الثلاثاء 30 إبريل 2024
ملفات الوطن الآن

بعد أن أقامت فرنسا «القيامة» دفاعا عن «عذرية» رئيسها الاشتراكي.. هذه دوافعنا لإسقاط قناع النخبة الفرنسية

بعد أن أقامت فرنسا «القيامة» دفاعا عن «عذرية» رئيسها الاشتراكي.. هذه دوافعنا لإسقاط قناع النخبة الفرنسية

«الوطن الآن» اختارت العلاج بالصدمة، لأننا كنا نعي أن غلاف العدد الماضي لا يحمل على الحقيقة، بل على المجاز حتى لا تتحول فرنسا كلها إلى يمين متطرف، وخوفا من أن تؤدي سياسة هولاند الارتجالية في المجال الأمني إلى «محرقة» أخرى ضد المسلمين بفرنسا

 

حين اخترنا غلاف العدد الماضي من «الوطن الآن» المتعلق بمخاطر تنامي الإسلاموفوبيا على الفرنسيين المنحدرين من أصول عربية وإسلامية وإفريقية، وعلى فرنسا ذاتها، ووضعنا صورة تركيبية للرئيس فرانسوا هولاند في حلة النازي هتلر، فإننا لم نفعل ذلك لرغبة ذاتية في القفز نحو المجهول، أو استجابة إلى نزوة صحافيين مبتدئين. ولكننا كنا في انسجام تام مع خطنا التحريري الذي تبنيناه منذ إصدار أسبوعية «البيضاوي» سنة 2002، والتي تحولت إلى «الوطن الآن» منذ أواخر سنة 2006. ويهمنا في هذا السياق أن نؤكد أن من معالم هذا الخط، بالإضافة إلى مبادئ المهنية ومواثيق الشرف المعروفة، أننا نمارس العمل الصحفي لا فقط كمجال للتقصي ولإنتاج وتداول المعلومة، كشأن جاف ومعزول عن تفاعلات قضايا السياسة والثقافة والمجتمع وموروث المغاربة، ولكن كذلك كاشتغال حي في أفق قيم الحداثة والديمقراطية والكرامة الإنسانية. ولا مجال للتذكير بأن اختيارنا لهذا الخط موصول، بشكل مؤكد، مع المسار الشخصي والإعلامي لكاتب هذه السطور (مدير أسبوعية «الوطن الآن» وموقع «أنفاس بريس») الذي تعلم قيم المهنة والحياة من داخل الصف اليساري التقدمي فكرا وممارسة، حين حالفني الحظ وجاورت أهرامات السياسة والأدب والفن والفكر الديني والصحافة فور تخرجي من كلية الحقوق، والتحاقي بالعمل بجريدة «الاتحاد الاشتراكي»، التي تعد إحدى أبهى مراحل حياتي المهنية.

وبدون استحضار طبيعة هذا الخط التحريري المبدئي تكون قراءة العدد الماضي وكل أعداد «الوطن الآن» خارج السياق، بل تكون قراءة آثمة وجاهلة.

انطلاقا من هذه المرجعية، كنا في «الوطن الآن» وفي «أنفاس بريس» (الموقع الإلكتروني الجديد) نفكر في قضايا فرنسا، وفي كل قضايا محيطنا الإقليمي والدولي بنفس آليات النقد والمساءلة التي ننهجها في قراءة قضايا مغربنا المعاصر. في هذا الإطار، كانت افتتاحياتنا وملفاتنا تقرأ ما يجري في بلاد ديكارت، خاصة منذ صعود الحزب الاشتراكي بقيادة «فرانسوا هولاند» إلى سدة الحكم إثر الرئاسيات الأخيرة، وهو الصعود الذي اعتبرناه نكسة، بل ردة حقيقية لمصالح وحقوق المسلمين بفرنسا. وقد كنا محكومين في هذا التوجه بالاعتبارات التالية:

1ـ الجاذبية التي تتمتع بها فرنسا لدى نخب العالم، باعتبارها سليلة القرن الثامن عشر الذي وهب البشرية مبادئ الثورة الفرنسية وقيم عصر الأنوار، ونتيجة ذلك تعتبر هذا البلد دائما منبتا للفكر التحرري، وملهما للحداثة والديمقراطية بما أقره من قيم كونية تنتصر إلى الحقيقة، وإلى الدفاع عن حق التفكير والتعبير والتنوع والاختلاف.

2ـ العلاقات التاريخية التي تربط بين المغرب وفرنسا منذ حقبة الاستعمار إلى اليوم، وما ترتب عن ذلك من عمليات مثاقفة مارس فيها الإبداع الفرنسي في الفكر والفنون والعلوم الإنسانية تأثيرا واضحا على نخبنا السياسية والثقافية، وعلى اختياراتنا في القطاعات الحيوية كالتعليم والتطبيب والشغل والأبناك، كما في عدد من المخططات التنموية التي اعتمدها المغرب منذ استقلاله إلى اليوم.

3 - أما الاعتبار الثالث فيعود إلى الحضور المغربي الوازن على التراب الفرنسي، حيث يعيش هناك 1.3 مليون مغربي ساهم أسلافهم، بعرقهم ودمهم وفكرهم، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، في بناء ونهضة فرنسا المعاصرة. وهاهم الأخلاف اليوم يواصلون بناء هذه النهضة بدمهم وضرائبهم وعرقهم بعد أن انخرطوا في النسيج الفرنسي رغم كل آليات الإقصاء والتهميش و«الأبارتايد» الخبيث الذي يعانون منه بفعل الاختيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المجحفة والجائرة للحكومات الفرنسية المتعاقبة.

إن فرنسا، باستحضار كل هذه الاعتبارات، ليست فقط جارا قريبا، أو شريكا اقتصاديا، أو أرض إقامة أو محطة سياحية، ولكنها جزء من أفقنا الدولي. ولذلك فمن الطبيعي أن نكون معنيين بالشأن الداخلي الفرنسي. ولنفس هذه الاعتبارات أحسسنا في «الوطن الآن»، وفي «أنفاس بريس» بخيبة الأمل تجاه تخاذل وتقاعس السلطات الفرنسية تجاه تنامي العداء تجاه العرب والمسلمين والأفارقة، وتجاه المنحدرين من أصول مغاربية بشكل خاص. ثم جاء الهجوم الإرهابي على أسبوعية «شارلي إيبدو»، في السابع من يناير الماضي، ليتبين لنا أن صمت السلطات هناك عنصر ثابت في السياسة الفرنسية، وفي السلوك الرسمي تجاه المغاربيين خاصة، والعرب والمسلمين عامة.

إن ما استفزنا في هذا الموقف ليس إقدام تلك السلطات على التوقيع لـ «شارلي إيبدو» على شيك على بياض، وعلى صمتها عن تمادي تلك الجريدة في الإساءة إلى الرسول الكريم باسم حرية التعبير، وليس على المساواة بين الضحية والجلاد بعد الحضور الاستعراضي لبنيامين ناتنياهو في مسيرة الوحدة الوطنية التي احتضنتها شوارع فرنسا يوم الأحد 11 يناير. وكل العالم يشهد بأن بذمة المسؤول الصهيوني عددا من جرائم الإبادة في حق الإنسانية، ومن الانتهاكات البشعة التي يشنها يوميا على الشعب الفلسطيني الأعزل، على أطفاله ونسائه وشيوخه، وعلى مقدساته الدينية ومآثره الثقافية. إن ما أثار الاستفزاز لدى كل العرب والمسلمين والأفارقة هو استمرار الحزب الحاكم، في انتهاج سلوك منافق لم تتمكن الخطابات الرسمية عن الوحدة الوطنية من إخفاء جوهرها التمييزي. وإلا كيف نفسر إقدام السلطات الفرنسية بعد حادث «شارلي إيبدو» على الإسراع بتأمين المعابد والمدارس اليهودية كما لو كان اليهود هم المستهدفون الأوائل من تلك الجريمة الإرهابية، والحال أن الدم المنسكب ذلك النهار كان ذا تركيب متمازج، من أصل فرنسي ومغربي وجزائري وأوروبي ومن ديانات مختلفة، إسلامية ومسيحية ويهودية. والحال كذلك أن عدد المسلمين، وعدد مدارسهم ومساجدهم أكبر بكثير مما يتوفر لليهود (في فرنسا 280 معبدا يهوديا) علما بأن اليهود لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة جدا من النسيج السكاني الفرنسي، حيث لا يتجاوز عددهم 500 ألف نسمة (أي ما يعادل 0.5 في المائة) مقابل ستة ملايين من المسلمين (أي 7.5 في المائة من إجمالي سكان فرنسا)، ولم تتحرك الحكومة الفرنسية لتأمين أماكن العبادة الخاصة بالمسلمين إلا بعد تصاعد موجة التنديد بسياسة الكيل بمكيالين من طرف حكومة هولاند. ومع ذلك لم ترصد السلطات الفرنسية الحراسة والأمن إلا في بضع مساجد، والحال أن فرنسا تضم 2052 مسجدا وقاعة للصلاة (الخصاص في فرنسا يقدر بحوالي 2000 مسجد وقاعة للصلاة لأن معظم البلديات الفرنسية ترفض الترخيص للمسلمين ببناء أماكن العبادة رغم قيامهم بجمع التبرعات المالية!).

