كان اليهود في ألمانيا يغيرون ملابسهم، ويحلقون لحاهم، ويزيلون عنهم كل ما يرمز إلى هويتهم اليهودية في الشارع.. هذا بالذات ما سوف يحدث في أوربا، حيث ستجد المسلمين يحسّون بذنب لم يقترفوه، وستراهم عرضة لخائنة الأعْيُن في الشوارع، وحيثما حلوا وارتحلوا، وسيقال عنهم إنهم كلهم إرهابيون

محمد فارس

كانت الساعة تشير إلى الحادية عشرة صباحا في قلب باريس، يوم 09 نونبر 1938، عندما اقتحم شاب يهودي يدعى «هيرشَلْ كروس باند» السفارة الألمانية وأطلق النار بكيفية جنونية على ديبلوماسي نازي بارز يدعى «فون رات»، وقد أقدم الشاب اليهودي على جريمته كعقاب للنازيين على سياستهم وممارساتهم تجاه اليهود في ألمانيا، وعلى الشتائم والسباب التي تصدر من أفواه النازيين الألمان.. وفي الساعة السابعة والنصف مساءً كان «هتلر» يحتفل بذكرى محاولة انقلاب حانة «ميونيخ» التي حدثت منذ 15 سنة، وإذا بموظف إعلامي يدخل فجأة القاعة ويناول «هتلر» ورقة نبإ وفاة المسؤول النازي بباريس متأثرا بجروحه.. قرأ «هتلر» الخبرَ ثم أعطى الورقة لـ«غوبلز» الذي رأى فيها هبَةً من السماء تنزل عليه.. غادر «الفوهرَرْ» الحفل دون أن يبوح بكلمة واحدة، وتحدث «غوبلز» الخطيبُ المفوّه في الحضور، وكانت تلكم بداية مأساة اليهود الفعلية في كافة أوربا، وسُمّيت تلك الليلة «كريسطال ناخت»، أي «ليلة الزجاج المكسور»، فهُوجِمت كنائس اليهود، وأُحرقت محلاتهم التجارية، وانتُهكت حرمات بيوتهم في «ميونيخ وبرلين»، ووضع اليهود أيديهم على قلوبهم من شدة الخوف، وقد أُعطيت الآن كل المبررات للنازيين بهذه الجريمة..

نكّست الأعلام في كافة أرجاء ألمانيا، ومر القطار الذي يحمل الجثمان أمام حشود صامتة ترفع الشموع، ولافتات كُتب عليها «آخْتُونْ يُودَنْ»، أي «اِحذَروا اليهود»، وأُعلن الحدادُ لمدة ثلاثة أيام ونُظمت مسيرات حاشدة، وانطلقت الصحافة من عقالها تصوّر اليهودي عبر الكاريكاتور وكأنه وحش كاسر، بأسنان تقطر منها الدماء، وأُلصِقت ملصقات على واجهات محلات اليهود تقول: «لا تشتروا، إنه يهودي!».. تلت ذلك، عدة قوانين قاسية تمنع الزواج من اليهود، وتحظر تشغيلهم أو التعامل معهم، وتحرم أبناءهم من التعليم، وأُقفلت كافة دور العبادة الخاصة بهم، وقال غوبلز «إن أشر العذاب هو أن تولد يهوديا في ألمانيا»..

أما «هتلر» فقال عبر خطاب هستيري: «الإرهاب لا يردّ عليه إلا بالإرهاب؛ يا سادة لا سلام بعد اليوم، لا عواطف ولا تساهل مع يهودَا الخائن؛ لندمرْه قبل أن يدمر أمتنا، ويمسخ حضارتنا، ويلوث عرقنا…» وانطلقت المأساة كما يذكر التاريخ.. لكن السؤال الذي طُرح وأجيبَ عنه بعد الحرب الثانية هو: «هل تصرّف الشاب اليهودي في باريس من تلقاء نفسه؟».. تجيب عن هذا السؤال كاتبة يهودية من أصل ألماني بالقول: «إن وراء الجريمة جماعة صهيونية كانت تريد استغلال الجريمة سياسيا»، ويوافقها الرأيَ المؤرخ «ويليام كار» في كتابه «الأحجار» قائلا: «هذا كلام فيه حقٌّ كثير..».

فما تعيشه اليوم الجالية المسلمة في أروبا، وما تتعرض له مساجدهم، وما يعانونه من خوف وتوتر أعصاب بعد جريمتي «شارلي ــ إيبدو» و«هيبَرْ ـ كاشير» ليشبه تماما ما حدث يوم 09 نونبر 1938 في باريس نفسها.. إن هؤلاء الشبان وراءهم أيادي خفية، وجماعات إرهابية دفعتهم إلى ذلك دفعا لتأجيج نار العداء للمسلمين في أروبا، والرابح الأكبر هي الجماعات المتطرفة من يمين ويسار، وقد بدا وكأنها كانت على حق عندما كانت تحذر من المسلمين، تماما كما كانت تفعل النازية قبل «ليلة الزجاج المكسور» حتى أُعطي لها المبرر بجريمة باريس آنذاك.. وستتلو ما حدث قوانين جائرة في حق المسلمين في أروبا، وستُلصق بهم تهمٌ خطيرة مرتبطة بالإرهاب، وسيستثمرها الأصوليون الظلاميون، كما سيستثمرها العنصريون المتطرفون في أروبا، وكيف لا وقد أُعطيت لهم «هدية» فرحوا بها، وأضفت الشرعيةَ على أفكارهم وسياستهم العدائية تجاه الإسلام والمسلمين وسيصبح من الصعب أن تكون مسلما في أوربا..

كان اليهود في ألمانيا يغيرون ملابسهم، ويحلقون لحاهم، ويزيلون عنهم كل ما يرمز إلى هويتهم اليهودية في الشارع؛ وكانت اليهوديات يخلعن الحجاب، ويصبغن شعرهن الأسود، ويمتنعن عن أداء الطقوس الدينية لكي لا تُكتشَف يهوديتهن.. هذا بالذات ما سوف يحدث في أوربا، حيث ستجد المسلمين يحسّون بذنب لم يقترفوه، وستراهم عرضة لخائنة الأعْيُن في الشوارع، وحيثما حلوا وارتحلوا، وسيقال عنهم إنهم كلهم إرهابيون، وإنما يمارسون «التقية» ليس إلا؛ وسوف تزداد موجة العداء والسخرية من الإسلام، ومن رسول الإسلام عليه السلام، ومن كافة أتباع هذا الدين في عالم هو نفسه تطرّفَ في كل شيء، وخاصمته الحكمة، وفشت فيه الحماقات، وصار يتقن فنون القتل بدل فنون الحياة؛ بالإضافة إلى بروز سياسيين عبثيين، وأحزاب تمارس الطائفية، ومنظمات تستبطن العنصرية تحت عناوين شتى..

لحسن صابر، باحث في المجال السياسي

انخراط فرنسا في التحالف الدولي ضد الإرهاب أدخلها في «دار حرب»

- كيف تقرأ تزايد جرائم الكراهية ضد الأقليات المسلمة في العالم وتحميلها مسؤولية ما يفعله بعض المتطرفين بشكل جزافي؟

+ لحدود اليوم بلغت حالات التحرش بـالمسلمين 128 حالة منذ الأحداث الإرهابية التي هزت فرنسا، لنلاحظ أنها تواترت بعد أن كانت محدودة جدا حتى لحظة الحدث الإرهابي الحي نفسه. علينا أن نقرأ تزايدها في قفز الجماعات المنظمة كما الأنظمة المكذوب على اعتدالها لغاية التجييش والتوظيف السياسي، إذ كل منها، الجماعات كما الأنظمة، جعلت من اللحظة فرصة لإعادة الرسملة، لاكتساب مشروعية أقوى في سوق المزايدة السياسية بالدين في صيغة «الانتصار للرسول»، مع إصرار فريق «شارلي إيبدو»، أو على الأصح ما تبقى منه، على مواصلة التحدي بخصوص مبدأ: شمول الأديان بالنقد، باعتبارها معتقدات فكرية، وباعتبار نقدها لا يدخل في خانة العنصرية بل في التعبير الحر ومن صميم حرية التعبير، وهو مبدأ تأسيسي جمهوري.

