شهدت مدينة الداخلة كغيرها من الأقاليم ورشة تشاورية حول “التأهيل الترابي المندمج”، حيث أكدت المستشارة الجماعية فاطمة بكار في مداخلتها على ضرورة الموازنة بين البعد الاقتصادي والخدمات الاجتماعية والبنية التحتية. وشددت على أن أي مشروع تنموي يجب أن يقوم على تشخيص واقعي للحاجيات دون المبالغة في عرض المنجزات.
في هذا الحوار مع جريدة "أنفاس بريس"، تدعو فاطمة بكار، رئيسة منظمة الصحراء آفاق مستقبلية، إلى الاهتمام بقدرة البنية التحتية والنقل على استيعاب المشاريع الكبرى، مبرزة محدودية الشبكة الحالية وضرورة إدراج حلول تراعي الاستدامة. كما تطرقت إلى ضعف استفادة أبناء الداخلة من التعليم العالي والمعاهد المتخصصة، مطالبة بإرساء توازن بين عرض التكوين وفرص الاستفادة المحلية.
تحدثتم عن محدودية البنية التحتية الحالية، هل يمكن أن تقدموا أمثلة ملموسة عن المشاريع التي تواجه صعوبات بسبب هذه المحدودية، وما الحلول المقترحة لتجاوزها؟
نعم، لا زالت الداخلة ذات محدودية على مستوى البنية التحتية برغم أن هناك إصلاحات، ولكن لا زال الرونق الذي تستحق الداخلة غير مكتمل، ولا زالت العشوائية في اتخاذ القرارات على مستوى المجالس قائمة، فربما يهم المجالس فقط جلب ما هو جديد دون دراسة محكمة.
فمثلاً إذا تحدثنا عن البنية التحتية فهي مرتبطة أيضاً بالخدمات الاجتماعية وكل ما هو استثماري اقتصادي.
فمن خلال مداخلتي أعطيت مثالا مختصرا أنه مثلاً على مستوى مدينة الداخلة التي تشهد تحولا ملحوظا.على مستوى البنية التحتية خصوصاً في الأشغال المتعلقة بالصرف الصحي وتوفير الماء وتجديد الإنارة ببعض الشوارع الرئيسة وإعادة تبليطها وتشجيرها، كان السؤال الجوهري: هل الداخلة الآن مستعدة لتحمل النقل الحضري الكبير كالحافلات؟ هل هناك شوارع تتحمل كل هذا الضغط بالإضافة إلى ضغط السيارات؟
نحن نعلم أن بمدينة الداخلة ساكنة كبيرة تعاني من قلة النقل الحضري، ووجب التفكير في الحل، ولكن بتوفير الحافلات سنقضي على مشكل النقل ولكن سنخلق مشكلاً آخر وهو الاكتظاظ في الشوارع الضيقة.
وبهذا لم نراعِ مبدأ الموازنة بحل مشكل عن طريق وضع مشكل آخر.
فبالأحرى علينا أن نفكر في كفاية توسيع الشوارع وتعزيز مدينة الداخلة بمواقف للسيارات، وخلق مركز للمدينة خالٍ من السيارات وخاص فقط بالراجلين، هذا من جانب.
نرى أيضاً أن هناك محدودية في السياحة ومردوديتها على المدينة، فرغم ما تعرفه مدينة الداخلة من استقبال للسياح سواء الخارج أو الداخل فهذا لا ينعكس بشكل كبير على مدينة الداخلة أو اقتصادها، لأن السائح يبقى حبيساً من نقطة المطار إلى نقطة الفندق، وكأنه يلخص الداخلة فقط في تلك الدائرة المحيطة بالفندق، وذلك بسبب أن مدينة الداخلة المركز تفتقر إلى الأسواق التجارية و المتاحف القروية والعصرية وايضاً إلى الشواطئ المهيئة والمقاهي ذات واجهات بحرية وشوارع صالحة للرياضة أو حتى منتزهات.
