الصحفي لما ينجز تحقيقه يظهر له الأفق ومظاهر الفساد والتعثر. لكن إذا كانت قضية فساد أو تعثر سائدة في بني ملال أو تاونات أو البيضاء تكون مبررة نوعا ما المعالجة الإعلامية في السياق المغربي الحالي، لكن لما تصبح ذات القضية في العيون والداخلة وبوجدور والسمارة، أي فيما يمكن أن نسميه «مناطق نزاع أممي» مع خصوم الوحدة الترابية، يطرح السؤال: ما هي وظيفة الصحفي في النهاية: أي هل هي إصلاح فساد محلي وإعطاء سلاح للخصم الذي يراقب ما يكتب وما ينشر في بلادنا وبالتالي إشهاره لما يكتب بقوله: ها هي شهادة من أهلها ومن أفواه أصحابها. ما هو نموذج الفساد وهل بهذه العينة سيسيرون الأمر؟ وبالتالي فملف فساد في ابن احمد أو المحمدية أو القصر الكبير يتم التعامل معه عاديا عكس الحال إذا سلط الضوء عليه إعلاميا في الصحراء لأنه يتحول إلى سلاح في يد الخصم وتبدأ تروج مقولة أن الصحفيين المغاربة ليس غرضهم توضيح الوقائع بقدر ما هي رغبة في العمل وفق أجندة العدو الخارجي. وبالتالي فهذه جوقة، منهم من يصرخ بالعيون وآخر بباريز وثالث بإسبانيا ورابع بالبيضاء وهم يوزعون الأدوار وينسقون بينهم.
لذا لا بد من التوضيح، أننا كجريدة ("الوطن الآن") وكموقع ("أنفاس بريس") في إطار تحرياتنا وصلنا لمجموعة منالخلاصات، ونتمنى أن نكون مخطئين بشأنها ونتمنى أن تكون الأرقام الرسمية المسلمة من طرف السلطات الرسمية أن لا ترسم الواقع المذكور. ولكن من واجبنا وضميرنا المهني يلزمنا أن نقول الحقائق.
ولكن ينبغي أن نؤكد أننا نعمل ذلك ليس بغرض الإساءة للقضية الكبرى التي تشغل كل مغربي، بل لنصلح، وفي النهاية يبقى الخيار الوطني القائم على الجهوية الموسعة هو الأصلح وعلينا تقويته. فنحن لا نقويه بشعار «الله ينصر من أصبح». بل نقويه بخطاب الحقائق والأرقام والخطاب الواقعي الملموس حتى يتسنى للناس الذين يريدون مواجهة الحكم الذاتي وسيستفيدون منه بالتأكيد أننا سنواكب بناء حكم ذاتي موسع بخطاب نقدي ودمقرطة العلاقات وشفافية التسيير واحترام نضج المواطن. وبإزاحة النخب المعرقلة لطموح المغرب والمغاربة في رؤية مستقبل مشرق للجميع. والتي لا ترى سوى مصالحها ومصالح أبنائها وليس مصلحة وطن ومصلحة شعب. وهم يريدون أن يعيشوا هم وأبناؤهم فقط، والباقي فليرمي بالبحر من أجل القضية الوطنية. فهذا لن يقبله أي منطق..
فنحن في حقل ملغوم يراقبه مراقبون ويراقبه العدو وعملاؤه بالداخل. وأثناء التفاوض فهو، أي العدو، قد يشهر ما يكتب في صحف المغرب بالقول إن ما يكتب لم ينشر في صحف جزائرية بل بيضاوية.
ينبغي أن نؤكد على جملة من الحقائق فنحن لما ننجز تحقيقا أو ملفا حول الصحراء (انظروا صفحات غلاف العدد الجديد من "الوطن الآن") لا ننجزه للمس بجوهر قضية المغاربة. بل لما ننشر وقائع التعثر التنموي أو الفساد فلكي نشجب هذه السلوكات ولأننا ندرك أن هذا الفساد الصغير قد يصبح غدا فساد كبيرا ويسيء للقضية الوطنية.