بتاريخ 6 ماي 2025، احتضن ملعب سان سيرو (جوزيبي مياتزا) بميلانو مباراة إياب نصف نهائي عصبة الأبطال الأوروبية التي جمعت فريقي أنترميلان وبرشلونة علما أن مباراة الذهاب انتهت بالتعادل 3/3، هذه المباراة انتهت بفوز الأنتر بــــــ 3/4 بعد لعب الأشواط الإضافية وأسميتها "مباراة ختم الكرة" لماذا ؟
هناك عدة اعتبارات جعلتني أطلق عليها هذه التسمية، فهي مباراة باحت بكل أسرار الفن الكروي الرفيع واللياقة البدنية العالية والروح الرياضية المثالية بين اللاعبين. كانت الصورة في غاية الكمال والروعة، الكل ساهم في جمالية هذه الأمسية : تنظيم، جمهور، حكام، أطقم تقنية وطبية ... ولا أعتقد أن عشاق الكرة سيشاهدون مستقبلا مباراة بمثل هذا المستوى الكروي الرفيع وهذا الإيقاع السريع والمرتفع. إنها مباراة تمثل ختام الحقبة الكروية الحالية ولعمري إنها لمسك الختام. لا يهم بعد ذلك من سيفوز باللقب لأن الفريقين سواء الإيطالي أو الإسباني فازا معا به وعن جدارة واستحقاق.
أي سخاء هذا الذي يمنح لعشاق الكرة ثلاثة عشر هدفا في مباراتين، 6 أهداف في الذهاب و7 أهداف في الإياب وفي منافسة بلغت مراحل متقدمة جدا (نصف النهائي) وهي مراحل يفترض أن يتوخى فيها الفريقان أقصى درجات الحيطة والحذر واللعب بتركيز عال. لكن الذي حصل كان معاكسا تماما. فقد انخرط لاعبو كلا الفريقين واندمجوا كليا في مجريات المقابلة كما لو كانوا غير آبهين بما يتفاعل حولهم من تعليمات المدربين والأطقم التقنية. وهتافات الجماهير الغفيرة، لعبوا بكل حرية وأريحية وإلا لما أمتعونا بهذا الطبق الكروي المتفرد. لم يفكر لاعبوا الفريقين عندما كانوا متقدمين في النتيجة، في تضييع الوقت أو استفزاز الخصم. لم نشاهد أي تشنج أو توتر بين اللاعبين كما لو أن الأمر يتعلق بمباراة ودية أو تكريمية وليس مباراة مصيرية تقود إلى نهائي عصبة الأبطال.
غاب الخبث الكروي وحضرت الجدية والالتزام والمتعة والتضحية من أجل رقي الكرة ومجد ا لكرة. ستظل هذه المباراة راسخة في الأذهان، ستذكر الجماهير هؤلاء اللاعبين الذين صنعوا ملحمة كروية خالدة بفنياتهم وكذا بأخلاقهم وتعاملهم الراقي مع بعضهم رغم حساسية المباراة. انظر كيف هرع اللاعبون الطليان، وهم في غمرة فرحهم بالتأهل، إلى زملائهم الإسبان ليؤدوا واجب المواساة والطبطبة، قمة الروح الرياضية والرقي الإنساني.