الحرب الدائرة في الشرق الأوسط بين إيران واسرائيل يمكن اعتبارها لحظة تاريخية مصلية في تاريخ المنطقة، إذ لم تصل منطقة الشرق الأوسط إلى هذا المستوى من التنافس والصراع، وتأجيج هذا الصراع إلى هذا المستوى من التصعيد العسكري، حيث تتفاعل فيه العديد من الاستراتيجيات، وأيضا تصحبه العديد من المتغيرات الجيوسياسية في المنطقة.
إلى أين تتجه خريطة الشرق الأوسط؟
إلى أين تتجه خريطة الشرق الأوسط؟
في اعتقادي أن خريطة الشرق الأوسط قبل هذه المرحلة وما بعدها سوف يكون لها العديد من الحقائق الجغرافية، والجيوسياسية المختلفة. وبعد هاته المرحلة وبعد ما يسمى “ضربة طوفان الأقصى” في اكتوبر 2023، حيث أن هذا التاريخ سوف يكون تاريخا مفصليا وتاريخا محوريا لمستقبل المنطقة.
اليوم هذا المشهد، كشف عن تقاطب أساسي كبير، وهو أن إسرائيل وداعمتها الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الغربية. أما إيران التي كانت تحرك العديد من الخيوط المتعلقة بحرب الوكالة. هذه الوكالات وأذرع إيران المختلفة في المنطقة كانت تحركها باقتدار خلال الفترة السّابقة للفترة التي سبقت الحرب على غزة، وهي الحرب التي أنهت استراتيجيا هذا التفوق الإيراني، بيّنته أوراق الضغط التي تمارسها إيران على المنتظم الدولي للدفاع عن الملف النووي وللدفاع عن كنيونتها ووجودها بذلك عبر حزب لله في لبنان الذي يعتبر ذراع إيران في المنطقة، والذي كان كميليشيا يفرض أمر الواقع في لبنان ويقتسم السلطة مع الحكومة اللبنانية في كلّ شيء وكان يحكم على أرض الواقع، وما تعرض له من اغتيالات ومن ضربات قاسمة في هذه السّنة، حيث أفرغت إسرائيل الساحة اللبنانية من محتواها، وهو ما حصل أيضا من تحول في سوري، ممّا مكن إسرائيل من أن تبسط يدها من خلال بعض التدخلات في المناطق السورية كالجولان وعلى مرآى ومسمع من العالم. فالساحة السورية أيضاً لم تعد تلك الحصن الحصين بالنسبة لإيران، ولم يظل إلا الحوتي الذي يقوم ببعض الضربات، وسط إجماع دولي على محاصرة الحوتين لاعتبارات جيوسياسية واقتصادية.
حروب خاطفة لتحقيق توازن جيواستراتيجي
حروب خاطفة لتحقيق توازن جيواستراتيجي
هذه تأثيرات ما بعد الحرب أو ما بعد هذا الصراع الذي لاشك أنه لن يكون طويلا ولن يكون قصيرا. هي حروب خاطفة وحروب تقاس بمدى قدرة الطرفين على التأثير وعلى إلحاق الضرر بالطرف الآخر. الضربات الإسرائيلية خلفت أضرارا جسيمة بالنسبة لإيران والخسائر كانت بالنسبة للمواقع العسكرية وكذلك بالنسبة للقيادات، بينما إيران أحدثت حالة من الضعف داخل إسرائيل من خلال الوصول إلى مناطق حيوية، وسط سقوط قتلى مدنيين إسرائيليين ومن الجيش الإسرائيلي، وإصابة الوحدات الدفاع الإسرائيلية. وهو ما يجعل واقع التوازن الحالي قائما، دون أن ننسى أن هناك أقطابا تدعم إسرائيل كالولايات المتحدة الأمريكية التي لم تشأ أن تشاركها بشكل مباشر في الضربات العسكرية، لكنها تستفيد لفرض شروطها وللضغط على إيران فيما يتعلق بمسألة تخصيب اليورانيوم والحصول على القنبلة النووية.