ثمة سوء فهم كبير، تنتهزه الجماعات كما الأنظمة «الثيوقراطية» لتغذية سوق مصطنعة مخبريا (صراع الحضارات)، أن المسلمين كوافدين على دول «علمانية»، وبالخصوص فرنسا ثورة 1789 لم يعيشوا أو يتشربوا موروثا تاريخيا ثقافيا قائما على نبذ «الكهنوت» وسطوته في الحياتين العامة والخاصة، كما أن الشعوب المستضيفة لا تستطيع أن تتصور أو تتمثل وجودا حياتيا معيشا مغايرا لوجودها وتجربتها التاريخية الخاصة، حيث تصطدم بحالة سطوة الدين والانتماء له كوجود ما فوق «قومي» وأقدس من هذا الأخير، بل أقدس من قيمة «الوطنية»، وبالأخص حين تصدر من بين منتسبيه ظاهرة إجرامية تبرر إرهابها وثقافة غدرها وجبن أفعالها بهذا الانتماء الديني «المافوق قوم»، بل تتقدم للحقل العام كـ«إسلام اورثودكسي» في ظل عجز «الجاليات» عن نبذه دينيا وفكريا وقيميا وفيزيقيا من صفوفها، مكتفية في الغالب الأعم بالتصريح: «هؤلاء لا يمثلون الإسلام» من دون حركيات ميدانية أو تنظيمات مقاومة مضادة، عكس «بلدان الاحتضان»، حيث هناك القانون المعاقب والملاحق لعمليات التحرش بالمسلمين، وهناك مجنمع مدني وسياسي حي مضاد لإشاعة «ثقافة الكراهية»، لكن إلى متى؟ أخاف أن يظل المسلمون على تواكلهم او تعويلهم على «أنظمة المصدر» فتتآكل القوى المدنية الاوروبية المناهضة للكراهية كما تآكل اليسار الإسرائيلي أمام زحف القوى الصهيونية المتطرفة.

- هناك من يرى أن السياسة الخارجية الفرنسية في السنوات الأخيرة وتدخل حكم ساركوزي في ليبيا ودعم فرانسوا هولاند لبعض الأصوليين في سوريا وتدخلها العسكري في مالي، ساهم في تنامي مشاعر الكراهية والحقد تجاه السياسات الفرنسية، وهو ما أدى في نهاية المطاف إلى ردود فعل غير محسوبة من قبل المتطرفين، والتي لم تخدم الإسلام والمسلمين، بل عززت مواقع التيارات المعادية للإسلام في فرنسا وفي الغرب ككل. فما تعليقك؟

+ أولا، لننتبه أن «دورة الدعوشة» ليست غريبة على التاريخ الإسلامي. فالذين أحرقوا بغداد عصر التدوين ودور الحكمة والمكتبات العامرة مسلمون، والذين أحرقوا كتب ابن رشد مسلمون، والذين تظاهروا أمام بيت قاسم أمين مسلمون، والذين أسسوا لمفهوم دار الحرب ودار الإسلام مسلمون كذلك. وضاعف من مفعول ذلك في التاريخ الحديث اللعبة الكبرى للاستعمار في تأمين مصالحه البعيدة المدى. فبالمغرب تم تحديث الاقتصاد للنهب مقابل التصدي للتحديث الفكري. وبالشرق لعبت إنجلترا دورا خطيرا بخلق الجماعات الدينية سواء بمصر أو بالعالم الهندي، وتم احتضان هذه الجماعات والتلاعب بها -كما حصل في استخدامها بالمغرب في مواجهة اليسار، أو في السودان عهد النميري أو التحالف الإخواني الساداتي-. ولعبت كل من انجلترا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية، وبدرجة أقل نسبيا فرنسا، أدوارا حيوية في احتضان أطر هذه الجماعات تحت بند «اللجوء» أو «حماية حرية التعبير» (كما لو كان «التكفير» رأيا)، وهي الجماعات ذاتها المفرخة لـ«العنف الديني المعاصر». ولنلاحظ أن فرنسا -بغض النظر عن الحسابات التي تحكم ظرفية تأزم علاقاتنا الدولتية بها- كانت الرافضة للحرب على العراق وأشهرت «الفيتو»، والأكثر انتصارا للقضية الفلسطينية والأكثر صرامة في وجه فاشية بشار الأسد أو العقيد القذافي.. لكن التنظيمات الإرهابية ليست بالسذاجة التي قد نتصورها، فهي تصدر عن تخطيط «كوسموبوليتي». وبالتالي فهي تقسم العالم لـ«أنصار» تجب موالاتهم و«أعداء صرحاء» تجب مواجهتهم و«أعداء جبناء» يجب تحييدهم، وهو «فقه أولويات». وفرنسا بتدخلها في مالي وانضمامها للتحالف الدولي ضد الإرهاب خرجت من «المنطقة الرمادية»، لأنها من مشمولات «دار الحرب»، وإن شكلت «دار لجوء» مؤقتا بأسبقية «مواجهة الطاغوت ببلاد الاسلام».

أزيد من 42 مليون دولار لتغذية الكراهية ضد الإسلام والمسلمين

قدم تقرير مرصد منظمة التعاون الإسلامي للإسلاموفوبيا لعام 2012 بيانات تفصيلية عن الأموال التي تسلمتها مؤسسات وهيئات ومراكز أبحاث لتغذية الكراهية ضد الإسلام والمسلمين، حيث بلغت أزيد من 42 مليون و575 ألف دولار تسملتها مؤسسات ومراكز أبحاث دولية من سبع مؤسسات كبيرة بأمريكا، من أجل الانخراط في تأجيج نيران الكراهية ضد المسلمين ووضع برامج لتشويه الإسلام على مدى العقد الماضي. وأورد التقرير نتائج مشروع بحثي استغرق ستة أشهر لمركز التقدم الأمريكي بعنوان «مؤسسة الخوف: جذور شبكة الإسلاموفوبيا في أمريكا»، أظهر أن صندوق المانحين الرأسمالي يعد أكبر الممولين بحوالي 20 مليون دولار، تليه مؤسسات ريتشارد سكيف بـ 8 ملايين دولار، ومؤسسة ليند وهاري برادلي بـ 5 ملايين دولار، ومؤسسة راسل بيري بـ 3 ملايين دولار، إضافة إلى صندوق أنكوراج الخيري وصندوق عائلة ويليام روزوولد بنحو 3 ملايين دولار، ثم مؤسسة نيوتن وروشيل بيكر ومؤسسة فيربوك بنحو مليون دولار لكل واحدة منهما. وتبرز المعطيات أن الجهات التي تلقت الدعم الضخم من أجل الدعاية للإسلاموفوبيا والتخويف من الإسلام والمسلمين، بعضها مراكز أبحاث دولية وجمعيات خيرية لها شراكات وفروع مع دول العالم بينها دول إسلامية. ومن أبرز المؤسسات منتدى الشرق الأوسط والمشروع الاستقصائي بشأن الإرهاب وصندوق كلاريون ومركز ديفيد هورويتز للحريات، ومؤسسة مكافحة الإرهاب والتربية الأمنية والأبحاث، ومركز سياسة الأمن وجهاد ووتش والمؤتمر الأمريكي للحقيقة.

وأشار التقرير إلى أن شبكة الإسلاموفوبيا عملت على تعزيز مقولة أن المساجد حاضنة للتطرف، وأن «الإسلام الراديكالي» قد تسلل إلى كافة جوانب المجتمع الأمريكي بما في ذلك حركة المحافظين. وأوضح أن آلة التمويل الأمريكية المناهضة للإسلام امتدت إلى أوروبا أيضا، عبر تقديم «اللوبي» الأمريكي تبرعات كبيرة للأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا في مقدمتها حزب الحرية الهولندي.

التاريخ يقف حاجزا أمام الإسلاموفوبيا في ألمانيا

لم تكن أحداث شارلي ايبدو هي من أعادت النقاش عن الإسلامفوبيا في ألمانيا، فقبل الحادث الإرهابي بشهور انشغل الإعلام الألماني بقضايا الإسلام في ألمانيا وخارجها بالارتباط مع تزايد قوة تنظيم داعش الإرهابي. فلم تكن القنوات الإعلامية الألمانية سواء الحكومية أو الخاصة تخلو من روبورتاجات أو موائد نقاش حول خطر التطرف الإسلامي، خاصة مع توجه مئات من الألمان إلى الجهاد في سوريا، والخوف من عودتهم إلى البلاد كقنابل موقوتة.

