السبت 20 إبريل 2024
سياسة

لبكر : الملك أعاد الأمور الدينية إلى نصابها في خطاب العرش

لبكر : الملك أعاد الأمور الدينية إلى نصابها في خطاب العرش

في خطاب العرش 30 يوليوز 2014 تحدث الملك بصفته أميرا للمؤمنين عن تجربة النموذج المغربي في التدين، ووضعها رهن إشارة الدول الإفريقية. وتعتبر هذه أول مرة يتناول فيها عاهل البلاد هذا المحور في خطاب مباشر. لتفكيك هذا المحور وشرح بعض النقط التي تضمنها الخطاب بخصوص تجربة نموذج التدين بالمغرب، اتصلت "أنفاس بريس" بالأستاذ الجامعي رشيد لبكر (أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بسلا) ومهتم بالشأن الديني.

 

وأشار الأستاذ رشيد لبكر إلى أن: "المغرب معروف منذ حقبة الأندلس بتجربته الدينية المتفردة التي ترتكز على الوسطية والاعتدال". ووضح أن هذه التجربة ممتدة في عمق التاريخ وليست وليدة اليوم. كما ثمَّنَ فتح المغرب في الحاضر لأوراش دينية متميزة تنهل من هذه المرجعية الأصيلة وذكر إحداث المملكة المغربية لمؤسسة محمد السادس للمصحف الكريم. وقال  لبكر: "إنها تأسست خصيصا لكي تـُعنى بالمصحف الشريف" بمعنى آخر، يضيف محاورنا، (المصحف الذي يروى بطريقة ورش عن نافع من طريق أبي يعقوب الأزرق) وقال عنه أنه نموذج مغربي خالص متميز عن النموذج المشرقي الذي يُقرأ غالبا برواية حفص. وأضاف أن المصحف الشريف على اعتبار أنه المصدر الأول للتشريع أصبح التعاطي معه في المغرب، يتأسس ضمن منظومة علمية قائمة الذات، تجسدها "مؤسسة محمد السادس للمصحف الشريف".

 وفي معرض حديثه عن الوضعية الاعتبارية للقيمين الدينيين ودورهم الفعال في التأطير، شدد الأستاذ لبكرعلى أهمية "مؤسسة محمد السادس للقيِّمين الدينين"، وشرح أنها أحدثت أساسا لتهتم بالمشرفين على الدين (الأئمة..) وقال : "إن المسجد هو المكان الأول الذي يمارس فيه المغاربة وجميع المسلمين شعائرهم الدينية وطقوسهم التعبدية". كما ذكر أن القيمين الدينيين قد كانوا في وقت مضى يتقاضون أجورا زهيدة ولا يتمتعون بأية تغطية صحية أو حماية اجتماعية، قبل أن يصبحوا اليوم يحظون  بوضعية اعتبارية قائمة تحفظ لهم مكانتهم في المجتمع وتجعلهم داخل منظومة موظفي الدولة، الذين لهم استقلالية مالية وأجرا محترما. كما أشار إلى أن الأئمة اليوم أصبحوا يمارسون مهامهم في ظل استقرار اجتماعي ومالي ونفسي.

