السبت 27 يوليو 2024
اقتصاد

أقصبي: غرامة مجلس المنافسة لشركات المحروقات اعتراف بمخالفة القانون تستوجب على رئيس الحكومة تقديم استقالته

أقصبي: غرامة مجلس المنافسة لشركات المحروقات اعتراف بمخالفة القانون تستوجب على رئيس الحكومة تقديم استقالته نجيب أقصبي
يفكّك الخبير والمحلّل الاقتصادي الدكتور نجيب أقصبي "بلاغ مجلس المنافسة بشأن تغريم شركات المحروقات التسع ضمن تسوية تصالحية، والمسار الذي سلكه المجلس ليستصدر تلك الغرامات اليت هي اعتراف صريح بمخالفات ارتكبت من قبل الشركات، منها شركة رئيس الحكومة التي تشكل تضاربا في المصالح وفضيحة سياسية بامتياز تستوجب تقديم استقالته في بلد يحترم نفسه".
وأوضح الخبير الاقتصادي أقصبي، في حوار مع أسبوعية "الوطن الآن"، أنه "على الرغم من ذلك فميزان القوى ما تزال في صالح الشركات، وأن مجلس المنافسة يجب أن يكون مجلسا حقيقيا بقواعد وقوانين"، مقترحا ثلاث مداخل لتجاوز الوضع القائم حتى لا يتكرّر ما جرى". وفيما يلي نص الحوار:
 
 أصدر مجلس المنافسة، بصفته مؤسسة دستورية، غرامات تصالحية مع شركات المحروقات في فضيحة ما يعرف بـ 17 مليار درهم. وهاته التسوية التصالحية التي أقرّها المجلس مؤخرا اقتضت دفع شركة للمحروقات غرامة قيمتها مليار و 800 مليون درهم. ما جدوى الغرامة التصالحية بعد أن اجتر الملف لسنوات؟.
-أظنّ أننا لسنا أمام ملفّ عادي. هذا بالنسبة لمجلس المنافسة من البداية إلى النهاية لم يكن عاديا، حيث أنه من بابه إلى محرابه مليء بتضارب المصالح، أي منذ عام 2015 زمن تحرير الأسعار، فالرجل القويّ في الحكومة، هو مالك أكبر شركة في قطاع المحروقات، واليوم هو رئيس الحكومة.
مجلس المنافسة لا يمكن أن يكون حرّا وذا استقلالية. ولحظة اليوم هي لحظة حقيقية وحاسمة تبيّن مدى استثنائية هذا الملف. ففي يوليوز 2020 حينما أصدر مجلس المنافسة عقوبات جاء القرار وأقبر الملف. ومن بعد أظن أنه عاش المأزق، فلا وجود لمواطن يعرف القضية، والمأزق هو الخروج بشيء ما بأقل" كلفة للمعنيين.
أول شيء تم القيام به هو تغيير القانون، وهو ما يعني النتائج التي نراها اليوم، فقد غيّروا قاعدة الغرامات، كما غيّروا إمكانية الشركات للدفاع عن نفسها، حتى يحضّروا أنفسهم لهذا اليوم.
أما المحطّة الثانية في سيرورة الأحداث وما حصل، هو أنه "لا يمكن تغطية الشمس بالغربال كما يقال"، فمجلس المنافسة ملزم بإخراج تقرير الصيف ما قبل الماضي (يوليوز 2020) الذي أقبر، ولو أنه حاول اليوم أن يخفّف ويجد تبريرات. فنتيجة واحدة هي أنه تم إقرار أن هاته شركات المحروقات لم تحترم القانون، فتمت تواطئا بين الشركات، والأسعار الدولية لا تعكس الأسعار المحلية، ولو حاولوا أن يغفلوا ذلك.
مجلس المنافسة هناك مشكل، ما يمكن الانتقال إلى المرحلة الثانية بتطبيق العقوبات الموجودة في القانون وصدرت.
هناك إقرار بأن شركات المحروقات لديها مخالفات، والشركات كانت لديها مهلة 15 يوما للرد على المخالفات، فانتظروا أربعة أشهر لصدور تقرير. فوقع ما وقع في الخفاء، هناك تفاهمات حصلت. وهذه الغرامة التي فرضت على الجميع، تقرّ بمن فيهم الشركات على أنها خالفت القانون، ولم تحترم قانون المنافسة، بعدما فرضت أسعارها خارج منطق السّوق.
تقرير الغرامات التصالحية فيه إقرار بأن الشركات اعترفت بأنها خارج القانون، فنحن أمام ملفّ استثنائي، فيه رئيس الحكومة، وهو رجل سياسي، والمسؤول الحكومي يعترف عبر رجاله ونسائه بأنه خالف القانون. وهو ما أعتبره في بلد يحترم نفسه كان على رئيس الحكومة أن يقدّم استقالته.
 