بالتزامن مع هذا النقاش حصل حزب «البديل من أجل ألمانيا» -وهو حزب حديث التأسيس- في الانتخابات البرلمانية الأخيرة على 4 في المئة من أصوات الناخبين، وهو الحزب المعادي ليس فقط لسياسة الاتحاد الأوروبي ونظام اليورو وإنما جاء ببرنامج لتقنين الهجرة، بحيث يرى الحزب أن على ألمانيا استقبال الكفاءات الأجنبية فقط، رافعا صوته ضد استقبال اللاجئين السوريين. سرعان ما انضمت وجوه أساسية من هذا الحزب إلى حركة «بيغيدا» وهو الاسم المختصر لحركة «وطنيون أوروبيون ضد أسلمة الغرب»، وهي حركة معادية للمسلمين في ألمانيا تنظم مظاهرات شبه أسبوعية في مدينة دريسدن شرق ألمانيا.

غير أن حادث شارلي ايبدو الإرهابي الذي حدث في باريس وصلت شظاياه إلى برلين، إذ تنامى الشعور لدى بعض الألمان من أن هناك شبحا يحمل راية الإسلام سيقضي عليهم في أية لحظة، الأمر الذي أعطى لحركة بيغيدا المعادية للمسلمين دفعة جديدة، خاصة وأنها استغلت حادث شارلي ايبدو لاستقطاب المزيد من الأنصار. وبخلاف عدد من الدول الأوروبية فإني أعتقد أن تاريخ ألمانيا النازي وما ارتكبه هذا النظام ضد اليهود، مايزال حاضرا أمام أعين الجميع في ألمانيا. وبالتالي فألمانيا شديدة الحساسية في مسألة معاداة الآخر، كيف ما كانت هويته الدينية أو العرقية.

لذلك لم يكن غريبا أن تبادر المستشارة الألمانية انغيلا ميركل بعد أيام قليلة من أحداث شارلي ايبدو إلى القول إن «الإسلام جزء من ألمانيا». وهي المقولة التي سبق أن صرح بها الرئيس السابق لألمانيا كريستيان فولف في 2010 ولاقت انتقادات واسعة آنذاك. وقالت ميركل: «أنا مستشارة ألمانيا، يعني أنا مستشارة كل الألمان، ويشمل ذلك جميع من يعيشون هنا أيا كان أصلهم أو موطنهم».

وبخلاف موجة الانتقادات التي لقيها الرئيس الألماني الأسبق فولف فإن تصريحات المستشارة حظيت بكثير من الدعم السياسي، فقد قال وزير الخارجية الألمانية فرانك فالتر شتاينماير في تصريحات نشرتها صحيفة «بيلد» الألمانية إن حركة «بيغيدا» المعادية للإسلام تضر بألمانيا، مضيفا أن الحركة «لم تلحق الضرر سوى ببلادنا كما أنها تعطي صورة سيئة عن ألمانيا في الخارج». كما قال وزير المالية الألمانية فولفغانغ شويبله إن: «الشعارات لا تحل محل الحقائق وألمانيا في حاجة إلى مهاجرين ويجب أن نشعر بالتعاطف تجاه اللاجئين المحتاجين».

فكل هذه التصريحات هي لسياسيين ينتمون للحزب الديمقراطي المسيحي وهو الحزب المحافظ في ألمانيا، أما الحزب الاشتراكي الديموقراطي وحزب الخضر فمن المعروف أن سياسة الحزبين أكثر تسامحا مع الأجانب ومع اللاجئين. وبالتالي فإن النخبة السياسية الألمانية في أغلبها متسامحة تجاه الأجانب والمسلمين. أما على المستوى الشعبي فإن أغلب استطلاعات الرأي تؤكد باستمرار أن أكثر من نصف الألمان لا يخشون الإسلام.

وردا على مظاهرات حركة «بيغيدا» المعادية للإسلام وللأجانب، فقد خرج آلاف الألمان في عدة مدن ألمانية كبرى كبرلين وشتوتغارت وكولونيا ضد هذه الحركة. كما قامت كاتدرائية كولونيا الشهيرة، بإطفاء أضوائها في خطوة رمزية احتجاجا على «بيغيدا».

قبل أيام قمت باستطلاع مصور لصالح قناة دويتشه فيله الألمانية حول مدى تقبل الناس لفكرة حجاب المرأة المسلمة، كنت أود أن أرصد الآراء المختلفة، أي المتفق والمختلف مع فكرة الحجاب. غير أنه بعد ساعتين من توجيه الأسئلة في الشارع العام لم أجد أي شخص يعترض على الحجاب، كانت كل الآراء تصب في اتجاه أنهم يحترمون حرية العقيدة وحرية الدين. ولعل هذه التجربة الصغيرة دالة على مدى انفتاح المجتمع الألماني وتقبله للآخر وبالخصوص استفادته من دروس الماضي.

ريم نجمي، صحفية مغربية مقيمة ببرلين

زعماء اليمين المتطرف في أوروبا: الإسلام «العدو الأول» لأوروبا والعالم أجمع

منذ أحداث 11 شتنبر أصبحت ظاهرة الإسلاموفوبيا واقعاً معيشاً في الغرب وفي أوروبا بخاصة، سواء من خلال منظومة القوانين التي تنتهك حقوق المسلمين -قانون حظر الحجاب في فرنسا وبلجيكا، قانون حظر المآذن في سويسرا...- أو من خلال الانتقاد الإعلامي الصريح للمجموعات المسلمة من المهاجرين في الغرب تحت غطاء القيم الليبرالية كحرية التعبير وحقوق المرأة.. 

وحسب التقارير الأوروبية نفسها فواحد من ثلاثة مسلمين في أوروبا يتعرض للتمييز العنصري. وحسب تقرير آخر فإن 50% من المسلمين، من بين الذين أجريت معهم مقابلة في إحدى عشرة مدينة أوروبية، قد تعرضوا للتمييز العنصري مقابل 9% فقط من غير المسلمين.

لقد حظي مفهوم «أسلمة أوروبا» بنقاش واسع في الأدبيات اليمينية في الغرب، وهو ما يعني أن المسلمين الذين يمثلون حضارة «دونية» يحصلون على مزيد من التغلغل والنفوذ بما يكفي لتشكيل تهديد حقيقي للهوية الأوروبية. ويشكل العداء للأجانب، ورفض الأقليات وفكرة التعددية الثقافية، والدفاع عن هوية إثنو-وطنية وعن التقاليد القومية التاريخية، والدعوة إلى الحد من الهجرة، القاعدة المشتركة لأي برنامج سياسي لحزب يميني متطرف. وهو الموقف الذي يمكن تلمسه في برامج بعض الأحزاب اليمينية الأوروبية المتطرفة أو مواقف بعض قاداتها كما يلي:

- الجبهة الوطنية الفرنسية: أول حزب استخدم الإسلاموفوبيا في دعايته السياسية وحملته الانتخابية للتخويف من الإسلام والمسلمين.

- الحزب النمساوي اليميني الشعبي: وصف الإسلام بأنه «العدو الأول» للأمة النمساوية، لأوروبا والعالم أجمع.

- الحزب الدنماركي التقدمي: دعا إلى إيجاد «منطقة حرة للمسلمين»، وحذر من أسلمة أوروبا.

- الحزب اليميني الشعبي الدنماركي: حذر الجماهير أثناء حملته الانتخابية من الإسلام كمصدر تهديد لأوروبا، علاوة على أنه ضد الحضارة الغربية.

- «أومبرتو بوسي» زعيم حزب «ليقا نورد» الإيطالي: وصف الإسلام بأنه أكبر مصدر لتهديد الثقافة الأوروبية، ودعا إلى ضرورة الدفاع عن النصرانية الأوروبية.