 وفي حديثه عن الأوراش التي تم إطلاقها بخصوص (تكوين الأئمة المستمر) بين الأستاذ لبكر،أن الذي يعتلي منبر المسجد في المملكة المغربية لا يمكنه أن يمارس مهامه الدينية إلا إذا كان ضابطا لأصول المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية والتصوف الديني.. وأشار أن المغرب أضحى يحصن منظومته الدينية الوسطية الاعتدالية التي نافح عنها منذ القدم قائلا : "لا ننسى – والكلام لرشيد لبكر-أن المغرب أيضا متميز بمجلسه العلمي الأعلى الذي يصدر تقاريره السنوية". واعتبر هذه التقارير "على غاية من الأهمية"، بحيث ترتبط بمجموعة من الفتاوى التي تبث في الإشكالات والاختلافات الدينية، المطروحة أمام المجتمع وبذلك يتم توحيد الخطاب والحكم الديني بخصوصها. وأفاد أن هذه المنظومة الدينية لم تأت من فراغ بل من قناعة مذهبية وهي تكريس لاقتناع المغاربة وعلى رأسهم عاهل البلاد، بأهمية المسألة الدينية في وجدان وعقيدة المغاربة واقتناعهم أيضا بخطورة المسألة الدينية والتمكن بفعالية من "محاربة استغلالها من قبل بعض الفرق المتطرفة أو المذاهب النشاز". كما أضاف أن المغرب يحصن خصوصيته الدينية عن طريق المؤسسات، التي تـُعنى بالدين وتجعل الخارج عنها خارج عن المنظومة الدينية الجماعية "المُتفق عليها". وللاستدلال على ذلك تناول "الأستاذ لبكر" في حديثه لمواقف بعض الشيوخ الذين كانوا يصنفون ضمن ما أسماه بـ "السلفية الدينية وما شابه ذلك" ووضح كيف أصبحوا الآن في مراجعة مذهبية مدافعين عن العقيدة الأشعرية والمذهب المالكي ويعتبرون هم أنفسهم (شيوخ السلفية) بأن النموذج المغربي نموذج متميز وبإمكانه تحصين البلاد من جميع النزعات التعصبية، يضيف "الأستاذ لبكر" التي يمكن "لا قدر الله" أن تدخل المغرب في دوامة من التطرف والتطاحن المذهبي.

وفي حديثه عن وضع تجربة النموذج المغربي في التدين من طرف عاهل البلاد رهن إشارة الدول الإفريقية. قال الأستاذ رشيد لبكر : "أعتقد أن ما قام به الملك محمد السادس هو إرجاع الأمور إلى نصابها وإعادة إحياء تراث مغربي أصيل". وأفاد أن الدولة المغربية في القديم كانت ممتدة إلى نهر "السنغال" والسودان وإلى مجموعة من المناطق الإفريقية. كما أشار أن المذهب المالكي والخصوصية المالكية والقراءة المغربية للمصحف (قراءة ورش عن نافع من طريق يعقوب الأزرق) خصوصيات دينية تشمل وتضم هذه الدول الإفريقية، لكن تسبب الاستعمار يضيف الأستاذ لبكر في تباعد المسافة الزمنية بين هذه الدول والمغرب، فظهر ما يمكن تسميته بـ "التنافس المذهبي" وقال : "حتى لا أنعته بنعت آخر". وأعاد "الأستاذ لبكر" التذكير بأن المغرب قام بالرجوع إلى مناطق نفوذه الديني، التي كان عليها منذ القديم والدليل حسب محاورنا هو أن مجموعة من الدول الإفريقية متشبعة بالمذهب المالكي (السنغال نموذجا). كما أضاف أن عملية توزيع مصاحف مغربية (بقراءة ورش عن نافع) مؤخرا من طرف الملك محمد السادس على مجموعة من الدول الإفريقية و"احتفاء إخواننا الأفارقة بها"، دليل قاطع على أنهم متعطشون إلى الرجوع لهذا المنبع الديني، الذي كانوا يستمدون منه الخصوصية الدينية، التي تجمعهم بالمغرب وعلماءه في الدين. كما ذكر أن المغرب قام بهذه الخطوة الدينية لتزايد الطلب الإفريقي على منظومته الدينية وطلب المساعدة من المغرب وإلا لطلبت الدول الإفريقية يد المساعدة من بلدان أخرى لكنها يقول الأستاذ لبكر "رأت في المغرب البلد الأنسب لأنه يتشبث بمذهب يوافق مذهبها ومرجعية توافق مرجعيتها. وبالتالي هم على هذا في وئام ووفاق".