الأكثر من ذلك أن التمييز الإقصائي سيطال أيضا ترسانة القوانين الفرنسية بعد أن وجه الرئيس فرانسوا هولاند، مؤخرا، أوامر لحكومة إيمانويل فالس بالعمل على اقتراح قانون جديد لمحاربة الأعمال المعادية للعنصرية والسامية، معبرا عن توجهاته نحو مضاعفة الجهد لحراسة المؤسسات الدينية والتربوية والتجارية اليهودية في فرنسا. كما عبر عن تفكيره في الاتجاه نحو تعديل المقررات الدراسية بما يضمن تعليم وشرح معنى المحرقة النازية في المدارس. وفي الوقت نفسه عبر عن عمله المتواصل من أجل محاربة التطرف، ومواجهة كل الأفكار المعادية للسامية والعنصرية المترعرعة، في نظره، داخل فضاءات التواصل الاجتماعي. في السياق نفسه تحدث الرئيس بمشاعر خاصة عن استمرار دعم هذا التوجه، يوم 27 يناير الماضي، بمناسبة مرور 70 سنة على المحرقة التي أقامها هتلر في حق اليهود، موجها خطابه إلى من تبقى من ضحايا «الهولوكست» بالقول: «أنتم الذين مازلتم على قيد الحياة تمثلون الوجه الجميل والمعبر للإنسانية. صوتكم ينبغي ألا يضعف. بل يجب أن يرتفع كي تعرف الأجيال المقبلة ما وكم عانيتهم»، مضيفا: «مكانكم هنا بفرنسا، فرنسا وطنكم».

يحدث كل ذلك تماما كما لو أن مظلومية اليهود اختيار مركزي لفرنسا اليوم، في حين لم نسمع عن اعتزام المشرع الفرنسي القيام بأية خطوة قانونية لحماية العرب والمسلمين والأفارقة هناك بإدخال بنود تجرم الإساءة للأديان، وتحتقر مشاعر مليار ونصف المليار مواطن مسلم (أي ربع البشرية بالكرة الأرضية). بل ظلت فرنسا عكس ذلك تتقاعس عن حماية المسلمين إلى حين انفجار ردود الفعل الغاضبة على امتداد العالم العربي والإسلامي. آنذاك فقط تحركت هذه السلطات الفرنسية لتقوم بدورها في الحماية المحدودة والخجولة جدا!

إن هذا الصمت وهذا التقاعس كان لا بد أن يساعدا على تغذية العداء بدليل أننا لاحظنا مباشرة، بعد الحادث الإرهابي، تصاعد الاعتداءات الإرهابية على المساجد والمدارس والمراكز الإسلامية. وبهذا الخصوص، سجل خلال أقل من أسبوع على مرور ذلك الحادث وقوع أكثر من خمسين اعتداء ضد المسلمين، كما سجل ذلك مرصد مكافحة الإسلاموفوبيا التابع للمجلس الفرنسي للديانات الإسلامية، استنادا إلى معطيات رسمية من وزارة الداخلية الفرنسية، حيث وقع 21 اعتداء عن طريق إطلاق النار أو إلقاء القنابل، إضافة إلى 33 تهديدا، إما عبر توجيه الرسائل أو إلقاء الشتائم. (انظر الحوارات ضمن هذا الغلاف التي أجريناها مع فاعلين من قلب فرنسا).

وها هو الخطر الإرهابي، وداء الإسلاموفوبيا أحد أبرز مظاهره، يتصاعد بعد إقدام السلطات الفرنسية على التفكير في محاكمة طفل مسلم لم يتجاوز سنه الثماني سنوات فقط لأن شخصا ما زعم أن الطفل نطق بما اعتبره الآخر معاداة للسامية! فهل ننتظر إلى أن تقدم السلطات القضائية هناك على تقديم الرضع من الجنسيات المسلمة للمحاكمة لنتحرك ونسجل موقفنا من هذا الانحدار القيمي على أرض الأنوار؟ (يا للعار!).

لأجل كل ذلك، أصدرنا العدد الماضي لندق ناقوس الخطر الذي يهدد لا المغاربة والمسلمين فقط، بل يهدد فرنسا ذاتها، بما تمثله من قيم وتاريخ مشترك. ولأجل ذلك فكرنا في إصدار العدد بفكرة مجازية تستشرف المستقبل البشع الذي ينتظر فرنسا في حال تمادي مسؤوليها المتواطئ مع حملات العداء والكراهية للأجانب ولأبناء الفرنسين أنفسهم. من داخل المجاز إذن صورنا الرئيس الفرنسي على هيئة هتلر لأننا كنا نخاطب فيه رئيس دولة يملك الكثير من الموارد الدستورية والرمزية، ما يؤهله لحماية كل الفرنسيين (أيا كانت ديانتهم وأعراقهم) حتى لا يتحول بلد الأنوار إلى بلد طالبان، يحكمه اليمين المتطرف الذي قد ينهل حقيقة (وليس مجازا هذه المرة) من التراث النازي الصرف. صورناه كذلك لأننا نريد من هولاند، ومن كل أطياف اليسار الفرنسي ألا تستسلم للخطر الإرهابي بمختلف تلويناته، وللوبيات الصهيونية، ولكل أشكال التطرف مهما كانت مصادرها. صورناه كذلك لأننا رأينا في سلوكه وخطاباته، بعد انفجار حادث 7 يناير، نوعا من الاستسلام لإرهاب ولجماعات الضغط، عوضا عن اعتماد مقاربة مغايرة تقوم على الإنصاف، وعلى تقدير واعتبار ما هو جوهري بالنسبة لفرنسا في اللحظة الراهنة. وفي تصورنا، فهذا الجوهري المتناغم مع فرنسا التي نحب فلاسفتها ومفكريها وأدباءها وعلماءها وشعراءها، ومع تاريخها الإنساني المشرق ينبغي أن يقوم أساسا على تأمين التعايش بين كل الإثنيات والأصول المتواجدة داخل التراب الفرنسي، وهو ما لا يمكن تحققه بدون أن تنهج فرنسا سياسة جديدة تضع الفرنسيين على قدم المساواة، وذلك بإعادة النظر في الاختيارات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية القائمة على التعسف والتمييز، خاصة في مجال التعليم والشغل. كما من شأن السياسة الجديدة أن تعيد النظر في التعامل مع المسألة الدينية. وفي هذا الإطار ينبغي لفرنسا الأنوار أن تكون لها الجرأة على ممارسة النقد الذاتي لمنظورها لهذه المسألة لتتخلص من الأحكام المسبقة والجاهزة، ولغسل اليسار الحاكم من أوثان المزايدة مع اليمين المتطرف طمعا في استرجاع طهرانية سياسية، واستعادة عذرية مجتمعية على حساب جثث 6 ملايين مسلم. لقد رعت فرنسا كل التمثلات المنتجة للفكر الجهادي الذي سقط ضحيته أبناء المهاجرين من الجيلين الثاني والثالث، لدرجة أنها تحولت إلى بلد مصدر للإرهاب والإرهابيين نحو دول المغرب العربي. كما كان لها، في فترة ارتخائها غير المبرر، أن جربت وصفات الإسلام الأصولي (بشقيه: الإخواني والوهابي) والشيعي، وحاربت الإسلام المالكي في إطار لعبة قذرة في صراعاتها مع دول المغرب العربي، واستقدمت أئمة من فضاءات مذهبية طاعنة في التشدد (خاصة من الجزائر والشرق) لا مرجعية لهم ولا قناعة وسطية لديهم، ولذلك فهي توجد اليوم أمام فرصة اختبار جديدة تدفعها للتوجه نحو الإسلام المالكي، بما يمثله هذا الأخير من فضاء وسطي يقر بالتسامح والاعتدال والتعايش. ولتفعيل هذا التوجه سيكون من مصلحة فرنسا أن تطور علاقاتها مع المغرب، لا فقط باعتبار روابط التاريخ والثقافة، أو باعتبار المصالح الاقتصادية أو الاستراتيجية، ولكن باعتبار بلدنا قلعة لتلك الوسطية المنشودة والحامية للمذهب المالكي (انظر غلاف العدد: 566). هذه هي الطريق إلى الوحدة الحقيقية، الطريق التي تجعل فرنسا تعيد إحياء فكر النهضة والأنوار، عوض التنكر له بل واغتياله. إن فلاسفة الأنوار لو بعثوا لأحسوا بالخجل والتقزز والاستياء، ولتأسفوا على المآل الذي تقوده نحوهم النخبة الفرنسية الحالية. ولذلك فرنسا -في نظرنا- على محك التاريخ والحقيقة، وأمامها اختياران لا ثالث لهما:

إما أن تكون إلى جانب مونتسيكو وروسو وديكارت...، أو إلى جانب هتلر ونتنياهو وجان ماري لوبين...

غلاف العدد الماضي من «الوطن الآن» كان مع الاختيار الأول، مع فرنسا الأنوار والتعايش والعقل والمواطنة واحترام الإنسان أيا كانت ديانته ولونه وعرقه.

«الوطن الآن» اختارت العلاج بالصدمة، لأننا كنا نعي أن غلاف العدد الماضي لا يحمل على الحقيقة، بل على المجاز حتى لا تتحول فرنسا كلها إلى يمين متطرف، وخوفا من أن تؤدي سياسة الحكومة الفرنسية الارتجالية في المجال الأمني إلى «محرقة» أخرى ضد المسلمين بفرنسا. فهولاند بنفسه دعا، بعد واقعة «شارلي إيبدو»، إلى الوحدة الوطنية. لكن للأسف حكومة هولاند كانت أول من نسف الوحدة الوطنية بتجاهل أمن ستة مليون مسلم بفرنسا.