- «خيرت فلدرس» زعيم حزب الشعب الهولندي: قارن الإسلام بالفاشية والقرآن بكتاب هتلر كفاحي، واعتبر المسلمين متخلفين؛ لذا وجب منع الهجرة من البلدان الإسلامية نحو هولندا.

- «ثيلو سارازين» الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني: رأى أن المهاجرين المسلمين يجعلون ألمانيا أغبى وأفقر؛ لأنهم جينياً أقل ذكاء، ولأنهم يزاحمون الألمان في الاستفادة من الموارد الاقتصادية.

سعيد الكحل، باحث في شؤون الجماعات الإسلامية

أغلب المساجد في أوربا حولها المتطرفون إلى أماكن لاستقطاب الجهاديين ومناهضة الغرب

* في نظرك ماهي أسباب تنامي مشاعر العداء ضد الإسلام والمسلمين (الإسلاموفوبيا) بأوروبا، علما أن هناك من يشير إلى أن سبب هذه الاعتداءات هو العنصرية و«النازية الجديدة» والكراهية للأجانب والمسلمين، منهم على وجه الخصوص وتصرفات بعض المسلمين المسيئة في المجتمعات الأوروبية وممارسة الجماعات المتطرفة من قبيل «داعش» و«بوكو حرام»؟

+ الإسلاموفوبيا ظاهرة لم تأت من عدم، بل هي نتيجة حتمية لعاملين رئيسيين: أولهما التطرف الإسلامي والعمليات التفجيرية والانتحارية التي شهدتها أوربا وما زالت، بل ازدادت مخاطر الإرهاب على أوربا، خصوصا عند عودة آلاف الدواعش من سوريا والعراق. هؤلاء المتطرفون بممارساتهم المناهضة لقيم حقوق الإنسان في أوربا يحرضون ضد الاندماج في المجتمعات الغربية عبر رفض القيم الغربية والقوانين المعمول بها والأنظمة التعليمية المطبقة في المؤسسات التعليمية الرسمية، بل تجرأ كثير من المتطرفين على المطالبة بإقامة الخلافة في بلاد الغرب ورفع راية الإسلام على قصر برمنغهام، كما مارسوا في شوارع برلين «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» ضد رواد الحانات من الغربيين، فضلا عن ختان البنات سرا. وما زاد من حدة الإسلاموفوبيا تجنيد المراهقين والشباب في صفوف التنظيمات المتطرفة ليعودوا إلى بلدانهم الأصلية قصد تنفيذ المخططات الإرهابية. أما العامل الثاني فيمثله اليمين الأوربي المتطرف الذي يستغل كل عملية إرهابية أو سلوك متطرف لتغذية مشاعر الكراهية والخوف من المسلمين عموما. فالإسلاموفومبيا هي ورقة انتخابية رابحة بالنسبة لليمين الأوربي تؤهله لحصد مزيد من المقاعد والمناصب.

- ما هو تعليقك عن حديث أفراد الجاليات المسلمة بأوروبا والسويد على سبيل المثال من محاولة وسائل الإعلام وممثلي السلطة خلق صورة عن الشباب المسلم وكأنهم إرهابيون محتملون هي التي جعلت المجتمع السويدي مثلا يعتبر الجاليات المسلمة مصدر تهديد للأمن القومي، مما أدى إلى وقوع اعتداءات على المساجد في هذا البلد؟

+ ما يحدث في السويد من هجوم على المساجد هو نفسه ما يحدث في بقية البلدان الأوربية، وجاء كرد فعل على الهجوم الإرهابي الذي استهدف فرنسا وأسقط 17 قتيلا. وقد أعلنت الحكومات الأوربية عن سلسلة من الإجراءات لمواجهة خطر الإرهابيين، وما زالت تعقد المؤتمرات الدولية لبلورة استراتيجية فعالة لمواجهة الإرهاب. من هنا، فالإعلام الغربي جزء منه تتحكم فيه الأحزاب اليمينية التي من مصلحتها تأليب الرأي العام ضد مسلمي المهجر. ولا توجد دولة أوربية إلا والتحق منها عشرات الجهاديين بـ«داعش» و«جبهة النصرة». وهذا في حد ذاته مقلق للغربيين حكومات وشعوبا.

فرنسا وحدها أقرت بأنها أخضعت 3000 متطرف للمراقبة، فهل ندري خطورة هذا العدد من المتطرفين على أمن فرنسا وأوربا؟ للأسف الشديد أن المساجد في غالبيتها يتحكم فيها المتطرفون ويحولونها إلى أماكن للتحريض ضد الغرب وقيمه، ومن الإجراءات التي اتخذتها الحكومات الغربية مراقبة المساجد والأنشطة التي تقوم بها. فأوربا أدركت أن المساجد لم تعد أماكن للعبادة فقط بل حولها المتطرفون إلى أماكن لاستقطاب الجهاديين ونشر عقائد التطرف ومناهضة الغرب بقيمه وقوانينه وحضارته.

اثنان من أصل ثلاثة مساجد تتعرض يوميا لاعتداءات عنصرية بهولندا

حسب دراسة بحثية قامت بها جامعة أمستردام نشرت في أكتوبر الماضي، فإن اثنين من أصل ثلاثة مساجد في هولندا تتعرض يوميا لاعتداءات عنصرية، في تمظهر واضح لتزايد المناخ المعادي للإسلام في هولندا.

وتتفاقم النظرة النظرة المعادية للإسلام لدى الأغلبية من الهولنديين، حيث ينظرون إلى الإسلام على أنه «تهديد»، وما عزز من ذلك هي مشاهد الدماء القادمة من العراق وسوريا، لممارسات تنظيم الدولة الإسلامية، حسب ما تورد الدراسة البحثية. وتنطلق معدة الدراسة، الباحثة إينيكي فان دير فالك، في بحثها انطلاقا من استقصاء آراء القائمين على المساجد بالأراضي الهولندية، حيث توصلت إلى أن ما لا يقل عن ثلثي تلك المساجد تعرضت لاعتداءات من طرف معادين للإسلام.

 

وتختلف طرق الاعتداء على المساجد، حسب الدراسة نفسها. فبالإضافة إلى أعمال الحرق وبث رسائل التهديد وتحطيم نوافذ والكتابة على الجدران، لوحظ تزايد في حالات رمي بقايا خنازير أو خراف على أبواب المساجد.

وتكشف الدراسة أن الجناة في الغالب ما يكونون «قاصرين جانحين»، وفي كثير من الأحيان تم إلقاء القبض عليهم، مؤكدة أن غالبية المعتدين يتم تحريضهم على تلك الأفعال، متهمة على الخصوص «حزب الحرية» المتطرف بتشجيع تلك الأعمال. وترى إينيكي من خلال دراستها أن أعمال الاعتداء على المساجد وتدنيسها والعنف الذي يتعرض له مسؤولوها ومرتادوها لا يخلف أثرا يذكر في الإقبال عليها، إن ما يساهم في تكريس مناخ الكراهية والعنصرية في البلاد.

5239 اعتداء ضد المسلمين بألمانيا

تظهر أرقام منظمة حماية الدستور في ألمانيا، وقوع خمسة آلاف و239 اعتداء لليمين المتطرف خلال العام 2014، بينما أظهرت أرقام المجلس الاتحادي (البوندستاغ)، أن 30 ألف ناشط يميني متطرف شاركوا في مظاهرات مختلفة العام الفائت في ألمانيا، ولذلك تم تخصيص ميزانية إضافية تقدر بنحو 30 مليون يورو عام 2015 للهيئات المعنية من أجل منع أي أعمال عنف يمينية متطرفة.

ويتفق جميع الساسة في ألمانيا على أن المظاهرات التي تنظمها «بيغيدا» أسبوعيًا تضر بصورة البلاد، إلا أن المظاهرات التي بدأتها بيغيدا في شهر أكتوبر الماضي بمشاركة 350 شخصًا باتت تخلق جوًا من القلق، نتيجة وصول عدد المشاركين فيها مؤخرًا إلى نحو 20 ألف شخص.

كما تسببت كراهية الأجانب والنزعات اليمينية المتطرفة المتزايدة، بتوالد شعور لدى الأتراك القاطنين في ألمانيا بالقلق أيضًا، حيث قال رئيس الاتحاد الإسلامي التركي الأوروبي «إحسان أونر»: «نحن كوننا أقلية مسلمة نشعر بقلق بالغ على مستقبلنا في هذا البلد، بسبب تأليب السكان علينا دون وجود أحد يقول لذلك «قف»، سوى بضعة أصوات ضعيفة لا تأثير لها».

