الأحد 28 إبريل 2024
في الصميم

أيهما أولى.. بناء مسجد أو بناء مدرسة ودار الولادة؟!

أيهما أولى.. بناء مسجد أو بناء مدرسة ودار الولادة؟! عبد الرحيم أريري
أيهما أولى في العملية الإحسانية: بناء مسجد أو حفر بئر لإنقاذ المواطنين من الموت عطشا، أو بناء مدرسة لإنقاذ المواطنين من الجهل، أو بناء مصحة لإنقاذ الأمهات والرضع من الموت أثناء الوضع، أو بناء ملعب لإنقاذ الشباب من الفراغ القاتل، أو بناء طريق لفك العزلة عن المواطنين في الجبال والبوادي؟.
 
فالملاحظ أن المحسنين بالمغرب لهم فهم خاطئ للتقرب من الله سبحانه وتعالى، متوهمين أن إنفاق المال لبناء مسجد هو العمل الخيري الوحيد الذي له الأجر في الآخرة. والحال أن هناك أولويات. فالمسلم المؤمن بالله يمكن أن يصلي في منزله وله أجر الدنيا والآخرة، وبالتالي على الدولة والعلماء أن يصححوا المفاهيم لكي يتم توجيه آلية اﻹحسان نحو أوجه اكثر ملحاحية في ديننا الحنيف وذات أولوية بالمغرب في وضعنا الراهن.
 
فاذا استثنينا بعض المحسنين العارفين بمقاصد الشريعة السمحاء وحرصهم على إنفاق مالهم في عمل خيري نافع، نجد الأغلبية الساحقة منهم تشترط تخصيص تبرعها لبناء مسجد، حتى لو كان مسجد ضرار وبقرب مسجد آخر على مسافة جد قريبة ولا يوجد عدد كاف من السكان. وبالتالي تضيع المبالغ المرصودة (غالبا ما تتجاوز 800 مليون سنتيم لبناء المسجد) في مرفق ديني غير مستغل ولا يؤمه إلا بضع عشرات من المصلين؛ في الوقت الذي كان بالإمكان رصد تلك الأموال لبناء قنطرة، أو إعدادية، أو دار الطالبة، أو حي جامعي، أو تجهيز مختبر بكلية العلوم، أو بناء ساحات عمومية بالأحياء الشعبية، أو تجهيز مستشفى بالمعدات الخ.
 
صحيح أن المرء حر في ماله، لكن ذلك لا يمنع الدولة من طرح الملف للنقاش حتى تعم الفائدة وحتى لا تهدر الأموال في إنشاء بنيات باذخة دون عائد روحي أو معنوي. 
والله أعلم