(تفاصيل أخرى في افتتاحية هذا العدد)

 

عمر الإدريسي الزاهري، أمين عام جمعية الحقوقيين العرب المسلمين بأوربا

الصحافة الفرنسية لعبت دورا مخزيا في التحريض المستفز ضد الإسلام

- كيف تنظرون كمهاجرين مغاربة تنامي الاعتداءات العنصرية والكراهية ضد الجاليات الأجنبية وخصوصا المسلمة بفرنسا بعد حادث الهجوم على شارلي إيبدو؟

+ الجالية المغربية حبست أنفاسها أيام وقوع الهجوم وصدمت كما كل مكونات المجتمع الفرنسي عامة واستعادت شريطة الاحداث السنوات السابقة التي تشبه حادثة مراح بشدة للأذهان، وما رافقها من أحداث وعنف وإضرار بصورة الجالية المغربية عامة والإسلامية العربية المهاجرة بصفة خاصة. ولابد من الإشارة إلى أن جل المغاربة والمسلمين يستنكرون العمل الشنيع ويرفضونه كما يرفضون أن ينعتوا ويتهموا بالإرهاب ويرتبط به اسمهم. ولهذا خلال النداء للمسيرة الكبرى للتضامن الوطني تعالت بعض الأصوات من جديد مطالبة بالخروج لإسماع صوت الجاليات المسلمة عامة. لقد ارتفعت وتيرة الأحداث والعنف بعد الهجوم على شارلي إيبدو، وسجلت سلسلة من الإعتداءات على المباني والمساجد (33 اعتداء على المساجد)، وتحولت إلى الأفراد والأشخاص، وبالخصوص النساء والأطفال، وانتقلت إلى الطلبة بالجامعة وغيرها في حالات تشبه الهستيريا، إذ تم قتل وطعن مواطن مغربي بجنوب فرنسا (95 حالة إهانة وتهديد). وقد سجل 133 عملاً معادياً للإسلام بفرنسا خلال أسبوعين فقط مقارنة مع ما تم تسجيله في السنة الماضية 2014 حسب المرصد التابع للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية.

وما يحز في نفوسنا هو الصمت المطبق عن هذه الأحداث، وخصوصا الجريمة البشعة التي ذهبت بروح ضحية بريئة، وهو مواطن مغربي اسمه محمد المعقولي الذي طعن بالسكين قرب عائلته وقت صلاة الفجر، حيث لم توله وسائل الإعلام الفرنسية الرسمية والخاصة أي أهمية، ولا حتى الإعلام المغربي، ولا المسؤولون بالجالية المغربية المقيمة بفرنسا، ولا وزارة الخارجية رغم ما يفرضه الحادث من أهمية ومتابعة كما يحدث مع جاليات أخرى أو ديانات أخرى بعينها، حيث يسلط عليها الضوء وتعطاها الأهمية القصوى بل وتدويلها. ونحن نستنكر بشدة قتل هذا المواطن المغربي بدم بارد.

- ماهي أسباب تنامي الإعتداءات العنصرية بفرنسا، هل الأمر مرتبط بسلوكات الجاليات المسلمة أم بتراكمات السياسات الاقتصادية والاجتماعية المنتهجة بالبلاد والحملات الإعلامية المغرضة تجاه الإسلام والمسلمين؟

+ لابد من التنويه بخطاب كل من وزير الداخلية الذي أكد على عدم الخلط بين الاسلام والإرهابيين، وخطاب الوزير الأول أمام البرلمان الذي قال فيه بالحرف إن له صديقا وهو من أعز أصدقائه وديانته الإسلام، قال له «إني أخاف على نفسي من الأحداث الحالية»، فأجابه الوزير الأول بأنه لا يجب على المسلمين الفرنسيين الخجل من انتمائهم للدين الاسلامي، وبعده بأيام ذهب هولاند رئيس الدولة في نفس اتجاه التطمين محذرا من ربط الإسلام بالإرهاب.

وقبل الخوض في أسباب تنامي الاعتداءات العنصرية بفرنسا، لابد من استحضار التاريخ القديم والحديث المشترك والصور النمطية عن الآخر والاستعمار والحروب الصليبية.. ومن الأسباب الداخلية هناك تراكمات سياسات الإقصاء والتهميش والحملات المغرضة لبعض قنوات الإعلام في حق العرب والإسلام، وهو ما أكدته تقارير منظمات «هيومان رايت ووتش»، ومنظمة التعاون الأوروبي والخارجية الأمريكية و«أمنستي أنترناسيونال»، وكذا التصريحات العنصرية لرئيس حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية (يمين وسط)، وسياسات ساركوزي الذي استعمل الإسلام كقنطرة لمصالحه الشخصية والسياسية، وبشكل غير مباشر لحشد التأييد واكتساب أصوات حزب الجبهة الوطنية مارين لوبين، والحقد على المهاجرين وعلى شباب الضواحي خصوصا، وإثارة المواضيع الثانوية وجعلها كقضايا رئيسية بدل إيجاد حل للتخبط الاقتصادي والسياسي والاجتماعي الذي تعيشه أوربا وفرنسا، خصوصا ومساهمتها في الحرب مع أمريكا بالعراق وليبيا مثلا.

ومن بين القضايا التي أثيرت في السنوات الماضية قضية الحجاب، ثم اللباس، ومنها البرقع، إذ تم استصدار قوانين تحرم هذه الرموز في أماكن ومؤسسات الدولة، وتم بذلك حرمان العديد من الفتيات والنساء من العمل بالحجاب، أضف إلى ذلك محاولة استصدار قوانين جديدة تمنع المرأة من ارتداء الحجاب في بيتها وأثناء رعاية الأطفال الصغار، ناهيك عن محاولات منع النساء أمهات الأطفال المحجبات من مرافقة أطفالهن خلال النزهات وأثناء ممارسة الرياضة. ونشير في هذا الصدد إلى الحملة التي تم شنها ضد إحدى المربيات المحجبات في ما يسمى روض «بابيلو»، والتي رفعت إلى القضاء لمنع مربية مغربية الأصول من الاشتغال بالحجاب في روض خاص غير تابع للدولة، بمعنى أنهم يحاولون توسيع نطاق منع الحجاب ليشمل المؤسسات والشركات الخاصة.

إضافة إلى الهجوم الثقافي والفكري، حيث فتحت أبواق تنادي بإعادة نشر الرسوم من طرف مجلة «شارلي إيبدو» وغيرها، ورفعت ضدها دعاوى من طرف أفراد الجالية، ولكنها خسرت لأن القانون بفرنسا أو ما يسمى بـ«حرية التعبير» يسمح هنا بازدراء الأديان والمقدسات وليس الأشخاص. ونحن نرى كجالية وكحقوقيين أن أخطر الأسباب الفاعلة في إشعال الفتن التي تسعى إلى الإرهاب الفكري وهدم قيم المواطنة والتعايش بين الأديان هي أفكار بعض المفكرين أو مهرجي الإذاعة والتلفزيون وبعض الصحف، والذين يسعون إلى خلط المفاهيم، ومن هؤلاء بعض من يصفونهم بـ «الخبراء» في الإرهاب أو الهجرة، لكنهم في العمق يفتقدون لأي تحليل علمي دقيق أو مستوى علمي وأكاديمي، وكل ما لديهم حقد أعمى وكراهية كالمسمى عبدالوهاب مهندب الذي توفي الصيف الماضي وكان له بوق براديو ثقافة فرنسا يتحدث فيه عن مرض الإسلام والإسلام المريض. إلى جانب دور الصحف والمجلات والإعلام ومنها «لوبوان» و«لوفيكَارو» المواليتان لليمين العنصري و«ماريان» و«ليبيراسيون» التابعة لليسار، ومجلة «فالور أكتيال» التي لم تتوقف أغلفتها عن التحريض المستفز ضد الإسلام، والتي أشارت ذات مرة أن أكثر الأعداد مبيعا لدى المجلة قبل أسبوع من حادثة باريس، وهو العدد الذي يظهر امرأة ترتدي حجابا يحمل ألوان علم الجمهورية الفرنسية تحت عبارة «الخوف على فرنسا، ماذا لو كان وولبيك على حق ، مشيرة بذلك إلى كتاب وولبيك «الخضوع» كقصة سوريالية، والذي يخوف فيه من تحول الجمهورية إلى يد رئيس مسلم منتخب في سنة 2020.

- كيف تقيمون موقف الحكومة الفرنسية إزاء الوضع؟

+ لقد كانت الخطابات التي أعلنها كل من الوزير الأول ووزير الداخلية وكذا الرئيس الفرنسي، في جلها مطمئنة شيئا ما وعكست نوعا من الارتياح لدى الجالية المغربية، كونها أتت مختلفة عن خطابات السنوات الماضية التي كانت تميل لفئة معينة دون أخرى من الطوائف الدينية بفرنسا في معظم الأحيان ونقصد الطائفة اليهودية، وبعد أحداث «شارلي إيبدو» أعطيت الأوامر بحماية المدارس والمعابد وبعض المساجد، مع الإشارة إلى أن الحماية شملت فقط دور العبادة الخاصة باليهود خوفا من تكرار الهجوم عليها، وتم تبرير ذلك بأنه ليس بإمكان الحكومة حماية كل المساجد ودور الكنائس وبقي التركيز على الكبرى منها بالمدن.

- هل الموقف يدعو إلى التخوف، وخصوصا بعض رفض فرنسا استقبال العمال المهاجرين المغاربة القادمين من اسبانيا؟

+ لا أعتقد أن رفض فرنسا استقبال العمال المهاجرين المغاربة القادمين من إسبانيا بهذه الحادثة، بقدر ما يمكن ربطه بملف الهجرة السرية بالقارة الأوربية عامة، وكذلك بالاتفاقية بين البلدان الأوربية «شينغين» وبأهلية وسيادة كل دولة وأحقيتها باتخاذ إجراءات احترازية لحماية اقتصادها من تعميق الأزمة التي عصفت بأوربا. وبما أن فرنسا ليست في حاجة ليد عاملة، لأن أبناءها وحتى المهاجرين إليها لا يجدون شغلا، فكيف ستسمح بأن يتوافد مهاجرون جدد من بلد أوربي مجاور لها، أي إسبانيا، بغض النظر عن كونهم مغاربة أو غير مغاربة؟ والأمر لايدعو للتخوف من هذا الجانب، لأنه كلما كانت الحاجة ماسة وملحة لليد المهاجرة فلن تتوانى فرنسا أو إسبانيا إلى اللجوء لخدماتها وطلبها وبالكمية والنوع الذي تحتاج اليه.

