
قصة الورقة الحمراء الوحيدة في مسار المرحوم "مول الكرة"
تلقى المرحوم أحمد فرس ورقة حمراء وحيدة طيلة مسيرته الكروية التي امتدت من 1965 إلى 1982، مع فريقه شباب المحمدية والمنتخب الوطني المغربي.
ولهذا الطرد قصة تم فيه ظلم في حق أحمد فرس، ولم يكن يستحقها بتاتا وهذا ليس حكما مني مبنيا على العاطفة وإنما على متابعة دقيقة وبحث وإنصات لعدد من الأطراف التي عاشت الحدث.
المباراة المعنية جرت بملعب البشير في موسم 1974-1975، واستثناء جرت في الليل تحت الأضواء الكاشفة، كما تم نقلها مباشرة على التلفزيون الذي لم يكن ينقل مباريات البطولة وهذا أيضا استثناء.
حضر المباراة التي شارك فيها من الفريقين ثمانية لاعبين من المنتخب الوطني، جميع أفراد الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في مقدمتهم الرئيس عثمان السليماني.
في جلسات الذكريات، حكى لنا أحمد فرس عن أحداث هذه المباراة. قال لنا إنه قبل أسبوع من إجرائها، أصدرت اللجنة المركزية للتحكيم التي كان يرأسها محمد العرابي، مذكرة تأمر فيها الحكام بمواجهة احتجاجات اللاعبين بكل صرامة وعدم التردد في إخراج الورقة الحمراء، خاصة ضد اللاعبين الدوليين. علما أن الجامعة قررت أن عقوبة التوقيف بالنسبة للاعبي المنتخب لن تقل عن أربع مقابلات.
الحكم الذي قاد مباراة شباب المحمدية والمغرب الفاسي هو عبد العالي الناصيري الذي كان في ذلك الموسم حكما متجولا بين العصب، وليس حتى حكما فيدراليا جامعيا، وهي الدرجة التي سيترقى إليها بعد إقدامه على طرد فرس. وهذه ملاحظة ثالثة.
ففي نهاية الموسم، ارتقى الحكم عبد العالي الناصيري إلى حكم فيدرالي، قضى فيها سنة واحدة ليصبح حكما دوليا، وهو استثناء تطرق إليه هو شخصيا في حوار خاص مع الدكتور الباحث في شؤون الرياضة، منصف اليازغي. في نفس الحوار، سيدعي الناصيري أن أحمد فرس احتج على قراراته؛ فاضطر الى إشهار الورقة الحمراء في وجهه بعد أن اكتفى في البداية بإنذار لأن سمع من فرس سبا وقذفا. كما ذكر الحكم السابق في نفس المصدر أنه تلقى في أيضا في نهاية الموسم جائزة مالية قدرها خمسة آلاف درهم، وهو رقم كبير في ذلك الوقت.
كان المشهد صادما للجميع؛ بمثابة طرد إمام من المسجد أو قديس من المعبد..
لكن أحمد فرس أكد لنا بعد سنوات، ونحن ننبش في هذه المباراة أنه لم يسبق له أن سب حكما أو لاعبا أو فردا من الجمهور طيلة مسيرته الكروية. بل لم يفعل ذلك حتى وهو يتعرض للعنف من بعض المدافعين سواء محليا أو دوليا. كان شعاره هو الصبر والصمت والرد بهز الشباك.
أتذكر شخصيا، وهذا شعور خاص أن المرحوم الحاج أحمد فرس لم يهضم أبدا ذلك الطرد داخل قلعته ملعب البشير وأمام جمهوره ومحبيه هذا رغم قلبه السموح الطيب. أتذكر أن الحاج قال لنا بعد مرور حوالي 30 سنة عن المباراة :" أنا اليوم كبير في السن ولدي أحفاد وقد من الله علي بأداء مناسك الحج، وقد مر على المباراة سنوات طويلة، وأشهد وأنفي أنني قد تفوهت بكلمة لا أخلاقية ضد الحكم الناصيري..". فلربما سمع هذا الكلام من لاعب آخر ولم يتحر في الأمر فوجدني الأقرب إليه ليرفع أمامي الورقة الحمراء.