128 حالة اعتداء على المسلمين بفرنسا

حسب مرصد مكافحة الإسلاموفوبيا في فرنسا، فإن الاعتداءات ضد المسلمين في فرنسا تنامت في الآونة الأخيرة بشكل كبير وملحوظ، إذ سجلت 128 حالة اعتداء على المسلمين.

وأوضح المرصد أن السلطات الفرنسية وصلتها بلاغات بشأن وقوع 33 حالة اعتداء على مساجد، إضافة إلى 95 تهديدا. وتغطي هذه الإحصائيات الفترة منذ السابع من يناير 2015، حين هاجم مسلحان مقر صحيفة شارلي إبدو الساخرة وقتلا 12 شخصا غالبيتهم من الصحفيين. ولا تشمل الإحصائيات الاعتداءات في باريس والمنطقة المحيطة بها، حيث لم تعلنها الشرطة بعد. ويقول المرصد إن الحوادث التي تستهدف المسلمين كانت قد تراجعت بنسبة 41 في المئة في عام 2014 مقارنة مع 2013. لكن المرصد أوضح أن هذه الأرقام «لا تعكس الواقع»، حيث لا يرغب الكثير من المسلمين في تقديم شكوى لدى تعرضهم لأي من الحوادث التي تنم عن كراهية الأجانب.

54 في المائة من حالات الاعتداء ضد المسلمين في بريطانيا من النساء

حسب تقرير نشرته صحيفة «اوبزرفر» البريطانية في يونيو الماضي، نقلاً عن دراسة أجرتها «جامعة تيسايد» واستندت إلى تحليل المكالمات الهاتفية الواردة إلى مركز «تل ماما»، فإن معدل عدد حالات الاعتداء على مسلمين في بريطانيا بلغ حالتين يومياً. وبينت الدراسة أن 54 في المائة من حالات الاعتداء ضد المسلمين كانت موجهة ضد النساء على وجه التحديد بسبب ارتدائهن اللباس التقليدي مثل الحجاب أو العباءة.

وتشير الإحصاءات إلى أن مركز «تل ماما» تلقى 734 اتصالا خلال تسعة أشهر، في الفترة ما بين بداية ماي 2013 و28 فبراير 2014، وهي الفترة التي تلت مقتل الجندي البريطاني لي ريغبي في أحد شوارع لندن. وحسب الدراسة فإن هذه الأرقام تعني زيادة بمعدل 20 في المائة مقارنة بالمدة نفسها في العام السابق. وشملت الاعتداءات 599 حادثة ترهيب عبر الانترنت و135 هجوما مباشرا.

وتقول الدراسة إن أبرز ما تشير إليه الأرقام النقص في الثقة بالشرطة عند معالجتها المواضيع المتعلقة بـ«الإسلاموفوبيا»، إذ أن هناك واحدة من كل ست حالات يرفض الضحية فيها التحدث إلى الشرطة.

أشهر حوادث الاعتداء على المسلمين بديار المهجر خلال الأشهر الستة الأخيرة

- 18 يونيو 2014 صحيفة «أفنتبوستن» النرويجية تكشف أن إمام مسجد العاصمة «أوسلو» تعرَّض لهجوم بسكين؛ حيث قام مجهول بالهجوم عليه بالقرب من منزله أثناء ذَهابه للمسجد، وإصابته في وجهه ويديه.

- غشت 2014 أخوان مسلمان ينحدران من بنغلاديش يتعرضان لاعتداء أثناء توجههما على متن دراجة لأداء صلاة الجمعة بمدينة بادوفا (شمال شرق إيطاليا)، حيث اقتربت منهما إحدى السيارات وبدأ قائدها في السباب ناعتًا إياهما بـ«الزنوج القذرين»، ثم اقترب أكثر وهاجمهما مسخدما سيارته، وأصاب الأخ الصغير البالغ من العمر 11 عامًا بجروح في مرفقه الأيسر، بينما نجا الأخ الأكبر ذو ألـ17 عامًا من ضرباته.

- 25 شتنبر 2014 رجل مسن يتعرض للاعتداء بلندن أثناء توجهه لأداء صلاة الفجر، وذكر موقع «ميرور» أن الرجل المسن كان يقود سيارته في الثالثة وعشرة دقائق فجرا متوجهاً إلى مسجد قريب لأداء صلاة الفجر، وأثناء توقفه في إشارة مرورية مر عليه رجل وامرأة، فبدأ الرجل في التحدث معه من خلال شباك السيارة، ليعتدي عليه على الفور بشكل متتابع ومبرح بدون أي مقدمات، ليفر الاثنان هاربين بسرعة، وقد بين الكشف الطبي على الضحية أنه يعاني من إصابات بالغة، قد تكون سبباً في فقدانه عينيه إلى الأبد.

- 17 نونبر 2014 سيدتان محجبتان تتعرضان لإعتداء جسدي ولفظي عنصري في العاصمة النمساوية فيينا; من قبل شخص نمساوي وجه إليهما السباب واتهمهما بالانتماء لتنظيم القاعدة وتنظيم «داعش» أثناء انتظارهما وصول مترو العاصمة بإحدى محطات الحي العاشر في المدينة, المعروف بكثافته السكانية المرتفعة من المسلمين ذوى الأصول التركية.

- 13 دجنبر 2014 بلاغ للمرصد الفرنسي لمناهضة الإسلاموفوبيا يشير إلى وقوع تلميذ (11 عامًا) ضحية للأعمال المعادية للإسلام على طريق بين المدرسة والمنزل، حيث ضُرِب وشُتِم، وبُصِق عليه من قِبَل مجموعة من الأطفال من نفس المدرسة. ووفقًا للمعلومات التي قدَّمها المرصد، فقد شتَم المعتدون الطفل بأنه «مهاجر قذر»، و«جهادي».

- 3 يناير 2015   صحيفة «تاكس زيتونج» الألمانية تشير إلى أن مؤيدين لحركة «أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب» المعروفة اختصارا بـ«بيغيدا» اعتدوا على مهاجرين في أحد المراكز التجارية بتاريخ 22 دجنبر الماضي بمدينة دريسدن. وأوضحت الصحيفة أن نحو 50 شخصاً ملثمين بحوزتهم سكاكين وعصي وغاز مسيل للدموع اقتحموا أحد المراكز التجارية، عقب التظاهرات التي تنظمها الحركة، مرددين هتافات «نحن الشعب»، مشيرة إلى أن بعض شباب المهاجرين هربوا عبر السلالم المتحركة، في حين اختبأ البعض الآخر في دورات المياه. وأشارت الصحيفة إلى أن فتاة مهاجرة تدعى «وضحة» (15 عاماً)، مصابة بالربو، لم تتمكن من الهرب، حيث سقطت على الأرض، وانهال المهاجمون عليها بالضرب على رأسها، نقلت على إثرها إلى المستشفى، في الوقت الذي أصيب عدد آخر من الشبان بجروح طفيفة جراء الهجوم، وقد تقدمت الفتاة بشكوى إلى الشرطة، لكنها لم تصدق ما قالته، حيث زعمت أنها هي من قامت بجرح نفسها.

- 12 يناير 2015 نحو 25 ألف شخص يشاركون في تظاهرة في مدينة دريسدن ضد «أسلمة ألمانيا»، تلبية لدعوة من حركة «بيغيدا» المتطرفة.

- 13 يناير 2015 آلاف الأشخاص يشاركون في تظاهرة في برلين تنديداً بـ«الإسلاموفوبيا»، وذلك بدعوة من منظمات مسلمة، وبحضور المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، حيث وضع المسؤولون في المنظمات المسلمة باقة من الزهور البيضاء أمام مقر السفارة الفرنسية قرب بوابة براندبورغ كتب عليها «الإرهاب: لا يحدث باسمنا». وكانت ميركل قد صرحت في 12 يناير الماضي بأن «الإسلام جزء من ألمانيا».

