الثلاثاء 30 إبريل 2024
ملفات الوطن الآن

سجال أثارته توصية المجلس الوطني لحقوق الإنسان بحقهم في التصويت.. لمن سيصوت الجيش والبوليس؟

سجال أثارته توصية المجلس الوطني لحقوق الإنسان بحقهم في التصويت.. لمن سيصوت الجيش والبوليس؟

ماهي السياقات العامة التي أنضجت الوعي، داخل أروقة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، باتجاه إصدار توصية تقضي بتوسيع الهيئة الناخبة من خلال السماح لحملة السلاح من أفراد القوات المسلحة الملكية، ولرجال الأمن والدرك الملكي والقوات المساعدة، وحراس السجون ورجال الجمارك أصحاب الزي، بحق التصويت في الانتخابات الجماعية المزمع تنظيمها في شتنبر 2015؟ وما هي الاعتبارات التي قد تزكي هذا التوصية إيجابيا، أو قد تدفع إلى ما يمكن تقديره كمحاذير قد تحيط بالفكرة أو تعطلها لآجال لاحقة من أجل تداول أعمق؟

أصدر المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مؤخرا، 45 توصية «من أجل انتخابات أكثر إدماجا، وقربا من المواطنات والمواطنين»، ضمنها مقترح يفيد «تعديل القانون 57.11 الخاص باللوائح الانتخابية العامة من أجل القيد في اللوائح الانتخابية العامة، وفقط بالنسبة للانتخابات الجماعية، بالنسبة لأفراد القوات المسلحة الملكية العاملين من جميع الرتب وأعوان القوة العمومية وسائر الأشخاص الذين أسندت إليهم مهمة أو انتداب، ولو كان مؤقتا، كيفما كانت تسميتهما أو مداهما، بعوض أو بدون عوض، والذين يعملون، بتلك الصفة، في خدمة الإدارة أو الجماعات الترابية أو المؤسسات العمومية، أو في خدمة مرفق عمومي كيفما كانت طبيعته، والذين لهم الحق في حمل السلاح خلال مزاولة مهامهم». وتتأتي قيمة هذه التوصيات من كونها تصدر عن مؤسسة وطنية لها وضعها الاعتباري في الحياة القانونية الوطنية، وأساسا من حيث كون مداولاتها تشكل قوة اقتراح موجهة إلى صناع القرار.

على ضوء ذلك، يقرأ المتتبعون للوضع الحقوقي المغربي إصدار هذه التوصية كتعبير عن السعي إلى تأهيل الترسانة القانونية الوطنية بما يتلاءم مع متطلبات المجتمع الدولي، لا سيما وأن دولا عديدة في العالم، خاصة في أوروبا قد أقرت حق التصويت، بل والترشيح كذلك لحملة السلاح كما في ألمانيا، وفي جارتها فرنسا تم التجاوب مع أحكام المحكمة الأوروبية مؤخرا، حيث تم الترخيص لرجال الدرك الفرنسي بحق تكوين الجمعيات. وهو ما يفيد أن المغرب معني بهذا التطور، ما دام قد انخرط منذ سنوات، وبقرار سيادي، في المنظومة الحقوقية الكونية، سواء في ما يهم تكييف ترسانة نصوصه التشريعية مع ما هو متعارف عليه دوليا، أو ما يهم قطع أشواط ملموسة على مستوى الممارسة، حيث سما بالوضع الفعلي للمرأة، خاصة بعد إقرار دستور 2011 تمتع الرجل والمرأة على قدم المساواة «بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية»، وتنصيصه على إنشاء هيئة للمناصفة ومحاربة كافة أشكال التمييز.... كما اتخذ المغرب، في نفس السياق، قرار إلغاء إحالة المدنيين على المحكمة العسكرية وإرساء آليات قانونية لزجر ومناهضة التعذيب...

وما يعزز هذا التوجه حصول نضج في الحقل السياسي المغربي، حيث تم الحسم في ما كان يشكل، في السنوات الأولى للاستقلال، عقدة التنازع حول الشرعية بين النظام والحركة الوطنية. ذلك أن هذه العقدة كانت هي بؤرة الصراع في المشهد السياسي، وهي العامل الأساسي في اتخاذ هذا الصراع أشكالا شرسة في أحيان متعددة، من بينها توقيف المسار الناشئ للتداول الحقيقي للسلطة كما حدث سنة 1960 من خلال إقالة حكومة عبد الله إبراهيم، وإطلاق سلسلة محاكمات رموز المعارضة، ثم انتفاضة مارس 1965، وإعلان حالة الاستثناء، وهو الاحتقان الذي سيجعل الجيش يقوم بمحاولتين انقلابيتين فاشلتين في 1971 و1972.

