الأحد 19 مايو 2024
ملفات الوطن الآن

بوتفليقة يشن «حرب القرقوبي» على المغرب

 
 
بوتفليقة يشن «حرب القرقوبي» على المغرب

إذا كانت الاعتبارات التاريخية-الجغرافية قد مهدت الطريق لكل من المغرب والجزائر ليشكلا نسيجا موحدا يعضده الانتماء المشترك لنفس الثقافة والدين، فإن للمعطيات الجيوـ ستراتيجية ولتجاذبات المحيط الاقليمي والدولي اعتباراتها الخاصة التي جعلت العلاقات بين البلدين، منذ نشأة الدولة فيهما، مكانا للتوترات والصراعات الدائمة التي تتكلم أحيانا لغة الحرب. ثم تحل الهدنة بعدها في انتظار العواصف. إنه الاستنتاج المستخلص إلى اليوم على امتداد الفترة التي تلت استقلال البلدين في 1956 بالنسبة إلى المغرب، وفي سنة 1962 بالنسبة إلى الجزائر، حيث يتأكد أن الجار يختار دائما أن يورطنا في حروب تهزمه، تماما كما حدث في حرب الرمال (1963)، وفي حرب امغالا (1976)، وكما يحدث اليوم بعنوان جديد: "حرب القرقوبي".

 

 كانت حرب الرمال التعبير الأول عن نزوع عساكر الجزائر نحو تدمير المشترك بيننا. ذلك أن الاستعمار الفرنسي كان قد اقتطع جزءا من التراب المغربي لفائدة الجزائر، مفترضا أن هذه الأخيرة ستظل دائما جزءا من فرنسا ما وراء البحار. ولذلك ما أن حصلت الجزائر على استقلالها حتى توجه المغاربة نحو نظرائهم الجزائريين «رفاقهم» في معركة التحرير من الاستعمار، مطالبين إياهم بتسوية مسألة الحدود باعتبارها من المشاكل المترتبة عن المخطط الاستعماري، وبتفهم حقهم في التراب المقتطع، وفي رفع هذا الظلم الجغرافي الذي لحق بوحدتهم الترابية

لكن عوض تفهم الوضع، بادرت الجزائر بافتعال الأزمات مدججة بإديولوجية الثورة، مقابل اتهام المغرب بالاصطفاف حول المشروع الامبريالي، خاصة بعد إدراكها للتصدعات السياسية التي كان يعرفها المغرب الناشىء آنذاك، بفعل الأزمة بين النظام ومكونات الحركة الوطنية. ومن ثم أغلقت كل منافذ الحوار، مضيفة إليها اختلاق اتهام المغرب بدعم تمرد القبائل بقيادة الحسين آيت أحمد، إثر انقسام جبهة التحرير الجزائرية. واحتدت الأوضاع أكثر على الحدود حين أقدمت القوات الجزائرية على الهجوم على مركزي حاسي بيضا وتنجوب اللذين لم يكونا أبدا محط نزاع تاريخي، أو موضوع إشكال ترابي. وكانت الحرب التي انتهت بهزيمة الجزائريين، الأمر الذي التي صار يشكل إلى اليوم العقدة الدائمة في العلاقة بين البلدين.

في سنة 1976، أي سنة واحدة بعد استرجاع المغرب لصحرائه بعد حدث المسيرة الخضراء، عادت الجزائر إلى توريط بلادنا في حرب ثانية بمنطقة امغالا، تتويجا لجهودها في التشويش على المكسب الذي تحقق للمغرب سواء على أرض الميدان، أو في المحفل الدبلوماسي الدولي.

الحرب الثانية كانت أيضا الهزيمة الثانية التي عمقت عقدة الجزائر، وزار في تشابك العلاقات عسكريا وسياسيا ونفسيا، بحيث صار الثابت في استراتيجيتها الدولية مواصلة معاداة المغرب، ضدا على أرضية الوفاق المفروض أنها تؤالف بين الجارين الشقيقين.