نعم، لا زالت الداخلة ذات محدودية على مستوى البنية التحتية برغم أن هناك إصلاحات، ولكن لا زال الرونق الذي تستحق الداخلة غير مكتمل، ولا زالت العشوائية في اتخاذ القرارات على مستوى المجالس قائمة، فربما يهم المجالس فقط جلب ما هو جديد دون دراسة محكمة.
فمثلاً إذا تحدثنا عن البنية التحتية فهي مرتبطة أيضاً بالخدمات الاجتماعية وكل ما هو استثماري اقتصادي.
فمن خلال مداخلتي أعطيت مثالا مختصرا أنه مثلاً على مستوى مدينة الداخلة التي تشهد تحولا ملحوظا.على مستوى البنية التحتية خصوصاً في الأشغال المتعلقة بالصرف الصحي وتوفير الماء وتجديد الإنارة ببعض الشوارع الرئيسة وإعادة تبليطها وتشجيرها، كان السؤال الجوهري: هل الداخلة الآن مستعدة لتحمل النقل الحضري الكبير كالحافلات؟ هل هناك شوارع تتحمل كل هذا الضغط بالإضافة إلى ضغط السيارات؟
نحن نعلم أن بمدينة الداخلة ساكنة كبيرة تعاني من قلة النقل الحضري، ووجب التفكير في الحل، ولكن بتوفير الحافلات سنقضي على مشكل النقل ولكن سنخلق مشكلاً آخر وهو الاكتظاظ في الشوارع الضيقة.
وبهذا لم نراعِ مبدأ الموازنة بحل مشكل عن طريق وضع مشكل آخر.
فبالأحرى علينا أن نفكر في كفاية توسيع الشوارع وتعزيز مدينة الداخلة بمواقف للسيارات، وخلق مركز للمدينة خالٍ من السيارات وخاص فقط بالراجلين، هذا من جانب.
نرى أيضاً أن هناك محدودية في السياحة ومردوديتها على المدينة، فرغم ما تعرفه مدينة الداخلة من استقبال للسياح سواء الخارج أو الداخل فهذا لا ينعكس بشكل كبير على مدينة الداخلة أو اقتصادها، لأن السائح يبقى حبيساً من نقطة المطار إلى نقطة الفندق، وكأنه يلخص الداخلة فقط في تلك الدائرة المحيطة بالفندق، وذلك بسبب أن مدينة الداخلة المركز تفتقر إلى الأسواق التجارية و المتاحف القروية والعصرية وايضاً إلى الشواطئ المهيئة والمقاهي ذات واجهات بحرية وشوارع صالحة للرياضة أو حتى منتزهات.
أشرتم إلى غياب التوازن في الاستفادة من البرامج التعليمية والمعاهد، ما الأسباب الحقيقية وراء هذه الفجوة، وكيف يمكن ضمان استفادة أبناء المدينة من الفرص التعليمية المتاحة؟
أولاً، إذا تحدثنا عن التعليم بصفة عامة بالداخلة، نجد أن أساس الفجوة التعليمية سواء الابتدائي والإعدادي والثانوي هناك نقص على مستوى البنية التحتية للمؤسسات التعليمية بالمدينة، نجد مدارس وثانويات وإعداديات ناقصة التجهيز كذلك عدم توزيعها بشكل عادل على الأحياء.
كما أن هناك نقص في التدريس وخاصة في المواد الأساسية وكذا غياب المدرسين، ضعف في التوجيه المدرسي والمهني، انعدام أنشطة ثقافية وتكوينية.
حتى الآباء لا يعرفون ما معنى مدارس الريادة إذا كانت فعلاً متواجدة بمدينة الداخلة أو لا.
كل هذا يولد لنا مشاكل ما بعد الباكالوريا حيث نجد الطالب يتخبط في مساره الدراسي إلى جانب العامل النفسي الذي يتركه حائرا بين التنقل إلى الجامعات والمعاهد الخاصة بمدن الشمال أو اختيار المدارس أو المعاهد المتوفرة بالداخلة.
وحتى ولو وفرنا بنية تحتية جيدة على مستوى المدينة يبقى أن توزيع المدارس وتجويد التعليم بها من البرامج القطاعية ولو أن هناك تدخلاً على مستوى المحلي .
