Monday 16 June 2025
مجتمع

محمد الخطّابي: الفساد أخطبوط ظلّ مستعصيا.. تعدّد وتغوّل واستشرى

محمد الخطّابي: الفساد أخطبوط ظلّ مستعصيا.. تعدّد وتغوّل واستشرى محمد الخطّابي، أستاذ جامعي سابق وكاتب
يفكّك‭ ‬محمد‭ ‬خطابي،‭ ‬أستاذ‭ ‬جامعي‭ ‬سابق،‭ ‬تمظهرات‭ ‬الفساد‭ ‬داخل‭ ‬المجتمع‭ ‬المغربي،‭ ‬والذي‭ ‬ظل‭ ‬مستعصيا‭ ‬على‭ ‬التحقق،‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬المفسدين‭ ‬راكموا‭ ‬ثروات‭ ‬واجتهدوا‭ ‬في‭ ‬إحداث‭ ‬ثقوب‭ ‬في‭ ‬المساطر‭ ‬والقوانين‭".‬
ويرى‭ ‬الجامعي‭ ‬والكاتب‭ ‬الخطابي،‭ ‬في‭ ‬حواره‭ ‬مع‭ ‬جريدة 
‭"‬أنفاس بريس"‬،‭‬أن‭ ‬الفساد‭ ‬أخطبوط‭ ‬متعدد‭ ‬الأطراف‭ ‬يبيض‭ ‬ويتوالد‭ ‬ويتمدد‭ ‬كلما‭ ‬توافرت‭ ‬له‭ ‬البيئة‭ ‬المساعدة‭ ‬على‭ ‬النموّ‭ ‬والتَّعَمْلُق‭ ‬–لو‭ ‬جاز‭ ‬هذا‭ ‬التعبير‭- ‬ولولا‭ ‬اتصافه‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬لما‭ ‬تعددت‭ ‬المؤسسات‭ ‬الموضوعة‭ ‬لمحاربته؛‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬تعددها‭ ‬اعتراف‭ ‬بأنه‭ ‬تغوّل‭ ‬واستشرى‭".‬

‬أُذَكّر‭ ‬بداية‭ ‬بأن‭ ‬أحد‭ ‬الشعارات‭ ‬المركزية‭ ‬التي‭ ‬رفعت‭ ‬في‭ ‬حراك‭ ‬فبراير‭ ‬2011‭ ‬شعارُ‭ ‬«الشعب‭ ‬يريد‭ ‬إسقاط‭ ‬الفساد»؛‭ ‬فاتخذته‭ ‬بعض‭ ‬الأحزاب‭ ‬شعارا‭ ‬محورياً‭ ‬في‭ ‬دعايتها‭ ‬الانتخابية‭. ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬منذ‭ ‬أربعة‭ ‬عشر‭ ‬عاماً‭. ‬وبين‭ ‬ذاك‭ ‬اليوم‭ ‬واليومَ‭ ‬تناوب‭ ‬على‭ ‬رئاسة‭ ‬الحكومة‭ ‬حزبان‭ ‬قضى‭ ‬أحدهما‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬في‭ ‬تدبير‭ ‬الشأن‭ ‬الحكومي،‭ ‬والآخر‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭.. ‬والملاحظ‭ ‬أن‭ ‬الحزبين‭ ‬معاً‭ ‬«تمتعا»‭ ‬بأغلبية‭ ‬مريحة‭ ‬«لم‭ ‬تتوافر‭ ‬لمن‭ ‬سبقهما»‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭. ‬لكن‭ ‬المستغرب‭ ‬أن‭ ‬الشعار‭ ‬المركزي‭ ‬«إسقاط‭ ‬الفساد»‭ ‬ظل‭ ‬شعاراً‭ ‬مستعصياً‭ ‬على‭ ‬التحقق‭. ‬هل‭ ‬الحكومات‭ ‬جادة‭ ‬في‭ ‬مسعاها‭ ‬لمحاربة‭ ‬الفساد‭ ‬أو‭ ‬القضاء‭ ‬عليه‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬تقليص‭ ‬درجة‭ ‬تغوّله؟