Tuesday 16 December 2025
مجتمع

آسفي بعد "الأحد الأسود".. مدينة تبحث عن الحياة بين الطين والمطر

آسفي بعد "الأحد الأسود".. مدينة تبحث عن الحياة بين الطين والمطر مشهد من فاجعة فيضان أسفي
ليلٌ بارد لف مدينة آسفي في اليوم الثاني من الفاجعة التي ضربتها مخلفة عشرات الغرقى بفعل السيول الجارفة التي أتت على دروب المدينة العتيقة بدء من باب الشعبة، وأمطار غزيرة لم تتوقف وريح قوية.. عشرات الأسر بدون مأوى بعد أن جرفت السيول منازلهم. ناموا ليلتين في العراء تحت غطاء من البلاستيك، محاطين بالماء والبرد والأوحال لا يملكون سوى الصبر والدعاء..
 
جولة قامت بها جريدة "أنفاس بريس" والساعة تقارب الواحدة بعد منتصف الليل، الثلاثاء 16 دجنبر 2025، حين بدأ المطر يطرق بقوة على أسطح الزنك الممزقة. بعض السكان يجلسون قرب جدار مهدوم يتحدثون عن "الأحد الأسود" الذي غيّر وجه مدينتهم. يتذكرون جيرانهم الذين رحلوا، ويذكرون أسماء المفقودين بين الطين والماء.
 
تتكرر القصص المؤلمة في كل زاوية. تاجر نجا بأعجوبة بعد أن قضى جاره غرقا وهو يحاول إنقاذ بضاعته. امرأة وصلت المياه إلى عنقها قبل أن ينتشلها شباب الحي. وزائر جاء من مكناس أصبح بين ضحايا محلّ للذهب غمرته المياه حتى السقف.
 
ورغم كل شيء، يرفض بعض السكان مغادرة منازلهم المهدمة. "لا أستطيع ترك بيتي، حتى لو صار من طين"، يقول أحد المتضررين وهو يزيل الماء من أمام بابه. أما الأطفال، فيقضون الليل يرتجفون تحت البطانيات فيما الأمهات يحاولن طمأنتهم بكلمات لا تخفي الخوف.
 
من جهتها سارعت السلطات المحلية لفتح مراكز إيواء مؤقتة للمتضررين، وأغلقت المدارس بسبب الحالة الجوية. في الوقت نفسه، تحركت قوافل تضامن من الجمعيات والشباب، يقدمون الطعام والأغطية والشموع في أحياء المدينة العتيقة التي غمرها الطين.
 
بينما يواصل رجال الوقاية المدنية والشرطة والسلطات عملهم ليل نهار، تحاول آسفي لملمة جراحها ببطء.
في الظلام، تظل شموع صغيرة مضاءة داخل بيوتٍ غمرتها السيول، وانقطع عنها التيار الكهربائي، كأنها تخبر الجميع أن الحياة ما زالت تنبض رغم الغرق.