الجمعة 29 مارس 2024
سياسة

محمد حفيظ: إصلاح التعليم العالي بين أمزازي وميراوي.. من "المهارات الناعمة" إلى "المهارات القوية"

محمد حفيظ: إصلاح التعليم العالي بين أمزازي وميراوي.. من "المهارات الناعمة" إلى "المهارات القوية" محمد حفيظ يتوسط الميراوي وزير التعليم الحالي ( يمينا) وأمزازي وزير التعليم العالي السابق

يعلق محمد حفيظ على مشروعي دفتر الضوابط البيداغوجية الوطنية لسلكي الإجازة والماستر اللذين أعدتهما وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، واللذين من المنتظر أن يتم الشروع في اعتمادهما في السنة الجامعية المقبلة.

ويرى الأستاذ الباحث بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، أن المشروعين لم يأتيا بأي جديد، لا في الشكل ولا في المضمون، وأنهما نسخة غير منقحة من دفتر الضوابط البيداغوجية لسنة 2014.

جاء ذلك في تدوينة للأستاذ حفيظ على صفحته على الفيسبوك، كتبها بعد أن ذكره الفيسبوك بما كان قد كتبه قبل ثلاث سنوات في خضم النقاش والسجال الذي أثاره مشروع نظام الباشلور الذي جاء به الوزير السابق سعيد أمزازي، والذي لم ير النور بعد مجيء الوزير الحالي عبد اللطيف ميراوي. "أنفاس بريس"، تنشر فيما يلي تعليق الأستاذ حفيظ:

 

كتبتُه قبل ثلاث سنوات، في خضم النقاش والسجال الذي انفجر حينها بين الأساتذة الباحثين ونقابتهم، من جهة، وبين وزير التعليم العالي والبحث العلمي السابق ومعاونيه من الوزارة ومن بعض رؤساء الجامعات، من جهة أخرى، حول "نظام البكالوريوس" (الباشلور) الذي كان الوزير يبشر به، باعتباره "الإصلاح المنتظر".

لكن، بمجرد أن حل الوزير الحالي محل الوزير المغادر، وفي الأيام الأولى التي أعقبت تعيينه، كان أول قرار اتخذه هو توقيف هذا "النظام" الذي شرع سلفه في تنزيله، بل فرضِه فرضا، ببعض المؤسسات الجامعية، حتى دون أن يستكمل الشروط التي يتطلبها الاعتماد.

ولم يقف الوزير "الجديد" عند توقيف ما كان يبشر به الوزير "القديم"، بل خاض حملة واسعة، عبر العديد من التصريحات والحوارات الصحافية، لكشف عيوب ذلك النظام "المُجهَض" الذي كان يقول عنه سلفه إنه "يأتي استجابة للتوجيهات الملكية السامية المتعلقة بقضية التعليم والتكوين".

لكن الوزير الحالي، بعدما تخلص من "البكالوريوس"، لم يتخلص من النهج الذي كان يسير عليه سلفُه.

سيواصل السير على نفس المنوال، وإن كان لا يمل من تكرار "المقاربة التشاركية" أينما حل وارتحل. إن الواقع الملموس يؤكد خلاف ذلك، فلا تشارك ولا اشتراك. وتبقى عبارة "المقاربة التشاركية" لمجرد التسويق لا أقل ولا أكثر.

في كل تصريحاته وخرجاته، لا يتوقف الوزير الحالي هو الآخر، أسوة بسابقه وسابقيه، عن رفع يافطة "التوجيهات الملكية" و"التعليمات الملكية" والتلويح بها عند كل عرض أو حديث أو جدال لدعم ما يريد أن يقوم به.

نعم، الوزير الحالي يتحدث ويتحدث ويتحدث... عن "رؤية استراتيجية لإصلاح التعليم العالي"، وعن "خطة استراتيجية لقطاع التعليم العالي والبحث العلمي"، وعن "مخطط وطني لتسريع تحول منظومة التعليم العالي"... ولكن، رغم كل هذه العناوين "البراقة"، لا يستطيع إلى حدود الساعة أن يقنع أحدا بأنه يمتلك "إصلاحا بيداغوجيا" بالمعنى الحقيقي لهذه العبارة.

خلال الأسابيع الأخيرة، يجري بين الأساتذة الباحثين تداول وثيقتين؛ واحدة بعنوان"مشروع دفتر الضوابط البيداغوجية الوطنية لسلك الإجازة"، والأخرى بعنوان "مشروع دفتر الضوابط البيداغوجية الوطنية لسلك الماستر".

الوثيقتان تنطقان بحقيقة هذه "الرؤية" أو "المخطط" أو "الخطة" التي يبشر بها الوزير، بعد عام ونصف على تعيينه وعلى البدء في إطلاق تصريحاته.

الوثيقتان لم تأتيا بأي جديد، لا في الشكل ولا في المضمون. نحن أمام نسخة غير منقحة (حتى من الأخطاء اللغوية) من دفتر الضوابط البيداغوجية لسنة 2014. نعم، قد نكون أمام نسخة مزيدة، لكنها زيادة لا ترقى إلى إصلاح. لم تصلح حتى الأخطاء اللغوية، فكيف ستصلح منظومة التعليم العالي؟!

وعلى ذكر الزيادة، فإن مما زيد في مشروعي الإجازة والماستر المتداولين وحدات تحمل اسم "المهارات القوية". ولعل كل من وقعت عينه على هذا الاسم سيتذكر "المهارات الناعمة" (soft skills)، التي كانت بمثابة الكلمة - المفتاح التي ظلت تجري على لسان الوزير السابق خلال التبشير بمشروعه، وكان يرددها هو والمتحمسون لمشروعه خلال كل لقاء وفي كل خطاب إلى درجة توحي بأن إنقاذ التعليم العالي بالمغرب يتوقف على هذه المهارات. وها هو الوزير الحالي لم يتخلص من سطوة "المهارات"، رغم تخلصه من "الباشلور". لكن ما يميزه عن سابقه هو أنه يريدها "مهارات قوية" لا "مهارات ناعمة"!!

المهم، سننتقل، في عهد الوزير الحالي، إلى المهارات القوية، حتى دون أن نجتاز المهارات الناعمة!!

وهذا لعمري تحد عظيم!! إذا أنجزه الوزير سيكون قد نفذ تعهده ب"تسريع تحول منظومة التعليم العالي والبحث العلمي"!!