الثلاثاء 30 إبريل 2024
سياسة

رد غير موفق لتيار البيجيدي بشأن توصيات مجلس بوعياش الواردة في مذكرته حول إصلاح مدونة الأسرة

رد غير موفق لتيار البيجيدي بشأن توصيات مجلس بوعياش الواردة في مذكرته حول إصلاح مدونة الأسرة عبد الإله بنكيران آومنة بوعياش
وجه حزب العدالة والتنمية في شخص الأمين العام للحزب، وبعض قياداته، انتقادات لاذعة لتوصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان الواردة في مذكرته حول إصلاح مدونة الأسرة، مسجلة عددا من المغالطات.
من جهة، لم توصي مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان بحذف الفقه المالكي من المادة 400 من مدونة الأسرة، وجاء في التوصية " اعتماد ضوابط دقيقة في عملية الاجتهاد طبقا للمذهب المالكي باعتباره مصدرا تاريخيا لمدونة الأسرة، وذلك بناء على قيم، ومبادئ العدل والمساواة والتضامن والانسجام النابعة من الدين الإسلامي الحنيف لتحقيق الملائمة مع المستجدات الحقوقية والقيم الكونية" .
وفيما يتعلق بمحاولات إدخال مبدأ سلطان الإرادة كمبدأ دخيل على الأسرة المغربية، فتوصية المجلس الوطني لحقوق الإنسان المتعلقة بتوسيع إرادة الأطراف في تنظيم العلاقات الأسرية تستند على دراسة عميقة للتطورات التي عرفها التشريع الأسري المغربي، والتي اتجهت إلى توسيع إرادة الأطراف من خلال إقرار الشروط الاتفاقية، وحق الزوجين في اختيار النظام المالي للزواج، وحق مغاربة العالم في الاختيار بين إبرام عقد الزواج أمام العدول، أو وفق الشكل المدني، دون أن ننسى حق المرأة الرشيدة في إبرام عقد زواجها بنفسها، أو تفويض ذلك لوليها، فكل هذه المقتضيات هي تجسيد لمبدأ سلطان الإرادة الواردة في المدونة الحالية.
الحديث عن كون مذكرة المجلس، حاولت إدخال مفهوم جديد، وهو الأسر القائمة على الالتزام، وأن هذا المصطلح غير وارد في مدونة الأسرة، فالحال أن المادة 187 من المدونة تنص على أن أسباب وجوب النفقة على الغير: الزوجية والقرابة والالتزام، وكانت مذكرة المجلس واضحة حينما بينت المقصود من الأسر القائمة على الالتزام، والتي تعني الأسر التي تتكفل بأطفال سواء كانوا مهملين أو غير مهملين، كما أشارت المذكرة بشكل واضح إلى أن جميع العلاقات بين أفراد الأسر تخضع لمدونة الأسرة، وهو ما يعني أنه لا يمكن مطلقا الاعتراف بشكل للأسرة لا ينطبق مع الأشكال الواردة في مدونة الأسرة.
اللغط الذي صاحب توصية المجلس الوطني لحقوق الإنسان، فيما يتعلق بالإرث، على اعتبار أنه تحكمه نصوص قطعية، فالحال أن هناك تعديلات سابقة عبر إقرار الوصية الواجبة عن طريق الاجتهاد، وتمديد نطاق الوصية الواجبة لفائدة الأحفاد من جهة البنات، وهم أصلا ليسوا من الورثة، دون إغفال عدم وجود نص قطعي ينظم كل حالات التعصيب.
وقد استندت مذكرة المجلس في توصياتها المتعلقة بالإرث، والوصية، على المرجعية الإسلامية السمحاء التي تنبني على الاجتهاد المنفتح على تطور المجتمع، حيث تؤكد عدد من القراءات المعاصرة على أهمية وضع بعض النصوص في سياقها التاريخي، واستحضار نظرية التدرج كأسلوب تشريعي، واعتماد تحليل مقاصدي يرتكز بالأساس على مقاصد الدين الإسلامي السمح القائمة على جلب المصالح ودرء المفاسد، وإعمال الاجتهاد، وهو المنهاج الأمثل لملائمة النص مع سياقه.
الأغرب أن أغلب توصيات مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، هي تأكيد على توصيات سابقة للمؤسسة وردت في تقاريرها الموضوعاتية، أو السنوية، من قبيل التوصية العامة الواردة في التقرير السنوي الأخير بمراجعة مدونة الأسرة بما يتماشى مع المقتضيات الدستورية المتعلقة بالمساواة، والمناصفة، والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وإلغاء جميع المقتضيات القانونية التي قد تنطوي على تمييز ضد المرأة من أجل إعمال مبدأ المساواة، والمناصفة اللذين كرسهما الدستور، وهي توصيات منشورة في الجريدة الرسمية.