أكد ناصر جابي، أستاذ علم الاجتماع الجزائري أن التوضيح الذي نشرته جامعة حسيبة بن بوعلي بالشلف حول اشتراط إذن إداري للحديث حول التاريخ الجزائري، لم يزد الوضع إلا غموضا، وهو ما يكشف للمرة الألف الممارسات السائدة داخل الحرم الجامعي بالجزائر في السنوات الأخيرة، المتسمة بالكثير من أشكال التضييق ضد حرية البحث الجامعي والنشر والكلمة، التي تمس تحديدا العلوم الاجتماعية والإنسانية. وهو وضع مرشح للزيادة بالنسبة لأبناء الأجيال الصغيرة في السن، التي لم تعرف ما كانت تتمتع به الجامعة الجزائرية من حريات عاشتها أجيال أقدم ولو بشكل نسبي، بعد ابتلاء هذه المؤسسة العلمية والفكرية المركزية بجيل من المسيرين التحقوا بها في السنوات الأخيرة، لا يملكون من هدف إلا رضا صاحب القرار البيروقراطي على أدائهم، حتى لو أدى به الأمر إلى تجاوز أبسط الحريات الأكاديمية المكرسة دستوريا في البلد وتوريط سمعة المؤسسات، التي ابتليت بهم داخليا وخارجيا. في وقت عرفت فيه الجامعة انخفاضا كبيرا في تجنيد أساتذتها وطلبتها وتقلصا في نضالهم النقابي، الذي عرفوا به في وقت مضى ليس بالبعيد، كما كان في التسعينيات.
ويأتي تصريح أستاذ علم الاجتماع الجزائري ناصر جابي، هلى خلفية منع أساتذة التاريخ في الكلام عن التاريخ الذي جاء كإحدى التداعيات المباشرة لتصريحات أحد المؤرخين الجزائريين لقناة تلفزيونية إماراتية أدت به إلى التوقيف في انتظار محاكمته، بتهم ثقيلة.
.
واعتبر الكاتب توقيف أستاذ التاريخ الجزائري، يأتي كتأكيد للأهمية الممنوحة لمسألة التاريخ، كجزء مهم من التحكم في الذاكرة والهيمنة الفكرية والسياسية.
وضع يحيل إلى أهمية مسألة التاريخ والذاكرة لدى المواطن الجزائري، الذي ما زال ينبش عن كل ما يهم جهته وقريته وبلده في ثنايا كتب التاريخ، دون أن يطلع بالضرورة على المكتوب منها بشكل مباشر، كما تعكسه مستويات مقروئية الكتب التاريخية والمذكرات التي ظهرت في الجزائر بعد الحرية التي عاشها عالم النشر، بعد أحداث أكتوبر 1988.
وخلص الكاتب الجزائري ناصر جابي للقول أن هناك طمس للمعلومة التاريخية في الجزائر، وتعامل مريب مع الأرشيف، يمكن تلخيصها في البحث عن الهيمنة السياسية كأحد تجليات الصراع الاجتماعي – السياسي في أي مجتمع.. حتى لو كان ذلك على حساب ما يسمي بالحقيقة التاريخية التي تبقى نسبية وقابلة للنقاش الحر بين المتخصصين من خارج أسوار السجن، بعيدا عن كل أنواع التضييق والمصادرة.