الثلاثاء 23 إبريل 2024
مجتمع

من داخل مكتب الأبحاث القضائية.. هكذا تم تقديم بروفيلات الإرهابيين الذين أحرقوا شرطي الرحمة

من داخل مكتب الأبحاث القضائية.. هكذا تم تقديم بروفيلات الإرهابيين الذين أحرقوا شرطي الرحمة أوضح الشرقاوي حبوب، أن هذه الخلية الإرهابية تتألف من ثلاثة مشتبه فيهم رئيسيين
في قلب مقر المكتب المركزي للأبحاث القضائية بالرباط كان مثيرا للانتباه وجود سيارتين مدنيتين، تم إخفاء لوحة ترقيمهما، واحدة بيضاء والأخرى حمراء داكنة وعليهما حراسة مشددة، ليتبين أنهما سيارتين تم استعمالهما في الجريمة النكراء التي راح ضحيتها شرطي الرحمة الذي تم التمثيل بجثته قبل إحراقها من طرف متطرفين من تنظيم "داعش".
حرص حبوب الشرقاوي، مدير المكتب المركزي الأبحاث القضائية، وهو يفتتح ندوة صحفية، الجمعة 17 مارس 2023، لتسليط الأضواء على خلفيات هذه الجريمة التي اهتز لها الرأي العام الوطني، على الوقوف لقراءة الفاتحة على روح الشرطي، ندوة حضرها أيضا مسؤولون أمنيون على الصعيد المركزي، من بينهم بوبكر سبيك، الناطق الرسمي باسم المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، وتوفيق الصايغ مدير المعهد الدولي للعلوم والأدلة الجنائية، وكذا عزيز كمال الادريسي رئيس المصلحة الولائية للشرطة القضائية..
في البداية تحدث الشرقاوي في كلمته عن تنديده بهذه الجريمة النكراء مبديا تضامن كل الأجهزة الأمنية مع أسرة الشرطي الراحل، موضحا أن كل الفرضيات تم استحضارها في عمليات البحث والتحقيق، الذي قامت به كل الأجهزة الأمنية بتنسيق تام، وكيف أن فرضية العمل الإرهابي كانت موضوعة على طاولة البحث، بالنظر لطبيعة عمل الشخص المستهدف وتصفيته والتخلص من الأدلة وآثار الجريمة، مشددا على أهمية الشهادات التي تم استقاؤها من مواطنين أبلغوا عن تفاصيل كل ما يحيط بالجريمة، وعن كل ما قد يفيد في عملية البحث.
وكشف مدير المكتب المركزي أن الدافع الإرهابي تأكد فور توقيف المشتبه فيهم الثلاثة، إذ توصل فريق المحققين إلى أن المشتبه فيهم الثلاثة أعلنوا مؤخرا ولاءهم لتنظيم "داعش" الإرهابي.
وأوضح مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، أن التحقيق بين أننا أمام التطرف السريع وأسلوب الإرهاب الفردي، إذ لم يعلن المتورطون البيعة لتنظيم داعش الإرهابي سوى منذ شهر ونصف تقريبا، وهو ما يرجح معطى وفرضية التطرف السريع، خصوصا في ظل مستواهم الدراسي البسيط والمتدني، بحيث لا يتجاوز عند أميرهم التاسعة إعدادي، ويشتغلون في نجارة الألمنيوم، وتتراوح أعمارهم بين 31 سنة و37 و50 سنة. وأصغرهم هو المشتبه فيه الرئيسي، معروف بسوابقه القضائية العديدة في جرائم الحق العام، وآخر سابقة قضائية له كانت في سنة 2013، عندما أدين قضائيا من أجل السرقة بالعنف واستهلاك المخدرات وحيازة السلاح الأبيض بدون سند مشروع.
وزيادة في توضيح بروفيلات المتورطين، أوضح الشرقاوي حبوب، أن هذه الخلية الإرهابية تتألف من ثلاثة مشتبه فيهم رئيسيين، وهم الأمير المزعوم لهذه الخلية الإرهابية والمشتبه فيه الثاني، وهما اللذان شاركا في التنفيذ المادي لجريمة القتل العمد والتمثيل بجثة الشرطي الضحية.
أما المشتبه فيه الثالث، فيبلغ من العمر 50 سنة، وقد شارك بكيفية فعلية في تغيير معالم الجريمة وطمس الأدلة بعد إضرام النار عمدا في سيارة الضحية.
ليؤكد مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، أن إجراءات البحث الذي أسندته النيابة العامة المختصة للمكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، تتواصل حاليا بتنسيق مع مصالح المديرية العامة للأمن الوطني، وذلك من أجل رصد الارتباطات المحتملة لهذا العمل الإرهابي، وتشخيص جميع المتورطين المفترضين في المشاركة والمساهمة في تنفيذه، بالإضافة إلى الكشف عن كافة الخلفيات والملابسات المحيطة بهذه القضية، والتي أودت بحياة الشرطي الضحية الذي كان شهيدا للواجب الوطني وهو يسدي خدمات أمنية بالشارع العام.
وفي تجاوبه مع أسئلة الزملاء الصحافيين، أكد مدير المكتب المركزي،  والناطق الرسمي باسم المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، ومدير المعهد الدولي للعلوم والأدلة الجنائية، على تقيدهم بواجب سرية التحقيق.
وفي سؤال لجريدة "أنفاس بريس" حول دلالات حرق جثة الشرطي، وهل نحن أمام "جيل جديد" من العمليات الإرهابية، بعد الطعن والتفجير والذبح.. أجاب المتدخلون على التوالي، بأنه لم يثبت لحد الساعة أن هناك توجها من قبل المتطرفين في القيام بهذا العمل الشنيع، وأن قتل الشرطي بهذه الطريقة، كان من أجل تحقيق ثلاثة أهداف، أولا، تحقيق نوع من الزخم في التعاطي الاجتماعي والإعلامي مع حرق الجثة، وثانيا بث الرعب والفزع في قلوب المتلقي، وثالثا، وهو الهدف الرئيسي التخلص من كل ما يمكن من تتبع آثار الجريمة ومرتكبيها، وهي الأهداف في نظر المتدخلين لم تتحقق، ما دام أن الأجهزة الأمنية وبتنسيق تام، قامت بتحييد المخاطر التي كانت هدفا رئيسيا، وهي من ضمن مخططات تنظيم "داعش"، حيث تم توقيف المتورطين.
وأضاف المتدخلون الأمنيون أنه تم استرجاع المسدس ومعه الرصاصات والأصفاد، وهي الوسائل التي بسببها تمت تصفية الشرطي بتلك الطريقة البشعة، ونفى المتدخلون أي خلفية شخصية بين المتورطين والشرطي الهالك، ما دام أن حضور الأخير وهو يزاول مهامه في الشارع العام، لم يكن استهدافه لشخصه بل لوظيفته وكيف ينظر المتطرفون للأجهزة الأمنية. 
من جهته قال الناطق الرسمي باسم المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، أن التطرف السريع في حالة مصرع الشرطي، يبين أننا لم نعد أمام الانخراط التقليدي في التنظيمات الإرهابية، بدء من الاستقطاب والشحن والتوجيه.. وهي المسارات التي كان يمر منها المتطرفون قبل قيامهم بإعمالهم الإرهابية، "نحن اليوم أمام حالة أشخاص لم يتعد زمن ولائهم لتنظيم داعش شهرا ونصف، مما يتطلب المزيد من اليقظة والرصد الاستباقي"، يقول أبوبكر سبيك.
وضمن سياقات توقيف هذه الخلية الإرهابية، قال مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية أن المغرب مستهدف من قبل تنظيم "داعش" استنادا على عدد الخلايا التي تم تحييد خطرها والحيلولة دون استكمال أهدافها الإرهابية حيث بلغت حدود 218 خلية بما مجموعه 1400 شخص في السنوات الأخيرة، وهو ما بيين مدى حجم الاستهداف الداعشي للمغرب، خصوصا في محيط إقليمي يتسم بالاضطراب وهو ما يتطلب المزيد من اليقظة الأمنية..
وتم ختم مداخلات الامنيين على أن أمن وسلامة الموظفين الأمنيين هو من سلامة وأمن جميع المواطنين، مشددين على انخراط المغرب وطنيا ودوليا في كل الاستراتيجيات الأمنية التي تحفظ السلم والأمن وطنيا ودوليا.