250 جنيها مصريا ( حوالي 136 درهما مغربيا)..مبلغ كافي يسمح لك بالوقوف على أول مهمة للمخابرات المصرية في أوج المواجهة بين الرئيس جمال عبد الناصر والولايات المتحدة الأمريكية خلال الحرب الباردة.
المبلغ مقسم إلى شطرين: شطر يهم أداء 250 جنيها كرسم الدخول لصعود برج القاهرة. والشطر الثاني يشمل أداء مبلغ بقيمة 500 جنيه لتناول وجبة غذاء خفيفة بالمطعم الموجود في الطابق 62 بالبرج.
"برج القاهرة"، ليس فقط معلمة معمارية وسياحية تؤثث الفضاء العام، بل وتهيمن على فضاء القاهرة ككل، بل هو مصدر فخر واعتزاز للمصريين ككل. بالنظر إلى أن الرواية التي رافقت بناء هذا البرج الذي يصل طول 187 مترا ( أي ما يعادل بناية من 62 طابقا)، تربط قصة البرج "بالرشوة" التي قدمتها المخابرات الأمريكية للرئيس عبد الناصر مقابل "أن يوقف دعمه لحركات التحرر ضد الاستعمار في العالم".
قصة " الرشوة " الأمريكية للرئيس المصري روجها وزكاها اللواء عادل شاهين، وكيل جهاز المخابرات السابق، الذي وثق هذه الرواية في كتاب "برج القاهرة"، الصادر عن "الهيأة المصرية العامة للكتاب". إذ يقول شاهين في كتابه، بأن مخابرات أمريكا سلمت لعبد الناصر في مطلع الخمسينات من القرن العشرين، "رشوة بمبلغ مليون دولار على أساس أن يرفع دعمه ومساندته لكل حركات التحرر".

هذه "الرشوة"، وفق رواية شاهين، اعتبرها جمال عبد الناصر إهانة له، فأمر هذا الأخير بتحويل مليون دولار لبناء رمز يحيل " لنهصة مصر وصمودها ضد التسلط الغربي بقيادة أمريكا"، ويستحسن أن يكون على شكل "خازوق ضد عجرفة الغرب"، فطلب عبد الناصر من جهاز المخابرات العامة التنقيب عن مهندس مصري قادر على بلورة هذه الفكرة.
وبعد بحث معمق تم اختيار مهندس مصري من أصل لبناني يسمى "نعوم شبيب"، وكلفته المخابرات المصرية بإنجاز تصميم للمبنى والإشراف على إخراج أساساته من الأرض.
التنقيب عن العقار قاد المخابرات المصرية إلى اختيار جزيرة الزمالك على ضفة النيل ، لاحتضان "برج القاهرة"، الذي تم الشروع في بنائه عام 1956. وفي 1961 دشنه الرئيس عبد الناصر.
ومنذ ذلك التاريخ واللوحة الرخامية التي تزين مدخل "برج القاهرة" تشهر في وجه الزوار كلمة "لا"، التي ينسب لعبد الناصر أنه قالها للمخابرات الأمريكية لما أرادت "شراء تواطئه".
والله أعلم.