وبالتالي هذه المعاناة يعيشها الطفل أو الشاب وتتحملها أيضاً الأسر التي إذا أرادت أن تغير من الحياة التعليمية لأبنائها وجب عليها تحمل مصاريف أكثر وإضافية، وماذا عسى أن نقول عن الأسر الهشة وحتى المتوسطة التي أصبحت عاجزة هي كذلك.
ولو توفرت الشروط في الطالب خصوصاً بخصوص السلك الذي اختار وحتى النقطة التي تسمح له بالولوج إلى هذه المدارس الوطنية والمعاهد الناشئة بمدينة الداخلة، دون أن ننسى أن التعليم العالي هنا تابع لجامعة ابن زهر وبطبيعة الحال الرئاسة هي من تقرر كيفية الولوج إلى هذه المدارس والمعاهد وربما تطرح شروطاً تعتبر تعجيزية لأبناء مدينة الداخلة الذين يعيشون معاناة قبل الباكالوريا في نقص التعليم والتكوين، حتى أننا شاهدنا مدارس عليا بالداخلة مؤخراً فتحت باب الترشح للولوج لها لا نجد أنها تقبل أبناء المدينة لأسباب مجهولة إلا بعد تدخل المجالس أو المجتمع المدني حتى ولو توفرت فيهم الشروط، فلا نعرف أسباب هذا الحيف الذي تتخذه هذه المدارس ذات التعليم العالي والتي بنيت بأجود المعايير والتي ساهمت فيها المجالس المحلية وكانت مدينة الداخلة هي الحاضنة على أساس أن تنعكس إيجابياً على المدينة بصفة اقتصادية وتكوينية لتكون باباً مفتوحاً أمام أبناء جهة الداخلة بصفة عامة بالإضافة إلى باقي الطلبة القادمين من الشمال وكذلك الأفارقة.
ولكن لضمان استفادة أبناء الداخلة بشكل قاطع عمّا هو متاح يجب أن نفكر بإصلاح جذري ابتداءً اولا بإصلاح المنظومة التعليمية من الاساس اي الابتدائي وكذلك تحويل جهة الداخلة وادي الذهب إلى قطب جهوي للتعليم العالي مستقل به مسالك جديدة ومتنوعة خصوصاً أن بها الأرضية حالياً، لذلك ولماذا لا يكون هذا مسعى نسعى من خلاله إلى حل نهائي تعزز به المنظومة التعليمية ككل.
برأيكم، هل هناك تنسيق كافٍ بين المشاريع المحلية والبرامج الوطنية في جهة الداخلة وادي الذهب؟ وكيف يمكن تعزيز هذا التناغم لتحقيق نتائج ملموسة على الميدان؟
ليس هناك تنسيق كافٍ بين الجهات الأخرى بين ما هو جهوي ومحلي ووطني فبالأحرى بجهة الداخلة وادي الذهب، أولاً من بين هذه المسببات أن المجالس المنتخبة بجميع درجاتها ملزمة بقوانين تنظيمية تلزمها بإنشاء برامجها التنموية وذلك خلال السنة الأولى من بداية ولايتها وتكون هذه البرامج مجمل المشاريع التي ستنشئ الجماعة أو الجهة خلال عمر ولايتها أي ما يقدر بست سنوات، ومن خلال هذه البرامج يحدث نوع من اللقاءات التواصلية بين الجماعة مثلاً والقطاعات والمجتمع المدني لجرد كافة الحاجيات ولكن دائماً تلجأ الجماعة أو الجهة إلى تكليف مكاتب دراسات يقومون بإعداد هذا البرنامج ، الذي أعتبره أحياناً كأنه مشروع بحث جامعي لا غير، لأن هذه المكاتب الدارسة بدل أن تنزل للميدان وتعمل بشكل دوري للبحث عن المشكل والتوصل إلى الحل، تلتزم فقط بما هو موجود ربما عند بعض المديريات.
فالمجلس همه هو إنجاز هذا البحث أو البرنامج بسرعة فائقة، لانه محصور بزمن معين ووضع بعض المشاريع التي ربما لا يطبق منها سوى 20%.