‭ ‬أشك‭ ‬في‭ ‬ذلك‭. ‬هذا‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬آلة‭ ‬الفساد‭ ‬أقوى‭ ‬وأكبر‭ ‬من‭ ‬الحكومات‭ ‬المعنية؛‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬مستبعد‭. ‬في‭ ‬ظني‭ ‬أن‭ ‬دلالة‭ ‬ذلك‭ ‬وجود‭ ‬بنية‭ ‬قوية،‭ ‬أو‭ ‬لوبيات‭ ‬قوية‭ ‬وجودها‭ ‬رهين‭ ‬بوجود‭ ‬الفساد،‭ ‬وكلما‭ ‬اتسعت‭ ‬رقعته‭ ‬راكم‭ ‬هؤلاء‭ ‬«أعني‭ ‬المفسدين»‭ ‬ثروات‭ ‬واجتهدوا‭ ‬في‭ ‬إحداث‭ ‬ثقوب‭ ‬في‭ ‬المساطر‭ ‬والقوانين‭..‬
 
شعارات‭ ‬ترفع‭ ‬وثقوب‭ ‬في‭ ‬المساطر‭ ‬والقوانين‮ ‬
على‭ ‬أن‭ ‬الموضوعية‭ ‬تقتضي‭ ‬إضفاء‭ ‬نسبية‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬ضئيلة‭ ‬على‭ ‬الأمور‭. ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬كل‭ ‬المؤسسات‭ ‬فاسدة،‭ ‬أو‭ ‬العاملون‭ ‬فيها‭ ‬جميعهم‭ ‬فاسدين‭ ‬لانهارت‭ ‬تلك‭.. ‬لذا‭ ‬وجب‭ ‬التنبيه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬المغربية‭ ‬رجالا‭ ‬ونساء‭ ‬يعضون‭ ‬على‭ ‬الاستقامة‭ ‬والنزاهة‭ ‬والعفة‭ ‬والقناعة‭ ‬بالنواجذ؛‭ ‬على‭ ‬اختلاف‭ ‬درجاتهم‭ ‬في‭ ‬السلم‭ ‬الإداري‭ ‬والمسؤوليات‭. ‬بيد‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬التعويل‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬القلة؛‭ ‬ولذا‭ ‬وجب‭ ‬على‭ ‬الساهرين‭ ‬والساهرات‭ ‬على‭ ‬احترام‭ ‬القانون‭ ‬وتنفيذه‭ ‬أن‭ ‬يضاعفوا‭ ‬جهودهم‭ ‬لألاّ‭ ‬يأتي‭ ‬المفسدون‭ ‬على‭ ‬الأخضر‭ ‬واليابس،‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬الأخضر‭... ‬وعلى‭ ‬الجملة‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬توجد‭ ‬أطراف‭ ‬وجهات‭ ‬تذكي‭ ‬الحماس‭ ‬في‭ ‬الفاسدين‭ ‬والمفسدين،‭ ‬وربما‭ ‬توفر‭ ‬لهم‭ ‬الحماية‭ ‬لما‭ ‬استفحل‭ ‬الأمر‭ ‬وعمّ‭ ‬البرّ‭ ‬والبحر‭ ‬بل‭ ‬حتى‭ ‬الجبل!‮ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يمنع‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬مؤسسات‭ ‬بلغ‭ ‬فيها‭ ‬التخليق‭ ‬درجة‭ ‬كبيرة،‭ ‬ولذا‭ ‬تحظى‭ ‬عند‭ ‬المواطنين‭ ‬المغاربة‭ ‬بثقة‭ ‬كبيرة،‭ ‬وفي‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر‭ ‬ثمة‭ ‬مؤسسات‭ ‬تحتل‭ ‬الدرجات‭ ‬الدنيا‭ ‬في‭ ‬سلم‭ ‬ثقة‭ ‬المواطنين‭ ‬المغاربة‭. ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬تدل‭ ‬عليه‭ ‬نتائج‭ ‬الاستبيانات‭ ‬التي‭ ‬تنشر‭ ‬في‭ ‬الناس‭ ‬بانتظام‭.‬‮ ‬‭ ‬أعتقد‭ ‬جازما‭ ‬أن‭ ‬انهيار‭ ‬التعليم‭ ‬– هذا‭ ‬الانهيار‭ ‬بعضه‭ ‬مقصود‭ ‬وبعضه‭ ‬عرَضي‭ ‬لكنه‭ ‬نَجَمَ‭ ‬عن‭ ‬المقصود،‭ ‬تجلى‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬تواتر‭ ‬مِعْول‭ ‬«الإصلاح»‭ ‬منذ‭ ‬العقد‭ ‬الثامن‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬حتى‭ ‬يوم‭ ‬الناس‭ ‬هذا‭ ‬-‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬وتلاشي‭ ‬بنيات‭ ‬موازية‭ ‬له‭ ‬كانت‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬الدور‭ ‬المنوط‭ ‬بالتعليم‭... ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬أنْبَت‭ ‬«في‭ ‬غفلة‭ ‬من‭ ‬الأُسر»‭ ‬قيماً‭ ‬وأنماطَ‭ ‬سلوك‭ ‬وفّرت‭ ‬تربة‭ ‬خصبة‭ ‬لنموّ‭ ‬«علم»‭ ‬الفساد‭ ‬والغش‭ ‬وتكاثر‭ ‬المفسدين‭ ‬حتى‭ ‬اتسع‭ ‬الخرق‭ ‬على‭ ‬الراقع‭.‬
‮ ‬
الفساد‭ ‬أخطبوط‭ ‬متعدّد‭ ‬الأطراف‭ ‬يبيض‭ ‬ويتوالد‭ ‬ويتمدّد‮ ‬
إن‭ ‬الفساد‭ ‬أخطبوط‭ ‬متعدد‭ ‬الأطراف‭ ‬يبيض‭ ‬ويتوالد‭ ‬ويتمدد‭ ‬كلما‭ ‬توافرت‭ ‬له‭ ‬البيئة‭ ‬المساعدة‭ ‬على‭ ‬النموّ‭ ‬والتَّعَمْلُق‭ ‬«لو‭ ‬جاز‭ ‬هذا‭ ‬التعبير»‭ ‬ولولا‭ ‬اتصافه‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬لما‭ ‬تعددت‭ ‬المؤسسات‭ ‬الموضوعة‭ ‬لمحاربته؛‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬تعددها‭ ‬اعتراف‭ ‬بأنه‭ ‬تغوّل‭ ‬واستشرى‭. ‬لكن‭ ‬هل‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬تطويقه‭ ‬بلْه‭ ‬القضاء‭ ‬عليه؟‭ ‬الواقع‭ ‬أبلغ‭ ‬نطقاً‭ ‬وحكماً‭. ‬الفساد‭ ‬ثقافة‭ ‬له‭ ‬«علماؤه»،‭ ‬و«فقهاؤه»،‭ ‬و«أساتذته»‭ ‬و«منظروه»،‭ ‬و«محاموه»،‭ ‬و«باحثوه»،‭ ‬و«مفكروه»،‭ ‬و«مستشاروه»،‭ ‬و«المدافعون‭ ‬عنه» و«مزكّوه»‭... ‬وهؤلاء‭ ‬يُعدون‭ ‬بالآلاف؛‭ ‬وفي‭ ‬الضفة‭ ‬المقابلة:‭ ‬كم‭ ‬عدد‭ ‬أفراد‭ ‬النيابة‭ ‬العامة؟‭ ‬كم‭ ‬عدد‭ ‬قضاة‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للحسابات‭ ‬والمجالس‭ ‬الجهوية؟‭ ‬كم‭ ‬عدد‭ ‬أعضاء‭ ‬الهيئة‭ ‬الوطنية‭ ‬للوقاية‭ ‬من‭ ‬الرشوة؟