الاثنين 29 إبريل 2024
في الصميم

الكلفة الأمنية الباهظة.. هذا ما جنته "حكومة الآفات" على المغرب!

الكلفة الأمنية الباهظة.. هذا ما جنته "حكومة الآفات" على المغرب! عبد الرحيم أريري
سيبقى يوم السبت 8 أبريل 2023 أسوأ وأسود يوم في تاريخ حكومة أخنوش. إذ في هذا اليوم اضطرت الدولة إلى إنفاق 60 مليون درهم هباء، بسبب إخراج أفراد القوة العمومية لتأطير 60 احتجاجا شعبيا بمختلف المدن والمراكز الحضرية بالمغرب، وهي الاحتجاجات التي خرجت للشوارع تلبية لنداء «الجبهة الاجتماعية المغربية «ضد الغلاء وضد القهر الاجتماعي. ففي ساعة واحدة من ذاك السبت المشؤوم، عرفت الخزينة العامة استنزافا قدره 2.500.000 درهم.
فمنذ مجيء حكومة أخنوش، لم تهدأ وتيرة الاحتجاجات الشعبية، لدرجة أن خروج المواطنين للشارع أضحى ظاهرة مألوفة.
احتجاج المواطنين، ليس ظاهرة سوسيولوجية أو سياسية فقط تتخذ كمؤشر على مدى وجود مساحة واسعة من حرية التعبير، أو تتخذ كمؤشر على وجود احتقان شديد في المجتمع أو كعنوان لفشل الفاعل الحكومي في إدارة الشأن العام، بل الاحتجاج يرصد كظاهرة اقتصادية أيضا، لأن الاحتجاج له كلفة مالية وأمنية وسياسية كذلك.
أولا: الكلفة المالية
وفق المعطيات المنشورة في فيديو بموقع «أنفاس بريس» يوم 24 فبراير 2023، تم تسجيل 11 ألف مظاهرة احتجاجية ضد أخنوش خلال سنة 2022، أي أن ما سجل إلى حدود 30 مارس 2023 (سنة وثلاثة أشهر)، بلغ حوالي 13.750 مظاهرة احتجاجية ضد حكومة أخنوش بمعدل 30 مظاهرة في اليوم!.
هذه المظاهرات كلفت خلال عام وربع العام، ما مقداره 14 مليار درهم لإخراج أفراد القوة العمومية (شرطة، مخازنية، درك) لتأطير هذه الاحتجاجات. أي أن سوء تدبير حكومة أخنوش للشأن العام لم يحرم المغاربة من الخدمات أو الحقوق فحسب، بل وتسبب في إهدار 140 مليار سنتيم في عام وثلاثة أشهر، وهو ما يمثل مليار درهم كل شهر. بمعنى أن أخنوش زاد في إنهاك خزينة البلاد بإهدار 31 مليون درهم كل يوم في «الخوا الخاوي» (أي إهدار 1.300.000 درهم في الساعة)، لأن إخراج أفراد القوة العمومية لتأطير الاحتجاجات يتطلب مصاريف ولوجيستيك ونفقات باهضة من محروقات وسيارات وتنقيل للتعزيزات الأمنية وضمان مبيت عناصر القوة العمومية ومأكلهم وتعويض تنقلاتهم.
ثانيا: الكلفة الأمنية
إن إنهاك القوة العمومية بهذه الاحتجاجات المتتالية ينجم عنه المس بحقوق المغاربة في الأمن، على اعتبار أن تسخير القوة العمومية بمناسبة الاحتجاج يتم على حساب تفريغ أحياء وساحات عمومية وأسواق وشوارع من الحضور الأمني، بتوجيه كل الموارد المتاحة (بوليس ومخازنية ودرك)، لتعزيز موقع الاحتجاج من جهة، ولعدم ترك الكوميساريات وتكنات المخازنية وسريات الدرك فارغة، بحيث لابد من ضمان سير مصالح اللوجستيك والحراسة والتموين والإسناد وما شاكل ذلك من جهة ثانية.
ليس هذا فحسب، بل إن تناسل الاحتجاجات تنجم عنه ظاهرة «الدوبلاج»، أي تمديد وقت عمل أفراد القوة العمومية إلى ساعات طويلة بسبب قلة الحصيص، مع ما ينجم عن ذلك من مضاعفات صحية ونفسية على الموظف بالمرافق الأمنية المذكورة من جهة، وعلى تماسك واستقرار الأسر بالنسبة للعاملين في سلك الشرطة والقوات المساعدة والدرك الملكي من جهة ثانية.
ومن الطبيعي أن هذه الوضعية لا تساعد على خلق الأجواء الملائمة لتجويد العمل الأصلي والمهمة الرئيسية للقوات العمومية أي تحقيق الأمن وترسيخ الإحساس بالأمن في المجتمع بدل إنهاك المجهود في مطاردة الاحتجاج
ثالثا: الكلفة السياسية
لا جدال في أن تناسل الاحتجاجات الشعبية يسيء إلى صورة البلد، على اعتبار أن الانطباع الذي يترسخ لدى الأجنبي، هو أن أن المغرب بلد يعج بالاحتقان بشكل لا يساعد على جلب السائح أو جلب الاستثمار.
صحيح، أن الاحتجاج حق من حقوق الإنسان، وصحيح أن النزول للشارع هو وسيلة للضغط على السلطة العمومية للاستجابة لمطالب معينة، لكن الشيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده، إذ أن تكاثر الاحتجاجات لانتزاع مطالب اجتماعية بسيطة أو للحفاظ على مكتسبات تافهة، يدل على أن الدولة منهارة ومنخورة من الداخل، حيث يصبح الشارع هو الملاذ الوحيد لضبط العلاقة بين الإدارة والمواطن. وبالتالي بدل أن تترسخ في المغرب ثقافة «دولة المؤسسات»، نصبح أمام «دولة الشارع» و«دولة الفوضى»، لأن المؤسسات الدستورية المفروض فيها أن تلعب دورها في الاستباق أو التدخل أو الحلول أو الوساطة (حكومة، برلمان، أحزاب، نقابات) تكلست وأصيبت بالكساد والشلل مما جعل الشعب يفقد ثقته فيها.
وهذا ما لا يفهمه أخنوش الذي يصر على تسمية حكومته بـ «حكومة الكفاءات»، بينما هي في الواقع الملموس والمعيش، «حكومة الآفات»؛ فقد أصابت البلاد فأفسدتها، وألحقت بها أضرارا غير طبيعية، وتسببت في هذا القحط الذي يعاني منه الشعب في المدن والقرى، وفي الجبال والسهول...
وتفيد معاجم اللغة العربية بأن الآفَةُ هي كل ما يصيب شيئا فيُفسده، من مرض أو عيب أَو قحط أو ما شابه ذلك. وفي الطب، هي أي ضرر غير طبيعي أو أي تغيير يسببه المرض أو غيره.
 
ألا يجدر بنا أن نسمي حكومة أخنوش بـ «حكومة الآفات».