- هل تتوقعون انفراجا قريبا للوضع وانتصار الأصوات الديمقراطية بفرنسا على حساب القوى العنصرية والمتطرفة؟

+ بعد أن هدأت العاصفة من الغليان المصاحب للأحداث، ارتفعت أصوات تطالب بضرورة إيجاد حلول للشباب وبحث أسباب التطرف وإحياء قيم المواطنة وخلق لقاءات بين ممثلي الديانات واللائكية والعمل على خلق وإحياء جو وطني جمهوري بتحقيق التعايش المشترك ونبذ العنف، في حين انتفضت الأصوات العنصرية منادية بضرورة منع انتشار الاسلام ونزع الجنسية من مزدوجي الجنسية، ممن يقومون بالأعمال الجهادية أو ممن يسافرون للجهاد بالخارج وتضييق الخناق على الأنترنيت والتضييق على الحريات وإعطاء الشرطة والدولة الحق في توقيف كل من يتعامل مع المواقع الإلكترونية للحركات الجهادية وتوقيفه ولو لم يرتكب أي جرم، إذ تم توقيف العديد من الأشخاص على خلفية الأحداث. وحسب منظمات حقوق الانسان فقد عرفت فرنسا تزايدا في القضايا المعروضة من هذا الصنف واختلافا في الأحكام الصادرة وتناقضها رغم أنها تتعلق بنفس الموضوع. وكما وقع في حادثة غريبة وصادمة عن حقوق الانسان بفرنسا، والتي تتعلق بقصة طفل تلميذ اسمه أحمد ويبلغ ثماني سنوات بمدينة نيس، والذي رفع ضده مدير مدرسته دعوى قضائية وتم استنطاقه بمخفر الشرطة خلال ساعتين ووجهت له أسئلة: هل أنت مع الإرهاب؟ وما هو الإرهاب؟ وأجاب محاميه بأنه لا يعرف الإرهاب ولا يقول إنه مع القتلة، وأمضى على محضر الضابطة القضائية!! واستنكر محاميه ما جرى له وقام الوالدان بمساعدة القوى الحية ومنظمات المجتمع المدني برفع دعوى ضد المدير هذه الأيام. وقد استغرب محامي العائلة من استدعاء طفل في الثامنة من عمره للتحقيق معه في مخفر، مشيرا إلى مفارقة لجوء مدرسة مسؤولة عن التعليم إلى المخفر كحل بدلاً من إيجاد حلول تربوية للموضوع.

ونأمل كفاعلين حقوقيين ألا تمحي قضية «شارلي إيبدو» كل التراكمات والمكتسبات الحقوقية والحريات والديمقراطية التي تعرف بها فرنسا كدولة في تاريخها وفي كتبها وسياستها وواقعها ومؤسساتها. وأعتقد أن ما حدث سيشكل فرصة لطرح أسئلة وملفات ظلت معلقة أو ظلت المواقف بشأنها غامضة من قبيل الهوية والمواطنة والديانة وموقع الاسلام بصفة خاصة بفرنسا وأوربا بصفة عامة، باعتبار أن الإسلام جزء ومكون ورافد من المجتمع الفرنسي.

 

نورالدين بطلاني، رئيس جمعية العمال المغاربيين بفرنسا، فرع سان هويي لوران

سلوك النخبة السياسية والإعلامية بفرنسا ضد المهاجرين أنتج رد فعل مشحون بالعداء للأجنبي

- كيف تتابعون داخل جمعية العمال المغاربيين تنامي الاعتداءات العنصرية والكراهية تجاه المهاجرين بفرنسا؟ + تنامي العنصرية والكراهية ضد الأجانب ليس وليد الأحداث الأخيرة المرتبطة بافعتداء على شارلي إيبدو، إنما هي قضايا مزمنة في المجتمعات الأوروبية عموما والمجتمع الفرنسي على الخصوص، وقد خاضت جمعيتنا بمعية باقي مكونات المجتمع المدني المعنية بقضايا الهجرة، نضالات طويلة ضد كل أشكال الميز ومنها معاداة الإسلام (الإسلاموفوبيا)، التي زادتها الأحداث الأخيرة تأججا، والتي تمظهرت في تزايد نسبة الإعتداءات على المسلمين وخصوصا على المساجد..

- ماهي الجهات التي تصب مزيد من البنزين على نار العنصرية والكراهية المشتعلة بالمجتمع الفرنسي؟

+ هي دائما نفس الأطراف التقليدية التي تعادي المهاجرين عموما، والمسلمين منهم على الخصوص، ونقصد بها اليمين المتطرف متمثلا في الجبهة الوطنية.. الأجواء المشحونة التي تلث أحداث 7 و9 يناير دفعت جزءا من الطبقة السياسية الفرنسية ومعها بعض المنابر الإعلامية الى ردة فعل مشحونة غير محسوبة العواقب، ومن شأنها أن تزيد من تنامي الميز العنصري والإسلاموفوبيا، وتهدد بالتالي وحدة وتماسك المجتمع الفرنسي.

الشيء الذي يحمل الدولة مسؤولية حماية الأقليات وأماكن ممارستها لحريتها الدينية، وكذا تغيير سياساتها تجاه الأحياء الشعبية وسكان الضواحي والعمل على إخراجهم من اوضاعهم الإجتماعية الكارثية وفتح باب الأمل أمم شبيبة هذه الأحياء..

- بعض المراقبين يتحدثون عن مواطنة تفضيلية للمواطنين الأوروبيين واليهود مقارنة بالمهاجرين المنحدرين من البلدان الإسلامية، مارأيك؟

+ القوانين الأوروبية تحمي حق المواطنين الأوروبيين في التنقل والعمل، وهذا ما يفسر كون المغاربة الحاملين لجنسيات أوروبية يستفيدون من هذا الحق، بينما الأجانب غير الأوروبيين لايستفيدون إلا من حق التنقل. ونعتقد كجمعية معنية بقضايا الهجرة بأن الطريق الى فرض مساواة المهاجرين بنظرائهم من المواطنين الأوروبيين لازال طويلا، ويتطلب تعبئة كل الجهود من أجل تغيير ميزان القوى ضد العنصرية والتطرف وكل أشكال التمييز..

 

صوفيا المنصوري، صحافية مغربية مقيمة بفرنسا

جل السياسيين الفرنسيين أشعلوا الفتنة ضد الإسلام والمهاجرين

- كيف تقرؤون، كجالية مغربية، تنامي الاعتداءات العنصرية والكراهية ضد الجاليات الأجنبية بفرنسا، وخصوصا الجاليات المسلمة، بعد حادث الهجوم على شارلي إيبدو (قتل الأجانب الاعتداءات على المساجد، تقارير صحفية ورسوم مسيئة للإسلام والمسلمين..)؟

+ أعتقد بأن تنامي العنصرية والعداء ضد الإسلام والمسلمين ليس وليد أحداث شارلي إيبدو وأحداث باب فانسين، فالجاليات المسلمة في فرنسا تعيش على إيقاع الكراهية و الميز منذ ما بات يعرف بقضية محمد مراح. وهنا سأورد نتائج التقرير الصادر عن اللجنة الوطنية الاستشارية الفرنسية لحقوق الإنسان (مؤسسة وطنية مستقلة تقوم بدور تقديم المشورة و المقترحات للحكومة) في تقريرها لسنة 2013 حول العنصرية ومعاداة السامية وكراهية الأجانب، والذي أكد أن المشاعر المعادية للمسلمين تتنامى بقوة في فرنسا، مشيرا إلى أن رتفاع مؤشرات العنصرية مثير للقلق. وحسب التقرير، فإن 55 بالمائة من الفرنسيين يعتبرون المسلمين مجموعة على حدة داخل المجتمع الفرنسي (يعني يصنفونهم على أساس الديانة وليس الانتماء للبلاد) بارتفاع بأربع نقاط مقارنة بتقرير2011 و11 نقطة مقارنة بتقرير 2009. فهناك انطباع سيء عن الدين الإسلامي باعتباره يهدد نموذجا اجتماعيا يعاني صعوبات ويهدد العلمانية باعتبارها عنصرا من عناصر الهوية الفرنسية، لذلك فالاعتداءات التي طالت المسلمين مباشرة بعد الأحداث الإرهابية الأخيرة كانت متوقعة، بالنظر إلى جو الكراهية والعنصرية السائد في فرنسا منذ سنوات. فحتى مؤشرات وقوع هجوم إرهابي بفرنسا كانت متوقعة، بالنظر إلى تنامي المد الجهادي. فالإحصائيات الأخيرة تتحدث عن عودة 1400 جهادي من سوريا والعراق. لقد أصبحت فرنسا مشتلا للجهاديين الموالين لداعش والقاعدة، وهو ما لا تريد فرنسا تحمل مسؤوليتها فيه، وتعتبره من تبعات الهجرة، في حين أن جل المعطيات تشير إلى أن غالبية المقاتلين في صفوف داعش هم فرنسيو المولد والنشأة وصنيعة النموذج التربوي الفرنسي.

- ماهي الجهات التي تسعى إلى تأجيج مزيد من العنصرية والكراهية بفرنسا؟ وماذا عن مواقف باقي الأطراف السياسية بفرنسا؟ وكيف تنظرون إلى اتخاذ موقف الحكومة الفرنسية في حماية المسلمين والمساجد من الاعتداءات مقابل حماية دور العبادة الخاصة باليهود والمسيحيين؟

+ الجهات التي تسعى إلى تأجيج العنصرية والكراهية كثيرة ومتداخلة.. فيها السياسي والإعلامي، والمثقف و بالطبع المتلقي المواطن العادي. النخبة السياسية الفرنسية هي أول من توجه لها تهمة العنصرية وتأجيج الكراهية، لأنها هي من روجت لخطاب الإسلاموفوبيا ومعاداة الأجانب. فجل السياسيين يمينا ويسارا وأقصى اليمين علقوا شماعة إخفاقاتهم السياسية على الهجرة وما تفرزه من عدم اندماج في المجتمع الفرنسي ومشاكل اقتصادية واجتماعية، معلقين آمالهم الانتخابية في الفوز بكرسي الرئاسة على دغدغة مشاعر الفرنسيين وإيهامهم بأن الآخر الأجنبي خطر على قيم الجمهورية. فلا يخلو برنامج انتخابي من تدابير ضد الهجرة والتضييق على المهاجرين بسن قوانين مجحفة.