أما اليوم فقد انتهى هذا الاحتقان وزال التنازع حول الشرعية بعد دخول المغرب تجربة «المسلسل الديمقراطي»، وحلول العهد الجديد الذي أطلق مبادرات ملموسة جعلت الديمقراطية، بما يصاحبها من مخاضات التأسيس والنمو، اختيارا لا رجعة فيه، بل وتم التنصيص على أنه (أي الخيار الديمقراطي) أصبح رابع ثابت للأمة بعد الدين الإسلامي والوحدة الترابية والنظام الملكي.

وهو ما أعطى للفاعل الوطني وللمراقبين الثقة بأن المغرب دخل بالفعل مرحلة استقرار سياسي تقطع مع أشكال التوترات القديمة، وتفتح المجال لمواجهة تحديات التنمية المجتمعية المختلفة.

بتفاعل مع ذلك، حدث تحول في «البروفيل» الخاص للقوة الأمنية المغربية (الجيش والأمن بمختلف روافده) يعزز التوجه نحو إقرار مثل هذه التوصيات. لقد كان العسكري أو الشرطي أو الدركي أو المخزني من قبل ينتمي في الغالب إلى فئة الأمنيين الذي لا يتمتعون بأدنى مؤهل دراسي، وهو ما كان يجعل مهامهم ذات طبيعة أمنية محضة، لكن هؤلاء اليوم صاروا يملكون مستويات تكوينية جامعية في الغالب، ولعل أدناهم مرتبة في السلم الأمني حاصل على شهادة الباكلوريا، ويتكلم العربية والفرنسية على أقل تقدير. وبترابط مع هذا المعطى صارت أندية وثكنات الضباط وحملة السلاح بشكل عام تحفل بالجرائد والمجلات الوطنية التي كانت أمرا ممنوعا من قبل، وهو ما يعبر عن تنامي وعي مواطن يجعل هؤلاء على قدم المساواة مع باقي المواطنين.

إذا كانت هذه هي أبرز السياقات التي ساهمت في صياغة توصية المجلس الوطني، فالأمر يطرح مع ذلك محاذير تدفع مراقبين آخرين إلى أن ينحو باتجاه قراءة مخالفة لزاوية النظر السابقة. من ضمن ذلك مثلا قولهم إن إقرار حق التصويت لحملة السلاح قد يعني نقل تفاعلات الصراع السياسي إلى المجتمع الأمني والعسكري الخاص. ولنا أن نتصور مثلا أن تشهد هيئات القوى الأمنية تجاذبا بين أفرادها انتصارا لهذا الحزب أو ذاك. وهو ما قد يؤثر على مبدأي الانضباط العسكري والحياد المفروض أصلا في هذه الهيئات، خاصة أن المشهد الانتخابي لم يعرف بعد نضجا في إدارة الحملة، وفي نقاء الممارسة السياسية،يقول هؤلاء.

ولهذا التخوف وجاهته، وإن كان هناك من يرى المسألة بشكل آخر. إن تواجد رجال الأمن في مباراة الديربي بين الوداد والرجاء، مثلا، لإقرار الأمن ولضمان سلامة المباراة والجهور لا يمنع افتراضا أن يكون رجال الأمن مع الوداد أو مع الرجاء، ومع ذلك فاصطفاهم ذاك لا يحول بين قيامهم بواجبهم المهني.

هناك تخوف ثان وارد، هذه المرة، من جهة ذات حساسية مختلفة. إننا نتذكر انتخابات 2011 التي قامت بها وزارة الداخلية أيام الطيب الشرقاوي بحملة قوية لتعبئة المواطنين من أجل التسجيل في اللوائح الانتخابية. وبالفعل فقد جنت الحملة ما كان متوخى منها، حيث حصلت إضافة حوالي 1.5 مليون ناخب إلى السوق السياسية كناخبين جدد، الأمر الذي أعطى زخما لحزب العدالة والتنمية الذي تقدم آنذاك إلى السباق الانتخابي، مستثمرا خطابه التعبوي الشعبي والإيديولوجي، الأمر الذي جعله يبدو للناخبين طوق النجاة من اليأس المتراكم عبر التجارب السابقة. واعتبارا لذلك، فإن التحاق حملة السلاح بالكتلة الناخبة في الاستحقاقات المقبلة قد يعزز حظوظ هذا الحزب أوذاك، مما يؤثر على المعادلات السياسية القائمة.

