Tuesday 7 October 2025
كتاب الرأي

طالع السعود الأطلسي:"مؤشرات" دولية... لفائدة الحسم الأممي النهائي في مغربية الصحراء

طالع السعود الأطلسي:"مؤشرات" دولية... لفائدة الحسم الأممي النهائي في مغربية الصحراء طالع السعود الأطلسي

أواخر شهر أكتوبر، هذا الجاري، سيعقد مجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة، جلسته السنوية التقريرية في شأن تطورات نزاع قضية الصحراء المغربية...

الجلسة تصادف بلوغ النزاع نصف قرن، منذ اندلاعه للمنازعة في الحق الوطني المغربي،بعد استرجاع المغرب لأقاليمه الصحراوية من الاستعمار الاسباني، سنة 1975، بفعل المسيرة السلمية الشعبية التي دعا إليها الراحل الملك الحسن الثاني...

جلسة هذه السنة قابلة بأن تكون فاصلة في تاريخ النزاع... قرارها مرتقب أن يكون نوعيا. في مسار تاريخ من القرارات، تدرجت سنويا، متأثرة بمحرار السياسة الدولية في الموضوع، من قرارات باردة، فمحايدة ثم مترددة، إلى أن أسقطت منها مطلب الاستفتاء وأحلت محله: "حلا متوافقا عليه واقعي ودائم". وصولا إلى ترديد مضمون مقترح الحكم الذاتي المغربي، دون أن تسميه... والمتوقع أن تسميه وتتبناه في الاجتماع المقبل... ليعلن مجلس الأمن عن تملكه لقناعة المجتمع الدولي بوجوب وضع نقطة الحسم والنهائية، لنزاع لا معنى له، من أصله، وشاذ على مجريات تدافعات الوضع الدولي ونشاز في معزوفات تجاذباته...

قبيل انصرام شهر سبتمبر، أيلول، استباقا أو تمهيدا لقرار مجلس الأمن، كانت الأقاليم الصحراوية المغربية موضوع حدثيين بمفعول قوي في تكريس مغربيتها... الأول هو الإعلان الرسمي للإدارة الأمريكية عن تشجيع "الرأسمال" الأمريكي للتوجه باستثماراته إلى الأقاليم الجنوبية المغربية، على خط الاعتراف الرسمي الأمريكي بمغربيتها.... والثاني قرار الاتحاد الأوروبي بتجديد الاتفاق التجاري للاتحاد مع المغرب، والذي يسمح بتسويق المنتجات الفلاحية للأقاليم الصحراوية في أوروبا، بتجاوز للقرار القضائي الأوروبي الذي كان اعترض على ذلك...و ما كان لأروبا أن تسمح لأمريكا بتجاوزها في المجال المغربي الصحراوي.

بذلك القرار تقول أوروبا، بأنها حسمت في مغربية الأقاليم الصحراوية موضوع النزاع، سياسا، وبدون اشتراطات ولا ضغوط مغربية، ورغم نتوءات مؤسساتية أوروبية... الملاحظ سيرى في القرار الأوروبي تأثير اقتناع حوالي عشرين دولة أوروبية بمقترح الحكم الذاتي المغربي، ولعله سيستنتج حاجة أوروبا إلى تأمين خلفيتها، الجغرافية والاقتصادية والاستراتيجية، في احتمالات تداعيات، عليها من الصراع بين روسيا والإدارة الأمريكية... ولعله، أيضا، سيتوقف في قراءاته تلك عند أن أوروبا اختارت أن تكون في صف المغرب، بكل مؤهلاته وممكناته وما يعد به، واقعيا، وهو ملموس، من فوائد لها تجنيها من قاعدة، رابح-رابح، التي فرضها المغرب وتريحه وتريح أطراف علاقاته...

من الإدارة الأمريكية، كما من الاتحاد الأوروبي، القرار واحد ومؤداه واحد... الصحراء موضوع النزاع مغربية، والمغرب اقترح إقرار الحكم الذاتي لحل النزاع حولها، وهو اليوم موضوع تبني دولي عارم. وكلا الجهتين، الوازنتين دوليا، مع ذلك الاقتراح، وزيادة. وهي تستبق القرار الأممي، وتفعل على توجيه مجلس الأمن من أجل أن يصرح بما هو معلن من قناعة دولية....

