مسافة زمنية عمرها 19 سنة تفصل أهل وزان عن الزيارة التاريخية لحفيد محمد الخامس إلى دار الضمانة. سيظل يوم 26 شتنبر 2006 يشكل منعطفًا تاريخيًا في مسيرة وزان، لأن الزيارة الملكية، وسياق المصالحة والإنصاف وجبر الضرر الذي تمت فيه، نجحت في إعادة دار الضمانة إلى الأضواء بعد عقود من السواد القاتم، نَسَجَتْ فيه الخرافة خيوطها من وراء الستار حتى تظل حفنة من البشر تعيث في أرضها فسادًا.
"من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله، فإن الله حي لا يموت". لذلك، من كان يتستر وراء الخرافات، فإن هذه الأخيرة قد وأدها حفيد محمد الخامس يوم 26 شتنبر 2006. ومن كان ينتصر لثوابت الأمة، فإنها حاضرة، وقد تم تعزيزها في 2011 بثابت جديد لم يكن سوى "الاختيار الديمقراطي".
فهل التقطت النخبة السياسية والإدارية وباقي التعبيرات قوة رسالة الزيارة الملكية، وما فجرته من حماس وآمال عريضة وواعدة في صفوف أهل وزان الكبرى؟ وهل سارعت (النخبة) إلى جعلها البوصلة التي ترسم معالم مستقبل مدينة أنصفها الملك محمد السادس حقوقيًا وتنمويًا، وهو يزورها مرتين في أقل من شهر، ويتفاعل مع دفتر المطالب الذي عبّر عنه أهلها منذ اليوم الأول لتوليه العرش، مدشِّنًا بذلك مرحلة جديدة من تاريخ المغرب المعاصر؟
الحكم على مدى تفاعل النخبة المذكورة بكل أشكال تعبيراتها مع الزيارة الملكية، لا يمكن أن يُقاس إلا بالتنزيل المادي للمشاريع التي تم توقيعها تحت أنظار حفيد محمد الخامس، وهي المشاريع التي لم يُنجز بعضها إلى اليوم، فيما لم تشرع أخرى في تقديم خدماتها للساكنة إلا بمناسبة عيد العرش الأخير، الذي لا عنوان يعلو فيه على عنوان "مغرب السرعتين".
فهل سيُخطئ أهل وزان من جديد موعدهم مع منعرج القطع مع "مغرب السرعتين"، كما أخلفوه من قبل مع منعرجات سابقة، لعل أقواها كانت الزيارة التاريخية للملك محمد السادس إلى دار الضمانة؟ زيارةٌ لا يمكن للسياق الوطني الذي حدثت فيه أن يحمل لها عنوانًا غير الرفع من وتيرة السرعة التنموية لدار الضمانة، التي عطّل صناع القرار المتعاقبون على تدبير شأنها دوران عجلة تنميتها الطبيعية، فكان ما كان... مدينة محتقنة شرايين التنمية فيها، وفاقدة لبوصلتها... عجز وخصاص في كل قطاع من قطاعاتها، حتى إن ورش استكمال تنزيل معالم ترقيتها إلى عمالة إقليم سنة 2009 لم يكتمل بعد، إذ ظلت المصالح الإقليمية للكثير من الوزارات مشتتة بين الأقاليم المجاورة، ومنها من لا ينتمي حتى إلى نفس الجهة الترابية!
منتخبات ومنتخبون ونخبة حزبية ومدنية، جل أطيافها خارج سياق مرحلة ما بعد دستور 2011، الذي عزز ثوابت الأمة بثابت "الاختيار الديمقراطي"، وانتصر للديمقراطية التشاركية التي كان منتظرًا أن تتكامل مع الديمقراطية التمثيلية، وتضخ في شرايينها نفسًا مرتفع المنسوب، بدل أن تتحول جلها إلى آليات بلا روح!
ما أحوج وزان اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى استحضار روح الزيارة التاريخية لحفيد محمد الخامس، وربطها بما حمله خطابي العرش (2024 و2025) من توجيهات تجمع بين مبدأ الجدية والقطع مع مغرب السرعتين.
فرصة استثنائية... ماذا لو اقتنصها أبناؤها حيثما وجدوا، داخل الوطن وخارجه، فبادروا بتنظيم "لمّة وزانية" يؤطرها شعار: "جميعًا من أجل الرفع من وتيرة الإنصاف التنموي لوزان".
سننتظر... لكن على الجميع أن يضع نصب عينيه أن الزمن لا يرحم، وأن الطبيعة لا تقبل الفراغ.