Wednesday 5 November 2025

مجتمع

الضابط العسكري الدكتور عبد القادر وساط "أبوسلمى"

الضابط العسكري الدكتور عبد القادر وساط "أبوسلمى" الضابط الدكتور عبد القادر وساط
قليلون جدا من يعرفون أن الأخ العزيز والصديق الشاعر والأديب الدكتور عبد القادر وساط (أبوسلمى صاحب شبكة الكلمات المسهمة والمتقاطعة الأشهر بالمغرب والعالم العربي)، يحمل رتبة ضابط في القوات المسلحة الملكية.
 
فالرجل لم يكن فقط مقاوما من أجل الجمال في الشعر والكلمات والرسم، ولا كفاءة مجربة عالية في مجال الطب النفسي (كان الطبيب الرئيسي لجناح الطب النفسي بمستشفى مولاي عبد الله بالمحمدية لسنوات)، بل هو أيضا واحد من رجال المغرب الذين حموا الحدود ضد العدو، في واحدة من أخطر مناطق المواجهة بالصحراء المغربية "كلتة زمور" في نهاية الثمانينيات من القرن العشرين، زمن بداية بناء الجدار الرملي الضخم بالصحراء..
 
هناك صادق الموت وخاتله بيقين الأبطال المؤمنين بعدالة القضية الوطنية التي يدافعون عنها.. هناك قضى ليال يحرس السماء من قبح العدوان مثلما تفعل زرقاء اليمامة، وظل يداوي الجراح ويواسي رفاقه الجرحى أو الأبطال المتعبين حين يعودون من معركة شرسة..
 
صادف في أواسط الثمانينيات أن حاز عبد القادر وساط شهادته للدكتوراه في الطب، وكان له الإختيار حينها بين العمل لسنتين ضمن "الخدمة المدنية" أو سنتين ضمن "الخدمة العسكرية". واختار هو بلا تردد الخيار الثاني رغم علمه بكل المخاطر التي سيقوده إليها اختياره هناك في عمق رمال صحرائنا المغربية.. اختار اختيار الرجال، أن لا يستكين لمكتب مكيف في مستشفى ما، وأن يقوم بدوره في خيمة عسكرية وكثيرا من المرات في خنادق تحت الأرض والرصاص يلعلع فوق الرؤوس..
 
كم ألححت عليه أن يكتب عن تجربته هناك، خاصة حين يأخد منا الحكي السلسبيل من قبله الساعات الطوال، فيقول لي بجواب الضابط العسكري "ممنوع إفشاء الأخبار العسكرية".. حتى وما قد يحكيه بأسلوبه البليغ الأخاد سيكون شهادة حية عن سيرة أبطال من جنودنا المغاربة الذين سطروا سيرةً للمجد لا تليق بغير الرجال في عمق صحرائنا الجنوبية، ولتكون درسا لنا جميعا أننا لم نربح القضية بالساهل كما قد يعتقد..
 
ما زلت أطمع في كتابته عن تلك التجربة الوضاءة من حياته، لأنها ستكون كتابة صنوا لذات الجمال الذي كان يكتب به أنطونان تشيكوف عن أبطال روسيا العظام، الذين كانوا يقصدون الموت بلا وجل، غفلا، لإيمانهم أنهم يمارسون الحياة برجولة.. حيث كانوا يعبرون خفافا صوب المجد، قصدت صوب الشهادة..