‭ ‬كم‭ ‬عدد‭ ‬المفتشين‭ ‬العامين‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬قطاع‭ ‬وزاريّ؟‭ ‬ويمكننا‭ ‬التساؤل‭ ‬أيضاً‭ ‬عن‭ ‬الصلاحيات‭ ‬القانونية‭ ‬المخوَّلَة‭ ‬لبعض‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭. ‬هل‭ ‬ينتهي‭ ‬عملها‭ ‬بنهاية‭ ‬التحقيق‭ ‬في‭ ‬واقعة‭ ‬من‭ ‬الوقائع‭ ‬«بحكم‭ ‬القانون‭ ‬المنظم‭ ‬لعملها»؟‭ ‬ما‭ ‬مصير‭ ‬تلك‭ ‬التحقيقات؟‭ ‬وأقوى‭ ‬مثال‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬تقارير‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للحسابات‭. ‬بحسب‭ ‬علمي،‭ ‬معظم‭ ‬الملفات‭ ‬التي‭ ‬أحيلت‭ ‬على‭ ‬القضاء‭ ‬أحيلت‭ ‬بدعاوى‭ ‬رفعتها‭ ‬جمعيات‭ ‬حماية‭ ‬المال‭ ‬العام،‭ ‬أو‭ ‬جمعيات‭ ‬حقوقية‭... ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬كم‭ ‬تمثل‭ ‬الملفات‭ ‬المحالة‭ ‬على‭ ‬القضاء‭ ‬من‭ ‬مجموع‭ ‬التقارير؟‭ ‬(أما‭ ‬إذا‭ ‬وُضِع‭ ‬حدّ‭ ‬لانتصاب‭ ‬الجمعيات‭ ‬المذكورة‭ ‬طرفاً‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬المال‭ ‬العامّ‭ ‬فانتظر‭ ‬الساعة !!)‭. ‬كم‭ ‬عدد‭ ‬الملفات‭ ‬التي‭ ‬أحالها‭ ‬الوزراء‭ ‬«بحكم‭ ‬إشرافهم‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬ما؟»‭ ‬على‭ ‬القضاء‭ ‬ليبت‭ ‬فيها؟‭ ‬كم‭ ‬عدد‭ ‬الملفات‭ ‬التي‭ ‬أحالها‭ ‬البرلمان‭ ‬على‭ ‬القضاء‭ ‬نتيجة‭ ‬لجان‭ ‬التحقيق‭ ‬التي‭ ‬يحدثها؟‭ ‬وفي‭ ‬الأخير‭ ‬ما‭ ‬مآل‭ ‬المحكومين؟‭ ‬وهل‭ ‬الأحكام‭ ‬الصادرة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬الردع؟‭ ‬«مع‭ ‬التذكير‭ ‬بأن‭ ‬القاضي‭ ‬يُصدر‭ ‬الحكم‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬القانون‭ ‬الساري»‭. ‬ثمة‭ ‬شِقٌّ‭ ‬آخر‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يلفت‭ ‬الانتباه‭. ‬أعني‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭.. ‬هو‭ ‬الآخر‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يستثنى‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬إما‭ ‬باعتباره‭ ‬ضحية‭ ‬أو‭ ‬«فاعلاً»‭.‬
‮ ‬
هل‭ ‬صار‭ ‬الفساد‭ ‬ركيزة‭ ‬خامسة‭ ‬في‭ ‬البلاد؟‮ ‬