وفي حقيقة هذه البرامج كما أقرها المشرع يجب أن تكون شاملة لكافة المشاريع التي تخلق توازنا حقيقيا على كل المستويات سواء الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والبنية التحتية وأن تمشي بشكل موازي مع البرامج القطاعية، وبتالي نجد أن أغلب الجهات في المملكة لم تنجز كل برامجها وحتى الجماعات، ربما أحياناً لصعوبة المساطر أو تداخل في الاختصاصات أو حتى توفير الوعاء العقاري واحيانا بعض المشاريع التي تجمع العديد من الاطراف عن طريق الاتفاقيات تتم بشكل عام، تكون نهايتها الفشل، لذلك نجد أن خلق ما يسمى الكتابات العامة للشؤون الجهوية على مستوى جهات المملكة ربما سيكون مفتاحا وحلا للاتفاقيات التي تبقى عالقة، وذلك عن طريق مايسمى عقود البرنامج ويكون دورها هو الربط بين الدولة والجهات وهذا يعتبر من أسس الحكامة الجيدة.
وكما لاحظتم مؤخراً إطلاق سلسلة من اللقاءات التشاورية على مستوى المملكة بما يدعى جيل جديد للبرامج التنمية المندمجة ربما هذا جاء نتيجة فشل في الالتقائية بين البرامج المحلية والجهوية والوطنية، ليكون عندنا خلل على مستوى القرى والحواضر وحتى توزيع المشاريع بشكل متوازن، لذا من خلال الخطابين الملكيين لعيد العرش لسنة 2025 وافتتاح الدورة التشريعية لمجلس النواب، الذي وضح من خلالهما الملك محمد السادس، أسباب الهشاشة ببعض القرى والجبال ربما لو كانت هناك التقائية في البرامج لما كانت مشاكل مترتبة.
كذلك إذا أسقطنا هذا على جهة الداخلة وادي الذهب سنقول ليس هناك التقائية في البرامج التنموية سواء المحلية والجهوية وحتى الوطنية فيما بينها، وذلك ربما نتيجة القرارات التي تتخذ على مستوى كل المجالس المنتخبة مما سبب هدر زمن تنموي في فترة معينة وتخبط في كيفية إنعاش الداخلة أو الجهة وعدم توزيع البرامج الاجتماعية بشكل أفقي تمتص البطالة الهشاشة.
ولكن أظن أن من البوادر التي أسعفت الموقف هي إنشاء شركة التنمية المحلية التي كانت بمثابة عصى موسى التي استطاعت أن تظهر شكلاً آخر لوجه مدينة الداخلة كعاصمة للجهة على مستوى البنية التحتية وجمالية الداخلة، وبالتالي فإن إدماج البرامج المحلية والجهوية مع الوطنية سيخلق نوعاً من التوازن بالجهة وهذا ما نأمله من خلال الجيل الجديد لبرامج التنمية المندمجة التي ستحقق النتيجة المطلوبة لا محالة وذلك بإشراك كافة الأطياف سواء المنتخبة والقطاعية والمجتمع المدني لطرح الإشكالية بمجملها وإيجاد حل جذري..
كيف يمكن للمجتمع المدني والشباب أن يلعبوا دوراً أكبر في صياغة وتتبع مشاريع التأهيل الترابي المندمج، خصوصاً في ظل ما ذكرتموه عن ضعف المشاركة المحلية؟
لقد أبان المجتمع المدني والشباب من خلال المشاركة في اللقاءات التشاورية الأخيرة بولاية الداخلة حول "جيل جديد للبرامج التنموية المندمجة" حماسهم من خلال المداخلات في كافة الورشات، والذي تبين من جردهم للتشخيص الدقيق بإعطاء جميع الإكراهات التي كانت عائقا لتنمية جهة الداخلة وادي الذهب، وبالخصوص مدينة الداخلة والمراكز الصاعدة، وكذلك العشوائية التي تهمّ بعض المشاريع وكيف أنها لا تنعكس على المدينة أو حتى الشباب بشكل إيجابي.
