الأحد 6 أكتوبر 2024
كتاب الرأي

ليلى بارع: الشعر المغربي... وعنق الزجاجة؟

ليلى بارع: الشعر المغربي... وعنق الزجاجة؟

ما زال الحديث عن حجب جائزة المغرب للكتاب في صنف الشعر يحتل مركز الصدارة في قائمة النقاشات الأكثر تداولا بين المثقفين المغاربة، والنقاش الذي يطرحه الواقع الشعري بالمغرب ليس وليد اليوم بل انطلق بشكل فعلي قبل سنة تقريبا حين خرج الشاعر العراقي سعدي يوسف بتغريدة على الفيسبوك قال فيها "إن القصيدة المغربية اليوم لا تقول شيئا"، وفسر الموقف حينها على أنه مجرد موقف ينضاف إلى مواقف الشاعر الغريبة، وحتى ردود الفعل القليلة التي أثارها كانت باعتبار المعني بالأمر شبه مقيم بالمغرب، وصديقا مقربا من عدد من كبار الشعراء المغاربة وحاصل على جائزة الأركانة الدولية، وهي أرفع جائزة شعرية مغربية، لكن السهم الذي أطلقه الشاعر كان يقطر أسئلة، والسهم متى انطلق فمن الصعب إعادته إلى قوسه.

لم يفرز موقف الشاعر حينها، للأسف، أي نقاش جدي حول واقع القصيدة بالمغرب، رغم أن الموقف  طرح سؤال الشعر بالمغرب بشكل كبير وجارح. ولم تخرج أية جهة رسمية أو حتى غير رسمية بأي موقف واضح، رغم أن الكلام في جميع  الأحوال لم يأت من شخص عادي، والبلد المعني بما قاله سعدي يوسف لم يكن سوى بلد محمد السرغيني ومحمد الخمار الكنوني وعبد الله راجع وأحمد المجاطي وعبد الكريم الطبال ومحمد الميموني وعبد الله زريقة وإدريس الملياني ووفاء العمراني ومليكة العاصمي وغيرهم كثير..

كان الصمت سيد الموقف حتى مرت العاصفة، لكن العاصفة كانت مختبئة في الجوار وجاء الإعلان عن حجب جائزة المغرب للكتاب/ صنف الشعر، لكي يعيد العاصفة إلى الواجهة وهذه المرة بزوبعة أكبر وأقوى.. فقد حجبت الجائزة وسحب ديوان شاعر مشارك هو محمد بنطلحة من طرف دار النشر التي أصدرت العمل، في سابقة من نوعها بالمغرب، لا يعادلها سوى رفض القاص أحمد بوزفور لجائزة المغرب للكتاب في صنف الإبداع..

ولم يُقنع بلاغ حجب الجائزة الشعرية المهتمين، وتناسلت الإشاعات لتبرير حدث كبير مثل هذا، ولم تعن جملة "وقوع تسريبات ووجود ضغوط خارجية" سوى المزيد من الغموض وتناسل الأقوال الصحيحة والخاطئة، وحتى حين صدر بلاغ من رئيس اللجنة المثقف أحمد عصيد، لكي يضع النقاط على الحروف ويُبين ما وقع بالفعل، أصبحت المشكلة حقيقية والسؤال فاغرا فاه أكثر من أي وقت مضى حول الذي يحدث في البيت الشعري المغربي والأدبي عامة، وكيف يمكن للعلاقات داخل الجسد الثقافي أن تفسد الأشياء إلى هذا الحد؟

النقاشات بقيت في أغلبها حبيسة دائرة مغلقة على شكل تغريدات بموقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، دون أن يكتب لأغلبها الوصول إلى الجرائد الورقية، مما يعني ضياعها في غابة من التغريدات اليومية... لم يسجل أي موقف واضح يدعو للخروج من عنق الزجاجة سوى بعض الكتاب ممن خرجوا عن صمتهم، لكن الأغلبية بقيت صامتة تتابع ما يحدث دون موقف واضح.

ننتظر مثل الجميع مواقف قوية وردود فعل تمضي في طريق تصحيح خارطة الوضع الثقافي المغربي.. ننتظر اهتماما أكبر بالشعر والأسماء الحقيقية التي تنحت القصيدة بماء الحياة وتجدد دماءها وتقول الأشياء دون مواربة.. كفانا صمتا بانتظار مرور هذه الزوبعة.. هل ينبغي انتظار عاصفة أخرى؟