الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

فؤاد زويريق: المواطن المغربي شريك أساسي في إنتاج الدراما

فؤاد زويريق: المواطن المغربي شريك أساسي في إنتاج الدراما فؤاد زويريق
مُخْطئ من يقول إنه يقاطع الدراما المغربية لتفاهتها، من حقك أن تقاطعها لا شك في ذلك لكن من الأفضل والأهم أن تنتقدها وتشارك في حملات الإحتجاج الموجهة للمسؤولين عن إنتاجها عسى أن يغيروا من استراتجيتهم ويحاولوا الرقي بمستواها الفني. 
المقاطعة والصمت لن يفيدا إطلاقا في تغيير ما يمكن تغييره بل بالعكس فقد يساهمان في استمرار الحال على ماهو عليه أو يتطور من سيِّئ إلى أسوأ بحكم أن الصمت هو علامة الرضا.. لا يمكننا مقاطعة الدراما الوطنية لسبب من الأسباب أو التعالي عليها، فهي أهم من السينما اجتماعيا، فهذه الأخيرة ترتبط بفضاء منعزل معين، بخلاف الدراما ببلادنا فهي موجهة إلى المجتمع ككل عبر جهاز يتواجد في كل بيت، إذن فأنت معني كمواطن بما يوجه إليك وتستهلكه بوعي أو بدونه، هذا دون أن نتكلم عن انخراطك المادي في تمويل هذه الأعمال من خلال الضرائب، فأنت واحد من منتجيها وبالتالي فأنت معني بالمحاسبة أيضا، على الأقل عن عدم اعتراضك وسكوتك، فلو كان كل المواطنين يحتجون باعتبارهم الممولين والمستهلكين الأساسيين لهذه السلعة لتغير الأمر منذ زمن.  
ماترونه أمامكم من أعمال درامية هي فقط الشجرة التي تُخفي الغابة، فكل الممثلين الذين تشاهدونهم وكذا المخرجين والتقنيين... ليسوا سوى أشخاص بسطاء على باب الله فلو أمروهم بالتنطط والتمرغ في الوحل لفعلوا، وقد فعلوا فعلا ما أُمروا به وبشكل مذل ومهين في الكثير من السيتكومات وبرامج المقالب، ما وراء هؤلاء منظومة متكاملة الأبعاد تسهر على إنتاج التفاهة باعتبارها سياسة لإلهاء المواطن وإفراغه ثقافيا وفكريا وأيديولوجيا بما يتناسب ورؤيتها للسيطرة على المجتمع، فمن ينتج المسلسلات بالمغرب؟
 قنواتنا التلفزية بكل تأكيد وهي مؤسسات عمومية تابعة للدولة، وبالتالي تابعة للنظام المتحكم في هذه الدولة، الذي نجح منذ عقود في تدجين التعليم والسياسة والاقتصاد والثقافة بإيديولوجيا تافهة ذات طابع تبسيطي وتنميطي قضى على كل شيء مرتبط بالوعي والتأمل والتفكير... وهذا ما يخدم أجندته ويسهل مأموريته في التحكم والسلطة والسيادة الى أبعد مدى، لهذا لن تجد مطلقا مسلسلات درامية مغربية تنتقد الأسعار الملتهبة وتدني المعيشة، لن تجد أعمالا فنية سياسية تحاكم الدولة بكل حرية، بل لن تجد عملا واحدا يتطرق إلى فساد مسؤولين أمنيين، ولا قضاة مرتشين، ولا وزراء منحرفين... فمجتمعنا مثل أي مجتمع آخر في العالم فيه الصالح والطالح فلم هذا الجبن إذاً في طرح مثل هذه المواضيع؟
 وعليه فالإنتاج الفني لدينا غير مستقل، هو مُستعمر للأسف من طرف فئة أوليغارشية تابعة للنظام تٌزين الواقع وتحجب الحقيقة بمسلسلات تافهة مقصودة وموجهة، ولهذه الفئة شركات انتاج أو تنفيذ إنتاج مقربة منها، ومرضيّ عنها هي الكفيلة بصناعة هذا المحتوى ونشره في رمضان حيث يتحلق الكل أمام الشاشة وينومون مغناطسيا بمواضيع اجتماعية رديئة ومبتذلة تجعلك خاملا مسلوب الإرادة.
 لهذا عزيزي المواطن فلن أتفاجأ مطلقا إذا قاطعت الانتاجات الفنية الوطنية، أو بالأحرى قاطعت الإحتجاج عنها وانتقادها بصوت مسموع مادمت قد قاطعتَ منذ زمن التعليم العمومي الذي هو حق من حقوقك وأرسلت أبناءك إلى التعليم الخاص، وقاطعت السياسة وتركتهم يتلاعبون بها وبمصيرك كما يريدون، وقاطعت الإقتصاد وجعلتهم يخنقونك بحبال الديون والأسعار المستعرة.