فربما ضعف تمثيلية الشباب في المجالس المنتخبة أو حتى في نقاشات تهمّ الطابع التنموي يجعل أن هذه المجالس التي هي تعد الدينامو الأساسي لتحريك عجلة التنمية بالجهة تبقى حبيسة الكلاسيكية في اتخاذ القرارات أو حكراً على نخب تعايشت معها كراسي المجالس حتى سارت تشبهها، فربما إذا لم يكن هناك تغيير على مستوى المخطوطة السياسية بكافة المجالس لن يكون هناك تغيير، وبالأساس إشراك الشباب خاصة أبناء جهة الداخلة وادي الذهب لكونهم أدرى بخصوصيات منطقتهم ومشاكلها، وهذا ما تأسست عليه الجهوية الموسعة وكذلك المتقدمة، فإذا بقينا بنفس التصميم نجد عائلة توارثت مجالس معينة أو مناصب فلن يكون هناك إرادة حقيقية أو تغيير، وستبقى نفس النخب مسيطرة على المشهد السياسي وعلى مصير قراراته ، وهذا ما يجب على الدولة أن تفكر به ملياً، إن التنوع أفضل من الاحتكار على أسماء معينة وهذا متولّد عنه العديد من الإكراهات كالبطالة المنتشرة وعدم وجود عدالة اجتماعية، فكم من برامج اجتماعية تطلقها المجالس المنتخبة لا توزّع بشكل شفاف وعادل بل توزّع على القواعد الانتخابية ليضمن المنتخب مكانه بشكل خالد، وكم من المشاريع الاقتصادية انعكست فقط على فئة معينة.
وهذا الخلل هو ما تعاني منه الآن ساكنة الداخلة أو الجهة ككل، وتبقى الدولة واقفة بين المطرقة والسندان حيث وفّرت ميزانيات ضخمة لتكون مطبّقة على شكل مشاريع اقتصادية واجتماعية وتنموية ومستدامة لكي تكون لها مردودية بشكل سريع وإيجابي ولكن تصاب بعرقلة التسيير العشوائي من طرف المجالس المنتخبة.
فهنا نتساءل عن ما هو دور النخب إذا لم تساهم في الإصلاح بالمقابل ساهمت في خلق إكراهات وأوجبت على الدولة التدخل بشكل مباشر لحلّ هذه المعضلة؟
لقد أبان المجتمع المدني والشباب من خلال المشاركة في اللقاءات التشاورية الأخيرة بولاية الداخلة حول "جيل جديد للبرامج التنموية المندمجة" حماسهم من خلال المداخلات في كافة الورشات، والذي تبين من جردهم للتشخيص الدقيق بإعطاء جميع الإكراهات التي كانت عائقا لتنمية جهة الداخلة وادي الذهب، وبالخصوص مدينة الداخلة والمراكز الصاعدة، وكذلك العشوائية التي تهمّ بعض المشاريع وكيف أنها لا تنعكس على المدينة أو حتى الشباب بشكل إيجابي.
فربما ضعف تمثيلية الشباب في المجالس المنتخبة أو حتى في نقاشات تهمّ الطابع التنموي يجعل أن هذه المجالس التي هي تعد الدينامو الأساسي لتحريك عجلة التنمية بالجهة تبقى حبيسة الكلاسيكية في اتخاذ القرارات أو حكراً على نخب تعايشت معها كراسي المجالس حتى سارت تشبهها، فربما إذا لم يكن هناك تغيير على مستوى المخطوطة السياسية بكافة المجالس لن يكون هناك تغيير، وبالأساس إشراك الشباب خاصة أبناء جهة الداخلة وادي الذهب لكونهم أدرى بخصوصيات منطقتهم ومشاكلها، وهذا ما تأسست عليه الجهوية الموسعة وكذلك المتقدمة، فإذا بقينا بنفس التصميم نجد عائلة توارثت مجالس معينة أو مناصب فلن يكون هناك إرادة حقيقية أو تغيير، وستبقى نفس النخب مسيطرة على المشهد السياسي وعلى مصير قراراته ، وهذا ما يجب على الدولة أن تفكر به ملياً، إن التنوع أفضل من الاحتكار على أسماء معينة وهذا متولّد عنه العديد من الإكراهات كالبطالة المنتشرة وعدم وجود عدالة اجتماعية، فكم من برامج اجتماعية تطلقها المجالس المنتخبة لا توزّع بشكل شفاف وعادل بل توزّع على القواعد الانتخابية ليضمن المنتخب مكانه بشكل خالد، وكم من المشاريع الاقتصادية انعكست فقط على فئة معينة.