ثم لاننسى أن في عهد الرئيس اليميني السابق نيكولا ساركوزي تم الحديث لأول مرة عن الهوية الوطنية الفرنسية، وما صاحب ذلك النقاش من خطاب عنصري روج له اعلاميا واستحدثت على إثر ذلك لأول مرة في تاريخ فرنسا وزارة للهجرة والهوية الوطنية.

في المشهد السياسي الفرنسي يحتل اليمين المتطرف - بزعامة مارين لوبين نجلة عراب العنصرية والكراهية جون ماري لوبين- الصدارة. فقد دفعت به الأزمة السياسية التي تعيشها فرنسا إلى الواجهة فارتفعت أسهمه، وتتوقع بعض الجهات فوزه بالانتخابات الرئاسية المقبلة في جولتها الأولى. فضعف الحزب الحاكم في إيجاد حل للمشاكل التي يتخبط فيها المواطن الفرنسي، فتحت المجال أمام اليمين المتطرف للترويج لخطاب عنصري مفاده أن بؤس المجتمع الفرنسي ووضعه المتأزم راجع لسياسة فرنسا في مجال الهجرة التي فتحت المجال أمام المهاجرين، وخصوصا من هم من أصول مسلمة للعيش في فرنسا والاستفادة من مساعدات الدولة والتضييق على المعيش اليومي للفرنسيين.

إعلاميا منذ سنوات والقنوات التلفزية الفرنسية تستضيف دعاة الكراهية والعنصرية ونجد على رأسهم إريك زمور، الذي لم يتوان لحظة في تأجيج روح الكراهية ضد المسلمين، وروج لصور نمطية مبالغ فيها عن الفرنسي المسلم أو الفرنسي من أصول عربية. ففي كتابه الأخير «الانتحار» طالب بترحيل كل مسلمي فرنسا، لأنهم وبال على الجمهورية وقيمها. وبالمناسبة كتاب اريك زمور مؤشر قوي عن مدى عنصرية المجتمع الفرنسي، لأن عدد الذين تضامنوا معه عندما تم توقيفه من قناة «ايتيلي» الفرنسية بسبب مواقفه المعادية للمسلمين فاق المتوقع.

أضف إلى ذلك صدور رواية أخرى مثيرة للجدل الشهر الماضي، للروائي ميشيل هويلبيك عنوانها «خضوع»، وهي الرواية التي تتحدث عن مستقبل العلاقة بين الأديان الثلاثة اليهودية والمسيحية والإسلام، وكيف أن المسلمين سينجحون بالاستيلاء على الحكم في فرنسا، وبأن رئيس فرنسا عام 2022 سيكون مسلما.

رغم دموية أحداث «شارلي إيبدو» إلا أن فرنسا مازالت تتعامل بسياسة الكيل بمكيالين، فمثلا لم يتم التعامل مع المسلمين بنفس الطريقة التي تم التعامل بها مع اليهود، إذ تم الاعتداء على أكثر من 50 مسجدا ومحلا تجاريا. لكن القنوات التلفزية مرت مرور الكرام على هذه الأحداث، حيث تمت استضافة شخصيات يهودية وقدمتها كضحية للإرهاب ومعاداة السامية بالمقابل تمت استضافة شخصيات فرنسية مسلمة كمتهمة وجب عليها تبرير أحداث وأفعال أشخاص تعد في الأصل منافية للدين الاسلامي. لذلك فليس من قبيل المبالغة القول بأنه تم التعامل مع اليهود بصفة تفضيلية حتى في حماية دور عبادتهم المحسوبة على رؤوس الأصابع مقابل مساجد المسلمين العديدة.

- هل الموقف يدعو إلى التخوف، وخصوصا بعد رفض فرنسا استقبال العمال المهاجرين المغاربة القادمين من إسبانيا؟ وهل ستنتصر قيم الجمهورية الفرنسية القائمة على المساواة والحرية على القوى العنصرية والتطرف؟

+ الفرنسيون المسلمون والمهاجرون المسلمون من أصول عربية يوجدون مرة أخرى في وضع لا يحسدون عليه. فاليمين المتطرف ارتفعت أسهمه وشرع في الركوب على ما حدث من أجل بث خطاب الرعب والتخويف من الإسلام والمسلمين. وفرنسا من خلال التدابير التي اتخذتها مؤخرا تبدو وكأنها لم تفهم بعد كيف تتعامل بحياد مع الأحداث، وكيف تفصل بين الإرهاب الذي يعد المسلمون أكثر ضحاياه في اليمن والعراق وسوريا وبين الإسلام وهو ديانة نصف المجتمع الفرنسي إن لم نقل أكثر. وهنا يجد المسلمون أنفسهم في وضع المتهم المجبر على توضيح من هو، وتبرير ما وقع، والفصل بين ما حدث من قتل وتقتيل وبين الإسلام الحقيقي.

ستنتصر لا محالة قيم الجمهورية الفرنسية من حرية وإخاء ومساواة على العنصرية والتطرف والعنف، إذا ما تم التعامل مع الفرنسيين المسلمين على أساس مواطنة كاملة وليس نصف مواطنة، وبجعل قيم الجمهورية أساس سياستها التربوية في المدارس، وتجاوز الصور النمطية والأحكام المسبقة تجاه نصف المجتمع الفرنسي، وأن تتحمل الحكومة الفرنسية بكل مسؤولية إخفاقاتها الأمنية في مجال مكافحة الإرهاب. فمحمد مراح كان عميلهم قبل أن يقوم بهجماته. وعلى دعاة أسلمة المجتمع الفرنسي أن يمتثلوا لقوانين الجمهورية وسياساتها واحترام علمانية البلد الذي يعيشون فيه، وعلى ممثلي الجاليات المسلمة في مجلس الديانة الفرنسي وكل التنظيمات الإسلامية في فرنسا نبذ الخلافات والترويج لإسلام حقيقي قائم على الاعتدال.

 

 

مولاي المصطفى بابوي، الكاتب العام لجمعية CARP/ESPOIR بمدينة أنزا (شمال فرنسا)

إن لم يتم إرضاع المهاجرين بحليب المذهب المالكي فسيزداد الوضع سوءا بالمهجر

- في نظرك، ماهي أسباب تنامي الكراهية والعنصرية داخل المجتمع الفرنسي في السنوات الأخيرة؟

+ مما لا مراء فيه أن السبب الرئيسي في تنامي كراهية الأجنبي المنتمي إلى العالم الثالث عامة والعربي أو المسلم على وجه الخصوص هو ارتفاع بفرنسا وما ينجم عنها من مضايقة المهاجرين للفرنسيين في سوق الشغل، وما واقعة شارلي ايبدو إلا القطرة التي أفاضت الكأس، ناهيكم عن بعض السلوكات الثقافية للمهاجرين التي تتعارض مع عادات وتقاليد المجتمع الفرنسي، كالحجاب أو النقاب مثلا أو اللباس الذي يرتديه بعض الشباب المسلم على الطريقة الأفغانية في بعض الأحيان.

حادثة شارلي ايبدو فقد نزلت كالصاعقة على المسلمين بفرنسا قبل الفرنسيين أنفسهم، إذ كان الجميع يتوقع انعكاسات خطيرة ووخيمة على المسلمين.وقد ساد الخوف والهلع كل الأسرهنا بفرنسا، وقد كنا نتوقع ردود فعل عنيفة على وجودنا هنا بالمهجر بسبب إنخراط أناس من أبناء جلدتنا في هذه الفاجعة.

وقد بدأنا نسمع هنا وهناك انتهاكات مختلفة تجاه الأجانب المسلمين، من نظرات مقيتة، إلى سب وشتم، إلى رمي بعض التلاميذ في المدارس بالقتلة وإلى المس بالمساجد بأشكال متباينة، لكن ما تم تسجيله من انعكاسات سلبية هنا بشمال فرنسا، جراء هذه الأعمال الإرهابية التي عرفتها باريس لم تكن بنفس الحدة التي عرفتها مناطق أخرى بفرنسا، اللهم ما كان من تأثيراتها النفسية على الجالية المسلمة المغاربية.

فقضية «أنا شارلي» التي أصبح الخاص والعام يرددها ويكتبها ويؤمن بها لم تكن باللقمة السائغة لدى كافة المسلمين هنا بفرنسا وذلك للاعتبارات التالية:

فمن الناس من رفضها جملة وتفصيلا، رغم اعترافهم الشامل بأن العمليات الإرهابية التي عاشتها فرنسا جريمة نكراء في حق هذا الوطن، وفي حق مواطنين أبرياء لا ذنب لهم في ذلك، ومرتكبوها مخالفون لمنهاج نبينا الكريم الذي يدعو إلى العفو والتسامح وعدم المس بالنفس البشرية، ومنهم من سار على طرح «بابا الفاتيكان» الذي أدلى في تصريحاته بخصوص هذا الموضوع بأن للديانات حرماتها، مشيرا إلى أن هناك خطوطا حمراء في مجال حرية التعبير لا ينبغي تخطيها، وصنف آخر كرؤساء بعض المساجد المغربية، الأول بشمال فرنسا وآخر بباريس، أولهما حضر لبرنامج في موضوع هذا الحادث الأليم وأدلى بدلوه في الموضوع وفي نهاية المطاف وبشكل استغرابي طرح عليه ضيف صحافي السؤال التالي: هل تستطيع أن تقول أنت شارلي؟ فأجابه رئيس المسجد: نعم أنا شارلي، ونفس العبارة كررها رئيس مسجد في باريس.