على‭ ‬كل‭ ‬حال،‭ ‬بإمكان‭ ‬المجتهد‭ ‬أو‭ ‬المؤوّل‭ ‬أن‭ ‬يعتبر‭ ‬الأمر‭ ‬كذلك،‭ ‬أعني‭ ‬بخصوص‭ ‬الركيزة‭ ‬والعقيدة‭. ‬أما‭ ‬في‭ ‬رأيي‭ ‬فلا‭ ‬أصادق‭ ‬على‭ ‬هذا،‭ ‬وإلا‭ ‬لاعتبرنا‭ ‬البلاد‭ ‬كلها‭ ‬والمجتمع‭ ‬كله‭ ‬فاسداً،‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬يستقيم‭. ‬إذ‭ ‬لو‭ ‬صحّ‭ ‬ذاك‭ ‬لوجب‭ ‬الاستغناء‭ ‬عن‭ ‬جميع‭ ‬المؤسسات‭ ‬الرقابية‭ ‬والرادعة‭.‬

‮ ‬في‭ ‬اعتقادي‭ ‬أن‭ ‬الدواء‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬إعمال‭ ‬آلات‭ ‬الهدم‭ ‬والتفكيك‭ ‬في‭ ‬بنيات‭ ‬الفساد‭ ‬وأسبابه،‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬إحدى‭ ‬أولويات‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدستورية،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬مراجعة‭ ‬الجزاءات‭. ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬يخون‭ ‬الأمانة،‭ ‬ويُخلّ‭ ‬بمسؤوليته‭ ‬عن‭ ‬سبق‭ ‬علم‭ ‬وإصرار،‭ ‬أو‭ ‬يُعمِل‭ ‬النهب‭ ‬في‭ ‬المال‭ ‬العام‭... ‬قد‭ ‬أسقط‭ ‬عن‭ ‬نفسه‭ ‬حقوق‭ ‬المواطنة‭ ‬إلى‭ ‬أجل‭ ‬مسمّى،‭ ‬على‭ ‬الأقلّ‭ ‬(كالذي‭ ‬ينهب‭ ‬الأموال‭ ‬المرصودة‭ ‬للتنمية‭ ‬البشرية،‭ ‬أو‭ ‬محاربة‭ ‬الفقر،‭ ‬أو‭ ‬يغش‭ ‬في‭ ‬مشاريع‭ ‬البنيات‭ ‬الأساسية،‭ ‬أو‭ ‬يبيع‭ ‬الشهادات) بمختلف‭ ‬أشكالها،‭ ‬وتنوّع‭ ‬الجهات‭ ‬المُصْدرة‭ ‬لها‭ ‬«التعليم،‭ ‬الصحة‭...‬»،‭ ‬أو‭ ‬ينشر‭ ‬المخدرات‭ ‬والأقراص‭ ‬المهلوسة‭ ‬في‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع،‭ ‬أو‭ ‬يصرّ‭ ‬على‭ ‬بيع‭ ‬المواد‭ ‬الفاسدة‭ ‬أو‭ ‬احتكارها،‭ ‬أو‭ ‬يأكل‭ ‬أموال‭ ‬الناس‭ ‬بالباطل‭... ‬وتلك‭ ‬أمثلة‭ ‬فحسب‭ ‬سقناها‭ ‬لينوب‭ ‬المذكور‭ ‬عن‭ ‬غيره‭...‬)‭. ‬هذه‭ ‬آفات‭ ‬تفتح‭ ‬الباب‭ ‬مُشرَعاً‭ ‬أمام‭ ‬الفتنة‭ ‬بل‭ ‬الفتن‭. ‬وجه‭ ‬الفتنة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬مرتكب‭ ‬الفعل‭ ‬فرد‭ ‬أو‭ ‬أفراد‭ ‬معدودون،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬يدفع‭ ‬الثمن‭ ‬يعدون‭ ‬بالآلاف‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬نقل‭ ‬الملايين‭.. ‬ومن‭ ‬ثمة‭ ‬يكون‭ ‬الثمن‭ ‬غالياً‭ ‬نراه‭ ‬بالعين‭ ‬المجردة‭ ‬مجسَّداً‭ ‬في‭ ‬المفقَرين،‭ ‬والمهمَّشين،‭ ‬والمحرومين،‭ ‬ومظاهر‭ ‬الغش‭ ‬بكل‭ ‬أنواعه‭ ‬الظاهرة‭ ‬والخفية‭...‬