 إقرار الغرامة، فيها اعتراف بأن هناك مخالفة. فهل ستعود الأثمنة إلى سابق عهدها ويتم تخفيض أسعار المحروقات، أم على العكس سيدفع ذلك شركات المحروقات لرفع الأسعار من جديد؟.
- الغرامات التي صدرت طبّقت على شركات المحروقات، ومجلس المنافسة طبّق غرامة لا نعرف كيف تمّت. فرقم المعاملات وأي رقم معاملات شركات المحروقات؟. هذه الحسابات تعتمد على معايير نريد أن نعرفها. هناك حديث عن 60 مليار درهم من الأرباح الفاحشة تحقّقها، ليست لديها مشروعيّة، حتى يسترجع المواطن والدولة أموالهم، إن كانت هناك جدّية.
على مجلس المنافسة إن كانت لديه استقلالية ورغبة في تطبيق القانون، والشّفافية مع المواطنين، أن يمنحنا المعطيات التي أدّت به لاستصدار هذا الرقم وهذه الغرامة التّصالحية، ويظهر للجميع أنه رقم هزيل.
هذا الملف معقّد من المحراب، ومن البداية، وما نرى اليوم من تداعيات هو اعتراف من مجلس المنافسة بكون الغرامة قهرته والملف أتعبه. وفي غياب معطيات مدقّقة من مجلس المنافسة، على الأخير أن يقدّمها للرأي العام حتى يفهم ماذا يحصل.
الحديث عن فضيحة المحروقات وما تسرب للرأي العام هو 17 مليار درهم. واليوم الغرامة التّصالحية فيها مليار و400 مليون درهم. من سيعوض المواطن عن الزّيادات اللاّقانونية التي كانت تعرفها محطات الوقود في المغرب خلال السنوات الأربع الماضية، ومعها شاحنات وسيارات الدولة من سيعوّضها هي الأخرى؟.
هذه قضية سياسية، فكون اعتراف شركات المحروقات بأنهم خالفوا القانون، وبحتوا عن المصالحة. المطلوب من المجتمع المدني والمواطنين بناء على هذا الاعتراف أن يتقدّموا للعدالة ويباشروا الإجراء.
من سيعوض؟ هل سيغير شيئا؟ وهل تغيرت الأسعار في السوق؟ من سيراقب؟ ومتى؟ وأين؟ وكيف؟. نحن أمام شركات المحروقات، ميزان القوى من جهة الشركات، وليس لصالح مجلس المنافسة والمواطن والدولة.
 
لكن الإقرار بالغرامات التّصالحية فيه اعتراف صريح؟ما أحلّله هو الاعتماد على ما هو موجود والتوقعات المعقولة حسبما هو قائم.
- أؤكد أن ميزان القوى ما يزال في صالح الشركات، وما زالت السلطة بيدها لتطبيق الأسعار التي تريد، ومجلس المنافسة لم يبين شكليا ولا ضمنيا أن لديه القدرة والسلطة على الشركات.
ميزان القوى لصالح الشركات، وفي أحسن الظروف بعد عام أو عامين إن تمادت الشركات في ممارساتها ومخالفاتها سيوجه إليها إنذارا، وبعد عام أو عامين سيصدر تقريرا آخر... والمواطن يؤدّي، والدّولة تؤدّي، والشركات تربح وتغتني.
 
إذن، ما المطلوب فعله إزاء هذا الوضع الاستثنائي؟أن يكون مجلس المنافسة مجلسا حقيقيا، بدل أن يتغير القانون، وأعضاء المجلس لم يغيروا سوى رئيسهم منذ قرار يوليوز 2020. فالمجلس الذي اتخذ قرارا في يوليوز 2020 هو نفسه الذي اتخذ القرار اليوم مع تغيير الرئيس فقط. هل هذا صحّي؟. من البداية إلى النّهاية ملف استثنائي.
- ما ينبغي فعله، أولا هو أن اللعبة مغشوشة مع الأسف. ومجلس المنافسة ينبغي أن يكون فوق كل اعتبار، وهو يفتقر للمصداقية الضرورية، فيتعين إحياء مجلس المنافسة من جديد، بقواعد وقوانين متّفق عليها.
ثانيا، الحلّ هو تسقيف الأسعار في إطار الاحتكار. فكيف تقبل الحكومة تسقيف غاز البوتان ، ولا تقبله في المحروقات، والحال أنها لا تقبله أيضا في الكازوال. فهذا غريب وعجيب.
ثالثا، أكثر من هذا وذاك، ينبغي على الحكومة، ومعها مجلس المنافسة، أن تدعّم الإنتاج وليس التوزيع. فإعادة تشغيل "لاسامير" هي الأساس والمنطلق لكل ذلك، حتّى نملك آلية من آليات الإنتاج بكل ما يعني ذلك من شغل وتحقيق توازن في السوق الدولية والسوق الداخلية أيضا. فمهما فكرنا وفكرنا، الحلّ هو عودة لاسامير للدوران والاشتغال من جديد.