وهذا الخلل هو ما تعاني منه الآن ساكنة الداخلة أو الجهة ككل، وتبقى الدولة واقفة بين المطرقة والسندان حيث وفّرت ميزانيات ضخمة لتكون مطبّقة على شكل مشاريع اقتصادية واجتماعية وتنموية ومستدامة لكي تكون لها مردودية بشكل سريع وإيجابي ولكن تصاب بعرقلة التسيير العشوائي من طرف المجالس المنتخبة.
فهنا نتساءل عن ما هو دور النخب إذا لم تساهم في الإصلاح بالمقابل ساهمت في خلق إكراهات وأوجبت على الدولة التدخل بشكل مباشر لحلّ هذه المعضلة؟
هل تعتقدون أن هناك إرادة حقيقية لدى الجهات المسؤولة لاعتماد مقاربة تشاركية شفافة في التخطيط الترابي، أم أن الأمر ما زال رهيناً بالمقاربات التقليدية؟
كما ذكرنا سابقاً إذا بقيت الدولة رهينة نفس النخب التقليدية أظن أنه سيبقى الوضع على ما هو عليه ومنها ستتفاقم المشاكل على جميع المستويات، ولكن كما قلت إذا كانت هناك إرادة حقيقية لدى الجهات المسؤولة لاعتماد مقاربة تشاركية شفافة في التخطيط الترابي سيكون لا محال هناك تغيير إيجابي، فقبل التخطيط الترابي يجب ترتيب التخطيط السياسي ومحاربة جميع الطرق غير المشروعة التي تلجأ لها النخب المعمرة وإعطاء الفرصة للشباب الغير المدفوع من نفس النخب أو على الأقل مشاركتهم، فكما لاحظنا أن هذه النخب تصنع دائماً وريثاً لأفكارها التقليدية، وأعتقد أننا إذا اعتمدنا هذه البرامج من الجيل الجديد ستكون نتيجة حتمية ونهاية العشوائية في توزيع البرامج التنموية وتطبيقها، وحلّ العديد من المشاكل.
فنحن نأمل أن يكون هناك تغيير إصلاحي على جميع المستويات وكذلك المؤسسات، وخاصة أننا في الأقاليم الجنوبية التي تعرف تغييراً ديموغرافياً وتنموياً وذلك بفضل الملك محمد السادس ورؤيته المتبصرة والحكيمة في جعل الأقاليم الجهوية قطبا اقتصاديا والتي ظهرت من خلال إطلاق مشاريع كبرى تجاوزت مئات المليارات وتطبيقها على ارض الواقع بشكل وجيز كالميناء الأطلسي الداخلة التي وصلت به نسبة الإشغال 60% والذي سيخلق فرص الشغل وايضاً المشاريع المستدامة كالطاقة الريحية وأكبر محطة لتصفية مياه البحر لسقي 5000 هكتار والتي استفاد منها شباب جهة الداخلة وايضاً المستثمرين سواء الداخل والخارج و ربط الداخلة بالشبكة الكهربائية الوطنية والطريق السريع الوطني بين تيزنيت والداخلة.. كما لا ننسى الجانب السياسي مؤخراً شهدنا تطوراً على مستوى قضيتنا الوطنية وهو تطبيق الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية على أرض الأقاليم الجنوبية الذي يمنح هذه الأقاليم تسيير نفسها بنفسها مما يدل على إشراك الجميع في هذا المستجد التنموي الكبير الهادف إلى تحقيق عدالة اقتصادية واجتماعية ومجالية.