في مجلس الأمن، الصين، تفاعلت مع القرارات، لما بعد 2017، بالموافقة عليها، رغم أن تلك القرارات "مكتوبة" بقلم أمريكي... للصين اعتبار خاص للمغرب، تاريخيا... واليوم لها مع المغرب "اتفاقية الحوار الاستراتيجي"، تؤطر طموحات للتعاون الاقتصادي والتجاري بعيدة المدى وثرية، وهي تتطلع لتجديد صلاتها مع افريقيا وفتح معابر نوعية إليها، بقواعد جديدة، وهو ما يؤمنه المغرب، أو أقلا، هو مؤهل له... وبذلك لن يكون دعمها لقرار أممي نوعي وواضح وتأكيدي لمغربية الأقاليم الجنوبية المغربية، مفاجئا، بل هو مرتقب، وهو على خط التفاهم المغربي الصيني...

روسيا، تخوض صراع تحدي مع الحلف الأطلسي، وفي سياقه لها حضور عسكري في شمال افريقيا، سواء في ليبيا أو دول الساحل والصحراء... والمغرب حاضر أيضا في المنطقة، بالقوة الهادئة، بالمبادرات الاقتصادية الاستراتيجية المفيدة، لدول وشعوب المنطقة، بالخبرة الاستخباراتية المناهضة للإرهاب وبالتفاعل الديني المسالم والموحد لأقطار تعاني من شقوق اثنية واجتماعية غائرة...

والمغرب، في المنطقة، لا يناصر روسيا ولا يزعجها... يباعد بينهما أن دول المنطقة هي التي تستدعي وتطلب المغرب، بينما لروسيا مرامي استراتيجية أعم في هذه المنطقة الإفريقية، وهي في حاجة لإخماد نزاعات هامشية أو مزعجة فقط، في إمساكها لخيوط توازنات علاقاتها فيها... والنزاع حول الصحراء المغربية من صنف تلك المزعجات من التوترات، ليس إلا...

من أصل 15 دولة عضوا في مجلس الأمن، 11 دولة هي ما بين معترفة بالسيادة المغربية على أقاليمه الصحراوية مثل، أمريكا، فرنساـ سيراليون والصومال... أو تقر بمقترح الحكم الذاتي لحل النزاع، مثل بريطانيا، الدانمارك، اليونان، باكستان، بناما، كوريا الجنوبية وسلوفانيا... والباقي، دول هي دول خارج التصنيف... الجزائر, ولا يحتاج موقفها إلى توصيف لوضوحه في رفض التوجه الأممي لفائدة الحق الوطني المغربي (بل و تستنكره كما فعل مندوبها في المجلس السنة الماضية)، والصين التي وافقت على القرار الأخير، وروسيا التي امتنعت على التصويت عليه, وأخيرا غوييانا التي من المفترض أن تكون مع القرار القادم بالنظر لعلاقاتها الحديثة و الجيدة مع المغرب... في النهاية، عبور القرار بالمحمولة المتوقعة له لفتح مرحلة الحسم النهائي في مغربية الصحراء، وللخوض في تنزيل الحكم الذاتي فيها... يعتمد على الموقف الروسي والذي لا يتوقع أن يكون أقل من الامتناع... إذا لم يكن أحسن وأصح ومنصفا للمغرب…

روسيا ستستضيف، منتصف أكتوبر هذا، المؤتمر الروسي العربي.... ولن يطرح فيه موضوع نزاع الصحراء المغربية، لأن العرب "مجمعون" على مناصرة الحق الوطني المغربي... والاستثناء واحد لا يعتد به... و"دولة" البوليساريو ممنوعة من الجامعة العربية ومن الاعتراف الروسي على السواء... وللمغرب في المحيط العربي مكانة الجامع والميسر، وهو ما تطلبه روسيا لها، من المغرب. ولن يتعذر على روسيا، الاستمرار في ممارسة امتناعاتها، تسهيلا، لقرار تاريخي لصالح المغرب... هذا إذا لم تستجد تطورات تدفع روسيا إلى الارتقاء بامتناعها إلى مناصرة مقترح المغرب بالحل السلمي، الواقعي والدائم، الفعلي...على النحو الذي أشرت إليه فوق.

أتصور، بأن لا الإدارة الأمريكية ولا رئاسة الاتحاد الأوروبي لم تقدما على "إشهار" اعترافهما بالسيادة المغربية على أقاليمه الجنوبية إلا تصريحا بالتوجه الذي على مجلس الأمن أن يؤكده وينتج له "الدمغة" الدولية المطلوبة...

المغرب، بمجموع ما هو عليه، من إنجازات، تحولات، مؤهلات وجاذبيات، قيمة خالصة، أكيدة، واعدة وموثوقة... وبذلك تحطمت أوهام الانفصال على أسوار متينة أرساها بنجاعة الأعمال وبقوة الآمال...