ومع ذلك، ففي مستودع الملابس، ذهبت يضيف أحمد فرس إلى الحكم الناصيري وسلمت عليه بكل روح رياضية، ولكي أؤكد له أمام أعضاء من الجامعة أنني لم أقل في حقه أي كلمة سوء.
هكذا تبين بالملموس أن تنزيل مذكرة اللجنة المركزية للتحكيم بقوة كان على حساب نجم الكرة المغربية، فقد كانت خطة ذكية من مسؤولي اللجنة لتمرير رسالة إلى اللاعبين لاحترام الحكام وعدم المبالغة في الاحتجاج عليهم، بواسطة حكم من الدرجة الثالثة سينتقل في سنة واحدة إلى حكم دولي.
أتذكر وأنا طفل شغوف بالكرة أتابع المباراة وحيدا على التلفزيون في بيت جارتنا السيدة ميلودة رحمها الله،أن أحمد فرس وضع يديه على وجهه وهو تحت الصدمة يرى الورقة الحمراء..لقد كان يحبس دموعه في إحساس بالظلم..
غادر أحمد فرس الملعب وسط أجواء مشحونة وتحت تصفيات الجمهور. و نفذ عقوبة أربع مباريات في صمت، وعاد الى الملاعب ليتوج في نهاية ذلك الموسم فائزا رفقة فريقه شباب المحمدية برئاسة الحاج محمد متوكل؛ بكأس العرش في مباراة تاريخية ضد اتحاد سيدي قاسم، وأمام الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله.
ستطوى السنوات ويصبح اللاعب السابق أحمد فرس و الحكم السابق عبد العالي الناصيري عضوين مهمين داخل جمعية صداقة ورياضة التي يرأسها سعيد بنمنصور؛ وتضم فعاليات رياضيات من المنتخب الوطني وبعض الحكام والمسيرين.
اللاعب والحكم سيصبحان أصدقاء وسيسافران معا، وستظل تلك الورقة الحمراء جزء فقط من تاريخ الكرة المغربية، والدليل أنها مازالت إلى اليوم بعد مرور 51 سنة حديث الإعلام الرياضي.
تلقى المرحوم أحمد فرس ورقة حمراء وحيدة طيلة مسيرته الكروية التي امتدت من 1965 إلى 1982، مع فريقه شباب المحمدية والمنتخب الوطني المغربي.
ولهذا الطرد قصة تم فيه ظلم في حق أحمد فرس، ولم يكن يستحقها بتاتا وهذا ليس حكما مني مبنيا على العاطفة وإنما على متابعة دقيقة وبحث وإنصات لعدد من الأطراف التي عاشت الحدث.
المباراة المعنية جرت بملعب البشير في موسم 1974-1975، واستثناء جرت في الليل تحت الأضواء الكاشفة، كما تم نقلها مباشرة على التلفزيون الذي لم يكن ينقل مباريات البطولة وهذا أيضا استثناء.
حضر المباراة التي شارك فيها من الفريقين ثمانية لاعبين من المنتخب الوطني، جميع أفراد الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في مقدمتهم الرئيس عثمان السليماني.
في جلسات الذكريات، حكى لنا أحمد فرس عن أحداث هذه المباراة. قال لنا إنه قبل أسبوع من إجرائها، أصدرت اللجنة المركزية للتحكيم التي كان يرأسها محمد العرابي، مذكرة تأمر فيها الحكام بمواجهة احتجاجات اللاعبين بكل صرامة وعدم التردد في إخراج الورقة الحمراء، خاصة ضد اللاعبين الدوليين. علما أن الجامعة قررت أن عقوبة التوقيف بالنسبة للاعبي المنتخب لن تقل عن أربع مقابلات.
الحكم الذي قاد مباراة شباب المحمدية والمغرب الفاسي هو عبد العالي الناصيري الذي كان في ذلك الموسم حكما متجولا بين العصب، وليس حتى حكما فيدراليا جامعيا، وهي الدرجة التي سيترقى إليها بعد إقدامه على طرد فرس. وهذه ملاحظة ثالثة.