منذ ذلك التاريخ، استمر المغرب في تثبيت وجوده على داخل صحرائه، خاصة بعد إقامة الجدار الأمني من طرف القوات المسلحة الملكية الذي استغرق بناؤه سبع سنوات (من سنة 1980 إلى سنة 1987). أما على المستوى الداخلي فقد كان قد أطلق، منذ سنة 1977، دينامية «المسلسل الديمقراطي» المستمرة إلى اليوم بمكاسبها الكبرى، وبتعثراتها الذاتية والموضوعية، وبإشراقاتها وإخفاقاتها، فيما استمرت الجزائر في بنائها المغلق سياسيا وإيديولوجيا، والملتصق بعتاقة تصورات الحرب الباردة، وبالتهافت الذي يطبع عادة كل الأنظمة الشمولية والعسكرية

ولأن الجزائر على هذه الدرجة التراجيدية من الانغلاق والتحجر والتكلس، فقد رأت في استراتيجية معاداة المغرب الإمكانية المثلى لاستمرارها حية، بحيث تجعل مواطنيها في حرب دائمة على بلادنا بدعوى الأطروحة المفترى عليها: نصرة شعار تصفية ما تبقى من الاستعمار ومساندة مبدإ تقرير مصير الشعوب. كل ذلك فقط لتهرب نحونا كل أعطاب تنميتها المهزومة

يفيدنا هذا الاسترجاع التاريخي في فهم الموقف العدائي الثابت للجزائر من المغرب، وإدراك إصرارها على إفشال كل مشاريع التسوية، بما فيه حلم البناء المغاربي الذي راود التونسيين والجزائريين والمغاربة، منذ مؤتمر طنجة سنة 1958.

يفيدنا ذلك أيضا في وضع الهجوم الجزائري الأخير على المغرب باتهامه بإغراقه بالمخدرات، ودلالات رد الفعل المغربي الأول من نوعه، ضمن إطاره الموضوعي الذي يجعلنا نعاين، اليوم، حربا ثالثة تفرضها علينا الجزائر، وهذه المرة بصيغة جديدة لها عنوان مركزي: حرب الأقراص المهلوسة (البولة الحمرا والقرقوبي وما على شاكلتيهما)

 

في سياق تجلية أبعاد هذه الحرب، لابد أن نشير إلى أن المغرب، ككل المجتمعات، مطوقة بآفة المخدرات، وأنه واع بخطورة آثار ذلك على الوطن والمواطنين. وقد ضاعف من هذه الآثار وجوده في نقطة تقاطع جغرافي جعلته مهددا بشبكات التهريب، وإجمالا كل أنواع الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية. وتتفاقم التحديات المفروضة على المغرب، بهذا الخصوص، بعد انطلاق ما سمي بـ «الربيع العربي»، وبعد ارتجاجات العنيفة في بعض البلدان الإفريقية، حيث برزت إلى السطح معطيات جيوـ ستراتيجية جديدة وبالغة الخطورة من أوضح معالمها تفكك الدولة في ليبيا التي صارت معبرا لتداول السلاح والمخدرات على حد سواء. واستمرار التهديد الإرهابي الذي يحدق بوحدة مالي. وكان من الطبيعي أن يخلف المعطى الجديد آثارا ملموسة على المحيط بشمال إفريقيا، خاصة كل من تونس والجزائر. وهذا بالضبط ما سجله التقرير السنوي للهيئة الدولية لمكافحة المخدرات برسم سنة 2013، حيث ذكرت الفقرة 335 من هذا التقرير أن «المتغيرات السياسية في منطقة شمال إفريقيا، التي بدأت بتونس وليبيا ومصر سنة 2011، واستأنفت خلال سنة 2012، ساهمت في ضعف كبير في قدرات الرصد والمكافحة في مجال المخدرات داخل الدول المعنية». وفي الفقرة 336 من نفس التقرير تتم الإشارة إلى أن «الثغرات الهامة على المستوى السياسي التي شهدتها غينيا بيساو ومالي في سنة 2012، ومطلع سنة 2013، تنذر بزعزعة سياسات مكافحة المخدرات في منطقة غرب إفريقيا». وبالفعل فما اعتبره ذلك التقرير الدولي إنذارا بزعزعة السياسات ذات الصلة بالموضوع كان زعزعة حتى للواقع السياسي داخل هذا المحيط.