هذه هي مسالك القراءة الخاصة بتوصية المجلس الوطني، وقد حاولنا رصد سياقات نشأة الفكرة والمحاذير الممكنة كما يرصدها مراقبو الشأن الحقوقي والسياسي المغربي، وسواء اتخذت التوصية سبيل التنزيل، أو تم إرجاؤها لاعتبارات متنوعة، فالمؤكد أن المغرب الحقوقي يسطر بذلك لحظة جديدة في تصوره للوعي المواطن، بما يعزز ترسانتنا التشريعية باتجاه إرساء لبنات مغرب الديمقراطية والمستقبل.

د. المصطفى كرين، رئيس المرصد الوطني للعدالة الاجتماعية

الظرفية الحالية التي تتميز بوجود الإرهابيين لا تستقيم لمثل هذا النقاش

فكرة السماح لحاملي السلاح بالتصويت في الانتخابات المحلية هي فكرة نبيلة في حد ذاتها، لكنها على المستوى التطبيقي غير قابلة للتطبيق في المغرب، بل إنها يمكن أن تكون سبب في منطلقات كثيرة. فلما نقول مشاركة الجيش أو حاملي السلاح بصفة عامة في الانتخابات معناها إعطاء الحق للأحزاب في الحملات الانتخابية للقيام بحملات انتخابية في أوساط حملة السلاح، وربما في الثكنات ومراكز الشرطة وما إلى ذلك، هذا يعني احتمال اختراق حاملي السلاح عبر الحملات الإنتخابية من قبل عناصر قد تكون متطرفة يمكنها تجنيدهم لأهداف لا تخدم الأمن القومي للبلاد. المسألة الثانية، داخل ثكنة عسكرية مكونة من 100 عسكري مثلا، جزء سيؤيد الاتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية، وجزء آخر قد يؤيد حزب العدالة والتنمية، وجزء ثالث مع حزب آخر. وبالتالي فداخل ثكنة واحدة ستصبح لدينا مجموعة من الانتماءات الإيديولوجية في نهاية المطاف وليست فقط حزبية، وسيصبح حينها ولاء حملة السلاح للأحزاب وليس للملك باعتباره القائد الأعلى للجيش ورئيس أركان الحرب العامة في البلاد. المسألة الثالثة، هو اختفاء الخط الفاصل بين المدني والعسكري. فالسماح لحملة السلاح بالمشاركة في الإنتخابات يعني في نهاية المطاف الخضوع لمطالب مستقبلا بالسماح للمدنيين بحمل السلاح. فلنفرض مثلا أن حزبا معينا أصبح يمتلك أكبر نسبة معينة من حملة السلاح في صفوفه، ألن يشكل هذا تهديدا ووسيلة ضغط بالنسبة للأحزاب الأخرى والجسم المدني في العمل السياسي.

وبخصوص البلدان التي تمنح لحاملي السلاح الحق في التصويت في الإنتخابات، فأقول إنه لا قياس مع وجود الفارق، فالظرفية الحالية التي تتميز بوجود الإرهابيين عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والتهديدات التي يخضع لها المغرب وما إلى ذلك، لا تستقيم لمثل هذا النقاش. وأعتقد أن هذا التمرين يتطلب نشر ثقافة الإختلاف والديمقراطية داخل أوساط الجيش وحملة السلاح، فهل قمنا بعمل تمهيدي من أجل تثبيت فكر الاختلاف داخل أوساط حملة السلاح، هذا الأمر لم يحدث. ثم لا ننسى أن المغرب حالة خاصة عبر العالم، ودول أمريكا اللاتينية ليست مثالا بالنسبة لنا. فحالة أمريكا اللاتينية نحن نعاينها.. أما في الدول الغربية فالوضع مختلف، فالمغرب لديه نظام سياسي فريد في العالم والملك هو القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة وأمير المؤمنين، هذه الصفات التي تجعل النظام المغربي مختلفا عن باقي الأنظمة في بلدان العالم، ولا يمكن أن نخوض ببساطة في النقاش السطحي وتبرير السماح لحملة السلاح بالتصويت في الإنتخابات بذريعة وجود ذلك في بلدان أخرى، فلكل بلد خصوصياته، ولكل بلد حالته الإجتماعية والسياسية والإقتصادية، ولكل بلد اكراهاته «دابا دخلنا عليك بالله في هذا الظرف الذي تهدد فيه داعش المغرب ما لقيتو حتى شي حاجة نناقشها من غير قضية السماح لحملة السلاح بالتصويت في الإنتخابات..»، وأعتقد أن مؤسسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان التي طرحت الموضوع للنقاش هي مؤسسة ذات رأي، ولكن هذا الرأي ليس قرآنا منزلا، فهي تصدر آراء، وآراؤها قابلة للنقاش وقابلة للأخذ والرد، منها ما يستقيم مع وضع المغرب ومنها ما لا يستقيم مع وضع المغرب، ومن حقنا كمواطنين وكفاعلين مدنيين أن ندلي بدلونا عند وجود أي شيء من شأنه أن يشكل تهديدا بشكل أو بآخر للاستقرار في البلاد. فنحن كأناس وطنيين ونعمل في إطار القانون وفي إطار الدستور لنا أيضا آراؤنا التي ينبغي أن يسمعها الجميع، بما فيهم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومصالح واستقرار المغرب تسبق الإتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان.. الإتفاقيات الدولية وغيرها مرحبا على راسنا وعينينا، لكنها تتضمن إكراهات يا سيدي.. فيها ما يمكن تطبيقه وفيها ما لا يمكن تطبيقه. وبالتالي ينبغي إنضاج الشروط لهذا النقاش، والإتفاقيات الدولية لن نطبقها من أجل سواد عيون الإتفاقيات الدولية، لكننا نطبقها اذا كانت في مصلحة هذه البلاد وفي مصلحة استقرارها ونموها وازدهارها.

د. محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بمراكش

النقاشات الدائرة بخصوص تصويت حاملي السلاح ورجال القضاء سابقة لأوانها

 

السؤال الذي يطرح لماذا منع مواطنين يحملون صفات معينة من التصويت في الإنتخابات (رجال الأمن، العسكريين، رجال القضاء..)؟ وأعتقد أن المسألة فيها اعتبارات سياسية الهدف منها هو ضمان حياد المؤسسات الأمنية في أي مسلسل انتخابي، وخصوصا بالنسبة للدولة الحديثة العهد بالديمقراطية. أما بالنسبة للدول التي قطعت أشواطا كبيرة وعديدة وتربت على ثقافة حياد المؤسسات الأمنية وثقافة الإلتزام المؤسساتي فلم يعد يطرح لديها تصويت العسكر ورجال الأمن أم لا أية مشكلة، لكن يبقى المشكل مطروحا بالنسبة للدول الحديثة العهد بالديمقراطية على اعتبار أن المسألة تتعلق بحدود الحياد. لنفترض بأنه عندما سيصبح الجيش أو الأمن معني مباشرة بالإنتخابات وسيصبح له صوت، هذا ربما يمكن أن يشجع جهات تنتمي إلى هذه الجهة على السعي نحو المطامع السلطوية.

مثلا اذا أخذنا بعض البلدان كمصر وتركيا. ربما في تركيا الآن يمكن القول إن الجيش ترك مسافة مع العمل السياسي، بينما قبل مجيء أردوغان لم يكن الجيش يضع مسافة على اعتبار أن الجيش كان له دور وكان له ضغط وتأثير في ما يتعلق بالجهة التي ستتولى الحكم أو ستتولى تدبير السلطة. وبالتالي فأنا أقول إن فتح النقاش في هذا الباب يعتبر من الناحية الحقوقية نقاش معقول، ولكن من الناحية العملية في اعتقادي هو نقاش يحتاج الى الوقت ويحتاج الى تعميق، ويحتاج الى تأسيس وبناء ثقافة الحياد، لأنه في غياب ثقافة الحياد في اعتقادي سندخل المسلسل الإنتخابي في متاهات واعتبارات لا يمكن التحكم فيها، ربما يمكنني القول من الممكن مرحليا التفكير في مشاركة حاملي السلاح في الانتخابات المحلية.. لكن بالنسبة للانتخابات التشريعية فأعتقد أن الأمر يحتاج إلى تفكير وإلى ثقافة، لأن المسألة لا تتعلق بقرار يحدث بجرة قلم. وأعتقد أن النقاش الذي طرحه المجلس الوطني لحقوق الإنسان هو نقاش هام، ولكن أنا أقول إن الدور ليس هو فقط إثارة النقاش، وإنما كذلك هو التأسيس للثقافة الكفيلة بتحقيق الإستقرار والأمن والطمأنينة.

