في أي مشروع وطني كبير، مثل مشروع الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية، تبرز أهمية التمييز بين منطق رجل الدولة ومنطق رجل القبيلة. رجل الدولة يتعامل مع الملفات بعقلانية وبرؤية استراتيجية، يضع المصلحة العامة فوق كل اعتبار، ويخطط لإجراءات تمتد آثارها لأجيال. أما رجل القبيلة، فرغم ما يتميز به من روح التضامن والانتماء، يبقى تفكيره منصباً غالباً على الولاء للأقربين والنصرة في دائرة ضيقة. في تنزيل مشروع الحكم الذاتي، المطلوب هو عقلية الدولة التي ترى في الإنسان كفاءة قبل أن ترى فيه انتماءً، وتدرك أن أي انحراف نحو المحاباة القبلية يعني إضعاف المشروع من الداخل.
نجاح الحكم الذاتي رهين بوجود مسؤولين وقياديين سياسيين وتقنوقراطيين ذوي كفاءة عالية من ابناء القبائل الصحراوية، قادرين على التدبير الرشيد لموارد المنطقة، المالية والبشرية والاقتصادية. هؤلاء مطالبون بأن يجسدوا روح الدولة الحديثة التي لا تساوم على معايير التوظيف والترقية والاختيار. فالمناصب في هذا المشروع ليست مكافآت اجتماعية، بل أدوات لبناء نموذج تنموي يُحتذى به. الاعتماد على الولاءات القبلية أو الجهوية في التعيينات سيؤدي إلى تعطيل الآليات التي يفترض أن تدفع المنطقة نحو الازدهار والاستقرار.
كما أن نجاح هذا الورش يتطلب إدماج القبيلة بشكل إيجابي، باعتبارها مكوناً اجتماعياً وثقافياً له وزنه بالصحراء. القبيلة ليست خصماً لمشروع الدولة إذا أُحسن توظيف قيمها في خدمة التنمية والانسجام الاجتماعي. لكن الخط الفاصل واضح: القبيلة إطار للتماسك والهوية، والدولة إطار للتسيير والحكامة. لذلك، أي خلط بين المجالين قد يؤدي إلى فساد التسيير وإهدار الموارد، وسيعطي فرصاً لأطراف خارجية متربصة تبحث عن ثغرات لعرقلة المشروع.
وعليه، فإن الرهان الحقيقي في تنزيل الحكم الذاتي هو على الإنسان الكفء والنزيه، القادر على اتخاذ القرار الصائب بعيداً عن ضغوط القرابة أو الولاءات الضيقة. هذا يتطلب تخطيطاً استباقياً لاستثمار الطاقات الشابة والمتعلمة، وتأهيلاً مستمراً للكوادر، وربط المسؤولية بالمحاسبة. فكما أن الدولة المغربية أثبتت أن تعييناتها تقوم على أساس الكفاءة لا المحاصصة، فإن استمرار هذا النهج سيكون الضمانة الكبرى لإنجاح مشروع الحكم الذاتي وتحويله إلى نموذج إداري وتنموي يليق بمكانة المغرب في محيطه الإقليمي والدولي.
نجاح الحكم الذاتي رهين بوجود مسؤولين وقياديين سياسيين وتقنوقراطيين ذوي كفاءة عالية من ابناء القبائل الصحراوية، قادرين على التدبير الرشيد لموارد المنطقة، المالية والبشرية والاقتصادية. هؤلاء مطالبون بأن يجسدوا روح الدولة الحديثة التي لا تساوم على معايير التوظيف والترقية والاختيار. فالمناصب في هذا المشروع ليست مكافآت اجتماعية، بل أدوات لبناء نموذج تنموي يُحتذى به. الاعتماد على الولاءات القبلية أو الجهوية في التعيينات سيؤدي إلى تعطيل الآليات التي يفترض أن تدفع المنطقة نحو الازدهار والاستقرار.
كما أن نجاح هذا الورش يتطلب إدماج القبيلة بشكل إيجابي، باعتبارها مكوناً اجتماعياً وثقافياً له وزنه بالصحراء. القبيلة ليست خصماً لمشروع الدولة إذا أُحسن توظيف قيمها في خدمة التنمية والانسجام الاجتماعي. لكن الخط الفاصل واضح: القبيلة إطار للتماسك والهوية، والدولة إطار للتسيير والحكامة. لذلك، أي خلط بين المجالين قد يؤدي إلى فساد التسيير وإهدار الموارد، وسيعطي فرصاً لأطراف خارجية متربصة تبحث عن ثغرات لعرقلة المشروع.
وعليه، فإن الرهان الحقيقي في تنزيل الحكم الذاتي هو على الإنسان الكفء والنزيه، القادر على اتخاذ القرار الصائب بعيداً عن ضغوط القرابة أو الولاءات الضيقة. هذا يتطلب تخطيطاً استباقياً لاستثمار الطاقات الشابة والمتعلمة، وتأهيلاً مستمراً للكوادر، وربط المسؤولية بالمحاسبة. فكما أن الدولة المغربية أثبتت أن تعييناتها تقوم على أساس الكفاءة لا المحاصصة، فإن استمرار هذا النهج سيكون الضمانة الكبرى لإنجاح مشروع الحكم الذاتي وتحويله إلى نموذج إداري وتنموي يليق بمكانة المغرب في محيطه الإقليمي والدولي.