في هذا الإطار المتشابك حيث تقاطع العلاقات بين الداخل والخارج، وتوزع المسؤوليات بين ما هو محلي ومغاربي ودولي، أطلق المغرب في 15 أبريل 2013 ما سماها «الاستراتيجية الأمنية الشاملة لمكافحة ترويج واستهلاك أقراص الهلوسة، ومكافحة الشبكات الإجرامية الناشطة في تهريبها إلى داخل أرض الوطن بغرض عرضها للتداول». وتتمثل راهنية هذه الاستراتيجية وضرورتها في ما تم رصده من أرقام مرعبة أكدتها إحصائيات رسمية للمصالح المركزية بالمديرية العامة للأمن الوطني حول المظهر العام للجريمة بالمغرب. وقد أكدت هذه المعطيات الرسمية أن «أكثر من 80 في المائة من الجرائم الموسومة بالعنف، أو الجرائم المقرونة بالاعتداء الجسدي الخطير، تكون مرتبطة باستهلاك الأقراص المهلوسة»، وأن هذه المصالح قد تمكنت في الشهر الثلاثة الأولى من السنة الجارة من توقيف 737 مشبها به في قضايا تتعلق بترويج المخدرات، وحجز كميات من بينها 216 قرص مخدر.

نفس المصالح حجزت أكثر من 458.176 قرصا مخدرا في حوالي 13 شهرا. وفي نفس السياق تم بولاية أمن الرباط تسجيل أكبر عمليات الحجز المرتبطة بترويج الأقراص المهلوسة، بنسبة بلغت 288.850 قرصا مخدرا. وقد تم ذلك بهذه الولاية لاعتبارها نقطة تلاقي مسالك التهريب الخارجية. هنا بالضبط يبرز دور الجزائر باعتبارها الجهة المصدرة لهذا النوع الخطير من الأقراص إلى المغرب، على اعتبار أن الجزائر هي المصنع الأساسي لكل أنواع عتاد "التقرقيب" التي تهدد سلامة مواطنينا النفسية والعقلية. ومعنى ذلك أن استراتيجية المعاداة التي يتبناها تجانا الحكام الجزائريون تغير اليوم أسلحتها، بعد أن فشلت في الذهاب بعيدا في التشويش على وحدتنا الترابية، وفي تحقيق منجز حقيقي على الأرض.

وبهذا الخصوص، نلاحظ كإعلاميين أن المغرب ظل صامتا عن فضح هذا التحرش الجديد، مكتفيا بمواجهته في الميدان، وبدون أن يخلق منه ضجة إعلامية ستزيد في تأجيج المواقف المستعرة أصلا. ومع ذلك فقد فوجئ بمسؤولي الجزائر يبادرون باتهام المغرب بمسؤوليته الكاملة عن دخول أطنان من المخدرات إلى بلادهم، وبادعائهم فشله في إنجاز دوره الدولي في مقاومة التجارة بالمخدرات، ومواجهة كل أشكال الجريمة العابرة للقارات. هنا انتفض المغرب وتحدث مسؤولوه، للمرة الأولى، بشكل علني في ندوة صحفية عقدها، يوم 14 غشت الجاري، وزير الداخلية محمد حصاد بمقر وزارته، حيث كان مرفوقا بالوزير المنتدب في الداخلية الشرقي ضريس، وبوزير الاتصال مصطفى الخلفي. وقد أوضحت الندوة موقف الحكومة المغربية بخصوص موضوع المخدرات، ذلك أن المسؤول المغربي أكد، في مستوى أول، أن «المغرب كان قد اتخذ خطوات إدارية، بتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة من أجل تقليص المساحات المزروعة وكذا الاتجار بهذا المخدر. كما تم إجراء دراسة ميدانية مشتركة مع مكتب الأمم المتحدة السالف الذكر مكنت من تقدير المساحات المزروعة بحوالي 134 ألف هكتار، ومنذ ذلك الحين تم بذل جهودا كبيرة مكنت من تقليص المساحات المزروعة إلى حوالي 47.000 هكتار (أي ما يعادل ناقص 65 %)»، بهدف تقليص هذا  إلى أقل من 30.000 هكتار في المدى القريب جدا. كما مكنت هذه الجهود، خلال الستة أشهر الأولى من السنة الجارية، من حجز أزيد من 100 طن من الشيرا، وتفكيك 98 شبكة للاتجار بالمخدرات