خلاصة القول: لا أحد إطلاقا يعترف بأنه شارلي، ولو قالها جهرا أمام العالم، لأن القول شيء وما تخفيه الصدور شيء آخر. فهذا الأمر يعود بذاكرتي إلى فيلم «ظهور الإسلام» عندما كان يطلب من المسلمين أن يذكروا محمدا بسوء... والأهم من ذلك هو القاسم المشترك بين كل فئات المسلمين هنا بفرنسا: تنديد الجميع بما حصل من إرهاب وقتل للنفوس بغير حق في مدينة باريس القلب النابض لفرنسا. فالجميع يتبرأ من هذه الجرائم البربرية التي ارتكبت في حق فرنسيين ينتمون إلى ديانات واعتقادات وتوجهات مختلفة.

- ماهي الجهات التي تسعى الى تأجيج مشاعر الكراهية تجاه الأجانب المسلمين بفرنسا؟ وكيف تقيمون موقف الجمهورية الفرنسية المتخاذل إزاء حماية المسلمين والمساجد من الإعتداءات العنصرية؟

+ الجهات التي تسعى إلى تأجيج المزيد من العنصرية والكراهية بفرنسا متنوعة، إن لم أقل كثيرة، لأسباب سياسية واجتماعية وثقافية وانتخابية. سياسيا الحزب اليميني المتطرف هو الذي يحتل الصدارة في العنصرية والكراهية للأجنبي من أصول مغاربية ويصرح بذلك جهارا وفي واضحة النهار، وهي ورقته الرابحة لتعزيز شعبيته والتفوق على خصومه، وهناك بعض الأحزاب التي تسير في حياء في هذا المسار وتبدي عداءها للمغاربيين وبشكل يغطيه المكر والنفاق رغبة في ربح الرهانات الانتخابية المستقبلية.

أما اجتماعيا، فإن المهاجر المغاربي تنفر منه عيون الفرنسيين الأصليين لكونه يضايقهم في سوق الشغل، وهم تواقون لإعطاء الفرنسي حق الأسبقية في العمل والحصول على السكن لولا القوانين الفرنسية التي تنص على عكس ذلك.. إلا أن هذا لا ينفي وجود بعض الأحزاب التي تسير في الاتجاه الصحيح الذي يشرف وجه الجمهورية الفرنسية احتراما للمواطنين بغض النظر عن جنسهم أو أصولهم او اعتقاداتهم الدينية، إضافة إلى النقابات والمجتمع المدني، والجمعيات الحقوقية التي تدافع عن كرامة المغلوب على أمرهم من الأجانب. وكي أكون واضحا، ومن باب الإنصاف والإعتراف بالجميل، في ما يخص علاقة السلطات الفرنسية مع المسلمين، في المدينة التي أقطن بها، فقد تقدمنا بطلب لعمدة مدينتنا «آنزا» المجاورة لفلانسيان شمال فرنسا، للحصول على مقر للصلاة، وبالفعل استجاب لطلبنا كجمعية ثقافية مغربية، وخصص لنا طابقا بكامله، يحتوي على قاعة للصلاة ومرافق حيوية للوضوء ومكتب.. وللإشارة، فكثيرا ما يتردد رجال الأمن على المساجد، خصوصا يوم الجمعة حفاظا وحماية على أمن المسلمين الذين يؤمون دور العبادة بكثرة في هذا اليوم.

- هل الموقف يدعو الى التخوف، وماهي سبل التغلب على الكراهية والعنصرية تجاه الأجانب والتي تفشت بفرنسا في السنوات الأخيرة؟

+ المسلم الحقيقي لا يخشى إلا الله، لكن الواجب يفرض علينا كمسلمين بالغرب، مقيمين وليس مهاجرين، أن ننزع عن أنفسنا عقدة الأجنبي، وأن ننخرط في المجتمع الذي نعيش فيه بأجسادنا وعزائمنا ومبادراتنا، دون الانسلاخ عن أصولنا وتاريخنا وثوابتنا الراسخة. علينا أن نفرض وجودنا في الغرب بشكل ايجابي، ثقافيا ومعرفيا وأخلاقيا وعلميا واقتصاديا، وذلك بتكوين أجيال تواقة لغد باسم، عن طريق التربية الصالحة والسلوكات الطيبة الراقية، حتى نتمكن من الانخراط بشكل مشرف في المجتمع الفرنسي.

كفانا من الوصاية، ومن استعمالنا كورقة بائدة في الغرب تمكن الأحزاب المتطرفة من النيل من كرامتنا وتعزيز شعبيتها على حسابنا. فما دامت البطالة ضاربة أطنابها بفرنسا، وما دام الحزب اليميني المتطرف ومن سار على دربه يشنون الحروب المستمرة ضد العرب والمسلمين، ومادام المثقفون من أصول مغاربية غير مهتمين بمصير الجاليات المسلمة، وما دام المغرب لم يعد النظر في الشأن الديني سيرا على المذهب المالكي السني المعتدل الجاري به العمل في بلادنا حفاظا على تطعيم ناشئتنا بنفس ديني معتدل، فسيتبقي حليمة على عادتها القديمة، وسيزداد الوضع سوءا إن لم أقل تدنسا والعياذ بالله.

 

كيف تعامل الإعلام الدولي مع غلاف «الوطن الآن»

أسبوع كامل مر على نشر أسبوعية «الوطن الآن» لغلاف: «هل سيحيي الفرنسيون محرقة هتلر لإبادة المسلمين في فرنسا»، وما زالت ردود الفعل الغربية والعربية لم تتوقف، حيث لم يستفق بعد الفرنسيون من الصدمة التي أحدثها هذا الغلاف الذي شبه رئيسهم، في صورة مركبة (فوطومونطاج) بالزعيم النازي، أدولف هتلر، حيث يظهر هولاند بزي عسكري نازي وبشارب يشبه شارب هتلر. وفي ما يلي ملخص لبعض ما ورد في الصحافة العالمية من تغطية للحدث

نشرت «لوباريزيان» الفرنسية مقالا بعنوان: «هولاند في صورة هتلر في صحيفة مغربية: أمر مروع حسب وزارة الداخلية». وقالت، إن عملية النشر التي «يجرمها» القانون، أتت في التوقيت الخطأ، خاصة أن الرباط وباريس يحاولان إعادة الدفء إلى علاقاتهما بعد عام كامل من الجمود.

وأفادت لوباريزيان أن هذا النشر أتى بعد أيام قليلة فقط من إحياء ذكرى تحرير معسكر «اوشفيتز» النازي، التي حضرها هولاند، وهو ما علق عليه وزير الخارجية الفرنسي بأنه أمر مروع، مذكرا بأن وزيرة العدل الفرنسية، كريستيان كوبيرا، استقبلت نظيرها المغربي يوم الخميس الماضي، كما أوضح أن وزير الخارجية المغربي سيحل بفرنسا، وأن لوران فابيوس سيقوم بزيارة إلى المغرب، دون أن يحدد تاريخها، وذلك لوضع العلاقات المغربية الفرنسية، التي مرت بمرحلة اضطراب، على سكتها الصحيحة.

وذكرت لوباريزيان بأسباب الأزمة التي تفجرت بين البلدين، وذاك بعد الزيارة التي قام بها رجال الشرطة الفرنسية إلى بيت السفير، والاستدعاء الموجه إلى عبد اللطيف الحموشي، مدير الديستي، مما جعل المغرب إلى التعبير عن غضبه بتعليق الاتفاقيات القضائية الثنائية مع فرنسا.

وقال لوباريزيان إن عبد الرحيم أريري، مدير أسبوعية «الوطن الآن»، عبر للعديد من وسائل الإعلام عن تحمله لمسؤولية ما نشر، وقال إن ما نشره هو شيء قليل في حق فراسوا هولاند الذي يستحق أكثر من ذلك، مضيفا أنه لم يفعل أي شيء لحماية المسلمين في فرنسا، وأن أماكن كثيرة يؤمها المسلمون تعرضت للهجوم، وظلت دون حماية من السلطات الفرنسية، بينما تحظى أماكن اليهود بالحماية اللازمة.

وتحت عنوان: «هولاند مرسوما على شاكلة هتلر على الصفحة الأولى لجريدة مغربية»، قالت «لوفيغارو» إنه بعد يومين من انتهاء فعاليات إحياء ذكرى تحرير معسكر «أوشفيتز» النازي، لم تتردد «الوطن الآن» في الإحالة على هتلر في وصفها لسياسة فرانسوا هولاند.

وأضافت «لوفيغارو» أنها بنشرها لهذا الغلاف، حاولت الصحيفة االمغربية إثارة الانتباه إلى المعاملة التي يتعرض لها المسلمون، وأنه لا يجري تأمين سلامتهم، مضيفة أن مدير الصحيفة، الذي استجوبته «تيل كيل»، قال إن «اليسار واليمين في فرنسا يتنافسان، بعد الاعتداءات الإرهابية الأخيرة، حول من سيكبد المسلمين أضرارا أكثر».

ومن جهته، قال موقع «فرانس تي في أنفو»، في مقال له بعنوان: «أسبوعية مغربية تشبه هولاند بهتلر: صفارة إنذار للطبقة السياسية»، إن أريري لا يبالي بما يمكن أن يجره عليه هذا المقال، وأنه لم يتردد في تشبيه ما يحصل الآن في فرنسا بليلة الكريستال في 1938، أي بعد مقتل مسؤول بالرايخ الثالث في النمسا من طرف يهودي لاجئ في فرنسا، وكيف استغل هتلر الواقعة، مما أدى إلى مقتل 91 يهوديا وتهجير 35000 آخرين، حيث اعتبر هتلر تلك الواقعة هبة من السماء لتحريك الألمان ضد اليهود.

