الخميس 25 إبريل 2024
اقتصاد

أحمد حضراني: الموقف المتواطئ للحكومة إزاء ارتفاع الأسعار يعكس النظرة الاستعلائية للسلطة !!

أحمد حضراني: الموقف المتواطئ  للحكومة إزاء ارتفاع الأسعار يعكس النظرة الاستعلائية للسلطة !! أحمد حضراني ومشهد من وقفة ضد غلاء الأسعار
على خلفية ما تشهده   الساحة الاجتماعية  من احتقان  بسبب ارتفاع الأسعار  في الخضر واللحوم ومواد أخرى، وتلكؤ  الحكومة  في تدبير الازمة  على الرغم من إدارتها تسييرها من كفاءات  في مجال الأعمال والمال، "أنفاس بريس" التقت  للأستاذ أحمد حضراني، رئيس مركز الدراسات في الحكامة والتنمية واحرت معه الحوار التالي:  
 
ما هي قراءتك على خلفية  ما  تعرفه الساحة الاجتماعية من احتقان جراء ارتفاع الأسعار ؟ ثم ما الذي حدث والمغرب الذي يعرف بأنه بلد فلاحي وصلت فيه الطماطم ارقاما قياسية؟ وما هو دور الحكومة وتوقعاتها فيما يحصل؟
بالنسبة للاحتقان الاجتماعي الناجم عن ارتفاع الأسعار، وإن كان يعكس موجة الغلاء التي يعرفها عالم اليوم، والحاضر جراء تبعات جائحة كورونا. والحرب السائدة حاليا ما بين روسيا (مصدر الطاقة  والغاز) وأوكرانيا (مطمورة العالم في الحبوب)، فضلا عن أسباب طبيعية بسبب قلة  التساقطات المطرية والتقلبات المناخية. فهناك ظرفية اقتصادية وسياسية واجتماعية عالمية تخيم بظلالها على العالم، وتفاقم من أزمات الدول النامية والفقيرة، والمغرب لا يشذ عن ذلك. هذا من جهة، ومن جهةثانيةفإن جائحة كورونا  وتداعيات فترة الحجر الصحي قد ساهمت في تغول السلطة المركزية إلى حد السادية في مقابل ترويض وتطويع  المجتمع  على الخضوع والخنوع (المازوشية). مما يفسر عدم تدخل الحكومة للحد أو التقليص من الارتفاع الصاروخي في مواد  الأسعار(المحروقات) وباقي السلع والبضائع والخدمات، التهبت حتى مع أثمنة الخضر في بلد" يتمشدق "بأنه بلد فلاحي، لم يستطع تأمين اكتفائه الذاتي حتى في الحبوب ( في عهد الاستعمار  كانت الشاوية تعد مطمورة المغرب، وكان الفلاح يردد"الشاوية ترفد الغرب والغرب ما يرفد الشاوية" بمعنى أن موسم فلاحي جيد  في الشاوية يحقق 
الإكتفاء الذاتي عن المغرب ككل، وبصرف النظر عن الموسم الفلاحي في الغرب(لا أعتقد أن وزير الفلاحة أو من تعاقب على هذا القطاع يعرف ذلك).
 
