Tuesday 30 September 2025
كتاب الرأي

التمسماني: الأغلبية الحكومية في مواجهة تحديات المرحلة.. بين وعود الإصلاح وانتظارات المواطنين

التمسماني: الأغلبية الحكومية في مواجهة تحديات المرحلة.. بين وعود الإصلاح وانتظارات المواطنين سعيد التمسماني
شهدت الساحة السياسية الوطنية، يوم الثلاثاء 30 شتنبر 2025، محطة جديدة باجتماع رئاسة الأغلبية الحكومية، بحضور قيادات أحزاب التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال. اجتماع جاء في ظرفية دقيقة، يتقاطع فيها الدخول السياسي الجديد مع تصاعد الانتظارات الاجتماعية، وتزايد التعبيرات الشبابية التي تطالب بإصلاحات ملموسة وسريعة.
البيان الصادر عن الأغلبية حمل أكثر من رسالة. أولها التأكيد على أن التوجيهات الملكية الواردة في خطاب العرش الأخير ليست مجرد إشارات سياسية، بل بوصلة عملية لمشاريع التنمية المقبلة. الدعوة إلى جيل جديد من برامج التنمية الترابية وجدت صداها في التزام الحكومة بجعل قانون المالية 2026 محطة مفصلية لترجمة هذه التوجيهات إلى إجراءات قابلة للقياس، تستهدف تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية.
ثاني الرسائل، وربما الأهم، هو انفتاح الحكومة على التعبيرات الشبابية التي برزت في الفضاء العمومي والإلكتروني. اعتراف الأغلبية بجدية هذه الأصوات يشكل مؤشراً على تحول في المقاربة الرسمية: منطق الحوار والإنصات بات يفرض نفسه بديلاً عن منطق المسافة أو التجاهل. هنا تضع الأغلبية نفسها في موقع المسؤولية، مؤكدة استعدادها لإيجاد حلول واقعية عبر المؤسسات والفضاءات العمومية.
الملف الصحي كان حاضراً بقوة في النقاش. الأغلبية أقرت بأن التراكمات التي يعرفها القطاع تعود لعقود طويلة، لكنها شددت في الوقت نفسه على أن الإصلاحات الجارية ليست آنية ولا تجميلية، بل هيكلية وعميقة. من إحداث المجموعات الصحية الترابية إلى تأهيل المستشفيات وتوسيع قاعدة الموارد البشرية، كلها خطوات تؤكد أن الرهان هو على بناء منظومة صحية قادرة على الاستجابة لتطلعات المغاربة. وفي هذا السياق، رحبت الحكومة بالمبادرات البرلمانية الرامية إلى فتح نقاش مؤسساتي موسع حول إصلاح الصحة، في إشارة إلى أن النجاح يتطلب توافقاً وطنياً شاملاً.
أما على المستوى الأشمل، فقد جددت الأغلبية التزامها بتنزيل ركائز الدولة الاجتماعية: تعميم الحماية الاجتماعية، إصلاح التعليم، تشجيع الاستثمار المنتج لفرص الشغل، التصدي لأزمة الماء، معالجة إشكالية السكن، وتمكين الشباب، إضافة إلى تعزيز العدالة وتوطيد دولة القانون. أوراش مترابطة، تشكل في مجموعها معالم تعاقد اجتماعي جديد بين الدولة والمجتمع.
إن ما يميز هذا الاجتماع هو أنه لا يكتفي بتأكيد التزامات الأغلبية، بل يفتح الباب أمام نقاش عمومي جاد وإيجابي حول قضايا حيوية تمس كل بيت مغربي. فالتحدي اليوم لم يعد في صياغة البرامج، بل في تحويلها إلى نتائج ملموسة تُعيد الثقة وتعزز الأمل في المستقبل. وهنا يكمن الرهان الحقيقي: أن تنجح الحكومة في ربط خطاب الإصلاح بالفعل الميداني، وفي جعل الحوار والانفتاح قاعدة دائمة لتدبير الشأن العام.