أما في المستوى الثاني، فقد أشار محمد حصاد إلى أن الجزائر «انخرطت منذ مدة في منطق توجيه اتهامات ممنهجة للمغرب. وهذا غير مفهوم في ما يخص موضوع مكافحة المخدرات، لأن الجزائر هي من تترأس اللجنة الفرعية المكلفة بمكافحة المخدرات التابعة لاتحاد المغرب العربي». تظل الجزائر المصدر الأكبر للأقراص المهلوسة المعروفة بآثارها الفتاكة على صحة وأمن المواطنين، مشيرا إلى أن «المصالح الأمنية المغربية قامت، منذ بداية سنة بحجز أكثر من 143.000 وحدة من الأقراص المهلوسة. كما أن "سنة 2014-2013  عرفت حجزأكثر من 450 ألف قرص مهلوس، مما دفع السلطات المغربية إلى تكثيف جهودها لمحاربة هذه الظاهرة الآتية من الجزائر"

إن أهم الخلاصات الأساسية من الخرجة الإعلامية الرسمية المغربية، في تقديرنا،  ليست فقط التورط المباشر للجزائر في إغراق أسواقنا بسلاح "الدمار شامل، ولكن أيضا تأكيد تقاعس البلد الجار في التفاعل إيجابيا مع مقتضيات الاتفاقيات الدولية المرتبطة بالموضوع، خاصة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية، الموقعة بمدينة باليرمو الايطالية، بتاريخ 12 دجنبر 2000، والتي تنص في مادتها 19 على أن تنظر الدول الأطراف في إبرام اتفاقات، أو ترتيبات ثنائية، أو متعددة الأطراف تجيز للسلطات المختصة المعنية أن تنشئ هيئات تحقيق مشتركة، فيما يتعلق بالمسائل التي هي موضع تحقيقات أو ملاحقات أو إجراءات قضائية في دولة أو أكثر. وفي حال عدم وجود اتفاقات أو ترتيبات كهذه، يجوز القيام بالتحقيقات المشتركة بالاتفاق في كل حالة على حدة. وتكفل الدول الأطراف المعنية الاحترام التام لسيادة الدولة الطرف التي سيجري ذلك التحقيق داخل إقليمها». عنصر ثان يفضح هذا التقاعس ويتمثل في كون الجزائر هي التي تعطل كل مساعي وآليات التعاون الممكن بهذا الخصوص، وضمن ذلك تعطيلها لفكرة تجديد الاتحاد المغاربي، الذي تتولى فيه رئاسة اللجنة الفرعية المكلفة بمكافحة المخدرات التابعة المشار إليها آنفا. وهو ما يعني فشل الجزائر في تحمل مسؤولياتها، وإفشالها لكل إمكانيات العمل المشترك مع المغرب، حتى يكون البلدان الجاران على موقف واحد تجاه التحديات الخطيرة المطروحة عليهما، وعلى المجتمع الدولي برمته

ولإبراز الآثار السيئة للتقاعس الجزائري، ولغياب التنسيق المشترك بهذا الخصوص، نسجل مفارقة صارخة: إن ما لم يتحقق مع الإخوة يا حسرة، يتحقق مع الإسبان. ذلك أن المعطيات والوقائع الرسمية تسجل نجاح التنسيق الأمني المغربي ـ الإسباني الذي تم العمل ابتداء من 28 ماي 2012 تفعيلا للتعاون الثنائي بين المغرب واسبانيا لمكافحة تهريب الأشخاص، والهجرة غير المشروعة، والاتجار في المخدرات وتهريب السيارات، وتبادل المعطيات الاستعلاماتية في مجالات الأمن الجنائي.

كما أبرم البلدان، في أبريل 2013 (تاريخ انطلاق الاستراتيجية الأمنية المغربية المذكورة سلفا)، اتفاقية التعاون بين المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة للشرطة الإسبانية التي تنص على إنشاء وتسيير دوريات أمنية مشتركة بين مصالح الشرطة في البلدي 