- 14 يناير 2015 مقتل مغربي داخل منزله بمدينة فوكلوز الفرنسية ب 17 طعنة بسبب الإسلاموفوبيا، وقد ندد المرصد الوطني لمناهضة «الاسلاموفوبيا» بالواقعة، مشيرا إلى أن الحادث تقف وراءه دوافع معادية للاسلام.

- 14 يناير 2015 الجمعية المغربية من اجل إدماج المهاجرين تصدر بلاغا تنديديا بالتهديدات والكتابات الحائطية المسيئة لهم وللإسلام بإسبانيا، والمتزامنة مع الأحداث الإرهابية الأخيرة التي عرفتها باريس يوم 7 من الشهر الجاري، وتصفها بالخطيرة، مطالبة مندوب الحكومة بإقليم قادس، باتخاذ الإجراءات القانونية وفتح تحقيق جدي لمعرفة الجهات التي تقف وراء حملة كراهية المغاربة والمسلمين بصفة عامة، كما وضعت الجالية المغربية المسلمة بمدينة جيان الإسبانية شكاية لدى المصالح الأمنية في نفس الموضوع.

قراءة في تنامي الخوف في صفوف مسلمي فرنسا

الهجمات الإرهابية الاخيرة التي شهدتها باريس غيرت نظرة الفرنسيين إلى مسلمي وإسلام فرنسا، وهو ما عكسته الاعتداءات التي تعرض لها المسلمون او فضاءات عبادتهم، والتي تضاعفت بشكل مخيف، خلال اسبوعيين فقط بعد الأحداث تم تسجيل نفس عدد الاعتداءات التي شهدتها فرنسا خلال كل سنة 2014 حسب المرصد الوطني لمحاربة العداء للإسلام. (وهذه الاحصاءات تخص فقط من تقدموا بتسجيل شكاية لدى الشرطة) أحد هذه الاعتداءات ادت الاسبوع الماضي إلى قتل مواطن مغربي جنوب فرنسا ونجت زوجته وطفله بأعجوبة من الجاني. هذه الاخبار السيئة لم تعطيها وسائل الاعلام الفرنسية اهمية كبرى. لكنها مؤشر على ما يعيشه المجتمع الفرنسي تجاه الاسلام والمسلمين بفرنسا.

الضحية

هذه الوضعية المخيفة جعلت الجالية المغاربية والمسلمة بصفة عامة تمر بمرحلة جد حساسة وصعبة بفرنسا بعد العمليات الإرهابية الاخيرة التي أودت بحياة 17 شخصا منهم 8 صحافيين بباريس. وهي عمليات نوعية استهدفت الاعلام على الخصوص من خلال اغتيال صحفيي أسبوعية «شارلي».

مسلمو فرنسا او ذوو الثقافة الإسلامية كانوا اول ضحية لهذه الهجمات، ووجهت اصابع الاتهام إليهم بعد هذه العمليات. لأن العمليات الإرهابية التي تمت من طرف الأخوين كواشي وكوليبالي تمت «من أجل الانتقام للإسلام ونبيه»، حسب تصريحاتهم مباشرة بعد قيامهم بعملهم الشنيع بطلب من القاعدة باليمن و«داعش» بالعراق.

المسلمون بفرنسا والذين يقدر عدهم بحوالي 5 ملايين يتشكلون أساسا من المغاربة، الجزائريين والأفارقة من جنوب الصحراء، بالإضافة إلى أقليات من مختلف البلدان العربية سواء من تونس، مصر، لبنان، سوريا وموريتانيا. هذه الأغلبية الصامتة التي تعيش بدون مشاكل داخل المجتمع الفرنسي تجد نفسها بين نارين، نار المتطرفين المحسوبين على الإسلام والذين تم استقطابهم من طرف الحركات الجهادية المتطرفة، وبين نار الحركات العنصرية المناهضة للأجانب والمسلمين بفرنسا والتي يتزعمها حزب اليمين المتطرف العنصري، الذي حصل على الرتبة الأولى في الانتخابات الاوربية الاخيرة متقدما على الحزب الاشتراكي الحاكم وعلى الاتحاد من اجل حركة شعبية، وهو أكبر حزب معارض يتزعمه الرئيس السابق نيكولا ساركوزي. هذه الحركات العنصرية والمناهضة للأجانب أصبح لها صوت وسط وسائل الاعلام الفرنسية. صحفيون وكتاب وفلاسفة معروفون بعدائهم للأجانب والإسلام، يخصص لهم الاعلام الفرنسي حيزا هاما في مختلف وسائله مثل ايريك زمور صاحب كتاب «الانتحار الفرنسي» وميشيل ويلبيك المعروف بمعاداته للإسلام والذي خصص روايته «الاستسلام»، حيث يتصور في نصه أن رئيسا إسلاميا محافظا ينجح في الانتخابات الرئاسية لسنة 2022، بالإضافة إلى فينكيل كروت الذي يعتبر ابناء المسلمين هي سبب كل مشاكل فرنسا بل يهددون هويتها المسيحية اليهودية والصحفي فيليب تيسون الذي اعتبر الإسلام بفرنسا سبب كل المشاكل. وتصريحاتهم العنصرية الواضحة والمباشرة جعلت بعض وسائل الاعلام تطردهم لتستقطبهم وسائل اخرى لما تحققه افكارهم الشعبوية وشتمهم للمسلمين من نجاح.

العداء للإسلام والمهاجرين هي ظاهرة لم تعد تقتصر على فرنسا بل كل اوربا بسبب الشيخوخة والخوف من الآخر، وضعف الأداء الاقتصادي وتنامي عوامل التهديد الخارجي واقتراب بؤر التوتر من أوروبا، بالإضافة إلى الصعوبة الكبيرة التي تجدها فرنسا للخروج من الانكماش الاقتصادي الذي دخلت فيه وباقي أوروبا منذ 2008 ولم تستطع مغادرته حتى الآن، حيث مازالت البطالة تمس 10 في المائة من عدد السكان، ونسبة نمو أقل من نصف نقطة.

صدام الحضارات

هذه العوامل الاقتصادية والسياسية التي تعيشها اوربا تضاف اليها مشكلة الهوية بفرنسا والخوف من الاخر الذي يمثله الاجنبي والإسلام بصفة خاصة، حيث أصبح عدد كبير من الأوروبيين يعتقدون قرب اصطدام الحضارات الذي تنبأ به الكاتب الامريكي سامويل هنينغتون سنة 1996.

أوضاع الخوف والقلق التي تعيشها أوروبا وفرنسا على الخصوص، تساهم فيها هوامش الفقر الكبيرة التي تعرفها ضواحي المدن الفرنسية التي تم بها وضع وتجميع كل السكان ذوي المشاكل الاجتماعية المعقدة، خاصة من المهاجرين وأبنائهم، حيث تصل نسبة البطالة في هذه الهوامش إلى 25 في المائة حسب مختلف الاحصائيات الرسمية، وهو ما جعل الوزير الأول مانييل فالس يتحدث عن «الابرتايد الترابي»، حيث أن العديد من هوامش المدن تعيش الفقر والبطالة وانعدام كل البنيات الأساسية والضرورية المتوفرة بمختلف المدن الفرنسية. وهو ما يجعل شبابها معرضا للإجرام والمخدرات والتطرف بكل أنواعه. هذه الظاهر التي تمس على الخصوص أبناء المهاجرين والأجانب وهم الاكثر هشاشة: أغلبهم لم يتمكن من إتمام دراسته وليس له تكوين مهني ملائم، بالاضافة إلى مشاكل الهوية الثقافية والعلاقة المعقدة بالثقافة الأصلية أو ثقافة بلد الاستقبال، وهو وضع يؤدي في أغلب الأحيان إلى الاصطدام بمجتمع الاستقبال. مشاكل «الأحياء وضواحي المدن كما تسمى بفرنسا، تتراكم مند عدة سنوات، ومنذ ثلاثين سنة يتم التطرق لها في مختلف الحملات الانتخابية، وقد سبق للرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي أن وعد «بمخطط مارشال فرنسي» لهذه الأحياء، وكان وعده مجرد وعد انتخابي لم ير النور، لكن كل هذه الوعود تبخرت سواء التي قدمها اليمين أو اليسار.

