الأربعاء 15 مايو 2024
سياسة

الأستاذ محمد المرابط يحذر من الطائفية بالمغرب ويشكك في الوحدة المذهبية للمغاربة

الأستاذ محمد المرابط يحذر من الطائفية بالمغرب ويشكك في الوحدة المذهبية للمغاربة

هل المغرب في الطريق إلى التحول إلى بلد طائفي؟ وهل المغرب يسير نحو ردم المذهب المالكي ردمة نهائية؟

التخوف يجد سنده في التحليل الذي صاغه الأستاذ الباحث محمد المرابط، المندوب الجهوي السابق للشؤون الإسلامية بجهة طنجة تطوان، الذي بين فيه أن الوحدة المذهبية للمغرب لم تعد سوى ذكرى من الماضي بالنظر إلى أن المذهب الأول الشائع الآن بالمغرب -حسب المرابط- هو المذهب الحنبلي ملهم التيار الوهابي، يليه التيار الشافعي الذي يعتنقه الإخوان المسلمون، ليليه المذهب المالكي.

الأستاذ محمد المرابط حذر من مخاطر تنامي المد الأصولي المستند بشكل خاص على المرجعية الحنبلية-الوهابية والإخوانية على حاضر المغرب، وعلى مستقبله، وعلى وضعه الاعتباري كبلد التدين الوسطي. وقد ورد هذا التحذير ضمن مقال خاص سينشر في موقع "أنفاس بريس"، يومه الاثنين وعلى صفحات "الوطن الآن" في العدد القادم، بعنوان "المغرب بلد طائفي؟".

التحذير الذي يعلنه الكاتب في هذا المقال ثمرة لقراءته الخاصة لتطورات الحقل الديني المغربي، ولمحطات التجاذب داخل هذا الحقل من زاوية الخبرة الميدانية. وما يعطي قوة للمقال ولنتائج التحليل أن المرابط هو أصلا رجل كتابة وبحث مثابر في المجال، إذ عرفت عنه مقارباته التحليلية والنقدية لقضايا الشأن الديني، ويشهد له بهذا الخصوص أنه كان دائما في صلب النقاشات العلمية، مدافعا عن إسلام متنور، متحرر من الدوغمائيات القاتلة. والأكثر من ذلك فهو ابن المؤسسة الدينية المغربية باستحقاق، فلقد تولى مسؤولية المندوبية الجهوية لوزارة أحمد التوفيق بمنطقة الشمال لمدة 10 سنوات كان فيها نموذجا لرجل الدين والعلم على حد سواء. ومع ذلك لم يتردد في تقديم استقالته من تلك المهمة حين بدا له أن ثمة هجمة وهابية وإخوانية تشرع في اكتساح الميدان.

بالعودة إلى المقال، موضوع هذه الورقة، فالأمر يتعلق، في رأيه، بتوفر المغرب حاليا على كل الشروط الموضوعية لأن يصبح مؤهلا لتصدير الإرهاب. وهذا ما يشكل خطرا على وحدة المذهب المالكي، وعلى نسيج الدولة والمجتمع، وعلى المؤسسة الملكية باعتبارها راعية إمارة المؤمنين في بلاد المغرب الأقصى. وفي تقديره، فهذا الوضع يعود إلى تراكم مزدوج البعد، وجهه الأول تأثر بعض سلاطين المغرب، في فترات معينة، "بالوهابية وجهرهم بحنبليتهم"، كما حدث مع سيدي محمد بن عبد الله  الذي "منع بفعل هذا التأثير تدريس علم الكلام والمنطق والفلسفة والتصوف".. ويضيف المرابط مستعيدا فترة حكم الراحل الحسن الثاني التي شهدت "منع معهد العلوم الاجتماعية، والتضييق على تدريس الفلسفة، وفي المقابل تم إحداث شعبة الدراسات الإسلامية بكليات الآداب بخلفية أصولية". وتتضاعف المخاطر مع انحصار دور جامعة القرويين التي صارت، يؤكد المرابط، تحيا "خارج منطق وجودها التاريخي".

أما الوجه الثاني فيتمثل في الموقف الحكومي، ممثلا في الحزب الحاكم، الملتبس تجاه قضايا الإرهاب والديمقراطية، وفي استمرار تفريخ عدد من الجمعيات ذات الانتماء الوهابي والإخواني.

نحن إذن إزاء قراءة مناسبة في السياق الراهن تعتمد، بالإضافة إلى خاصيتي النقد والتحليل، وصفة علاج وضعنا الديني بالصدمة، إذ لا يمكن الاستمرار في الاستسلام إلى وضع الاستقالة التي تطبع عددا من عناصر نخبتنا السياسية والفكرية والدينية. خاصة العلماء في المجالس العلمية، وفي رحاب وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المفروض أن يكونوا الأولى بتصدر المشهد دفاعا عن استمرار الوسطية، في مواجهة ظاهرة الارتداد والنكوص والأصولية، مثلما لا يمكن الاستمرار في الصمت المتخاذل إزاء السلوك المنافق لحكومة تضع يدا هنا ويدا هناك، وهو الخط الذي ما فتئنا في "أنفاس بريس" و"الوطن الآن" ننبه إليه داعين إلى القطع مع حالة الفصام السياسي، ومع ازدواجية الخطاب والممارسة بحيث تضع حكومة بنكيران وحزبه المغرب مع الإخوان المسلمين وضدهم، ومع داعش وضدها، ومع الملك وضده.

لأجل ذلك يرى محمد المرابط أن العنوان الملائم اليوم هو تراتبية جديدة في حقلنا الديني تقوم على المعمار التالي:

- المذهب الحنبلي في الرتبة الأولي.

- المذهب الشافعي في الرتبة الثانية.

- المذهب المالكي في الرتبة الثالثة.

- ثم التشيع في الرتبة الرابعة.

خلل أكيد في الهوية المشتركة للمغاربة يحدث في مغرب الألفية الثانية، ولإعادة الأمور إلى نصابها، ولمواجهة هذا الانحدار الهوياتي والديني والأخلاقي ممثلا بالمد الأصولي والوهابي، يخلص المرابط إلى تأكيد أن المغرب أصبح "بلدا طائفيا. وهو في الطريق إلى أن يصبح بلدا قابلا لتصدير الوهابية بالوكالة عن أصحابها".

الطائفية والتوغل في التزمت يستدعيان، حسب المرابط، "خطابا قويا في الحقل الديني على غرار قوة خطاب العرش في السنة المنصرمة في الجانب السياسي، على الأقل يذكرنا بقوة خطاب هيكلة الحقل الديني سنة 2004 "، مثلما يستدعيان تجمع القوى الديمقراطية، في إطار جبهة عريضة لتكامل المجتمع والدولة".

تلك هي الطريق التي تعيد للمغرب توازنه الديني، ووحدة فكره ومذهبه، وسلامة نسيجه الوطني.