بمواجهة كل هذا الجهد، كان المغرب قد دخل مرحلة جديدة في التعامل مع تحدي الهجرات غير المشروعة بقبوله التحول من أرض عبور إلى أرض إقامة للأجانب الأفارقة والمشرقيين: وفي هذا الإطار خلق آليات لتسوية أوضاعهم ولإدماجهم في النسيج الوطني، بما يليق بكرامة الإنسان، وبما يؤسس بعدا جديدا للمغرب كأرض للحوار والتسامح، وكشريك فعال للمجتمع الدولي. وقد سجلت دوائر الاتحاد الأوربي، بارتياح، السياسة الجديدة للمغرب في البناء السليم للفضاء الأورو متوسطي. فهل تستخلص الجزائر الدرس مما يجري في محيطها، أم أن استراتيجية العداء تجاه المغرب تعمي الأبصار والقلوب، وتجعل الجزائر في بحث دؤوب عن حرب أخرى قادمة، بعد أن فشلت في كل حروبها السابقة مع المغرب، تماما هي فاشلة في النهوض بالجزائر، الثرية بالمال والغاز والموارد البشرية، لكنها فقيرة من حيث الإبداع في السياسة والاستراتيجية وحسن الجوار

 

المؤشرات السوداء الأربعة للقرقوبي 

 

هناك أربع مؤشرات خطيرة أبرزتها الدراسات الإحصائية التي أنجزتها المصالح المركزية بالمديرية العامة للأمن الوطني للمظهر العام للجريمة بالمغرب، وقد وردت منشورة ضمن إحدى مواد العدد الجديد من مجلة «الشرطة» على النحو التالي:

 

المؤشر الأول

أكثر من 8  في المائة من الجرائم الموسومة بالعنف، أو الجرائم المقرونة بالاعتداء الجسدي الخطير، مرتبطة باستهلاك الأقراص المهلوسة. وأن هذا الصنف من المخدرات يبقى المسؤول المباشر عن اقتراف تلك الجرائم، على اعتبار أنه يدفع المدن، أو المتعاطي بشكل لا إرادي، إلى اقتراف أفعال إجرامية خطيرة مثل القتل العمد، والاعتداء على الأصول، والسرقات بالعنف والاعتداءات الجنسية الخطيرة...

 

المؤشر الثاني

تقاطع قوي بين ظاهرة العنف والشغب «الرياضي»، وبين استهلاك الأقراص المخدرة، بدليل أن أغلب المتورطين في أعمال العنف داخل الملاعب، أو بمناسبة إجراء التظاهرات الرياضية يكونون، في الغالب، تحت وطأة تأثير الأقراص المهلوسة التي تفقد المتعاطي الإدراك، وتدفعه بشكل لا طوعي لاقتراف أفعال إجرامية خطيرة تسيء إلى الرياضة الوطنية، وإلى روح ونبل أهداف هذه المنافسات بصفة عامة.

 

المؤشر الثالث

استهداف شبكات الأقراص المهلوسة لفئة التلاميذ داخل المؤسسات التعليمية، وفي محيطها. وهو ما يساهم بشكل مباشر في إذكاء الجنوح والانحراف لدى الشباب والمراهقين، والتسبب في الانقطاع عن الدراسة، وبروز أمراض نفسية وعقلية خطيرة في صفوف هذه الفئة المجتمعية الحساسة، فضلا عن إفراز مشاكل عائلية عويصة داخل الوسط الأسري للمدمن والمتعاطي لهذا النوع من المواد المخدرة. ويمكن استخلاص خطورة وأبعاد هذا المؤشر الثالث انطلاقا من النتائج التي أسفرت عنها التدخلات الأمنية المنجزة في محيط المدارس والفضاءات التعليمية خلال الثلاث أشهر الأولى من السنة الجارية، والتي مكنت من توقيف 737 مشتبها به في قضايا تتعلق بترويج المخدرات، وحجز كمية كبيرة من الشحنات المخدرة، من بينها 216 قرصا مخدرا. وهو المعطى الذي يؤكد مراهنة شبكات الاتجار في الأقراص المهلوسة على المحيط التعليمي، باعتباره ?سوقا مربحة? لهذه التجارة المشوبة بعدم الشرعية.