وهذا  الموقف السلبي أو المتواطئ  للحكومة إزاء ارتفاع الأسعار يعكس النظرة الإستعلائية للسلطة وتمثيلها لدونية "المواطن" الرعية، وهي ليست وليدة الراهن. بل تضرب بجذورها في القدم .فقد نسب لوزير المخزن في مغرب ما قبل الحماية "فضول بن غرنيط" قوله،  وهو  يتمثل الحكم،و يمثل المغاربة، كالأكباش التي  ينبغي زج صوفها أو كالطيور التي ينبغي دائما قص ريشها حتى لا تطير". وكانت  الجباية من بين الآليات المادية لقهر المغاربة (المكوس، المونة والسخرة ،الحركة، الغرامة، الهدية... والتي كانت تستعمل كوسيلة للاذعان المغاربة والضغط عليهم (كانت قبائل "السيبة"   ترفض الخضوع  لسلطة السلطان المادية  والجبائية). وإذا كان الضغط الجبائي يجثم على الرقاب والعباد، فقد فاقم  منه ، وبشكل فاحش وفج ،ارتفاع الأسعار في مغرب الحاضر، وكأنه يحلو للسان حكومة " المصالح "أن يردد ويتلذذ بالمثل الدارج "جوع كلبك يتبعك"، وهو لسان حال من يمارس السلطة كقوة قهر رادعة والمستتبعةبسياسات لا شعبية، ممارسة  على الانسان المغربي المقهور. فالزيادة في أسعار المنتجات والبضائع والسلع والخدمات كانت مناسبة لتكدس الأموال والثروات في يد المستفيدين، في مقابل تجويع الشعب ،ولم تجد معها تدابير أو المخططات الخضراء أو غيرها نفعا للمجتمع .
 
إذن في ظل هذا السياق التاريخي والراهني، فإن التسويق  فيالمغرب كبلد فلاحي، وأن صناعة المغرب هي الفلاحة، لم تتجاوز الأشكال التقليدية للفلاحة معتمدة على ما تجود به السماء من أمطار، ولم تصمد أمام النمو الديمغرافي ولا ارتفاع معدل الحياة ...
 
كيف نفسر عجز الحكومة في تدبير الأزمة وقد كنا نقول بأن رئيس الحكومة لا يفقه في التسيير  ولا يفهم فريقه في المال والأعمال؛ وها هو الآن رئيس الحكومة المدبر فشل في تدبير شؤون الشعب إذن كيف تقرأ هذه المفارقة؟
يطرح هذا السؤال إشكالا عميقا وجوهريا، لأنه يتعلق بطبيعة النخبة الحزبية المنوط بها تدبير الشأن العام ،وطنيا كان أم محليا(ترابيا).والحال أن رئيس الحكومة هو في نفس الوقت رئيس جماعة أكادير (يجمع بين التدبير الوطني والمحلي)، وهو ناجح في عالم المقاولة  والتجارة والمال. فكيف من ينجح فيما هو خاص أن لا يحقق ذات النجاح فيما هو عام؟ إن من يحاول أن يفهم علاقة الدولة بالملكية الخاصة، وفي جانبها النظري العميق أن يعود إلى ما جاد به رواد  النظرية العقدية والأطروحة الماركسية) لكن في الشق المغربي أو" تمغربيت"، ومع استحضار المعضلات الاجتماعية (البطالة، النموالديمغرافي...) والاقتصادية (الجفاف) المالية(التضخم، المديونية...)وغيرها من الاكراهات والمشاكل المستعصية الحل،فإن النخبة المدبرة للشأن العام، وبدرجات مختلفة، وحسب مستويات متنوعة، تمارس السياسة وتعيش بالسياسة كأداة للإرتقاء الإجتماعي،  ولا تعيش من أجل السياسة (النضال والايديولوجيا أو العقيدة). وهؤلاء يعبؤون ويوظفون ما هو عام لصالح ماهو خاص. ويستغلون المناصب السياسية لتكديس الثروات واستغلال النفوذ، بل توزيع الغنائم والخيرات على المقربين وذوي القربى والولاء . إضافة إلى التواطؤ أو أن يكونوا رهائن لللوبيات  و"الشناقة". فمثلا لماذا لا يباع هذا الدواء HYDREA ، الرخيص الثمن والمستعمل لعلاج أمراض خبيثة. وهذا السلوك العقيم لا يقتصر فقط على  السياسي، بل كل من يدبر الشأن العام الجامعي بل حتى مؤسسات الحكامة... 
 
وفي المجمل فإن هذا الاحتقان يكرس تآكل شرعية السياسي ويطرح  سؤال جدوائية صندوق الاقتراع ( وكيف ذلك؟) ويفسح المجال، وكالعادة، لوزارة الداخلية وأجهزتها اللاممركزة  للتدخل من أجل وقف النزيف.؟