وأضافت «فرانس تي في أنفو» أن أريري يعتبر أن هولاند تعامل مع الهجوم على «شارلي إيبدو» للحصول على بكارة سياسية جديدة، موضحة أن أريري أعلن عن تحمله كامل المسؤولية في هذا الغلاف قائلا: «منذ هجمات باريس، لا يمر يوم دون أن أستلم رسائل من مسلمين مقيمين في فرنسا يقولون فيها إنهم يعيشون في جحيم وهم في خطر. لذلك، ومن خلال الصورة التي نشرناها، أريد أن أرسل رسالة قوية للسياسيين الفرنسيين وأقول لفرانسوا هولاند يجب حماية المسلمين وأماكن العبادة أكثر. وإن لم يقم بذلك، فستكون هناك انحرافات».

ونشر موقع «جان مارك موراديني» مقالا بعنوان «فرانسوا هولاند يظهر في صورة هتلر في الصفحة الأولى لجريدة مغربية». وقالت إن هذا الغلاف بمثابة صفارة إنذار في وجه الطبية السياسية، في المغرب وفرنسا، خاصة أن مجموعة من الشهادات تؤكد أن الإسلاموفوبيا وصلت إى معدلات مقلقة».

واعتبرت «باري ماتش» أن الصورة عنيفة جدا: صورة هولاند على شاكلة هتلر التي انتشرت بسرعة على المواقع الاجتماعية، وأن العديد من المبحرين على الأنترنت أصيبوا بالصدمة. وقالت المجلة إن مدير «الوطن الآن» يؤاخذ على السلطات الفرنسية عدم حمايتها لأماكن العبادة الخاصة بالمسلمين، والتي تتعرض لاعتداءات شبه يومية»، على الرغم من إعلان الوزير الأول الفرنسي، مانويل فالز، باستنكار هذه الأفعال. وذكرت بما نشره فالز في حسابه على تويتر، وأن الأفعال المعادية للمسلمين غير مقبولة، وغير مسموح بها بتاتا. كما ذكرت بما قاله فرانسوا هولاند نفسه في معهد العالم العربي بباريس حول موضوع التمييز بين المسلمين والعرب وغيرهم، حيث قال إن لمسلم فرنسا نفس الحقوق ونفس الواجبات التي يتمتع بها جميع المواطنين، وأنه يجب يجب أن تكون محمية.

أما مجلة «الإكسبرس»، فلم تزد على ملاحظة أن قصر الإليزي لم يبد أي رد فعل على ما نشرته أسبوعية «الوطن الآن»، حيث اعتبرت هي الأخرى أن هذا الغلاف الذي يظهر هولاند على شاكلة هتلر هو بمثابة جرس إنذار للطبقة السياسية في المغرب وفرنسا، خاصة أنه منذ الهجوم ضد صحيفة «شارلي إبدو»، هناك العديد من الشهادات التي تشير إلى أن الخوف من الإسلام قد اتخذت أبعادا خطيرة جدا في فرنسا.

ومن جانبها نشرت «فرانس 24» على موقعها مقالا بعنوان «صحيفة مغربية تشبه فرانسوا هولاند بالزعيم النازي أدولف هتلر».

وقالت «فرانس 24»: بعد ثلاثة أيام فقط على انتهاء فعاليات إحياء الذكرى الـ70 لتحرير معسكر «أوشفيتز» النازي، نشرت صحيفة «الوطن الآن» صورة لفرانسوا هولاند وشبهته بالزعيم النازي أدولف هتلر. وأضافت: «في تصريح لفرانس 24»: برر الرحيم أريري، رئيس تحرير صحيفة «الوطن الآن»، خياره وتحمل مسؤولية نشر الصورة»، وقال: «منذ هجمات باريس، لا يمر يوم دون أن أستلم رسائل من مسلمين مقيمين في فرنسا يقولون فيها إنهم يعيشون في جحيم وهم في خطر. لذلك، ومن خلال الصورة التي نشرناها، أريد أن أرسل رسالة قوية للسياسيين الفرنسيين وأقول لفرانسوا هولاند يجب حماية المسلمين وأماكن العبادة أكثر. وإن لم يقم بذلك، فستكون هناك انحرافات».

وذكرت «فرانس 24» أن عبد الرحيم أريري لم يبال بالمادة رقم 52 من قانون الإعلام المغربي التي تعاقب بالسجن سنة كحد أقصى لكل من يهاجم بشكل علني شخصية رئيس دولة والمساس بكرامته، بل وصف هذا القانون بـ«غير العادل». وتساءل: «لماذا الصحفيون الفرنسيون يملكون الحق في نشر رسومات مسيئة للرسول محمد بينما أنا لا أستطيع القيام بنفس الشيء إزاء الرئيس الفرنسي؟». ونبهت «لوموند» إلى أن ما نشرته «الوطن الآن» هو «مثال آخر على النقاش الدائر حول حرية التعبير وحدودها، وقالت إن العنوان الذي اختارته الأسبوعية المغربية «استفزازي للغاية».

وأضافت «لوموند» في مقال لها بعنوان: «هولاند على شاكلة هتلر: صحيفة مغربية تتحمل المسؤولية وتطالب» بأن فرنسا، إضافة إلى الإليزي ووزارة الخارجية، لم تحرك ساكنا في الوقت الراهن، لسبب وجيه، وهو ما وراء حرية التعبير، الذاتية وحدودها، خاصة أن «الوطن الآن» صحيفة مغربية غير معتادة على الفضائح، وأن نشرها لذلك الغلاف في سياق الأزمة الدبلوماسية مصغرة بين باريس والرباط.

وأفاد موقع «لوجورنال دوموزولمان» أن الغاية وراء تشبيه هولاند بهتلر، حسب عبد الرحيم أريري مدير أسبوعية «الوطن الآن»، هو دق الجرس الإنذار أمام الطبقة السياسية، في المغرب وفرنسا، من أجل الانتباه إلى ما يجري لمسلمي فرنسا منذ الاعتداء على «شارلي إيبدو»، ومن أجل حث السلطات الفرنسية على حماية أماكن العبادة للمسلمين، كما تفعل مع أماكن عبادة اليهود.

وقالت «ليبراسيون»، نقلا عن استجواب أجرته «تيل كيل» مع عبد الرحيم أريري مدير نشر «الوطن الآن» إنه بتحمل تبعات النشر، وأن ما ورد في غلاف الأسبوعية «هو القليل جدا ضد الرئيس الفرنسي»، مضيفا أنه «يستحق أسوأ، ما دامت الحكومة الفرنسية لا تضمن أمن المواطنين المسلمين في فرنسا، كما هو الحال بالنسبة للمجتمع اليهودي».

وتابعت الصحيفة الفرنسية أن أريري قال إن فرنسا تستعد لحرمان المسلمين من حقوقهم ومن السكن ومن فرص العمل، وأن هذا الغلاف هو بمثابة جرس إنذار للطبقة السياسية للتحرك ضد الإسلاموفوفيا التي اتخذت أبعادا خطيرة جدا في فرنسا.

وأكد موقع «الهوفينغتون بوست» أن فرنسا تعرضت لصدمة بعد الغلاف الذي أظهر الرئيس الفرنسي هولاند على شاكلة هتلر ببزته العسكرية وشاربه المعقوف، حيث أثار الموضوع سيلا من التعليقات المتباينة على المواقع ووسائل الإعلام الفرنسية. مضيفا أن تشبيه هولاند النازي هتلر على غلاف الأسبوعية المغربية يأتي بعد أيام قليلة فقط من إحياء ذكرى تحرير معسكر «أوشفيتز» النازي.

واعتبرت «أوروب 1» أن ما نشرته «الوطن الآن» تحت عنوان «هل سيحيي الفرنسيون محرقة هتلر لإبادة المسلمين» استفزاز. وذكرت بما أسمته «البرود الدبلوماسي»، وأن هذه «الحكاية» لا يبدو أنها ستخدم تسوية العلاقات التي ظلت جامدة بين المغرب وفرنسا. وذكرت بالسقطات الدبلوماسية التي قادت الرباط إلى تعليق الاتفاقيات القضائية بينها وبين باريس.

وأوضح موقع «بي إف إ متي فيي» أن أسبوعية «الوطن الآن» لم تتردد في المقارنة ما بين اغتيال الزعيم النازي الذي سمح لهتلر بتبرير ترحيل اليهود، وبين ما يتعرض إليه المسلمون بعد الهجمات التي ضربت فرنسا. مضيفا أن صورة الغلاف المركبة «غير مؤدبة»، لكنها سريع المفعول.

وأضاف الموقع أن «إ فتي في 1» اتصلت بمدير نشر «الوطن الآن»، عبد الرحيم أريري، الذي قال إنه مستعد لتحمل جميع التبعات، لأن «الكثير من الأدلة تشير إلى أن الخوف من الإسلام قد اتخذ أبعادا مزعجة جدا في فرنسا»، وأن «الحكومة الفرنسية لا تضمن أمن المواطنين المسلمين في فرنسا».

وقال الموقع إن سجل الأفعال المعادية للمسلمين منذ هجمات باريس على وشك تحطيم الرقم القياسي، ذلك أنه في أسبوعين فقط ارتكب 128 اعتداء على المسلمين.

وشبه موقع «أنترنوت» ما نشرته جريدة «الوطن الآن» بأنه أصل القنبلة. وقال إن الرسم الكاريكاتوري لهولاند ينتشر بسرعة في الويب، وأن ردود الفعل تتضاعف على الشبكات الاجتماعية وتعكس نقاشا حيويا، إلى درجة أن إريك بيسون، الوزير السابق في حكومة نيكولا ساركوزي، كتب على تويتر: هذا «بشع» و«ليس مغربيا». بينما أدان معلقون آخرون المقارنة بين رئيس الدولة الفرنسية والديكتاتور الألماني، حيث اعتبروه «مشينة» و«محزنة» تماما.