 

المؤشر الرابع

أكثر من 90 في المائة من المحجوزات التي يتم ضبطها، في إطار قضايا الاتجار في الأقراص المهلوسة يتم تهريبها من خارج المملكة. كما أن النوع الأكثر انتشارا في السوق الوطنية لا يتم تصنيعه بالمغرب لأغراض صيدلانيةوإنما يتم تهريبه من الجزائر، وهو ما يضفي على هذا النوع من الإجرام طابع التنظيم، ويصنفه ضمن خانة الجريمة العابرة للحدود الوطنية

18حجة مغربية لفضح تورط الجزائر في حرب القرقوبي

 

تبعا لتصريحات المسؤولين الجزائريين بخصوص محاربة المخدرات، ردت الحكومة المغربية بالتوضيحات التالية:

1 - عالج المغرب دوما قضية زراعة القنب الهندي بكل شفافية وحزم، دون أية مزايدة عقيمة.

2 - اتخذت السلطات المغربية خطوات إرادية بتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة من أجل تقليص المساحات المزروعة وكذا الاتجار بهذا المخدر.

3 - تم في هذا الإطار، إجراء دراسة ميدانية مشتركة مع مكتب الأمم المتحدة السالف الذكر مكنت من تقدير المساحات المزروعة بحوالي 134.000 هكتار.

4 - منذ ذلك الحين، تم بذل جهود كبيرة مكنت من تقليص المساحات المزروعة إلى حوالي 47.000 هكتار (أي ما يعادل ناقص 65 %). هدفنا على المستوى القريب جدا هو تقليص هذا المساحة إلى أقل من 30.000 هكتار

5 - بالموازاة مع ذلك، مكنت محاربة شبكات الاتجار بالمخدرات، خلال الستة أشهر الأولى من السنة الجارية، من حجز أزيد من 100 طن من الشيرا، وتفكيك 98 شبكة للاتجار بالمخدرات.

6 - أصبحت الجهود المغربية معترف بها ويتم الترحيب بها ودفعت بدول الجوارالأورو-متوسطي إلى الانخراط فيها، مما سهل إحداث مجموعة الأربعة (المغرب، إسبانيا، فرنسا والبرتغال)

7 - بينما، تلقى جهود المغرب ترحيبا من الشركاء الجهويين والدوليين، يستمر المسؤولون الجزائريون في تفضيل الجدال حول قضية بالأهمية بمكان باعتبارها تهم أمن وصحة الساكنة.

8 - والأنكى، انخرطت الجزائر منذ مدة في منطق توجيه اتهامات ممنهجة للمغرب. وهذا غير مفهوم فيما يخص موضوع مكافحة المخدرات، لأن الجزائر هي من تترأس اللجنة الفرعية المكلفة بمكافحة المخدرات التابعة لاتحاد المغرب العربي.

9 - بدلا من السعي إلى الدعوة لاجتماع هذه اللجنة حتى تعمل على توحيد الجهود الجماعية لبلدان المنطقة، لم تتخذ الحكومة الجزائرية أية مبادرة واختارت بدلا من ذلك نهج سلوك لا يسعى سوى إلى التنقيص من جهود المغرب

10 - وللأسف، فإلى حدود الساعة لا يوجد أي اتصال أو لقاء أو تبادل للمعلومات بين المسؤولين الجزائريين والمغاربة. فكيف يمكن إذن، في هذه الحالة، لبلدين لا يتواصلان بينها أن يتصديا بفعالية ونجاعة لشبكات إجرامية تنشط على جانبي الحدود. في هذا الصدد، فإن التعاون المثالي مع إسبانيا، الذي حقق نجاحا معترف به جهويا، قد يشكل مصدر إلهام.

11 - هذا الموقف ينم عن خيار سياسي نابع من قناعة لدى السلطات الجزائرية تهدف إلى الحفاظ على الوضع القائم الذي لا يخدم سوى مصالح الشبكات الإجرامية (ليس سرا أن تهريب السجائر انطلاقا من الجزائر يبقى هو مصدر التمويل الأساسي للشبكات الإجرامية بما فيها الشبكات الإرهابية التي تنشط بمنطقة الساحل).

12 - في نفس الإطار، تظل الجزائر المصدر الأكبر للأقراص المهلوسة المعروفة بآثارها الفتاكة على صحة وأمن المواطنين.

13 - يشار إلى أن المصالح الأمنية المغربية قامت منذ بداية سنة 2014 بحجز أكثر من 143.000 وحدة من الأقراص المهلوسة.

14 - للتذكير، فإن سنة 2013 عرفت حجز أكثر من 450 ألف قرص مهلوس، مما دفع السلطات المغربية إلى تكثيف جهودها لمحاربة هذه الظاهرة الآتية من الجزائر.

