الجمعة 29 مارس 2024
مجتمع

أحمد أرحموش : مسؤولية ما يحصل فـي الجامعة تتحملها أطراف ثلاثة.. وهذا ما ينبغي فعله

أحمد أرحموش : مسؤولية ما يحصل فـي الجامعة تتحملها أطراف ثلاثة.. وهذا ما ينبغي فعله أحمد أرحموش
السّجال في هذا الموضوع قديم وحديث ومتجدّد، ففي كل سنة تطفو ظواهر داخل فضاءات الجامعة المغربية تكون مثيرة ومقلقة وفي الآن نفسه مؤلمة.
لا أعتقد بأن أحدا من الأطياف الاجتماعية والسّياسية يختلف على أنّ فضاء الجامعة هو فضاء الفكر الحرّ، وفضاء الحوار، وفضاء للمنافسة بالفكر والعقل، وقوة الحجّة، وليس حجّية القوة. لكن للأسف تظهر أحيانا بعض الحالات تتميّز بشذوذ خاص، يتحول فيها فضاء الجامعة إلى فضاء للعنف والتّصادم المادي، وفضاء للاستفزاز، وفي نفس الوقت أن يتحوّل إلى فضاء قد يدفع الطلبة داخل الحركة الطلابية للابتعاد، وإعطاء مسافة، وهذا ليس في صالح أحد..لا المجتمع ولا للديمقراطية ولا لحقوق الإنسان، ولا للأجيال القادمة.
للأسف، يظهر أن هاته الظواهر التي تطفو أحيانا تأتي إما أن الفصائل المعنية بذلك فتشحن بفكر عنفي، وإن كان العنف مسألة مبدئية في رفضها من قبل الجميع كيفما كانت الأحوال والأشكال. غير أن لجوء بعض الفصائل الطلابية داخل الجامعة المغربية للعنف والمواجهة المباشرة المادية من بين أسبابه وجود بعض الفصائل تطعّم من قبل تنظيماتها السّياسية خارج الجامعة لأجل اللجوء لهذا النّوع من السلوك المرفوض. هذه التنظيمات التي تفتقد لموقعها على المستوى الإجتماعي والسّياسي خارج الجامعة تلجأ لإثارة الانتباه، وخلق نوع من «البوز» وخلق «حدث» داخل الجامعة عبر توظيف طلاب أبرياء.
السّبب الثاني الذي قد يكون وراء مواجهات من هذا النّوع، فيه بعض الإيديولوجيات التي يتم تلقينها للطّلبة التي تؤمن بالعنف، والتّغيير بالعنف، سواء بمنطق أن الصّراع لا يمكن حسمه إلاّ بالمواجهة، أو العنف المادّي ونحوه.. وهذا النّوع من الأفكار للأسف إن كان المعنيين بها واعون بأن هذا النّوع من الفلسفة في العمل، وفي النضال الجامعي بأنه سيعطي نتائج، فأعتقد أنهم خاطئون.
وتبقى الأفكار التي خلّفتها الثورات البعثية في المشرق المشحونة بالفكر العروبي المشرقي، أو الإسلاموي المشرقي. هذه النفحات تظهر في كلّ لحظة، ويتمّ تطعيم الطلبة بها، وتدفعهم لتأدية وظائف ليست وظيفتهم، لا على مستوى خطّهم النضالي والبرمجي داخل الجامعة، ورؤيتهم للجامعة أيضا.
وفي موضوع المواجهات، وأنا أتذكر ظهور التيار الإسلاموي داخل الجامعة، فقد أنتج عنفا وصراعا بين طالب وآخر، وبين فصيل وآخر، مما يجعل عددا من الطلاب يتشبّتون بفكر منغلق.
لذا ينبغي العمل على تجاوز هاته الظواهر التي مسؤولياتها مختلفة ومشتركة، بين الجامعة في حدّ ذاتها وإبعاد «الأواكس» عنها من جهة، ومن جهة أخرى طريقة تدبير المؤسسة الجامعية ولعب أدوراها حتّى تكون فضاءات الجامعة ملتقى للحوار والعلم وهذا يستدعي مجهودات كبيرة بتشجيع البحث العلمي واللّقاءات الثّقافية والنّدوات الفكرية وغيرها.
أما المسؤولية الثّانية، فتتحمّلها التنظيمات التي تعتبر نفسها أن لها امتدادات داخل الجامعة. فهاته التنظيمات واهمة إن كانت تتصوّر أنها بواسطة الطّلبة، وبتوظيف الأبرياء منهم في مواجهات، أن تخلق به المواقع في مستويات اجتماعية وسيّاسية خارج فضاء الجامعة. كما أنه من المفروض مراجعة بعض الأدبيات الفكرية والسّياسية تنفح منها نفحات العنف. وهنا أخص بالذكر الإيدولوجيات التي تنهل منها ثقافة العنف المادّي.
المسؤولية الثّالثة لدى الدولة، بالنّظر للبرامج البيداغوجية والمخطّطات التّربوية في الجامعة المغربية التي تحتاج تلقين الطالب فكرا حداثيا متنوّرا يسعي لتكريس الدّيمقراطية، بدل أن يكون أسير فكر يكرّس العنف والمواجهة المادية، ويحسم الأمور بحجّية القوة بدل من قوّة الحجّة.
 
أحمد أرحموش، محامي وناشط حقوقي