طبعا اليوم من السهل توجيه الاتهام إلى الأجانب والمسلمين حول الأوضاع بفرنسا، سواء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية أو التهديد الإرهابي الذي أصبح داخليا، حيث تحدث وزير الداخلية الفرنسي بيرنار كازنوف عن وجود 3000 شخص يجب مراقبتهم بفرنسا، أي الأشخاص المرشحين للقيام بعمليات إرهابية سواء الذي سافروا إلى بؤر التوتر مثل أفغانستان، باكستان، العراق، سوريا أواليمن، أو الذين تم استقطابهم من طرف الحركات المتطرفة عن طريق الشبكات الاجتماعية ومواقع الانترنيت. وقد خصصت فرنسا بعد العمليات الإرهابية إمكانيات كبيرة لمواجهة التهديد الإرهابي الذي أصبح يقوم به أبناؤها من الداخل، وهو ما حدث مع محمد ميراح، أمادي كوليبالي، والأخوين كواشي، باعتبارهم كبروا وترعرعوا بفرنسا، ودرسوا بمدارس الجمهورية الفرنسية ومؤسساتها قبل أن يسقطوا في براثين الإرهاب. بل إن التهديد أصبح يمس حتى الفرنسيين الملتحقين بالإسلام.

فرنسا اتخذت العديد من الإجراءات الأمنية والقانونية لمواجهة الإرهاب، لكن ذلك غير كاف حسب العديد من الخبراء في هذه الظاهرة مثل أوليفيي لوروا الذي يرى أنه لابد من حلول داخل الإسلام الفرنسي، الذي يعيش صعوبات كبيرة سواء في التنظيم أو في إيجاد أئمة عارفين بالمجتمع الفرنسي ومؤسساته بدل الوضع الحالي، حيث لا توجد في بعض المدن مساجد بكل ما لهذه الكلمة من معنى، وهو ما يجعل العديد من المسلمين الفرنسيين يشعرون بالحكَرة والتهميش من طرف مجتمعهم، وهو ما يسهل عمليات الاستقطاب التي تقوم بها بعض الحركات الارهابية. وعلى فرنسا وضع إمكانات رهن إشارتهم سواء في الحصول على أماكن لائقة للعبادة أو من خلال تكوين الأئمة بالجامعات أو في معاهد خاصة لخلق جيل من رجال الدين المسلمين بفرنسا. لأن المقاربة الأمنية لوحدها لن تحل مشاكل فرنسا مع التطرف، خاصة إن الاستقطاب أصبح يتم خارج المساجد حسب محمد الموساوي، وهو رئيس اتحاد مساجد فرنسا، وهي أكبر منظمة للمسلمين بفرنسا. وأضاف أن كل المتهمين بالإرهاب ليست لهم علاقة بالمساجد، لهذا لا يمكننا تحميل المساجد بفرنسا مسؤولية المرور نحو الإرهاب والتطرف.

عدم المساواة

هناك أيضا سياسة عدم المساواة بين الأقليات بفرنسا، هناك الأقلية اليهودية التي تتوفر على حماية كبيرة في ما يخص عدم المس بذاكرتها وبمقدساتها، في حين يمكن للجميع أن يتعرض إلى المسلمين ومقدساتهم، بالإضافة إلى عدم إفساح الفرصة لهم في الإعلام العمومي من أجل التعبير عن آرائهم كما يتم الأمر بالنسبة لباقي الأقليات. هذا هو الشعور الذي تحس به الأقلية المسلمة بفرنسا، والذي يتم التعبير عنه يوميا في المواقع الاجتماعية وعبر الانترنيت. وعدد كبير منهم يبرر عدم حضوره في مسيرة ضد الإرهاب والتضامن مع «شارلي» بسبب حضور الوزير الأول الإسرائيلي المتهم بجرائم حرب، والذي يبدو أنه فرض نفسه على المسؤولين الفرنسيين في هذه التظاهرة.

مسلمو فرنسا أيضا عليهم القيام بمجهود من أجل قبول العيش وسط المجتمع الفرنسي كأقلية دينية، عليها احترام التعدد الذي يعرفه المجتمع الفرنسي والمؤسسات اللائكية في مجتمع لائكي، حيث أن الدولة تضمن حقوق الجميع في اختيار معتقداتهم، لكن دون إبرازها في الأماكن العمومية. وضرورة التعامل مع فرنسا كبلدهم، حيث توجد عائلاتهم وأماكن عبادتهم، يقول خليل مرون وهو عميد مسجد افري بالضاحية الباريسية، والذي يشرف على أحد أكبر مساجد فرنسا «علينا كمسلمين فرنسيين الدعاء مع فرنسا في صلواتنا، إذا أصاب الخير فرنسا يصيبنا نحن أيضا، وإذا أصابها الشر يصيبنا كذلك، ففرنسا هي بلدنا وكل ما يضرنا يضر بها كذلك. والضربات الإرهابية التي إصابتها كنا أول المتضررين منها.. فرنسا اليوم يوجد بها أولادنا وأماكن عبادتنا. فهي بلدنا». يقول عميد مسجد افري.

طبعا مسلمو فرنسا بعد الأحداث الإرهابية الاخيرة وجدوا أنفسهم في وضعية صعبة، وهي الخوف من المستقبل الذي عبر عليه العديد منهم، هذا الخوف برز منذ تظاهرة 11 يناير 2015 للتنديد بالإرهاب، والتي لم يشارك فيها عدد كبير منهم. هذا الخوف أيضا على مستقبلهم ومستقبل أبنائهم كرسه التصاعد الكبير للأعمال المعادية للإسلام، والتي ارتفعت بشكل مهول لم يكن لها سابق في فرنسا، فما تم تسجيله فقط في اسبوعين في شهر يناير لهذه السنة، هو ما يتم تسجيله خلال سنة كاملة وصلت إلى 128 حالة اعتداء منها 33 اعتداء على المساجد و95 اعتداء على فرنسيين من أصول مسلمة، وذلك حسب المرصد الوطني لمحاربة العداء للإسلام. ومن أجل احتواء هذا العنف ضد المسلمين. قال الرئيس الفرنسي في افتتاح إحدى الندوات في معهد العالم العربي الأسبوع الأخير «حربنا هي ليست ضد الإسلام، بل ضد الإرهاب»، ليذكر كذلك أن «أغلب ضحايا الإرهاب هم من المسلمين».

المهاجرون بفرنسا، خاصة المسلمين، لهم عدة واجهات وجبهات من أجل مستقبلهم بفرنسا اليوم، الواجهة الأولى هي مواجهة التطرف الذي يهدد أبناءهم، هذا التطرف الذي يصيب الشباب سواء بالسجون أو عبر الأنترنيت، في غياب دور المساجد غير المتواجدة بالشكل الكافي بفرنسا ودور الجيل الأول في نقل ثقافته، وذلك من أجل إنقاذ شبابهم ضحية هذا التطرف. عليهم أيضا فتح واجهة ضد العنصريين والفاشيين، فرغم قلتهم ينسبون كل مشاكل المجتمع الفرنسي إلى الأجانب من إجرام وتطرف، هذه المواجهة هي بعيدة المدى عبر التعليم والتربية ومحاربة الجهل وفهم تاريخ فرنسا من أجل مواجهة هذه الفئات داخل المجتمع الفرنسي.

الواجهة الأخرى بمجتمع ديمقراطي هو المشاركة في الحياة السياسية سواء من خلال الانتماء إلى الاحزاب السياسية والانخراط داخلها بمختلف توجهاتها، وكذلك بالمجتمع المدني، من أجل الدفاع عن حقوقهم في المواطنة والتعريف بثقافتهم ومواجهة التطرف.

الدفاع عن ممارسة دينية للإسلام تتلاءم مع مجتمع جمهورية ولائكي يضم تعددا في الأقليات الدينية مع هيمنة أغلبية مسيحية من أجل العيش في تناغم ووئام مع الأغلبية واحترام كل الاقليات الدينية وغير الدينية.