الصراع على هذه الضربات المتبادلة هي أيضا محاولة فرض هذا التّوازن، وبالتالي أظن أن إيران خسرت بعضا من نفوذها في المنطقة، بينما إسرائيل تحاول أن تتمدد بشكلها على اعتبار أن نتنياهو لا يريد المغامرة، رغم أن شخصيته مغامرة تريد كسب كلّ شيء ولا يدع أي شيء للصّدفة والآلة العسكرية بالنسبة إليه لا زالت تدور وما يزال يريد منها الدوران لتحقيق كلّ الأهداف التي يصبو إليه.
انفراجات وتغييرات تنتظر
انفراجات وتغييرات تنتظر
أعتقد أن المنطقة مقبلة على انفراجات وتغييرات، والسؤال الذي يفرض نفسه: ما موقف الدول العربية من هذا التمدد الإسرائيلي الغاشي؟ فإيران نعلمها ونعلم خطورتها، وخطورة المشروع الشيعي والهلال الشيعي على المنطقة العربية. نحن الآن أمام موقعين كما يقال: معضلة أمنية خطيرة على أساس أن إسرائيل خطر وتمدّدها يشكل خطرا جسيما خطرا داهما على المنطقة العربية، وضعف إيران يعني عدم وجود توازن في المنطقة مما سيجعل من إسرائيل تتقوى أكثر فأكثر.
وبخصوص انعكاسات ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط على المغرب، فلا يمكن أن ننكر أن هناك ارتدادات أساسية على المغرب، لكن باعتبار البعد الجغرافي وعلى علّة دور المغرب في حلّ الأزمات العربية، أعتقد أن المغرب بإمكانه أن يلعب دور الوسيط في هذه الأزمات لكونه يحوز ثقة إسرائيل وثقة الدول العربية، وبالتالي أعتقد أن ما يحدث في الشرق الأوسط يتحدّى كونه حربا ضدّ حماس وضدّ الفلسطينيين، لكنه استهداف ممنهج لكل المنطقة. إسرائيل تحاول أن تصل إلى كل نقاط الوطن العربي ولماذا المنطقة المغاربية والتي ترتبط معها بعلاقات، علاقة السلام مع المغرب على أساس احترام جسور التواصل والحوار، وكذا احترام أسس الحوار مع المغرب، غير أن المغرب ينظر إلى هذه الأزمة بمنظور احترازي ومنظور سيادي أيضا. طبعا المغرب ربما تراجع عن الذهاب بعيدا في السياسة من خلالي تطبيع العلاقات مع إسرائيل بعد توقيع اتفاقية 2020 وعبر بشكل واضح عن مواقف صارمة فيما يتعلق بالهجوم الإسرائيلي والعمليات العسكرية والهمجية والإبادة الجماعية التي تقوم بإسرائيل على فلسطين، على اعتبار حتى أن المغرب بقيادة العاهل المغربي هو رئيس لجنة القدس، وبالتالي فهو يدافع عن الحق الفلسطيني أينما كان وبكلّ الطرق ولدى المنظمات الدولية ويقدم المساعدات الإنسانية، وبالتالي فالمغرب يريد السلام ويريد الاستقرار ويريد الأمن للمنطقة، ولطالما أن حكومة نتنياهو لا تريد هذا الأمر.
