ترامب يفتح المواجهة
وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الإثنين 24 نونبر 2025، أمراً تنفيذياً يوجّه فيه المؤسسات الأمنية والدبلوماسية في واشنطن إلى دراسة إمكانية تصنيف عدد من فروع جماعة الإخوان المسلمين كمنظمات إرهابية أجنبية، في خطوة تُعدّ الأكثر جدية منذ محاولة الإدارة الأمريكية عام 2019 اتخاذ إجراء مشابه.
ويشدّد القرار الجديد على فروع الجماعة الناشطة في مصر والأردن ولبنان وتونس، باعتبارها – وفق رؤية البيت الأبيض – متورطة في دعم أنشطة تهدد الاستقرار في الشرق الأوسط وتخدم أطرافًا إقليمية فاعلة في الصراع الدائر.
ما الذي ينص عليه الأمر التنفيذي؟
ينص القرار على أن يقوم وزير الخارجية ووزير الخزانة، خلال 30 يومًا، برفع تقرير مفصل إلى الرئيس يتضمن تقييماً أمنياً وقانونياً حول الفروع المستهدفة. وإذا أقرّ التقييم بوجود معايير التصنيف، يلزم الأمر الوزارتين باتخاذ الإجراءات القانونية خلال 45 يومًا لتصنيف تلك الفروع ضمن:
المنظمات الإرهابية الأجنبية (FTO)
الإرهابيين العالميين المُصنَّفين بشكل خاص (SDGT)
ويشير القرار إلى أن هذه الفروع قدّمت – بحسب التقديرات الأمريكية – دعماً مباشراً أو غير مباشر لأعمال عنف في المنطقة، وتعاونت مع حماس وحزب الله في أنشطة مرتبطة بهجمات ما بعد 7 أكتوبر 2023، إضافة إلى “دعوات لاستهداف مصالح أمريكية”، وتقديم دعم مادي لجناح حماس العسكري.
جماعة الإخوان المسلمين.. الفروع أولا
ويؤكد مسؤولون أمريكيون أن القرار لا يشمل تصنيف جماعة الإخوان المسلمين ككيان عالمي موحد، بل يركّز على فروع بعينها، استنادًا إلى نشاطاتها وأدوارها المحلية. ويفتح هذا المسار الباب أمام تجميد الأصول، والملاحقات الجنائية، وحظر السفر، ما قد ينعكس مباشرة على شبكات الجماعة الإقليمية.
تداعيات إقليمية متوقعة
ويتوقع مراقبون أن تُوظِّف دول خليجية مثل السعودية والإمارات والبحرين الخطوة الأمريكية لتعزيز سياساتها تجاه الإسلام السياسي، عبر تشديد الرقابة على الجمعيات الدينية والمراكز التعليمية المرتبطة بالإخوان، وفرض ضوابط إضافية ضمن قوانين مكافحة التطرف.
ويرى خبراء في شؤون الحركات الإسلامية أن الضغوط الجديدة قد تدفع الجماعة إلى إعادة تشكيل هياكلها وتنظيمها محليًا وإقليميًا، وربما تبني أنشطة اجتماعية أقل طابعًا سياسيًا للالتفاف على التداعيات القانونية المحتملة.
محاولات سابقة… ودروس من 2019
وسبق لحاكم ولاية تكساس، غريغ أبوت، إدراج جماعة الإخوان ضمن قوائم الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود بموجب التشريعات المحلية للولاية، وهو ما سمح بفرض عقوبات ومصادرة ممتلكات لأي جهة مخالفة.
أما على المستوى الفيدرالي، فقد حاولت إدارة ترامب عام 2019 تصنيف الجماعة، لكن وزارة الخارجية والبنتاغون ووكالة الاستخبارات المركزية عرقلت الخطوة، لعدم توفر أدلة قانونية وأمنية كافية، ووجود مخاوف من تأثير القرار على تحالفات ومساعدات ومفاوضات إقليمية حساسة.
الباحث عبد السلام قائد أوضح في هذا السياق أن الرئيس الأمريكي “لا يمتلك صلاحية تصنيف منظمة إرهابية بشكل مباشر؛ إذ إن هذا الاختصاص حصري لوزارة الخارجية بعد استكمال ملف استخباراتي مفصل، ومراجعة وكالات الأمن القومي، وإبلاغ الكونغرس قبل نشر القرار في السجل الفيدرالي”.
خطوة مفصلية… لكن القرار النهائي بيد الخارجية
ويُعتبر الأمر التنفيذي الجديد مرحلة إجرائية أكثر منه قرارًا نهائيًا، لكنه يفتح الباب أمام تغيير جوهري محتمل في السياسة الأمريكية تجاه جماعة الإخوان. فبعد سنوات من الجدل السياسي، باتت الخطوة اليوم مرتبطة بالأدلة الأمنية والتقييمات القانونية التي ستقدّمها الأجهزة المختصة، والتي ستكون العامل الحاسم في أي تصنيف مرتقب خلال الأشهر المقبلة.