فتصويت حاملي السلاح ليس شيئا عاديا، لأنه قبل التصويت لابد من القيام بحملة انتخابية، وتقديم عرض سياسي تطرح من خلاله تصورات وآراء، تطرح إيديولوجية، وهناك سؤال نطرحه «العسكر والأمن والقضاء والإيديولوجية». فدائما ينبغي أن يتحلى هؤلاء بالموضوعية والحيادية، وفي خضم الإيديولوجية ليست هناك حيادية وموضوعية. وأنا أقول إن النقاشات الدائرة بخصوص تصويت حاملي السلاح ورجال القضاء سابقة لأوانها، وهي مرتبطة أشد الإرتباط بالقدرة على التجسيد الفعلي لثقافة ديمقراطية صلبة ومستدامة، ولما أقول الديمقراطية فأنا لا أقصد ديمقراطية الدولة فقط، بل أقصد ديمقراطية الجمعيات، ديمقراطية الأحزاب (يمكن النظرالى طريقة منح التزكيات في الإنتخابات كمؤشر مثلا) وديمقراطية المواطن. فالمواطن إذا لم يكن ديمقراطيا مع ذاته فلن يقدم صوته بالشكل الصحيح. وبالتالي فأنا أقول إن الضمانة الأساسية هي ثقافة ديمقراطية صلبة ومستدامة، وبالتالي فعامل الوقت (وليس وقتا للانتظارية) والعمل على إنضاج الشروط والظروف هو جد هام قبل السماح لحاملي السلاح ورجال القضاء بالتصويت في الإنتخابات.

أحمد الصابوني، متقاعد عسكري

من حق حاملي السلاح أيضا التصويت في الانتخابات

بخصوص النقاش الدائر عن تخوف البعض من انتشار الإيديولوجيات في صفوف حاملي السلاح، والذي قد يؤدي في نظرهم إلى بث التفرقة والخصومات في صفوفهم، فأعتقد أن من حقهم قول ما يشاؤون قوله بهذا الخصوص، لكن رأيي مخالف تماما لما يروجون له، فمن حق حاملي السلاح أيضا التصويت في الإنتخابات، والحمد لله نحن تحت راية واحدة وتحت الأوامر ديال سيدنا الله ينصره ملك المغرب، مغاديش يكون عندنا حتى شي مشكل بخصوص مشاركة حاملي السلاح في الانتخابات أو بخصوص إيديولوجيات مختلف الأحزاب. فالأحزاب كلها تقول «الله، الوطن، الملك»، وكلها تعمل لصالح البلاد. فالأحزاب لم تؤسس من أجل زرع التفرقة بين أبناء البلاد بل غايتها هي خدمة البلاد وتنميتها وتحقيق الأمن والاستقرار، كما أن العسكريين يخضعون للقانون العسكري. وفي اعتقادي فإن المشكل المطروح هو في التزكيات التي تمنح لبعض الأشخاص قصد الترشح في الانتخابات، والذين يقدمون الوعود الكاذبة و«تعمار الشوارج» للمواطنين، في حين أن الهدف الرئيسي لهم هو خدمة مصالحهم الخاصة، حيث نعاين أثناء الحملات الانتخابية برامج انتخابية مهمة لكن دون أن تكون الأحزاب مسؤولة عن تنفيذ هذه البرامج..

المختار التمار، متقاعد عسكري

ولاؤنا كمغاربة يبقى للقائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية

في نظري، لابد من تعميق النقاش أكثر في ما يخص مشاركة حاملي السلاح في الإنتخابات بمشاركة جميع الأطراف كي تحصل القناعات، بمن فيهم حتى حاملو السلاح. وأنا لا أظن أن السماح للعسكريين بالمشاركة في الإنتخابات سيطرح مشكل حياد المؤسسة العسكرية التي تخضع لنظام خاص. فإذا كان العسكري سيخدم البلاد فمرحبا، وإذا كان سيغتنم الفرصة لما تكون «السمطة» في يديه، فهذا لا يقبل. أما بخصوص القول بأن العسكريين أو حاملي السلاح لا يتوفرون على وعي ديمقراطي كاف، فهذا غير صحيح. فأنا أظن أن هناك وعيا ديمقراطيا في صفوف حاملي السلاح، وهناك أشخاص لديهم رغبة جادة في خدمة البلاد، وكل عسكري سيكون مسؤولا عن تصرفاته، علما أن العسكريين يخضعون لقانون خاص. ولابد للعسكريين من احترام القانون، فالعمل عمل، والانتخابات انتخابات، والسياسة سياسة.. فحتى ممارسة العمل السياسي هو شيء مهم جدا بالنسبة للعسكريين. فهناك أشخاص مخلصون لهذه البلاد، ولهذا الوطن، وللسلطة العليا للملك محمد السادس نصره الله، ويودون خدمة البلاد، لكن لم تمنح لهم الفرصة. أعتقد أن أي موظف في إدارة كانت مدنية أو عسكرية فإنه سيحقق النجاح المطلوب، وأعتقد أن السماح للعسكريين بالمشاركة في الإنتخابات يعني أن ولاءهم سيتحول إلى الأحزاب، فولاؤنا كمغاربة يبقى دائما للقائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية.