الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

أحمد فردوس: هل يمتطي وزير الداخلية صهوة "التبوريدة" ويفتح هذا الملف؟

أحمد فردوس: هل يمتطي وزير الداخلية صهوة "التبوريدة" ويفتح هذا الملف؟ أحمد فردوس
على هامش متابعتي لفعاليات منافسات الإقصائيات الإقليمية لفن التبوريدة التي انطلقت خلال شهري فبراير ومارس 2023 لتحديد "العلفات" المتميزة حسب لجن التحكيم ذات الصلة بالمؤسسات الساهرة على برمجة ومتابعة جائزة كأس الحسن الثاني بدار السلام موسم 2023، آلمني كثيرا استمرار دفن رؤوس المسؤولين بالجماعات الترابية في الرمال سالكين أسلوب سياسة "النعامة" الجبان في مواجهة حقيقة واقع الحال.
كيف يستسيغ رؤساء الجماعات الترابية حرمان المواطنات والمواطنين من متابعة عروض فن التبوريدة في ظروف تليق بموروث تراث الفروسية؟
لماذا لم تقم أي مؤسسة جماعية بتشييد ملعب خاص بهذه المنافسات التراثية ذات القيمة الإنسانية والتي راكم فيها المغرب سنوات من البدل والعطاء والتثمين والتحصين على اعتبار أنها اليوم أضحت مكونا أساسيا من مكونات الهوية المغربية والتراث اللامادي باعتراف منظمة اليونسكو؟
ميدانيا ومنذ عدة سنوات ومجموعة من الجماعات الترابية تستضيف فعاليات منافسات إحصائيات جائزة الملك الراحل الحسن الثاني فوق ترابها ولم تبدي أي اهتمام لهذا الجانب لتجاوز كل المشاكل ذات الصلة بالبنية التحتية والتنظيم واللوجيستيك.... خصوصا أن المنافسات تصادف فصل الشتاء وما يليه من مشاكل ترتبط ببرودة الطقس والأمطار وانعكاسها على صحة وراحة الخيول والفرسان ؟
المفارقة الغريبة أن القائمين على الشأن المحلي يهرولون دون شروط صوب المنعشين العقاريين لتفويت عقارات كان من الأليق استثمارها لتشييد ملاعب التبوريدة بمواصفات تعكس انتصارهم لتنمية الحس الاستثماري وفتح المنافسة الشريفة لإقامة مشاريع ذات الصلة بفنون الفروسية التقليدية في علاقة مع مونتاج هندسي ومعماري لاستيعاب كل الصناع التقليديين ومدارس تهتم بتعليم ركوب الخيل والرماية.
الأنكى من ذلك ومن خلال تتبعي للعديد من المهرجانات الوطنية الخاصة بالفروسية التقليدية لاحظت أن المنظمين (جماعات ومؤسسات) يضطرون كل سنة إلى تغيير محرك التبوريدة بعد أن يتم تجهيز المحرك السابق للبناء واكتساح الإسمنت لمساحته، وهكذا يستمر هذا العبث كل سنة وكأن فن ورياضة التبوريدة شيء ثانوي وغير مرغوب فيه، وفرسانها غير مرحب بهم ونفس الإحساس يطال الجمهور الواسع.
بحثت في أوراق الحكومة عن القطاع الوزاري الذي يتحمل مسؤولية النهوض بفن التبوريدة ورد الاعتبار إليه، فلم أجد مخاطبا مسؤولا يهتم بهذا الموروث التاريخي والدليل لا وزير محدد يتحدث عن واقع وآفاق فن التبوريدة ويترافع عنه بمذكرات ومراسلات تعزز دفاع الأصوات التي ترتفع هنا وهناك لإسماع صوت "الباردي" وتخلخل مياه البركة الآسنة في هذه الجماعة الترابية أو تلك من أجل رد الاعتبار للفرسان والجمهور العريض والواسع عبر ربوع المملكة. دون الحديث عن السادة النواب البرلمانيين الغارقين في طرح أسئلة لا تجدي نفعا.
لا يمكن وصف هذه المواقف المخجلة إلا بالاستهتار والعبث الذي يطبع سلوك الجماعات الترابية والوزراء والبرلمانيين اتجاه تراث فن التبوريدة كمورد تنموي قادر على خلق مناصب الشغل على طول السنة، وتتحمل فيه المجالس الاقليمية والجهوية النصيب الأوفر من سياسة التهميش والإقصاء نظرا لعدم تناولها هذا الملف التراثي الذي يجمع بين عدة أنشطة اجتماعية واقتصادية وثقافية وإنسانية ببصمة حضارية ما أحوجنا إليها في هذه اللحظة.
ونظرا لغياب مخاطب واضح في الحكومة على مستوى القطاع المهتم بشأن التبوريدة وحاجة أهل البارود الملحة لملاعب بمواصفات تنموية ألتمس من معالي وزير الداخلية توجيه مذكرة في هذا الشأن للمؤسسات المنتخبة لإحداث وتشييد محارك قارة تلبي تطلعات المنظمين والسهارين على مثل هذه المنافسات والمهرجانات الوطنية المهتمة بفن الفروسية التقليدية.