماعيل العلوي وهو يوقع كتابه (نبل السياسة ) بينما رئيس الحكومة لايتقن سوى توقيع شيكات توزع على شكل هبات تضمن الولاء اكثر من التزام سياسي اتجاه الوطن والمواطن .