أما مجلة «لوبوان»، فلم تجد سبيلا لقراءة ما نشرته «الوطن الآن» حول المقارنة بين هولاند وهتلر سوى التذكير بالأزمة الدبلوماسية التي اندلعت بين الرباط وباريس، حيث ذكرت بأسبابها، وذلك في أعقاب توجه عناصر من الشرطة الفرنسية في فبراير 2014 إلى منزل السفير المغربي بباريس لتسليم استدعاء قضائي لمدير جهاز مكافحة التجسس المغربي عبد اللطيف حموشي، للتحقيق معه في قضايا يتهم فيها بـ«التعذيب والتواطؤ في التعذيب»، مما أدى بالمغرب إلى تعليق التعاون القضائي مع فرنسا.

ومن جهتها تساءلت: «فرانس سوار»: هل هو انزلاق سيء سيطر على هذه الصحيفة غير المعتادة على الفضائح؟ لا على الإطلاق، تضيف الصحيفة الفرنسية، ما دام مدير النشر عبد الرحيم أريري، الذي اتصلت به «فرانس تي»، يعلن أنه يتحمل بالكامل جميع التبعات. ذلك أنه يعتبر أن ما نشره هو بمثابة «جرس إنذار للطبقة السياسية في المغرب وفرنسا. لأنه منذ الهجوم ضد مجلة «شارلي إبدو»، أصبحنا نتوفر على العديد من الشهادات التي تشير إلى أن الإسلاموفوبيا قد اتخذت أبعادا خطيرة جدا في فرنسا»، حتى أنه يعتقد أن ما نشرته «الوطن الآن» قليل جدا في حق الرئيس الفرنسي، وأنه يستحق أسوأ، ما دام لا يعمل على ضمان سلامة المواطنين المسلمين في فرنسا، كما هو الحال بالنسبة للجالية اليهودية، وما دام قد أظهر أنه يتعامل مع العمل الإرهابي (ضد مجلة شارلي إبدو) كأنه هبة من السماء لهولندا للحصول على عذرية سياسية جديدة».

وعلى هذا النحو، سارت مجموعة عديدة من الجرائد والمواقع الفرنسية، ومنها «ستار أغورا»، «لوكوريي أنترناسيونال»، «ميترونيوز»، «20 مينوت»، «ليزيكو»، «لوسود أويست»، «لوفيف»، «لاديبيش»، «فوكوسور»، «بوبليك»، «ميديابار»... إلخ، حيث أجمعت كلها على الرجة الكبيرة التي أحدثتها المقارنة بين فرانسوا هولاند والزعيم النازي فرنسوا هولاند، وأن السبب يعود إلى موجة الاعتداء المتنامي على المسلمين في فرنسا.

ولتسليط الضوء على الموضوع، أجرت مجلة «جون أفريك» حوارا مع الزميل عبد الرحيم أريري، حول تداعيات غلاف تشبيه الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بالزعيم النازي أدولف هتلر، حيث أكد أن فرنسا أساءت للرسول الكريم بدعوى حرية التعبير ولما انتقدت الرئيس الفرنسي قالوا لي بأنني تجاوزت الحدود!

وقال أريري إن «فرانسوا هولاند تصرف بشكل انتهازي وليس من الحكمة والعدل أن يشعر المسلمون، وهم جزء من المجتمع الفرنسي، بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية»، مضيفا «أنهم يعانون من الكراهية، وهذا السلوك عانى منه اليهود حيث كانت الكراهية سائدة في ألمانيا تحت هتلر».

وأكد أريري أن هدفه كان هو «لفت انتباه الطبقة السياسية في فرنسا والمغرب لخطر انحراف الفرنسي لاستنساخ التاريخ النازي والذكريات المؤلمة».

أما بخصوص حساسية العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، فقد قال أريري، تنقل جون أفريك: «ببساطة، لقد كنت دائما ضد سياسة العجرفة التي تنهجها فرنسا تجاه المغرب، وأنا ألوم النخب المغربية المتفرنسة، ونحن لسنا في حاجة إلى ولي للأمر».

وفي سؤال حول مدى تجاوب القراء مع غلاف العدد، قال الزميل أريري إن «80 في المائة من القراء أعجبوا بغلاف العدد، وعبروا أن موقف الأسبوعية يعبر عن آرائهم».

موضوع تشبيه هولاند بهتلر في تعامله مع المسلمين في أعقاب الهجوم على «شارلي إيبدو» أثار عاصفة من ردود الفعل في الصحافة الدولية، في إنجلترا وإسبانيا وإيطاليا وألمانيا، حيث خصصت له حيزا مهما.

على الصعيد العربي، نشر موقع «زمان» أنه «بعد ثلاثة أيام فقط على انتهاء فعاليات إحياء الذكرى الـ70 لتحرير معسكر «أوشفيتز» النازي، نشرت صحيفة «الوطن الآن»، وهي أسبوعية مغربية، صورة لفرانسوا هولاند وشبهته بالزعيم النازي أدولف هتلر.

ويظهر هولاند بزي عسكري نازي وبشارب يشبه شارب هتلر، فيما عنونت الصحيفة صفحتها الأولى «هل سيحيي الفرنسيون محرقة هتلر لإبادة المسلمين في فرنسا»، مضيفة في أعلى الصفحة «يعيشون (يعني مسلمي فرنسا) إرهابا عاشه اليهود زمن النازية».

ونشر الموقع الجزائري «البلاد»، مقالا بعنوان «هولاند يتحول إلى هتلر العصر»، وأفاد أن «الصورة التي اقتصرت على «الفوتوشوب» تحمل في طياتها رسالة أرادت الصحيفة من خلالها القول إنَّ تصرف الرئيس الفرنسي تجاه المسلمين يشبه تصرف هتلر تجاه اليهود، عبر عنوانها التالي: «هل سيحيي الفرنسييون محرقة هتلر لإبادة المسلمين في فرنسا؟».

وقالت «البلاد»، نقلا عن تلفزيون FTVI الفرنسي، أن أريري أكَّد أنَّ الصحيفة وضعت على صفحتها الأولى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بشكل هتلر بالبذلة النازية والصليب المعقوف والشارب القصير، وعلل أريري ذلك قائلاً: «منذ الهجوم ضد مجلة شارلي ابدو، والأدلة تشير إلى تصاعد الإسلاموفوبيا والتي بدأت تتخذ أبعاداً مزعجة جداً في فرنسا»، مشيراً إلى أن «الحكومة الفرنسية لا تضمن أمن المواطنين المسلمين في فرنسا».

ونقلت جريدة «الوطن» المصرية عن أريري قوله بخصوص تشبيه هولاند بزعيم النازية: «أريد أن أرسل رسالة قوية للسياسيين الفرنسيين من خلال هذه الصورة، وأقول لفرانسوا هولاند يجب حماية المسلمين وأماكن العبادة الخاصة بهم أكثر، وإن لم يقم بذلك، فستكون هناك انحرافات». وتساءل أريري «لماذا الصحفيون الفرنسيون يملكون الحق في نشر رسومات مسيئة للرسول محمد، بينما أنا لا أستطيع القيام بنفس الشيء تجاه الرئيس الفرنسي؟».

ونقلت صحيفة «العربي الآن» عن أريري قوله بخصوص العنوان الصادم «ما الفرق بين هتلر وهولاند؟» الذي ورد في «الوطن الآن»، إن من «مهام أي صحافي أن يثير الأسئلة الحارقة والملحة بخصوص ما يجري في العالم»، موضحاً أن الغاية من الغلاف إثارة انتباه الساسة الفرنسيين إلى خطورة ما يعيشه المسلمون هناك. ولفت أريري إلى ما تقاسيه بعض الجالية المسلمة في فرنسا، بعد أحداث «شارلي إيبدو»، خصوصاً المهاجرين من أصول مغاربية، من قبيل الاعتداءات على عدد من المساجد والمعاهد والمدارس، مطالباً قادة فرنسا بتوفير الحماية الكافية للمسلمين المقيمين بالبلاد.

الاهتمام العربي والدولي بما نشرته «الوطن الآن»، تجاوز كل التوقعات، حيث أن فرانسوا هولاند (بزي عسكري نازي وبشارب يشبه شارب هتلر)، تلقفته حتى الصحافة الإسرائيلية ومواقعها الإلكترونية، مثل «فالا نيوز»، «أكتواليتي إسرائيل»، «إسرائيل نيوز»...إلخ، حيث تلقفت ردود أفعال مسؤولي الخارجية الفرنسية ومواقفهم من الغلاف الذي أظهر الرئيس الفرنسي على شاكلة هتلر.

ونقلت العديد من المواقع العربية التي لا يمكن حصرها لكثرتها، أن أريري أعلن بوجه مكشوف، وبوضوح تام، استعداده لتحمل تبعات نشر هذا الغلاف، قائلا «منذ هجمات باريس، لا يمر يوما دون أن استلم رسائل من مسلمين مقيمين في فرنسا يقولون فيها بأنهم يعيشون في جحيم وهم في خطر. لذلك، ومن خلال الصورة التي نشرناها، أريد أن أرسل رسالة قوية للسياسيين الفرنسيين وأقول لفرانسوا هولاند يجب حماية المسلمين وأماكن العبادة أكثر. وإن لم يقم بذلك، فستكون هناك انحرافات». وأضافت أن أريري يطرح هذا السؤال: «لماذا الصحفيون الفرنسيون يملكون الحق في نشر رسومات مسيئة للرسول محمد بينما أنا لا أستطيع القيام بنفس الشيء إزاء الرئيس الفرنسي؟».