ففي نهاية الموسم، ارتقى الحكم عبد العالي الناصيري إلى حكم فيدرالي، قضى فيها سنة واحدة ليصبح حكما دوليا، وهو استثناء تطرق إليه هو شخصيا في حوار خاص مع الدكتور الباحث في شؤون الرياضة، منصف اليازغي. في نفس الحوار، سيدعي الناصيري أن أحمد فرس احتج على قراراته؛ فاضطر الى إشهار الورقة الحمراء في وجهه بعد أن اكتفى في البداية بإنذار لأن سمع من فرس سبا وقذفا. كما ذكر الحكم السابق في نفس المصدر أنه تلقى في أيضا في نهاية الموسم جائزة مالية قدرها خمسة آلاف درهم، وهو رقم كبير في ذلك الوقت.
كان المشهد صادما للجميع؛ بمثابة طرد إمام من المسجد أو قديس من المعبد..
لكن أحمد فرس أكد لنا بعد سنوات، ونحن ننبش في هذه المباراة أنه لم يسبق له أن سب حكما أو لاعبا أو فردا من الجمهور طيلة مسيرته الكروية. بل لم يفعل ذلك حتى وهو يتعرض للعنف من بعض المدافعين سواء محليا أو دوليا. كان شعاره هو الصبر والصمت والرد بهز الشباك.
أتذكر شخصيا، وهذا شعور خاص أن المرحوم الحاج أحمد فرس لم يهضم أبدا ذلك الطرد داخل قلعته ملعب البشير وأمام جمهوره ومحبيه هذا رغم قلبه السموح الطيب. أتذكر أن الحاج قال لنا بعد مرور حوالي 30 سنة عن المباراة :" أنا اليوم كبير في السن ولدي أحفاد وقد من الله علي بأداء مناسك الحج، وقد مر على المباراة سنوات طويلة، وأشهد وأنفي أنني قد تفوهت بكلمة لا أخلاقية ضد الحكم الناصيري..". فلربما سمع هذا الكلام من لاعب آخر ولم يتحر في الأمر فوجدني الأقرب إليه ليرفع أمامي الورقة الحمراء.
ومع ذلك، ففي مستودع الملابس، ذهبت يضيف أحمد فرس إلى الحكم الناصيري وسلمت عليه بكل روح رياضية، ولكي أؤكد له أمام أعضاء من الجامعة أنني لم أقل في حقه أي كلمة سوء.
هكذا تبين بالملموس أن تنزيل مذكرة اللجنة المركزية للتحكيم بقوة كان على حساب نجم الكرة المغربية، فقد كانت خطة ذكية من مسؤولي اللجنة لتمرير رسالة إلى اللاعبين لاحترام الحكام وعدم المبالغة في الاحتجاج عليهم، بواسطة حكم من الدرجة الثالثة سينتقل في سنة واحدة إلى حكم دولي.
أتذكر وأنا طفل شغوف بالكرة أتابع المباراة وحيدا على التلفزيون في بيت جارتنا السيدة ميلودة رحمها الله،أن أحمد فرس وضع يديه على وجهه وهو تحت الصدمة يرى الورقة الحمراء..لقد كان يحبس دموعه في إحساس بالظلم..
غادر أحمد فرس الملعب وسط أجواء مشحونة وتحت تصفيات الجمهور. و نفذ عقوبة أربع مباريات في صمت، وعاد الى الملاعب ليتوج في نهاية ذلك الموسم فائزا رفقة فريقه شباب المحمدية برئاسة الحاج محمد متوكل؛ بكأس العرش في مباراة تاريخية ضد اتحاد سيدي قاسم، وأمام الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله.
ستطوى السنوات ويصبح اللاعب السابق أحمد فرس و الحكم السابق عبد العالي الناصيري عضوين مهمين داخل جمعية صداقة ورياضة التي يرأسها سعيد بنمنصور؛ وتضم فعاليات رياضيات من المنتخب الوطني وبعض الحكام والمسيرين.
اللاعب والحكم سيصبحان أصدقاء وسيسافران معا، وستظل تلك الورقة الحمراء جزء فقط من تاريخ الكرة المغربية، والدليل أنها مازالت إلى اليوم بعد مرور 51 سنة حديث الإعلام الرياضي.

.png)
