الخميس 2 مايو 2024
في الصميم

حرب الضواحي تدق آخر مسمار في نعش فرنسا الماكرونية !

حرب الضواحي تدق آخر مسمار في نعش فرنسا الماكرونية ! عبد الرحيم أريري
بعد اندلاع حرب الضواحي بفرنسا، اضطرت حكومة باريس إلى إخراج 45.000 من قوات الأمن ( شرطة ودرك وبوليس بلدي)، أي ما يمثل 20% من مجموع أفراد القوة العمومية، مما يبين حدة الانزلاق الأمني الذي تعرفه فرنسا بسبب هذه الانتفاضة الحضرية التي تدوم لليوم الرابع على التوالي بشكل لم يسبق لفرنسا أن عاشت مثله نتيجة عنصرية البوليس وعنف الشرطة، ونتيجة فشل سياسات باريس الخاصة بإدماج أبناء المهاجرين المنتمين للجيل الثالث والرابع. إذ رغم أن هؤلاء ولدوا ونشأوا بفرنسا وتربوا في مدارسها ويحملون جنسيتها فقد ظلوا خارج رادار الدولة.
 
حتى الأحداث التي اندلعت في عام 2005 بسبب مقتل شابين آنذاك بسبب طاردة البوليس لهما، لم يصل فيها انهزام القوة العمومية بمثل ماتعيشه فرنسا حاليا بعد مقتل مراهق على يد شرطي بمدينة نانتير أواخر يونيو 2023، علما أن حكومة باريس في ذاك الوقت فرضت حالة الطوارئ. أما اليوم فيصعب على حكومة باريس اللجوء إلى هذا الخيار، لكون المجتمع الفرنسي مازال يعاني من ندوب قمع الشرطة الفرنسية في مظاهرات السترات الصفراء من جهة، ومازال المداد الذي فضح دموية بوليس فرنسا لقمع الاحتجاج ضد إصلاح نظام التقاعد لم يجف بعد من جهة ثانية. وبالتالي وجدت النخبة الحاكمة بفرنسا نفسها بين المطرقة والسندان: من جهة عليها تحمل كلفة إخراج خمس القوة العمومية مع ما يعنيه ذلك من إنهاك لها وتعطيل المرفق الأمني  (هناك قضايا ومصالح توقفت بدوائر الشرطة والدرك فضلا عن إلغاء الاحتفالات والمهرجانات لغياب عناصر أمنية قادرة على تأمينها)، ومن جهة ظهرت حكومة باريس مشلولة ومفصولة عن المجتمع الذي بدأ ينادي بإخراج العسكر من الثكنات لضبط الأمن والنظام والحفاظ على ممتلكات المواطنين لحماية المحلات التجارية من النهب والسلب( حسب آخر استطلاع أجرته قناة cnews، هناك 70% من الفرنسيين يستعجلون إدخال العسكر للمدن).
 
أيا كان الخيار المعتمد غدا، سواء تعلق الأمر بفرض حالة الطوارئ أو الاستعانة بالجيش لفرض النظام، يبقى الخاسر الأكبر هي حكومة الرئيس ماكرون التي ظهرت بمظهر المنهزم في حرب الضواحي. وهو الانهزام الذي زكته المفوضية السامية لحقوق الإنسان التي اتهمت في الأسبوع الأخير من يونيو 2023 صراحة بوليس فرنسا "بالعنصرية والتمييز"، كما زكته كبريات الصحف الأمريكية والبريطانية التي أسهبت في شرح تفكك فرنسا الماكرونية بعد أن تم فض بكارتها الحقوقية بسبب اعتناق قوات الامن الفرنسي عقيدة جمهوريات الموز.
بئس المآل لفرنسا "الأنوار"، وبئس لمن لازال يقوم بتأليه فرنسا ويعبد ساستها !!