15 - وحيث أن السلطات الجزائرية تعترف حاليا بصفة رسمية بتطور زراعة الأفيون بها، فإننا نأمل من هذا البلد أن يتخذ الإجراءات الضرورية من أجل تفادي اكتساح هذا المخدر للمغرب كما هو الحال بالنسبة للأقراص المهلوسةوكما هو معروف فإن هاتين المادتين تعتبران الأكثر خطورة.

16 - ندعو أيضا السلطات الجزائرية أن تنخرط في في نهج بناء يهدف إلى محاربة الجرائم العابرة للحدود، خصوصا، الاتجار في المخدرات. وفي جميع الحالات، فإن المغرب، كدولة مسؤولة، ستبقى منفتحة في منهجيتها للتعامل مع هذه الظاهرة.

17 - وكبلد عريق، فإن المغرب يطمح إلى العيش في ظل مناخ يتسم بالتفاهم والسلام مع جيرانه ولن يدخر جهدا في سبيل مد يده نحو كافة الشركاء بالمنطقة دون استثناء وذلك من أجل العمل سويا على ضمان استتباب الأمن والسكينة لفائدة شعوب المنطقة.

18- ونطمح أن يجد هذا النداء آذانا صاغية لدى المسؤولين الجزائريين.

 حبة جزائرية من القرقوبي تساوي جريمة عنف

 

تكشف القراءة التحليلية للمؤشرات الرقمية الخاصة بظاهرة الاتجار في الأقراص المخدرة عن مجموعة من النتائج والمعطيات المهمة التي يمكن استخلاصها انطلاقا من الأرقام المقدمة، والتي نستعرضها على الشكل التالي

أن حجز أكثر من 458.176 قرصا مخدرا في حوالي 13 شهرا، معناه نجاح المصالح الأمنية في إجهاض رقم مماثل من الجرائم، لأن كل قرص مخدر يعني جريمة مرتكبة. وبمعنى أدق، فإن تعاطي قرص واحد يؤدي بالضرورة، وكنتيجة حتمية، إلى اقتراف جريمة معينة قد تختلف من حيث الخطورة والنعو. فالمتعاطي قد يعمد إلى السرقة بالعنف أو القتل أو العنف في حق الأصول أو ارتكاب شغب الملاعب أو زنا المحارم أو اغتصاب أو هتك عرض أو إلحاق خسائر مادية جسيمة بممتلكات العائلة أو الأغيار إلخأن تسجيل مصالح ولاية أمن الرباط لأكبر عمليات الحجز في إطار قضايا ترويج الأقراص المهلوسة، بنسبة بلغت 288.850 قرصا مخدرا، أي أكثر من نصف المحجوزات على الصعيد الوطني. ليس معناه أن مدينة الرباط هي أكبر "سوق" وطني لهذه التجارة غير القانونية، وإنما معناه أن مجموعة من مسالك التهريب الوطنية والدولةي تتقاطع بمدينة الرباط! وبتعبير أكثر وضوحا، فإن شبكات التهريب القادمة من الحدود الشرقية للمملكة غالبا ما تجند مهربين يعمدون إلى نقل شحناتهم إما عبر القطار أو حافلات النقل الطرقي انطلاقا من مدينة وجدة في اتجاه مدينة الرباط قبل الانتقال إلى باقي المدن المستهدفة. ولعل هذا ما يفسر تسجيل أغلب عمليات الحجز إما بجوار المحطة الطرقية (القامرة) بالرباط أو بمحاذاة محطة القطار بالعاصمة الإدارية للمملكة.

تمكن مصالح ولاية أمن وجدة من توقيف 196 مهربا للأقراص المخدرة، وضبط قرصا مهلوسا. مما يعني حلولها في المرتبة الثالثة بعد الرباط والدارالبيضاء، له مدلول واحد وهو أن مسالك التهريب تنطلق من الحدود الشرقية للمملكة في اتجاه الرباط والدارالبيضاء. ويعزز ذلك معطى أساسي مؤداه أن الصنف الأكثر حجزا بالمغرب غير مرخص بتصنيعه وطنيا لأغراض صيدلانية وإنما يتم تهريبه من الخارج.