Friday 13 June 2025
سياسة

شارك فيها السفير الصيني بالرباط.. مائدة مستديرة تسلط الضوء على العلاقات المغربية الصينية

شارك فيها السفير الصيني بالرباط.. مائدة مستديرة تسلط الضوء على العلاقات المغربية الصينية جانب من المائدة المستديرة حول العلاقات المغربية - الصينية
"يُعد الفيديو النادر الذي نشرته مؤخرا قنوات صينية وتم تداوله في وسائط التواصل الاجتماعي، يظهر فيه الملك الراحل الحسن الثاني وهو يعبر عن دعمه  لعضوية الصين بالأمم المتحدة في ستينيات القرن الماضي، شهادة تاريخية قوية على البُعد الاستراتيجي الذي أولاه المغرب للعلاقات مع بلدنا منذ مراحل مبكرة. ففي زمنٍ كانت فيه الصين لا تزال تبحث عن موقعها ضمن المنتظم الدولي، عبّر العاهل المغربي بكل وضوح عن دعم المملكة المغربية لوحدة الصين وسيادتها".

جاء ذلك على لسان لي شانغاين سفير الصين بالمغرب، خلال مداخلته بمائدة مستديرة حول "العلاقات المغربية - الصينية، في ظل 25 سنة من الحكم"، جرى تنظيمها يوم الخميس 12 يونيو 2025، بمكتبة Les ètoiles بالرباط.
 
وقال السفير الصيني إن هذا الموقف الرائد، الذي يعكس رؤية دبلوماسية سبّاقة، لا يزال يُخلّد في الذاكرة السياسية الصينية. وعبّر  السفير الصيني عن تقدير بلاده لهذا "الموقف التاريخي النبيل" للمملكة المغربية. كما أشار إلى أن هذا الدعم المغربي المبكر لم يكن مجرد تعبير دبلوماسي، بل أسّس لنمط من العلاقات المتينة، مبنية على الاحترام المتبادل والثقة السياسية.
 
وأضاف السفير  أن ما يجمع المغرب والصين اليوم هو أكثر من شراكة اقتصادية، بل هو امتداد لمسار طويل من التفاهم السياسي والتعاون الاستراتيجي، ترسّخ عبر العقود وتطوّر ليشمل قطاعات حيوية مثل البنية التحتية، الطاقات المتجددة، القطاع الرقمي، والتبادل الثقافي..".
 
هكذا، فإن جذور العلاقات المغربية-الصينية ليست وليدة المصالح الظرفية، بل هي ثمرة رؤية بعيدة المدى رسم معالمها  الملك الراحل الحسن الثاني، ويواصل تجسيدها الملك محمد السادس، مدعومة بإرادة سياسية صينية.
 
من جهته أوضح الدكتور ناصر بوشيبة، رئيس جمعية التعاون الإفريقي الصيني للتنمية، أن العلاقات المغربية الصينية، مبنية على مجموعة من المبادئ المهمة، أولا، الاحترام المتبادل بين البلدين، سواء على مستوى القيادة أو الشعبين. هذا الاحترام يجد جذوره في التاريخ العريق الذي يجمع البلدين.
 
ثانياً، هناك تقاطع واضح في الاهتمامات المشتركة بين المغرب والصين. على سبيل المثال، كلا البلدين يدافع عن وحدته الترابية، علما أن الصين بدورها تعاني من مشاكل مشابهة لتلك التي عرفها المغرب بعد مرحلة الاستعمار. كما أن هناك توافقًا في الرؤية بخصوص مستقبل التنمية في قارة إفريقيا.
 
فالمغرب، يتابع بوشيبة، يدعم عدة مبادرات تنموية، وعلى رأسها المبادرة الملكية الأطلسية، بينما تدعم الصين مبادرة الحزام والطريق. إذ كل بلد يسعى إلى تعزيز حضوره في القارة الإفريقية، ما يجعل من التعاون بينهما خطوة منطقية وطبيعية، ويعكس جودة العلاقات الثنائية بين الجانبين.
 
وحول دور جمعية التعاون الإفريقي الصيني للتنمية، أكد بوشيبة أن الجمعية التي يوجد مقرها في الرباط تسعى إلى تقوية العلاقات بين المغرب والصين على مستوى المجتمع المدني. 
 
واشار بوشيبة إلى ان الجمعية معترف بها من طرف الحكومة الصينية، وتهدف  إلى بلورة رؤية جديدة للعلاقات المغربية الصينية، لكن من منظور إفريقي. في الماضي، كانت المبادرات تنطلق غالبًا من جانب الصين فقط. أما اليوم، وبفضل جهود الباحثين والفاعلين الاقتصاديين والثقافيين، أصبح هناك سعي لتطوير رؤية إفريقية مستقلة لهذه العلاقات.. هذه الرؤية تُبنى أساسًا على شراكة حقيقية مع دولة قوية مثل الصين، وتقوم على تبادل التجارب، ونقل المعارف، والتكنولوجيا. وهذا هو الهدف الرئيسي الذي تسعى إليه الجمعية.
 
من جهته قال محمد بشير الزناگي، إعلامي ومسير الندوة، أن هذه اللقاء يخلّد مرور 25 سنة على إقامة العلاقات المغربية-الصينية. إنها فترة تمنحنا شعورًا بالارتياح نظرًا للحصيلة الإيجابية التي تم تحقيقها. ففي العلاقات الدولية، لا نحظى دائمًا بفرصة تقييم إيجابي لمسار شراكة بهذا الامتداد، لكن في هذه الحالة، يمكن القول إن الحصيلة جيدة بالفعل.
 
ووصف الزناگي هذه الحصيلة بتحقيق مكتسبات مهمة في مجالات متعددة، رغم المسافة الجغرافية والثقافية الفاصلة بين البلدين. ورغم هذا البُعد، تمكن الطرفان من قطع أشواط كبيرة، وأصبحت الشراكة بينهما تتسم بطابع استراتيجي ومستدام.
ما يميز هذه الشراكة اليوم من وجهة نظر الزناگي، هو تركيزها على قضايا المستقبل، مثل صناعة السيارات الكهربائية، والمجالات الرقمية، والذكاء الاصطناعي، وغيرها من التحديات المقبلة. هذه القضايا أصبحت مدمجة ضمن خارطة التعاون المشترك، سواء على المستوى الاقتصادي أو التجاري.
 
هناك أمل كبير في أن تشكل هذه المرحلة من التعاون أرضية لانطلاقة جديدة نحو نجاحات أخرى، ليس فقط في المجال الاقتصادي، بل أيضًا في الميادين الثقافية والفنية، حيث يُسجل تطور ملحوظ، وإن كان بوتيرة بطيئة.
وختم الزناگي مداخلته بالقول بأنها بالفعل لحظة مناسبة لإجراء مراجعة هادئة ومتزنة لمسار هذه العلاقات، واستشراف آفاق جديدة لها.