Thursday 16 October 2025
Advertisement
سياسة

نيامي.. المغرب يشارك خبرته الدبلوماسية لخدمة التنمية الإفريقية

نيامي.. المغرب يشارك خبرته الدبلوماسية لخدمة التنمية الإفريقية تعكس هذه المبادرة رغبة المملكة في وضع التكوين ونقل الخبرات في صلب عملها الدبلوماسي
أطلق المغرب والنيجر، يوم الاثنين 13 أكتوبر2025 في نيامي 2025، ورشة تكوينية دبلوماسية مخصصة للممارسات البروتوكولية والتواصل الرسمي. وتعكس هذه المبادرة، التي تحمل الرؤية الإفريقية للملك محمد السادس، تعاونًا جنوب-جنوب ديناميكيًا قائمًا على التكوين والتضامن وتطوير الرأسمال البشري في القارة.
 
وفاءً لرؤيته الإفريقية المبنية على التضامن وتبادل المعرفة، بادر المغرب، بالشراكة مع النيجر، إلى تنظيم ورشة دبلوماسية رفيعة المستوى في المركز الدولي للمؤتمرات "مهاتما غاندي" بنيامي. وتركز الورشة على الممارسات البروتوكولية، والكتابة الدبلوماسية، وتقنيات التفاوض، وهي ثمرة التعاون بين وزارة الشؤون الخارجية المغربية، والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ووزارة الشؤون الخارجية النيجرية، ضمن استمرارية مذكرة التفاهم الموقعة في الرباط سنة 2017.
 
تعكس هذه المبادرة رغبة المملكة في وضع التكوين ونقل الخبرات في صلب عملها الدبلوماسي، مع تعزيز شراكة نموذجية مع نيامي قائمة على الأخوة والتضامن وتطوير قدرات الدبلوماسيين الإفريقيين.
 
وخلال حفل الافتتاح، أكد جعفر دبّار، القائم بأعمال سفارة المملكة المغربية في النيجر، على الأبعاد السياسية والرمزية لهذه المبادرة، مشيرًا إلى أنها تندرج ضمن الرؤية الإفريقية للملك محمد السادس، والتي تركز على تطوير رأس المال البشري وتعزيز التعاون جنوب-جنوب. وقال مستشهدًا بكلمات الملك خلال القمة الثامنة والعشرين للاتحاد الإفريقي بأديس أبابا: "رؤيتي للتعاون جنوب-جنوب واضحة وثابتة: بلدي يشارك ما لديه دون تفاخر".
 
وأضاف الدبلوماسي المغربي أن هذه الورشة تجسد فعليًا هذه الفلسفة الملكية، من خلال تعاون مبني على الثقة وتبادل التجارب والمعرفة لخدمة دبلوماسية إفريقية فعالة وموحدة.
 
وخلال أسبوعين، سيشارك نحو 200 إطار ودبلوماسي نيجري في جلسات تدريبية يقدمها اثنان من السفراء السابقين للمملكة وخبير دولي من المعهد المغربي للتكوين والبحث والدراسات الدبلوماسية (IMFRED). وتشمل الورشة، التي تجمع بين الجانب النظري والتطبيقي، موضوعات مثل قيادة المفاوضات الثنائية والمتعددة الأطراف، إدارة البروتوكول، التواصل الدبلوماسي، وصياغة الاتفاقيات الدولية. ويؤكد هذا التكوين الرفيع المستوى مكانة المغرب كفاعل مرجعي في مجال التكوين الدبلوماسي الإفريقي، معترفًا بنهج المملكة العملي والتزامها المستمر بتطوير الكفاءات في القارة.
 
الرأسمال البشري، ركيزة الشراكة المغربية-النيجرية
إلى جانب الجانب التقني، تأتي هذه الورشة ضمن رؤية شاملة للمغرب لتعزيز رأس المال البشري الإفريقي، الذي يُعتبر محرك أي تقدم مستدام. ويمنح المغرب سنويًا أكثر من 200 منحة دراسية للطلاب النيجرين، ويتابع حوالي 900 منهم حاليًا دراستهم في الجامعات والمدارس العليا المغربية. وتساهم هذه التبادلات الأكاديمية في تكوين نخبة إفريقية مثقفة، واعية بتحديات التنمية وقادرة على الدفاع عن مصالح القارة على الساحة الدولية.
 
كما تمتد التعاونيات بين الرباط ونيامي إلى المجالين الديني والثقافي، من خلال المعهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات، الذي أعدّ أكثر من 400 إطار ديني نيجري، مروجًا لإسلام الوسطية القائم على التسامح والتعايش. واعتبر دبّار أن هذه البرامج تجسد "وفاء المملكة لتعاون أخوي وعملي ومستدام" وتترجم الرؤية الملكية لتنمية قائمة على المعرفة والكفاءة.
 
روابط تاريخية وأخوة متينة
تعتمد العلاقات المغربية-النيجرية على صداقة قديمة وتضامن مستمر. فمنذ إلغاء التأشيرة بين البلدين عام 1961 وإنشاء اللجنة المشتركة النيجرية-المغربية سنة 1982، لم تتوقف التعاونيات الثنائية عن التوسع في قطاعات حيوية مثل التعليم، الفلاحة، الصحة، الطاقة، الأمن، والتجارة. وتعكس هذه الشراكات رؤية مشتركة لقارة إفريقية موحدة ومستقلة ومتضامنة.
 
وأشاد دبّار برؤية وزير الشؤون الخارجية النيجرية، بكاري ياو سانغاري، والتزامه بتحديث الدبلوماسية النيجرية، مؤكدًا أن "المغرب والنيجر يشتركان في أخوة تاريخية، تعززها تعاون عملي ووفاء متبادل أمام التحديات". وقد تجلى هذا الوفاء بشكل خاص في الأوقات الصعبة، حيث وقف المغرب إلى جانب النيجر مقدّمًا دعمًا سياسيًا وطاقةً وماليًا.
 
شراكة قائمة على الثقة والتضامن
من جهته، أعرب الأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية النيجرية عن تقديره العميق للمغرب على دعمه المستمر ومرافقته الطويلة الأمد، مشيرًا إلى أنه بعد أحداث 26 يوليو 2023، والتي شهدت فرض حظر إقليمي على نيامي، قدّم المغرب مساعدة أساسية، مما يعكس عمق التضامن الثنائي.
كما أشاد المسؤول النيجري بمساهمة البنوك المغربية والشركات المغربية في إنعاش الاقتصاد النيجري، مؤكدًا أن التعاون بين البلدين مثال يُحتذى به وموجه نحو المستقبل. ودعا الدبلوماسيين الشباب النيجرين إلى الاستفادة من هذه التجربة لبناء دبلوماسية عصرية، ذات سيادة، وخادمة للتنمية الإفريقية.
 
وتجسد هذه الورشة الدبلوماسية فلسفة المغرب في التعاون جنوب-جنوب، المبنية على المسؤولية المشتركة والثقة وتبادل المعرفة. ومن خلال دعم تطوير كفاءات الدبلوماسيين الإفريقيين، يعيد المغرب التأكيد على قناعته بأن تنمية القارة تقوم على الاستثمار في رأس المال البشري.
وتحت قيادة الملك محمد السادس، يواصل المغرب التزامه من أجل إفريقيا قوية وموحدة وقادرة على تحديد مصيرها.