أي موقع للمغرب فيما يحصل؟
وبخصوص انعكاسات ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط على المغرب، فلا يمكن أن ننكر أن هناك ارتدادات أساسية على المغرب، لكن باعتبار البعد الجغرافي وعلى علّة دور المغرب في حلّ الأزمات العربية، أعتقد أن المغرب بإمكانه أن يلعب دور الوسيط في هذه الأزمات لكونه يحوز ثقة إسرائيل وثقة الدول العربية، وبالتالي أعتقد أن ما يحدث في الشرق الأوسط يتحدّى كونه حربا ضدّ حماس وضدّ الفلسطينيين، لكنه استهداف ممنهج لكل المنطقة. إسرائيل تحاول أن تصل إلى كل نقاط الوطن العربي ولماذا المنطقة المغاربية والتي ترتبط معها بعلاقات، علاقة السلام مع المغرب على أساس احترام جسور التواصل والحوار، وكذا احترام أسس الحوار مع المغرب، غير أن المغرب ينظر إلى هذه الأزمة بمنظور احترازي ومنظور سيادي أيضا. طبعا المغرب ربما تراجع عن الذهاب بعيدا في السياسة من خلالي تطبيع العلاقات مع إسرائيل بعد توقيع اتفاقية 2020 وعبر بشكل واضح عن مواقف صارمة فيما يتعلق بالهجوم الإسرائيلي والعمليات العسكرية والهمجية والإبادة الجماعية التي تقوم بإسرائيل على فلسطين، على اعتبار حتى أن المغرب بقيادة العاهل المغربي هو رئيس لجنة القدس، وبالتالي فهو يدافع عن الحق الفلسطيني أينما كان وبكلّ الطرق ولدى المنظمات الدولية ويقدم المساعدات الإنسانية، وبالتالي فالمغرب يريد السلام ويريد الاستقرار ويريد الأمن للمنطقة، ولطالما أن حكومة نتنياهو لا تريد هذا الأمر.
أي موقع للمغرب فيما يحصل؟
المغرب سيتخذ مواقف بعيدة عن هذه العنجهية الإسرائيلية في انتظار أن تتغير ربما الحكومة الإسرائيلية أو تلين بعض المواقف من قبلها، وربما تنتهي الحرب ويتوقف إطلاق النار في غزة. المعادلة الصفرية مع إيران إذن هي انتكاسات على أساس أن المغرب جزء من الوطن العربي، وجزء من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وجزء من هذا العالم الذي يتأثر بما يحصل في الشرق الأوسط.
وأعتقد أن ما يسمى بالفكر الجمعي أو حتى بالإجماع الشعبي حول إيران ليس في المغرب، فمن يناصر إيران هنا قليل منه، لكن وجب التمييز ما بين إيران التي تمارس بعض الوصاية على الدول وعلى العديد من العواصم العربية، وإيران التي تواجه الآن إسرائيل في إطار معادلة التوازن. ومن يقرأ جيدا المشهد يرى أن إيران هي معادلة وطرف في معادلة التوازن العسكري في المنطقة. وبالتالي فالقراءة الواعية تذهب في اتجاه أن إسرائيل تريد أن تتغول، وهذا ليس في صالح المنطقة، ولا التغول الإيراني كذلك، في حين أن الدول الكبرى كالولايات المتحدة الأمريكية بإمكانها أن تحقق هذا التوازن دون أن تنتصب مدافعة على طول الخط على إسرائيل ضدّ إيران.
طبعا الاختلاف في آراء الشارع المغربي أمر عادي وهناك القليل القلة من طبعا المغاربة عقديا ومذهبيا لا ينتصرون لإيران، وهذه مسألة معروفة في المغرب الذي يؤمن بالفكر المعتدل والمذهب السّنّي المالكي والعقيدة الأشعرية، وهو ما يظهر في قراءة المواقف، على الرغم من أن إيران تقف مع الطرف الآخر “الجزائر والبوليساريو“ وتورطت وكالاتها كحزب لله اللبناني لخدمة هذه الأجندة. أظن أنه ليس هناك تعاطف وجداني، بل تعاطف عقلاني، وهو الذي يؤدي بالدفع للاعتقاد أن المغاربة وجدانيا مع القضية الفلسطينية والمغاربة ضد إسرائيل على طول الخط. وبالتالي فالموقف الشعبي يختلف عن الموقف الرّسمي الذي يتّسم بالالتزام والاعتدال وبالقراءة المضبوطة للتوازنات.