Saturday 6 September 2025
اقتصاد

لماذا لا تنعكس نفس السرعة والصرامة في إنجاز المشاريع الرياضية على القطاعات الاجتماعية؟.. الباحث ياسين اعليا يجيب

لماذا لا تنعكس نفس السرعة والصرامة في إنجاز المشاريع الرياضية على القطاعات الاجتماعية؟.. الباحث ياسين اعليا يجيب الباحث ياسين اعليا ومشهد خلفي لملعب الأمير مولاي عبد الله
شكّل افتتاح المركب الرياضي الأمير مولاي عبد الله بالرباط، بحلته الجديدة، رسالة واضحة عن قدرة المغرب على إنجاز مشاريع كبرى بمعايير دولية وفي آجال قياسية. غير أن هذا النجاح الرياضي يثير في المقابل سؤالًا مؤرقًا: لماذا لا تنعكس نفس السرعة ونفس الصرامة في التنفيذ على مشاريع لا تقل أهمية في حياة المواطن اليومية، كالمستشفيات والمدارس والجامعات والفضاءات العمومية؟
 
في هذا السياق، فتحت "أنفاس بريس" النقاش في هذا الموضوع، واوضح ياسين اعليا، أستاذ الاقتصاد وباحث في السياسات العمومية، أن مسألة تسريع إنجاز المشاريع العمومية هي مسألة مرتبطة أساسًا بالإمكانيات المادية. فإذا قامت الدولة أو الحكومة بتسريع إنجاز المركب الرياضي الأمير مولاي عبد الله في الرباط في هذه الظرفية، فهذا يعني تحمل كلفة كبيرة جدًا، سواء من حيث الأطقم العاملة أو من حيث المواد الأولية، إضافة إلى مختلف المكونات التي يتطلبها هذا العمل، والذي استدعى مجهودًا ضخمًا ليلًا ونهارًا، مما يؤدي بالضرورة إلى ارتفاع التكلفة.
 
وقال الباحث اعليا انه لو فتح الباب أمام تسريع الإنجاز في جميع المجالات، سيكون الأمر صعبًا جدًا، بل شبه مستحيل. فما تأخر إنجازه خلال أربعة عقود أو خمسة لا يمكن إدراكه في ظرف سنة أو سنتين فقط. ولهذا، فإن ما يقوم به المغرب حاليًا هو تركيز الجهود الكبرى على هذه المشاريع الرياضية بشكل خاص، ولا يمكن بأي حال من الأحوال تعميم نفس الوتيرة على باقي المجالات.
 
وأكد الباحث اعليا إن التركيز منصب بالأساس على البنية التحتية المرتبطة بتنظيم كأس العالم وكأس إفريقيا، وهذا هو الاختيار القائم الآن. أما في المجالات الأخرى، فلا يمكن أن تستفيد من نفس التسريع، بحكم غياب الإمكانيات المادية الكافية، وأيضًا بسبب الاستحالة التقنية لعدم توفر الأطر والآليات اللازمة للعمل في كل هذه الأوراش دفعة واحدة.
 
وأضاف محاورنا إن التجارب العالمية تؤكد أنه لا يوجد بلد استطاع في تاريخه أن ينجز جميع مشاريعه في وقت قياسي. ما يحدث عادة هو أن كل دولة تختار مجالًا محددًا لتسريع وتيرة إنجازه، ويكون ذلك إجراءً استثنائيًا غير عادي، يخرج عن القواعد الطبيعية ولا يمكن أن يستمر بشكل دائم.
وخلص الباحث اعليا تصريحه بالقول أنه في النهاية، تبقى المسألة مرتبطة بتحديد الأولويات. فالأولويات هي التي تحدد طريقة الإنجاز وسرعته، ومن هنا يطرح السؤال: ما موقع مجالات أخرى كالتعليم والصحة مقارنة مع الأولويات الحالية المرتبطة بالملاعب والرياضة؟ هذا سؤال تجيب عنه السياسات العمومية التي ترسمها الحكومة المغربية.