الخميس 25 إبريل 2024
سياسة

مقتدريشرح دلالة حديث الملك عن النموذج المغربي في التدين

مقتدريشرح دلالة حديث الملك عن النموذج المغربي في التدين

انتبه العديد من الملاحظين إلى ورود لفظة النموذج المغربي في التدين في خطاب العرش الأخير ،وهو ما حذا ب"أنفاس بريس" إلى الاتصال بالدكتور رشيد مقتدر،باحث في العلوم السياسية والشأن الديني "لتفكيك دلالة ذلك .

وفي هذا الإطار قال مقتدر بأن "النموذج المغربي في التدين "ليس حصيلة هذه اللحظة بل جسد صيرورة ابتدأت منذ التفجيرات الدامية التي شهدتها الدار البيضاء في 16 ماي 2003، وما نجم عنها من تأثيرات اجتماعية ونفسية وثقافية وغيرها. وبالتالي بدأ هذا النموذج من خلال إعادة هيكلة الحقل الديني عبر مجموعة من الخطوات المهمة من بينها :  (إعادة هيكلة وزارة الأوقاف سنة 2003). (إحداث مديريتين). (إعادة هيكلة المجلس العلمي الأعلى والمجالس العلمية المحلية سنة 2004 ) . (إحداث إذاعة محمد السادس للقرآن الكريم) . (تأسيس القناة السادسة). (تحويل رابطة علماء المغرب إلى الرابطة المحمدية للعلماء سنة 2008 ). نحن بصدد صيرورة لتأطير الشأن الديني منذ تفجيرات 16 ماي 2003 . المغرب تمكن من تفادي مرحلة صعبة ومضنية ولا ننسى أن مجموعة من الدول تعرضت لهجمات وتزعزع استقرارها. واستقرار المغرب كانت له مجموعة من الأسباب بطبيعة الحال : سياسة أمنية ناجعة وقائية متزامنة أو استباقية على المستوى الاجتماعي هناك المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ثم هناك سياسة دينية تروم احتواء التشدد الديني والتطرف الإيديولوجي والغلو العقدي. الطبيعة الدينية للمغرب ترتكز على ثلاث دعائم : أولا : المذهب المالكي. ثانيا : العقيدة الأشعرية. ثالثا : التصوف السني. وهي عناصر أبرزت أن المغرب بلد الوسطية والاستقرار وهو ما دفع مجموعة من الدول كمالي وتونس وليبيا ومجموعة من الدول الإفريقية سعت إلى الاستفادة من التجربة المغربية في هذا المجال بسبب قدرة المغرب على الحفاظ على استقراره وهدوءه. الطابع المعتدل والمتسامح للتدين المغربي خلق ما أصبح يُسمى المفهوم المغربي للتدين وقد تكرس هذا المفهوم بعد تظافر مجموعة من الطلبات من طرف العديد من الدول الشقيقة للاستفادة من التجربة المغربية في تأطير الشأن الديني وفي هذا الصدد أشير إلى تجربة إحداث مركز تكوين الأئمة والمرشدات سنة 2005 الذي تحول مؤخرا بصيغة ظهير شريف إلى معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدات.. كما تم إحداث مجموعة من المراكز لتكوين أئمة من دولة مالي. كما لاحظنا صدور أكثر من أربع ظهائر : أخص بالذكر ظهير محو الأمية ظهير مرتبط بجائزة محمد السادس لمحو الأمية  وغيرها وكلها مشاريع  ومؤسسات تعكس حركية واسعة على مستوى الحقل الديني التابع للملك أمير المؤمنين سواء عن طريق الخطة الوطنية للدعم التي قام بها المجلس العلمي بتنسيق مع وزراة الأوقاف في حين أن تكوين الأئمة الماليين مرتبط بوزارة الأوقاف ... هذه الاستراتيجية الدينية مرتبطة بانفتاح المغرب على القارة الإفريقية من خلال الزيارات التي قام بها الملك لدول بإفريقيا وبطبيعة الحال المغرب له امتدادات دينية من خلال الزوايا والطرق الصوفية وأرى أن الاستراتنيجية المذكورة تكرس عملية تدعم مسار المغرب وهي من بين الأسباب التي أدت إلى تطور هذه التجربة قدرة المغرب على الحفاظ على استقراره الإجتماعي والسياسي والديني فالمغرب هوة البلد الوحيد الذي استطاع أن يدبر مرحلة ما سُمِّيَّ بالربيع العربي بطريقة سلسة من خلال خطاب 9 مارس الذي جاء بمجموعة من الإصلاحات. أرى أن هناك تداخل بين الجانب الديني والجانب السياسي والجانب الاجتماعي مكن من الحفاظ على استقرار المغرب وتدبير المرحلة الانتقالية عكس دول أخرى كمصر التي شهدت انتكاسة على المستوى الانتقالي ودولة ليبيا التي تشتت وانهارت، وسوريا التي تشهد حربا أهلية وفي تونس عرف المسار الانتقالي صعوبات. وقد رأينا في خطاب العرش اليوم أن الملك محمد السادس تحدث لأول مرة عن في خطاب العرش عن مايسمى بالنموذج المغربي للتدين وربما يعكس مجموعة من العناصر التي شكلت هذا النموذج المسار الدينامي الذي شهده الحقل الديني وما حققه من مكتسبات أهمها تحصين البلاد من بذور التطرف والتشدد وفي نفس الوقت المحافظة على استقرار الاجتماعي والسياسي والديني وهذه اللحمة ساهمت في بروز نموذج مغربي مستقر".