قدم نزار بركة، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في أكتوبر 2013، تقريره حول النموذج التنموي الجديد الخاص بالّأقاليم الجنوبية، كما نظم خلال نونبر من نفس السنة الملتقى الدولي الثاني بالداخلة توج بإصدار بيان الداخلة يرسم من خلاله خطة الطريق لتنمية الأقاليم الجنوبية. وقد زاوجت فيه الخطة بين المقاربتين الجهوية والقارية، لهذه الأقاليم والمحطتان معا بشرتا بالانطلاقة.
لكن فعاليات من الصحراء المغربية صرحت لـ "أنفاس بريس"، عن مواقف أخرى متباينة على مستوى التشخيص وعلى مستوى تنزيل المشروع على أرض الواقع. وهكذا يرى نور الدين البلالي، عضو سابق في المجلس الاستشاري، أنه "إذا نظرنا إلى الميزانيات التي صرفت في الأقاليم الجنوبية سنجد أنها أرقام فلكية إذا قارناها مع ما هو موجود على أرض الواقع فالنتيجة مخيبة للآمال، ما يجعلنا نتساءل أين ذهبت الأموال الضخمة التي بذلت". ويجيب البلالي بأن البعض يبرر بأن ما صرف يدخل في إطار تثبيت ومقاومة الانفصال. ويضيف بلغة الأرقام "لو صرفت هذه الأموال في مكانها الصحيح لتم القضاء على الانفصال وانتهى أمره منذ زمان، فالنهب والتسيب ميز سائر القطاعات في الصحراء التي عرفت هجرة ونزوحا نحو مدنها بسائر الأقاليم الجنوبية سواء من الشمال أو من الجنوب، وكذلك من أفواج العائلة ومن موريتانيا كذلك. ولكن للأسف كثافة الهجرة هذه لم تواكبها بنيات استقبال يتم تهيئتها لاستيعاب هذا المد البشري من مختلف المرافق". وبالتالي، يضيف البلالي دائما، فمشروع الجهوية الموسعة الخاص بالأقاليم الجنوبية يحتاج إلى تفعيل حقيقي.
ويستدرك من جهته توراد ميصاره، باحث أكاديمي من الصحراء، بأن "موضوع الجهوية الموسعة كبير ويحتاج قبل كل شيء إلى تشخيص مضبوط للوقوف على مكامن الخلل لإعطاء الوصفة الطبية الملائمة".. فهل استوفى المشروع الذي قدمه المجلس الاقتصادي والاجتماعي شروط التشخيص المطلوب؟ "لا أعتقد ذلك، يقول الباحث، لأن المشاكل يمكن ملامستها على أرض الواقع". ولعل أهم مشكل تعاني منه المنطقة هو مشكل الشباب الذي لم تعره الحكومة الحالية ما يستحق من اعتبار على الرغم من الخطابات الرسمية وتعليمات ملكية للأسف، يضيف ميصاره، أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي أنهى مهمته بعرض وتقديم مشروع هلامي لا يلامس واقع سائر أقاليم الجنوب، فالسمارة مثلا مدينة مستهلكة ولا تنتج بتاثا، ولا يمكن الحديث عن تنميتها دون إنشاء استثمارات عملاقة بها لها جاذبيتها في جلب الاستثمار وخلق فرص الشغل للشباب العاطل الذي لا يمكنه معالجة انتظاراته فقط بالمقاربة الأمنية التي أصبح متجاوزة، كما أن التعامل بأسلوب بطاقة الإنعاش الوطني (الكارطية) هو مجرد أكذوبة فهو لا يستفيد منه الفقراء، كما أن حملة الشواهد لا يستفيدون منها سوى بنصف قائمتها (900 درهم)، لهذا كان أحسن تفعيل يتم الابتداء به هو الإنصات إلى شباب المنطقة من عاطلين وحملة الشواهد وعدم إغلاق الدولة أبوابها في وجوههم حتى لا تتكرر حادثة اكديم ايزيك التي ليست سوى إحدى تداعيات بطالة الشباب.
ومن جهته اعتبر الضالع محمد مبارك، الفاعل الحقوقي، بأنه لا يمكن الحديث عن قيمة المشروع الذي قدمه المجلس الاقتصادي والاجتماعي الخاص بالأقاليم الجنوبية في أجرأته وتنزيله على أرض الواقع. ففضلا على الانتهاكات التي ما زالت جارية لعدم تطبيق مبدأ الإفلات من العقاب، يضيف الحقوقي، ما زال على المستوى الاقتصادي والاجتماعي يسود منطق الزبونية والمحسوبية واستغلال النفوذ في التعامل مع التوظيف مثلا ولم يتغير أي شيء في هذا المجال. كما أن اقتصاد الريع - والكلام للضالع- ما زال قائما ويتجلى في استحواذ الأعيان على مجموعة من المرافق التي تشكل عصب الحياة عن طريق شركاتهم التي لها الحظوة دائما في الفوز بالصفقات دون احترام لدفاتر التحملات ودون محاسبة أو مراقبة.