الوضع بأوربا وفرنسا أصبح اليوم مختلفا وصعبا، وتزايدت الحركات العنصرية الفاشية بشكل يذكر بوضع عقد الثلاثينيات من القرن الماضي الذي ساعد على وصول أنظمة للحكم فاشية ونازية عبر الانتخابات، وهو وضع يهدد أوروبا اليوم باكتساح الحكم من طرف أحزاب فاشية وعنصرية، لكن في الوقت نفسه، هناك وجه آخر للهجرة بأوروبا أكثر إيجابية. أصبح المهاجرون وأبناؤهم اليوم جزءا من المجتمع الأوروبي، رغم كل المشاكل، وأصبح بعضهم برلمانيون ووزراء وأطر عليا وعمداء لأكبر المدن الاوربية. هذه الوجوه التي تحقق النجاح، هي الأمل سواء لهؤلاء المهاجرين أو البلدان التي تستضيفهم، في مواجهة إيديولوجية الخوف والعداء للآخر، كيفما كان شكله وثقافته. فهل نهاية التاريخ والايديولوجيات الكبرى التي عوضتها الديموقراطيات الليبرالية كما صورها الكاتب الأمريكي فرانسيس فوكوياما سوف تؤدي حتما إلى صدام الحضارات كما تصورها مواطنه صامويل هينغتون، وهو الاصطدام بين المسلمين والمسحيين الذي يحلم به المتطرفون لدى الجانبين. صدام الحضارات هو حلم أقلية متطرفة داخل المسلمين وأقلية متطرفة داخل اليهود والمسحيين، لهذا على الأغلبية الصامتة في المجتمع، والتي تضم أكبر عدد أن تكسر هذا الصمت الذي يوحي بأن هذا الاصطدام الحضاري قد بدأ فعلا.

باريس: يوسف لهلالي

صحافي مغربي مقيم في باريز

 

أحمد أويحمان، رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني

الغرب منافق والمواطنة لا يعترف بها إلا لليهود

- يلاحظ ارتفاع وتيرة الاعتداءات ضد المسلمين بعد الهجوم على مجلة «شارلي إيبدو»، كما دخلت الأحزاب اليمينية المتطرفة على الخط وأبرزها دعوة رئيسة حزب الجبهة الوطنية بفرنسا إلى تشديد المراقبة على الحدود، مشيرة إلى أن الأطنان من السلاح تهرب سنويا إلى الأراضي الفرنسية من البلقان، وتنقل الجهاديين بكل حرية -حسب قولها-. فهل يمكن قراءة ذلك كمقدمة لانتهاك الحق في حرية تنقل الأشخاص والبضائع بالغرب؟

+ لا يخفى على أحد نفاق الغرب الذي يتجلى في الكيل بمكيالين، هذا الغرب الذي يدعي أنه صاحب حضارة القانون ودولة المؤسسات لا يتورع في أن يميز بين المواطنين. فالقاعدة القانونية تقول بعموميتها، لكنها في الغرب تخضع للاستثناء، والدليل على ذلك ما يعانيه الأجانب والعرب والمسلمون خصوصا، مثلا في فرنسا التي استقطبت أنظار الرأي العام العالمي هذه الأيام بعد أحداث «شارلي إيبدو»، هناك قانون يسمى Anti - semitism ومع أن العرب والمسلمين في معظمهم ساميون إلا أن هذا القانون لا يطبق عليهم إذا أسيء إليهم، ولكن يطبق فقط على اليهود. إذن هناك مواطنة امتيازية-تفضيلية لليهود الفرنسيين على غيرهم (وإن كنا نرفض أي إساءات تمس اليهود). وحتى داخل هذه المواطنة التفضيلية، هناك أخذ بعين الإعتبار لأمور أخرى، مثلا إذا أخذنا المواطن المغربي اليهودي الفرنسي التقدمي جاكوب كوهين الذي تعرض إلى الاعتداء وبعث برسالة إلى وزير الداخلية الفرنسية وتحداه بأن يطبق القانون الذي يطبقه في حالات أخرى، إذ لم ينصف هذا اليهودي كما يحدث مع اليهود ضمن تجمع كريف (تجمع اليهود في فرنسا)، لأنه ضد الكيان الصهيوني. إذن هناك تحكم للوبي الصهيوني على الإعلام وعلى صنع القرار في معظم دول الغرب، وأنتم تعرفون دائما إما أن يكون الرئيس الفرنسي صهيونيا أو وزير الخارجية ومعاداة كل من يعادي الصهيونية بدعاوى مختلفة إرضاء للكيان الصهيوني.

- المسؤولون الغربيون طالما يصرحون برفضهم الاعتداء على المسلمين، وآخره تصريح المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بأن الإسلام ينتمي إلى ألمانيا، ولكن بالمقابل الجاليات الملسمة في البلدان الغربية تعاني من البطالة والتهميش في مجتمعات كبرى منعزلة عن محيطها. فكيف ترى ذلك، علما أن هناك آراء في الغرب نفسه تتحدث عن كون الإسلاموفوبيا هي سبب الاعتداء الذي تعرضت له «شارلي إيبدو»؟

+ هذا الخوف غير المبرر من الإسلام صنع كما صنع هذا التوحش الذي ألبسوه لباس الإسلام، صنعته هذه الدوائر الإستعمارية، بالضبط «شيطنة الإسلام» و«شيطنة المسلمين»، وتصوير المسلم في ثوب همجي، عنيف، متخلف، غير متحضر. وأعتقد أن الأحداث الأخيرة والظاهرة التي نشاهدها الآن، وشاهدناها قبل ذلك في أفغانستان وتعمدهم الخلط بين الحق وبين الحق الذي يراد به باطل كما قال الإمام علي كرم الله وجهه. وحتى أحداث «شارلي إيبدو» هل يمكن لصاحب ذرة من العقل أن يصدق هذه المسرحية التي فضحها المنصفون والموضوعيون من الباحثين والمتتبعين في الغرب. كذلك أحداث 11 شتنبر في الولايات المتحدة الأمريكية، هل يعقل أن المركب التجاري الذي يشتغل فيه 4000 يهودي في قطاعات مختلفة ولا يحضر ولو يهودي واحد يوم تفجير المبنى؟ هل يعقل ذلك التصوير الذي صور بالأبعاد الثلاثية للطائرة الأولى، ثم الثانية وهي تقتحم البرج بما أنه تم تصويره فجأة في حادث مثل هذا؟ وكل هذه الأمور ستظهر حقيقتها بعد 30 سنة عندما يرفع التكتم السري عن أرشيف هذه الدول وحينها سيكون الوقت قد فات وأضحت هذه الأحداث في طي النسيان بسبب ظهور أحداث مستجدة.

تعمد واضح لربط «داعش» بشكل صارخ بالإسلام !

كشف مرصد منظمة التعاون الإسلامى للإسلاموفوبيا عن تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا والحوادث المعادية للمسلمين المرتبطة بها في العالم. وكان العامل الرئيسي الذي أسهم في هذا الاتجاه ما يسمى بتنظيم «داعش». وأوضح المرصد في تقرير أصدره يهم الفترة بين أكتوبر 2013 وأبريل 2014، أنه على مستوى بعض وسائل الإعلام الغربية كان هناك تعمّد واضح لربط إيديولوجية تنظيم «داعش» بشكل صارخ بقيم الإسلام وأحكام شريعته، إضافة إلى ذلك جرى بشكل عام توظيف سلسلة الممارسات العنيفة التي قام بها تنظيم «داعش» بحق مدنيين على نحو تعسفي لتشويه سمعة الإسلام والمسلمين، حيث تم تداول عدة مقولات من قبيل «تنظيم داعش يبرز الوجه الحقيقي للإسلام»، و«الإسلام لا مكان له فى المجتمعات المتحضرة»، و«المسلمون لا يستطيعون العيش فى مجتمعات قوامها على المساواة والحرية». وفي حالات أخرى، جرى التحدث عن الإسلام من خلال تصنيفه بالتوازي مع النازية والفاشية والشيوعية. وأشار المرصد إلى أن «داعش» مثلت إحدى أكثر القضايا المقلقة في شهر غشت، ولا سيما منذ نشر فيديو إعدام الصحفيين الأمريكيين جيمس فولي، وستيفن سوتلوف، وهو ما استغلته بعض الجماعات اليمينية لتأجيج أعمال الإسلاموفوبيا، خاصة في الدول الغربية.